خلقت المدونات مجالاً مهماً للتعبير الحر بدون حواجز |
باختصار، انه عصر المدونات الالكترونية التي يستعملها المئات من الشباب العربي المؤمن بالتغيير الايجابي على كافة المستويات. هذا الجيل الذي تعايش مع انظمة فاسدة تعيش على منطق القمع والاذلال، انتفض على الطغيان وقرر ان يقول كلمته بعيداً جداً. فكانت شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي متنفساً اساسياً له، وشكّلت المدونات الالكترونية فيها العامود الاساسي لقيادة "التغيير" بقوة الكلمة.
المدونات تحولت في فترة قياسية الى وسيلة مهمة للشباب من كل انحاء العالم للتعبير عن ارائهم، فكيف بالاحرى بالنسبة للمثقفين والمتعلمين والمقموعين من الشباب في عالمنا العربي الذي كسر حاجز الصمت وانتفض بوجه طغاته وملوكه ودكتاتورييه بعد سنوات من السبات الطويل.
انتهى عصر التعتيم الاعلامي وقتل الحريات في مهدها، وكسر الاقلام، وتحويل الحبر الاسود الى دم يُسفك في الشوارع والازقة والمناهج التربوية. فالمدونات الالكترونية انطلقت ونمت وانتشرت، والحقائق الفاضحة، والتجارب الصارخة خرجت الى العلن في وقت نواجه فيه اعلاماً بلطجياً تعتيمياً حجرياً، لا يحترم الرأي الاخر، ولا يقيم اي قيمة للحريات، ولا يعطي اي فرصة للتعبير الحقيقي عما يدور في مجتمع يختبىء خلف نفسه، ويُخبّىء عوراته وانتهاكاته باوراق من توت بدعاية غوبلزية سخيفة لا يمكن ان تُهضم.
للاسف، فان غالبية اعلامنا العربي ينتمي الى عصر الجاهلية. تراه يمنع شبابه من التعبير عن انفسهم. يضعهم في قالب جامد، مروّجاً لثقافة تطبيعية مع الانظمة الاستبدادية الطائفية الفاسدة، يغسل الادمغة والعقول. يستبعد النخبة ويستجلب اصحاب الرؤوس الفارغة لتدير الحوارات الطنانة والرنانة المبجّلة لهذا الزعيم وذاك القائد او تلك القبيلة.
لم يعد عالمنا العربي يطاق اذا ما استمرت هذه السياسة الاعلامية القذرة التي امتهنت الحقيقة واصطنعت اخرى. اعلام صحّافي يعتمد على البروباغندا ويبتعد عن الواقع. ولهذا باتت المدونات الشخصية تُشكّل وسيلة اعلامية بديلة يستعملها جيلنا في مواجهة كل القوى التي تسعى الى التعتيم وفرضه.
ولأن الكلمة قادرة على جرح مستبد واستقالة ديكتاتور، وازعاج كل من لا يريدها. ولاننا نشهد كل يوم اعتداءات وانتهاكات بحق قادة الفكر والرأي في المنطقة والعالم بسبب ما يكتبونه وما ينشرونه من وقائع فاضحة، فان المدونات وحسابات التويتر والفايسبوك واليوتيوب اتت اليوم لتنهي عصر السكوت ولترسم بخط يدها عالماً جديداً مبني على "الكلمات والصور القاتلة" لا اكثر ولا اقل، لتضع حداً لسياسة الجوع والتجويع، ولمراوغة الانظمة واستخفافها بارادة الشعوب.
ولينتبه اصحاب رؤوس الاموال ووحوش النهب والفساد، ومدراء تحرير الصحف والشاشات الصدئة، وتلك الرسمية والتابعة للنظام والحاكم وحاشيته ان زمن الاقصاء ولّى الى غير رجعة، وان صورة جديدة للاعلام رُسمت بخط جديد وبأفق واسع يمثل الحقيقة والواقع الحقيقي لا اكثر ولا اقل، بدون اي "روتوشات" او اضافات.
المدونات باتت اقوى من دوي الرصاص، وتفاهة التهديد والوعيد. والصوت والصورة والكلمة التي ننقلها اصبحت قادرة على جرح مستبد واستقالة ديكتاتور، ودفع شبه دول بأكملها الى الاهتزاز. مستمرون ولن نتوقف. انه زمن الحرية. انه زمن المدونات.
تجدر الاشارة الى ان ما دفعني لكتابة هذا المقال المقتضب هو فيديو قصير قام بانتاجه الزميل الصديق جاد شحرور (صاحب مدوّنة انشالله كون غلطان) لموقع جنوبيّة.كوم اللبناني، تناول خلاله موضوع المدونات باسلوب مميز، حيث تكلّم فيه عدداً من الزملاء المدونين اللبنانيين، ومن بينهم خضر سلامة (صاحب مدونة جوعان) وهاني نعيم (صاحب مدوّنة هنيبعل يتسكّع في الارجاء)، اضافة لمدوّنة الكلمات القاتلة.
شكر كبير للصديق جاد شحرور على الاضاءة على هذا الملف، على امل ان يستمر كل مدوّن حرّ في عالمنا العربي بفضح كل الممارسات وبقول كلمة الحقّ مهما كانت جارحة .... انه عصر الكلمات القاتلة.
سلمان العنداري ...SA
للاطلاع على التحقيق الخاص لجاد شحرور يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو على اليوتيوب:
موقع جنوبيّة على الانترنت: http://www.janoubia.com/