السبت، 31 ديسمبر 2016

الوطن بلا "الصحافة".. يعني نهاية كل شيء



الوطن بلا السفير" ...عنوان اخير على صدر صحيفة السفير التي تُغلق اليوم ابواب مكاتبها في شارع الحمرا، وابواب صفحاتها التي شكلت مساحة للنقاش والمتابعة على مدى عقود... 

اغلاق السفير التي ترحل اليوم من اكشاك الصحف خسارة للجسم الصحافي ولالاف القراء في لبنان والعالم...

في حرب تموز ٢٠٠٦ قمت بجمع اعداد السفير عددا تلو الاخر، ولا يكاد يمر يوم من دون الاطلاع على عناوينها وعيونها ومقالات كتابها، رغم اختلافي الكبير مع وجهة نظر الصحيفة وتوجهاتها، خصوصا بعد التصاقها بسياسة معينة بعيدة كل البعد عن حقيقة الامور..

النهار تصرف اكثر من مئة موظف... والمستقبل غارقة في عجز مادي كبير ، يضاف اليها صحف ووسائل اعلام اخرى... 

النهار الصحيفة التي انطلقت منها عبر نهار الشباب، والصحيفة التي اطلقت شغفي الحقيقي بالكتابة وبمتابعة هموم الناس، والصحيفة التي شكّلت شخصيتي وهويتي، اصبحت اليوم عاجزة عن الاستمرار ومتعبة فصرفت زملاء صنعوا تاريخها وعراقتها...

صحيفة المستقبل التي فتحت لي ابوابها عام ٢٠٠٦ للتدرّب في مكاتبها هي ايضا ليست بخير... تخيلوا معي وطنا بلا صحف...وطنا بلا صوت ... وطنا بلا رأي عام. وبلا سلطة رابعة ...

نعم انها ازمة صحافة...ازمة في المرئي والمكتوب والمسموع.. ازمة كبيرة لمئات صرفوا قسرا من اعمالهم ..ازمة مخيفة قد تطال الجميع في حال استمر الانحدار في كل شيء يتعلق بالمهنة..

بكل الاحوال، لا بد من الاستمرار والقتال باللحم الحيّ، واختيار المضمون المناسب، والمحافظة على القراء واحترامهم قبل كل شيء.... لان الوطن بلا صحافة.. يعني نهاية كل شيء..

سلمان العنداري

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016

ابعد من منع اغاني فيروز في الجاامعة اللبنانية.. انها دولة حزب الله!


بيان التعبئة التربوية لحزب الله فضيحة موصوفة اقبح من فعلتهم في كلية الهندسة قبل ايام. تنظير وفوقية لا نظير لها...واعتقد ان ثقافة هذا الحزب واضحة ولن تتمكن لا التعبئة الطالبية او غيرها من تغيير مفهومنا للتنوع والحرية...

اتذكر جيدا مشاهد ووقائع لا تنسى في كلية العلوم السياسية في الحدث قبل ١٠ سنوات..كان الحزب يعيب علينا توزيع بيان او منشور، او حتى التجمع.. في وقت كان يزرع الاعلام والشعارات في باحة الجامعة على مرمى امتار من مكتب العميد...

كان الحزب ومن يدور في فلكه يمنعنا من ممارسة حقنا في التعبير، تحت طائلة التهديد بالاعتداء علينا.

واذا كان طلاب التعبئة اوقفوا النشاط بحجة الانزعاج من الموسيقى، يجدر بهم ان يتذكروا مكبرات الصوت الذين كانوا يزرعونها في كل مكان، وكيف كانوا يجبرون الاساتذة والطلاب على مغادرة الصفوف وتوقيف حصص الدراسة للتضامن القسري مع مناسباتهم...

ما نعيشه فضيحة وكارثة... بيان يثير الضحك، وقبل ايام عرض عسكري في القصير، وقبله بسنوات احتلال لبيروت واحراق محطة تلفزيونية وقمصان سود ملأت الشوارع، وتهديدات مبطنة واخرى مباشرة عبر الصحف، وتعطيل وتعطيل.

وبالتالي فان قمع فيروز في ساحات الجامعة ليس بامر يمر مرور الكرام. مع العلم انه لا الحكومة ولا رئيس الجمهورية اصدرا بيانا او علقا على هذه الفضيحة. والابشع تبريرات  بعض المتذاكين الذين يدعون اليسار او الاستقلالية.

فلنقولها بلا مواربة، الحزب تمدد ودولته وفائض قوته صارا اكبر بكثير من لبنان، الذي تحول مقاطعة ايرانية صغيرة على البحر المتوسط..

انه زمن كم الافواه
انها جمهورية عار، جمهورية خوف، جمهورية حزب الله.

هزلت والله

السبت، 3 ديسمبر 2016

النسوة يخلعن الأقنعة في كتاب الحديقة الخلفية لشهير ادريس



عالم المرأة غامض، ومقفل بأسراره وحكاياته وقصصه التي لا تنتهي..

 عالم واسع لا يبدأ بنظرة ولا ينتهي بابتسامة او خيبة، بانكسار او انتصار، بالم او امل.. عالم موصد بمشاعر واحاسيس مضمرة وغير ظاهرة..

في مجتمعاتنا تعودنا ان ننظر الى المرأة باعتبارها ايقونة للحب والعطاء والجمال والاحساس والامومة والتضحية والتربية فقط لا غير..

"انثى" يغلب عليها الدلال في صغرها، والاغراء في صباها، والحنان في منتصف عمرها، والطيبة على مشارف موتها..

لكن..ماذا عن الازمة التي تعيشها في اربعيناتها، عندما تخفت هرموناتها، وتتبعثر مشاعرها ساعية لتغيير واقعها بالتخبط بين ماضيها وحاضرها ومستقبلها؟.. 

شهير ادريس في كتابها الجديد #الحديقة_الخلفية تفتح لك ابواب هذا العالم. تدسّ مفتاحا في جيبك وترشدك الى ما وراء المرآة التي يقفن النسوة خلفها لساعات طويلة كل صباح وبعد كل ليل مرهق.

 النسوة والسيدات يخلعن اقنعتهن في الكتاب. تترك شهير الوجوه تعبر على سجيتها، من دون مكياج واضواء وقفازات.. 

وفي كل قصة، كحلٌ ينهمر من العيون، ودمعة تختنق في احلام. وفساتين تنتظر في الخزائن، وعطر ينتظر من يقطفه

اربعون قصة قصيرة لاربعين امرأة في عمر الاربعين.. عمر التحولات الجسدية والجنسية والنفسية، التي ما زلنا حتى الآن لا نفهمها او نستوعبها.. 

في قصصها القصيرة طريق متعرج بين الخطوط والتجاعيد التي ترتسم على وجوههن..

تفضح شهير هذا العالم، تفتح بابا لتغلق آخر على تساؤلات وعبر.. 

همسات من وجع وتوق لاحلام فك القيود وتصحيح المسارات.. حليّ وخواتم وادوات تجميل وعلاقات حبّ جديدة واخرى عابرة.. 

ترصد شهير جلسات الشاي التي تعقدها السيدات ويسردن الاسرار فيها.. تتسلل الى اخبارهن لتنقل الواقع كما هو..

دخان وسجائر، موسيقى وصمت، بحثٌ عن عوالم ضائعة ومتاهات الخيانة والخوف والعزوبية وحتى التصابي.. 

كتاب جريء من قصص الحياة.. يتنقل بين امرأة حالمة واخرى هاربة وبين أمّ عازبة واخرى تريد ان تعود صغيرة، تتجرّع الحبّ وتتمسك بالحياة وترفض المتغيرات التي تصيب جسدها وتهزّه من كل حدب وصوب..

من "زهرة الغاردينيا" والطاولة التي اعترفت عليها اربع نساء، مرورا بالليلة الشتوية التي تحولت صيفا، وصولا الى سيدة التانغو، والصمت المدوي لإمرأة تعرفت على حبها الحقيقي من دون حسابات.. عالم مرعب ومشوّق لمغامرات الاربعين في الحديقة الخلفية..

احببت كتاب شهير، لأنه يقول الاشياء كما هي، ولا يبرر للمرأة فعل الخيانة او القفز فوق بيتها الزوجي او الانقضاض على عزوبيتها. تقول سطوره الاحداث كما هي.. نسوة لملمن اشلاءهن ومضين بعيدا في مقاومة سطوة الاربعين، وذهبن يفتشن عن ذواتهن قبل فوات القطار..

لن اطيل كثيرا في الكلام عن الحديقة الخلفية، فصفحات الكتاب ستفضح لكم الكثير الكثير من القصص.. والاسرار

باختصار، كسرت الزميلة شهير زيف المرآة والعادات، وشظّت تخلف العادات والصور النمطية عن دورة حياة المرأة.. واخذتنا الى "عين عاصفتها".

وربما يجدر باحدهم يوما ما ان يتجرأ ليكشف بالسطور والوقائع "الحديقة الخلفية" للرجل التي يقضي فيها اصعب لحظات حياته واكثرها جنونا.. 


شكرا شهير

ملاحظة: يمكنكم الحصول على الكتاب من دار المؤلف في معرض الكتاب العربي في بيروت ومن جميع المكتبات.

الجمعة، 25 نوفمبر 2016

عــودة الى التدوين




لا شك انّي تغيبت كثيرا عن هذه المدونة، وإنشغلت عنها، بالرغم انها كانت المنصة الاساسية لأفكاري ومقالاتي.
اليوم احاول العودة الى الكتابة والى نشر تقاريري وافكاري هنا عن المراسلة والحياة اليومية.


سأقوم بنشر تقاريري التي قمت باعدادها لسكاي نيوز عربية على مدى سنة وشهرين، وساستمر بارشفة كل ما اقوم به من عمل صحفي، ومن مواقف.

سلمان العنداري

الثلاثاء، 1 مارس 2016

حبّة الخلاص"... النضال الى ما وراء الورق


غلاف كتاب "حبة الخلاص" لـ جنان خشوف - صادر عن منتدى المعارف

"ستكون روايتي أفيوني. سأكتب حتى أنتمي، ولو حتى بجملة، سأكتب، يوما ما، حتى تأتيني امرأة قد طال خوفها وهجرته، سأكتب حتى، يوما ما، أناضل الى ما وراء الورق"..

هكذا ختمت جنان خشوف، رفيقة السفر وشارع الحمرا كتابها الاول "حبّة الخلاص". كتابٌ يُغرق القارىء بجملة مشاعر واسقاطات من مجتمع ينهار، ومن محيط سطحي، ومن حياة ساذجة تكاد في وتيرتها ووقعها السريع ان تنهار على صاحبه.

"حبّة الخلاص"، كانت التجربة الاولى لجنان التي كتبت بعمق ونضج كبيرين وواضحين، عن إمرأة تهرول في يوميات الأمومة والعمل والمجتمع، تغرق في تساؤلاتها عن الهوية والوحدة والقرار والعمر والعائلة.. كتاب رافض للقواعد التي وضعها المجتمع، لثورة مقموعة، لتقاليد بالية، لمظاهر تقليدية مضجرة ومملة.

من عيادة الطبيب النفسي والشعور بالاكتئاب والتوتر والضياع، الى محاولات النوم المستمرة والصراع مع الأرق ومسؤولية رعاية الاولاد، مرورا بالحديث عن الزواج والامومة وعطلة السبت، وصولا الى كلام الليل والسرير والتفكير الطويل، والزوج المشغول.. أخذتنا جنان عبر "ريم" الى حياة بائعة الثياب الباهظة الثمن التي تسرد قصة حياتها، وازدواجية تفكيرها الذي ارهقها..



أحببت في الكتاب كل شيء تقريبا، من مشاعر الخوف في سباته السنوي، الى الخوف الذي يقرقع في الأجساد، وهو متنوع.. الخوف من الفشل والموت والحياة والخيانة، الخوف من الألم والوحدة وجحيم الحب.. خوفٌ كتبته جنان بحرفية عالية، متقنة.. بلغة مصقولة وبسيطة وشعبية في الوقت عينه.. لغة الأم والمراهقة، والحبيبة، والثائرة المتعبة..

وليس بعيدا من الكتاب، فلجنان شخصية هادئة وثورية في آن.. اتذكر قبل حوالى ثلاث سنوات التقينا في "كوستا" وغصنا في اسئلة عن الوطن والصداقة والنوستالجيا والحبّ والارتباط، وغصنا في أحاديث عن الخوف من فقدان الطموح ومن الهجرة من الوطن، والخوف على الأحباب والمقربين.. اليوم وبعد قراءتي الكتاب، رأيت جنان الحقيقة وعدت الى أخبارها وطريقتها الراقية في الكلام بعيدا عن التزلف ومحاولات لفت الانظار.. جنان وقلمها، مرآة لمشاعرها وأحاسيسها وهواجسها.. 

وفي خلال مشاركتنا في ورشة عمل تدريبية في عمان قبل اربع سنوات، كان عقلها وقلبها في لبنان، يحاولان الاطمئنان كل لحظة على اطفالها وعلى زوجها وعلى الأهل والاصدقاء.. انها جنان، وقد وجدتها ايضا في ريم في "حبة الخلاص".

كتاب "حبّة الخلاص" الصادر عن دار منتدى المعارف، لجنان خشوف، انصحكم بقراءته، وباسقاط اسقاطاتكم عليه... فهو ببساطة، كتاب يوميات لكل واحد وواحدة منا...


سلمان