السبت، 12 مارس 2011

تانيا قسّيس التي أبكت سعد الحريري تتحدّث: طفولتي عشتها بين مسجد وكنيسة

صوت .. رسالة ... رقي ... انها تانيا قسيس
صوتها الرائع... الراقي... الهادىء... نظراتها، حزنها، عمقها، اطلالتها، تأثرها، روحها الوطنية الحرة... كلّ تلك الصفات دفعتني للقاء تانيا قسيس الفنانة اللبنانية التي تحمل في حنجرتها رسالة حضارية جامعة اسمها لبنان...

شقّت السوبرانو اللبنانية تانيا قسيس طريقها الخاص في الفن والغناء وفق نهج الحوار والتلاقي والعيش المشترك وانسجام الاديان والسلام، ليتحول صوتها الى رسالة انسانية حقيقية وجامعة بكل المعاني، ورمزاً للتواصل الانساني الاصيل.


قسيس التي انشدت في الذكرى السادسة ليوم الرابع عشر من شباط مقطوعة "افي ماريا" في مزيج اسلامي مسيحي مميّز، خلقت لحظة مؤثرة جداً أدت الى انهمار الدموع من عيني الرئيس سعد الحريري ابن رفيق الحريري الذي استشهد ورفاقه في مثل ذاك اليوم في منطقة السان جورج في العاصمة بيروت.


صوت تلك الفنانة الشابة ينساب بسلاسة الى الآذان، لا بل يغور دون استئذان الى اماكن شديدة العمق والحميمية في القلوب، ليحاكي في انغامه الذهبية النادرة روحنا وتاريخنا وذاكرتنا، وليسلط الضوء على طريقة تعاطينا وعلى نمط عيشنا وتميزنا وتنوعنا طارحاً مئات الاسئلة وعلامات الاستفهام...


يحرّضنا صوت تانيا قسيس على الواقع الذي نعيشه اليوم. فرغم الايقاع الهادىء الذي تؤديه، الا ان صخب الالحان التي تنشدها يخلّف فينا جرحاً كبيراً يفتح في بالنا تساؤلات عديدة، ويحثنا على الانتفاض على ما اقترفته ايادينا من اخطاء بحق حريتنا وهويتنا وانتمائنا لوطن لم نعرف قيمته الى هذه اللحظة.


تؤمن تانيا بأهمية التضامن والعيش الاسلامي المسيحي المشترك في بلد كلبنان الذي يحتض اكثر من 18 مذهب... كيف لا وهي التي نشأت في حيّ شعبي في العاصمة بيروت يقع بين مسجد وكنيسة حيث يختلط صوت الآذان مع التراتيل الساحرة التي كانت تصدح في الأرجاء، لتترسخّ فيها شخصية الشابة المنفتحة على كل الاديان، والمحبّة للسلام والتناغم الكوني.


اقامت تانيا لاكثر من سبع سنوات في العاصمة الفرنسية باريس. فكانت المغتربة المشتاقة الى وطنها. الانسانة التي تعيش حنيناً لبيروت ولأصوات الناس ونبض الشارع وفرح الأطفال وصلوات الرهبان والمشايخ. ومن هنا كانت ايقونتها الباهرة "افي ماريا" التي اطلت بها في اكثر من مناسبة، وآخرها من مجمع البيال خلال الذكرى السادسة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث ادت ترتيلة موسيقية "رائعة" امتزجت معها التراتيل برفع الآذان وعبارة "الله واكبر" وسط مؤثرات بصرية وسمعية باهرة حرّكت المشاعر وادمعت العيون.
لحظة انهمار دموع سعد الحريري اثناء اداء تانيا لأفي ماريا
تقول قسيس في حديث خاص معها انها اكتشفت في دموع الرئيس سعد الحريري "الانسان الرقيق والحساس، وصورة الابن الذي يبكي على فقدان والده واحبائه الذين رحلوا دفاعاً عن بلدهم، اذ ان تناول قضايا تتعلق بالحياة والموت يجعل الفرد مكشوفاً امام مشاعر لا يستطيع كبتها او تخبئتها، والدمعة التي ذرفها الرئيس الحريري اثناء تأديتي للترنيمة كان لها دلالاتها ورمزيتها البالغة في النفوس".


تشدد قسيس انها لا تنتمي الى اي حزب او فريق سياسي، "لانني كفنانة ارتضيت حمل رسالة جامعة لكل الناس والاديان، وان اعمل على تعميق مفهوم التعاون والتضامن ومنطق الوحدة والسلام، وحلمي الكبير ان تنتشر هذه الرسالة في كل مكان من هذا العالم".


تتمسك تانيا بالوصية التي اطلقها الشهيد جبران تويني من ساحة الشهداء في يوم 14 آذار 2005، عندما شدد على ضرورة الوحدة المسيحية الاسلامية الى ابد الابدين، اذ تعتقد ان "هذا البلد لا يمكن ان يستمر او ان يتقدّم من دون هذا التضامن الاسلامي المسيحي، وأيضا دون هذا التنوّع الثقافي والحضاري والسياسي، ولهذا فلا بد من الحفاظ على هذا الغنى الذي يتميز به لبنان عن اي بلد آخر".


مئات الآلاف من لبنان ودول العالم تداولوا على مواقع التواصل الاجتماعي الترنيمة الموسيقية المميزة التي ادّتها قسيس، الامر الذي دفع احد الذين أبهروا بمقطوعتها للقول: "ما غنّته تانيا يصلح ان يكون نشيداً وطنياً جديداً للبنان نعيد على اساسه صناعة المستقبل والتأسيس للحظة جديدة عمادها الاساسي الحوار والتفاهم وحبّ الوطن"...


لن تتمكن تانيا قسيس من المشاركة هذا العام في يوم 13 آذار في ساحة الشهداء نظراً لارتباطها بالتزامات عمل في الخارج، الا انها ستتابع عن كثب ما سيشهده وسط العاصمة من تجمّع شعبي حاشد، "على امل ان تكون كل الساحات مليئة بكل فئات الشعب اللبناني دون استثناء في السنوات القادمة، لان الوحدة الوطنية هي وحدها القادرة على رأب الصدع وعلى اعادة لبنان الى سابق عهده من جديد".



هناك تعليق واحد:

  1. تانيا قسيس .. الصوت الرسالة !
    الصمت في حرم الجمال, جمال.

    ردحذف