السبت، 29 أكتوبر 2011

الاقليات المهجوسة ... والعملاق الذي خرج من القمقم

المنطقة بين خوف الاقليات وتمدد الاكثريات الدينية ...

 
منذ اشهر وفي خضم الثورة الثورات المشتعلة في المنطقة العربية على وقع التظاهرات والاحداث المتسارعة التي ادت الى اسقاط انظمة دكتاتورية عاشت على القمع والطغيان وقتل الناس وانتهاك كراماتها، والى اهتزاز انظمة اخرى مستمرة في سياستها، تزداد مخاوف وتوجسات بعض الاقليات الدينية في المنطقة من امكانية سيطرة الحركات الاسلامية على هذه الثورات والانظمة.

وعلى سبيل المثال، فان فئة كبيرة من المسيحيين في لبنان تعتبر ان الثورات العربية ستهدد الوجود المسيحي وستؤدي الى سيطرة الاكثريات الدينية والطائفية في المنطقة على حساب وجودهم المتناقص والمتضاءل على مرّ السنوات والعقود. اذ يعتبر بعضهم ان سيطرة تيارات اسلامية على الحكم بعد سقوط الانظمة سيؤدي الى تهجير المسيحيين واضطهادهم والبطش بهم، فيما يرى فريق اخر من المسيحيين والاقليات ان الامر غير صحيح وان مشاركتهم في هذه الثورة واجب واساسي لاعادة صياغة الخارطة السياسية للعالم العربي، وان اي نظام دكتاتوري لا يمكن ان يحميهم من القتل والتهجير او الاضطهاد.

في لبنان الاراء منقسمة حول هذا الموضوع، فريق مع الثورات، وخاصة مع الثورة السورية، وفريق اخر يرى ان حال الاقباط في مصر والمسيحيين في العراق وسوريا ولبنان سيزداد سوءاً مع استمرار الربيع العربي الذي ايقظ التيارات الاسلامية من عزلتها وسباتها...

منذ اسابيع زار البطريرك الماروني مار بشارة لبطرس الراعي فرنسا ، وهو الزعيم الروحي للطائفة المارونية المسيحية في لبنان والمشرق والتي تعد اقلية في المنطقة ولبنان، وقال من باريس انه متخوف من سقوط نظام بشار الاسد في سوريا خوفاً من الاصولية ومن اضطهاد المسيحيين، الامر الذي لاقى جدلاً واسعاً في لبنان.

وقال البطريرك إن ما يحصل في سورية هو إبادة شعوب وليس ديمقراطية ولا إصلاحا. ودعا الأسرة الدولية وفرنسا "الى عدم التسرع في القرارات التي تعمل على تغيير الانظمة", سائلاً: "هل نحن ذاهبون الى حرب أهلية سنية علوية"؟.

وبحسب محللين اعتُبر كلام البطريرك الراعي الأخير هذا دفاعاً عمليا عن نظام بشار الأسد, وما قاله بداية كان للتغطية على هذا الدفاع. والجدير ذكره أن بيان مجلس المطارنة الموارنة الأخير سمى الثورة الشعبية السورية بأنها" كناية عن اضطرابات".

هذه التصريحات اللافتة للراعي تعكس بالفعل مخاوف لدى فئة كبيرة من الفئات الدينية من الربيع العربي، والجدير ذكره ان الاعلام يلعب دوراً سلبياً في تسليط الضوء على استهداف الاقليات، تماماً كما حصل في ماسبيرو، اضافةً الى اخبار القنوات الموالية لنظام بشار الاسد التي تبث اخبار عن استهداف ما اسمتهم "بالخارجين عن القانون" لقرى مسيحية في سوريا، وهذا ما ادى الى تضخيم هذه المخاوف وتكريسها.

الاسئلة لا تنتهي ، والنقاش مستمر في لبنان بين مختلف الطوائف حول اهمية الربيع العربي وعمّ اذا كان سيحقق مستقبلاً مهماً ام انه سيؤدي الى سيرورة دامية قد تخلّف حروباً طائفية وصراعات مذهبية جديدة في المنطقة...؟...

نقاشكم مفيد في مثل هذه المسألة... فهل المسيحي او الاقليات على خطأ ؟ ام ان الاعلام بالغ في اعطاء الاسلاميين صورة العملاق الذي خرج من القمقم؟...

سلمان العنداري... SA

"مشاركة قدّمتها في دورة تغطية النزاعات الدينية العالمية التي تناقش الصراعات الدينية والطائفية حول العالم، واساليب التغطية الصحفية". يمكنكم متابعة كتاباتي في هذه القضية على الوسم التالي على المدونة "نزاعات دينية"...

الجمعة، 28 أكتوبر 2011

لبنان: الصراع المذهبي وانفصام الاعلام... نار تحت الرماد

اعلام مذهبي وحرب باردة بين الطوائف

قد يطول الكلام في لبنان عن الصراعات الدينية والطائفية التي تواجه مجتمعاتنا. فغالباً ما تنقل وسائل الاعلام المحلية والعربية والعالمية اخبار عن تظاهرات واحراق دواليب في بيروت، واشتباكات مسلّحة متقطعة بين جماعات لبنانية مختلفة، اضافةً الى الحديث عن صراعات سياسية حامية (تأخذ طابعاً مذهبياً) في هذا البلد المعقّد على كل الاصعدة...
فلبنان بلد متنوع وغني بالثقافات والطوائف، الا ان هذه النعمة غالباً ما تتحول الى نقمة بفعل سياسات البعض، ونفخ وسائل الاعلام بسمومها على اكثر من صعيد، اضافة الى اللغة الطائفية التي يتكلم بها رجال السياسة، فضلاً عن التدخلات الخارجية التي لم تتركنا يوماً، حتى صحّ القول ان حروب الاخرين دائماً ما تحصل على الساحة اللبنانية...
الحرب الاهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975 من القرن الماضي، والتي خلّفت مئات الاف القتلى ومئات الاف الجرحى والمخطوفين والمفقودين، تحولت الى ندوب من الصعب ان تندمل او تختفي مع الزمن، لتتحول معها الذاكرة الجماعية اللبنانية الى ذاكرة مليئة بالاحداث والاخبار العنيفة والدامية.
اكثر من ستة و ثلاثون عاماً مضت على اندلاع الحرب الاهلية اللبنانية, و الصراعات و الحروب و التقاتل الداخلي لم ينته بعد, فالحرب الاهلية اللبنانية التي بدأت في 13 نيسان عام 1975 مع بوسطة عين الرمانة (انفجار استهدف حافلة ركاب) يبدو انها لم تنته بعد توقّف أصوات المدافع والرشاشات والقنابل وتوقيع إتفاق الطائف الذي انهى معاناة الداخل . والمتاريس ومظاهر التسلّح وخطوط التماس الحمراء لم تختف الى غير رجعة بعد الإنتقال من حالة الحرب الى حالة السلم .

للأسف ، فمنذ العام 1990 (انتهاء الحرب) وما زلنا نعيش و نتعايش مع امتدادات هذه الحرب وتداعياتها على النفوس والعقول، ليصبح معها الخطاب السياسي وتقاذف التهم والشتائم أقوى وأفعل من نيران الموت على الجبهات المتواجهة، ولتزداد معها الهواجس والفواصل بين من يفترض بهم أن يكونوا قد تعلّموا من تجربة اللعب بمصير البلد والرقص على تناقضاته، لإقتناص فرصة ذرّ الحقد في العيون للتفريق أكثر وأكثر بين الأزقة والأحياء والساحات، ولينسى من يفترض به ان يتذكّر، أن العزف على أوتار الطائفية و المذهبية الضيقة يزيد من تدمير مقدّرات وامكانيات الخلاص المعهود والمطلوب، لتمحى بذلك الذاكرة الجماعية الحافظة والجامعة لكلّ افراحهم واطراحهم وآلامهم وشهدائهم ومصائبهم .
بعد اكثر من 21 عاماً على انتهاء الحرب ما زال البعض يتحدث عن بيروت غربية (ذات اغلبية مسلمة)، وبيروت شرقية (ذات اغلبية مسيحية) على الرغم ان المتاريس لم يعد لها مكان، الا ان بعض العقليات شاءت ان تبقي نفسها مسجونة ومهجوسة بهذه المفاهيم القديمة التي ولّى عليها الزمن..
للاسف، فان الخطابات السياسية في لبنان طائفية ومذهبية، وكذلك الامر بالنسبة للوسائل الاعلامية المحلية التي تحمل هوية هذا الفريق او ذاك، فتنطق باسمه وتسوّق افكاره وتدافع عنه على حساب الاخر، فتهدّمه وتعرّيه من حقوقه دفاعاً عن فكرة قد تكون تافهة او ثانوية.
وبصراحة نعيش في لبنان نوعاً من الحرب الباردة، وحرباً بالوكالة تقودها الاحزاب والجماعات الطائفية والمذهبية بالوكالة عن بعض الجهات الاقليمية. حيث يلعب السلاح دوراً اساسياً فيها، اضافةً الى ترهيب الناس بعصا عودة الاشتباكات الطائفية عند كل استحقاق. والمعلوم ان لبنان محكوم بتوازنات دقيقة لا يمكن اللعب عليها.
ويكفي القارىء والمتابع للاحداث ان يرصد وسائل الاعلام المحلية في تغطيتها لحدث معين ليكتشف حجم الانقسام الداخلي. حتى يمكن القول ان عدد كبير من الاحداث والمشاكل والاشتباكات حصلت نتيجة القذف الاعلامي، والتحريض المستمر للوسائل الاعلامية على مدار الساعة، اذ لعبت الوسائل الاعلامية المذهبيةو الطائفية دوراً بغاية السلبية ادى الى مقتل العشرات والى تفجير العصبيات الضيقة.
عام 2008 وصل الصراع المذهبي في بيروت الى اوجّه، عندما استخدم "حزب الله" سلاحه في احياء بيروت العاصمة، الامر الذي حول المدينة الى مدينة حرب تحكمها ميليشيات مسلحة، الامر الذي ادى الى مقتل العشرات من المدنيين والابرياء ذهبوا ضحية الشعارات والعناوين الطنانة والرنانة التي تبثها وسائل الاعلام، والذي ينطق بها رجال السياسة وازلامها...
ووسط هذه الصورة يمكن القول ان وسائل الاعلام في لبنان تتحدث بمنطق عسكري وميليشيوي من شانه ان يؤثر على الناس بدل لعب دور ايجابي يرفض العنف والتباعد ويبني ثقافة الحوار بين الشباب اللبناني على اختلافهم كي لا يتحول هذا الاختلاف الى خلاف يقلب الطاولة مجدداً ويخلّ بالتوازنات.
الحرب الكلاميّة والإنقسامات الدائرة اليوم في لبنان تكاد تكون أعنف وأقوى واشد قساوة من الحرب العسكرية الميليشياوية التي شهدتها البلاد لفترة 15 سنة ماضية, و لهذا يمكن القول ان الحرب لن تنته بعد .
واذا كانت وسائل الاعلام المحلية مسيسة ومنقسمة وتعيش حالة من الطلاق والانفصام في نشر الخير وصياغته وقراءته، فان وسائل الاعلام العربية والدولية اصيبت بالعدوى نفسها وان بابعاد متفاوتة. اذ تذهب بعض المؤسسات الى وصف ما يحدث في لبنان بانه انعكاس لفتنة طائفية سنية – شيعية، بينما ذهبت وسائل اخرى الى تصوير الامور من اكثر من زاوية منها ما يتعلق بالسلاح غير الشرعي، وبالفساد، وبالارتباطات الخارجية والاقليمية لاطراف النزاع، وباسباب اجتماعية وربما طبقية، وغيرها من الامور...
الاسئلة كثيرة بعد هذا الكلام. كيف نستفيد من التنوع الثقافي والطائفي والمذهبي في اي بلد متنوّع، وكيف نساهم في اغناء الحوار الثقافي والديني بين كل مكونات المجتمع بدل تحويل التنوع الى اداة لاذكاء نار الفتنة والتمييز والتفرقة؟، وكيف نبني اجيالاً متصالحة مع نفسها، لا تحمل بذور الفتن، وبراثن الماضي البشع؟...
ومتى تتوقف الوسائل الاعلامية عن بث سمومها، لتلعب دوراً ايجابياً في رصد قضايا الناس واحترام اخلاقيات المهنة؟، وهل صحيح ان التنوع كذبة كبيرة، وان احادية الرأي في مجتمع واحد هي الحلّ الامثل للعيش بسلام وامان واستقرار... ؟؟؟
نموذج واسئلة قد تعمّم على اكثر من بلد وعلى اكثر من مجتمع ...

سلمان العنداري ... SA

"مشاركة قدّمتها في دورة تغطية النزاعات الدينية العالمية التي تناقش الصراعات الدينية والطائفية حول العالم، واساليب التغطية الصحفية". يمكنكم متابعة كتاباتي في هذه القضية على الوسم التالي على المدونة "نزاعات دينية"...

الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

بيع اراضٍ ومشاريع سكنية مشبوهة واستنفار للاهالي ... هل تغرق عرمون بطوفان "حزب الله"؟...

عرمون و"حزب الله" ... الطوفان المحتوم ...

تعود بلدة عرمون الى دائرة الضوء من جديد بعد المعلومات التي ذكرت ان "توتراً جديداً يسود القرية على خلفية الكلام عن بيع مشبوه لعدد كبير من الاراضي في القرية ومحيطها لصالح "حزب الله" – (الجار اللدود والثقيل" كما يصفه اهل المنطقة) – في محاولة لتغيير المعالم الديمغرافية، الامر الذي دفع مجموعة من الشبان الى التحرك، وتعليق يافطات تطالب بالحفاظ على الارض وعدم التخلي عنها للغرباء.

وعرمون، القرية الصغيرة من قرى قضاء عاليه، والتي تقطنها "اغلبية درزية"، تشهد بين الفينة والاخرى توترات و"هرج ومرج"، على خلفية بعض التجاوزات التي يرتكبها "حزب الله" بحق البلدة "المحاصرة" بواقع سياسي وديمغرافي وامني "صعب" بعد الاحداث المؤسفة التي شهدتها البلاد عام 2008.

يُصر اهالي عرمون على وقف عمليات بيع الاراضي في تلك المنطقة. وبحسب عدد من المتابعين "فان الاشهر الاخيرة سجّلت عمليات قياسية في بيع الاراضي في عرمون ومحيطها، حيث لعب السماسرة دوراً سلبياً في اقناع الناس واغرائها من خلال مضاعفة الاسعار واستغلال عوزها وحاجتها للمال".

وفي هذا الاطار، قالت اوساط موثوقة في القرية ان "الاخطر من بيع الاراضي يكمن في بناء مشاريع سكنية ضخمة تحوي عشرات الشقق، حيث يتم بيعها لجماعات تنتمي لفئة معينة ولطائفة معينة، وربما لحزب معين، الامر الذي يطرح علامات استفهام حول خلفية هذه العمليات المشبوهة، وعما اذا كانت مدروسة ام لا".

ووسط هذه المعطيات، لفت البعض الى ان "ما يجري في عرمون وضواحيها بمثابة مخطط "اصفر" يهدف الى تغيير هوية المنطقة، والى تعديل خصوصيتها الديمغرافية، الامر الذي يهدد التركيبة الاجتماعية ووجودنا بشكل اساسي".

ورأت الاوساط ان "المجتمع الدرزي الاقلّوي يتعرّض لهجمة منسّقة وزاحفة من قبل "حزب الله" المسيطر على الضاحية الجنوبية ومحيطها تفضي الى "التوسّع الاستراتيجي" في المناطق المحاذية لدوائر نفوذه الامني والسياسي والشعبي على حساب الوجود الدرزي".

واضافت الاوساط نفسها: "الامور باتت واضحة ومكشوفة، فالحزب يتلطّى خلف شعارات معينة ويتوغّل كل يوم في مناطقنا، محاولاً فرض ثقافته ونمطه واسلوب عيشه الخاص علينا، متسلّحاً بشظايا احداث السابع من ايار عام 2008، وبقوة المصالحة التي وقّعها مع الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني".

واذ شددت على "اهمية العيش المشترك والاختلاط الطائفي والمذهبي، وعلى حرص الطائفة الدرزية وابناء عرمون على العيش جنباً الى جنب مع شركاء الوطن الواحد"، اكدت الاوساط ان "الصرخة التي نطلقها اليوم لا تتعلق بهذه المسلمات والثوابت التي تربينا عليها، انما تسلّط الضوء على واقع يسعى البعض الى فرضه علينا بالقوة الناعمة عبر عمليات بيع الاراضي وشراء الشقق السكنية على اساس طائفي ومذهبي مدروس وغير نظيف".

الحديث عن بناء المجمعات السكنية الضخمة في عرمون ومحيطها يستفز شباب القرية بشكل كبير. اذ حمّل عدد كبير منهم البلدية المسؤولية الكاملة "كونها تلعب الدور الاساسي في اعطاء الرخص من عدمها"، داعين اياها "الى التماثل بما يقوم به المجلس البلدي في منطقة الحدث، حيث مُنع الاهالي من بيع اراضيهم تحت اي عنوان او مسمى، خاصة بعد وصول الامور الى مستويات كارثية من كل النواحي بفعل "غرق" الحدث "بطوفان" الضاحية التي تبتلع كل شيء".

وبرأي الشباب ان "القرية ستفقد حتماً طابعها الاجتماعي وخصوصيتها نتيجة المدّ "الشيعي المسيس" والمموه الذي يقوده "حزب الله". فلماذا اعتماد هذه السياسة التدميرية للعيش الآمن بين كل مكونات الوطن الواحد، وهل يدرك "حزب الله" انه بهذه السياسة المشبوهة والوقحة يساهم في تعميق الجراح وزيادة الهواجس والمخاوف من جانبنا؟".

وطالب الشبان القيادات السياسية الدرزية "بالتدخل السريع، وبوضع حد لممارسات "الحزب" المكشوفة" قبل فوات الاوان، على امل ان ندق نواقيس الخطر في كل دار لتحذير الناس من خطورة بيعها للاراضي بشكل عشوائي".


وفي هذا الاطار، اتّصلنا بالشيخ نزار ابو غنام للوقوف عند رأيه حول هذا الموضوع، فأكد ان "عمليات بيع الاراضي في المنطقة وصلت الى حدود خطيرة للغاية، وبالتالي لا بد من وضع حدّ لها وتنظيمها بأسرع وقت ممكن".

وحمّل ابو غنّام كل الاطراف المعنية مسؤولية ما وصلت اليه الامور، "اذ تتحمل كل القيادات الحزبية، وادارة المجلس المذهبي الدرزي مسؤولية كبيرة في استمرار بيع الاراضي على هذا المنوال"، داعياً الى "الافادة من استثمار الاوقاف الدرزية في بيروت والمناطق بشكل يؤمن بدائل للعائلة التي تمر بحالة اقتصادية صعبة، الامر الذي يقلل من خيارات بيع الارض والتخلي عنها بسبب العوز والحاجة الى المال".

وانطلاقاً من موقعه وواجبه الديني، دعا غنّام "كل ابناء الطائفة الدرزية بشكل عام، وابناء عرمون ودير قوبل والشويفات ودوحة عرمون بشكل خاص الى التمسك بالارض وعدم التخلي عنها مهما بلغت الصعوبات والتحديات، ومهما اشتدت العواصف، لأن عقيدتنا تفرض علينا ذلك، ووجودنا يتطلب البقاء والصمود"، مؤكداً ان كلامه بعيد عن المنطق الطائفي الضيق.

وعلى خلفية "إشكال تعليق اليافطات" الذي حصّل قبل ايام في القرية، اتصلنا برئيس البلدية فضيل الجوهري الذي اكد ان "احداً لا يبيع ارضه في قرية عرمون الام، الا ان بيع الاراضي يتم في بعض المناطق المحيطة"، مشيراً الى ان "الامور مبالغ بها، ولا بد من التأنّي في معالجة هذا الواقع بشكل طبيعي وهادىء بعيداً من الشعارات الطائفية والمذهبية التي لا تفيد".

واذ لم ينفي الجوهري "هوية الشارين وطبيعة انتماءاتهم"، اشار الى ان " القيادات السياسية الدرزية تدخلت في محاولة لمعالجة ما يحصل خوفاً من تطور الامور"، كاشفاً عن "اجتماع عُقد في دارة خلدة منذ ايام بين قيادتي الحزب الاشتراكي والحزب الديمقراطي وفعاليات المنطقة في دارة خلدة، بمشاركة مجالس بلديات الشويفات، ديرقوبل، دوحة عرمون، وعرمون، حيث تم الاتفاق على اجراءات قريبة ستُتّخذ بهذا الخصوص".

وبانتظار الحلول، تستمر المخاوف ويبقى الترقّب: هل تغرق المناطق الدرزية بطوفان "حزب الله"؟...


سلمان العنداري ... SA

الاثنين، 24 أكتوبر 2011

هل تشهد السنوات المقبلة "ربيعاً شيعياً" في لبنان يُنهي دويلة "حزب الله" المنهارة؟؟


حالة من التذمّر الشديد يعيشها عدد كبير جدا من الجنوبيين نتيجة ممارسات "حزب الله" التي باتت تخنقهم وتحد من هامش حريتهم ووجودهم. اذ لا يختلف اثنان في تلك المنطقة على ان ما يقوم به "الحزب" في الاونة الاخيرة "لم يعد يُطاق او يُحتمل" تحت اي شعار او عنوان او مبرر.

ان قراءة بسيطة للامور تجعلك تستنتج التالي: ان "حزب الله" في لبنان بات اشبه بحركة حماس في قطاع غزّة في اللحظة التي انتقل فيها من موقع المقاومة الى موقع السلطة، وعندما تحوّل من حزب منضبط الى حزب سلطوي يسعى الى فرض رأيه في كل مكان.

ووسط هذه الصورة، يكثر الكلام عن صدامات وصراعات حادة تشهدها القرى الجنوبية بين سلطوية الحزب و"مجموعة" الرئيس نبيه برّي من جهّة، وبين الاهالي الذين ضاقوا ذرعاً بالتصرفات المهينة، وبالتدخلات المتزايدة في حياتهم الشخصية واليومية من جهة اخرى.

من الجنوب الى البقاع، وصولاً الى الضاحية الجنوبية، يبدو ان "حزب الله" غارق حتى اذنيه بالعقلية السلطوية وبايديولوجية الالغاء والدويلة الاحادية التي تبحث عن تفريغ فائض القوة في مجتمعاتها.

المناطق التي يسيطر عليها "الحزب" والحياة اليومية في المربعات الامنية يحمها السلاح على حساب الدولة ومؤسساتها، وتعبق في ارجائها الغريزة على حساب لغة العقل والمنطق. حتى ان العلاقات الشخصية باتت محكومة باستخدام السلاح والاعتداء على املاك الاخرين بفعل هذه الثقافة المفروضة على الناس، الامر الذي اوصل تلك المناطق الى حالة من الفوضى الامنية والسياسية والاجتماعية والنمطية. فهل يُدرك الحزب مخاطر هذا الواقع يا تُرى؟...

ونتيجة لهذا الواقع وهذه السياسات، يمكن القول (من منظور المراقب) ان "الحزب" فقد ويفقد رصيده الشعبي يوماً بعد يوم. وسياسته باتت مكشوفة، ومعيبة ومخجلة، الامر الذي يُعرّض الطائفة الشيعية لخطر كبير في المستقبل، في ما لو استمر هذا المخطط وهذه السياسة الملتوية على المنوال نفسه.

وبدون ادنى شك، فان ممارسة الحزب لمنطق التهديد والوعيد والتهويل والترغيب لن يعود عليه بنتائج ايجابية، لانه يرتكب الكثير من الاخطاء في حق قاعدته الشعبية التي تحولت الى جماعة مسجونة عقائديا، ومحكومة بما يقرره الحزب او يرفضه.

وبالحديث عن "المقاومة"، يمكن القول ان "حزب الله" اتّخذ من مقاومة اسرائيل شمّاعة لمشروعه السياسي، الا ان هذه الحالة انتهت وسقطت عام 2006 في حرب تموز، وبعد عام 2008، عندما وجّه سلاحه الى الداخل. حتى هو نفسه يعترف ان "مقاومته" انتهت، وان سلاحه هذا تحوّل الى سلاح دفاعي سلطوي لا اكثر ولا اقل".

ولا يُخفى على احد ان كل الاطراف اللبنانية كانت قد نصحت الحزب لاكثر من مرة بضرورة التخلّي عن هذه السياسات، الا انه على ما يبدو فضّل المضي قدما بالعقلية السلطوية المغرية، غارقاً في فساد واغراءات القوة وفائضها، بالتعاون مع حليفه نبيه بري الذي عاث في الارض خراباً وفساداً طوال سنوات وسنوات من الزمن.

على "حزب الله" ان يعود الى الجبهة الجنوبية لمواجهة العدو الاسرائيلي وفق خطة استراتيجية ودفاعية مدروسة مع الجيش وبالاتفاق مع الدولة اللبنانية وقواها الشرعية بدل التلهّي في وضع اليد على المجالس البلدية، والتدخّل في اقفال محلات المشروبات الروحية ومطاردة كل من يعارضه الرأي او الموقف السياسي.

بالمحصلة، يتعيّن على "حزب الله" اعادة النظر بكل سياساته وبطريقة تعاطيه داخل الطائفة الشيعية وخارجها، لانه اذا استمر بعقليته القديمة الديكتاتورية والاحادية، فان الامور ستزيد سوءاً بكل تأكيد.

باختصار... الناس لم تعد تحتمل هذا الخناق الذي يمارسه "الحزب الاصفر"، وبالتالي وجب التحرك على كل الاصعدة وكل المستويات لرفع الصوت عالياً، وللاعتراض على اختطاف الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية. واخذ الناس كرهائن عقائدية وفكرية وسياسية وديمغرافية في خدمة مشروع "الولي الفقيه" الملتبس. فهل تشهد الاشهر او السنوات المقبلة "ربيعاً شيعياً" في لبنان، يقلب الامور رأساً على عقب، ويُحرر الناس من "دويلة الحزب المنهارة"؟؟...

سلمان العنداري ... SA

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

رسائل بالجملة الى الرئيس ميقاتي من شباب الشمال...


على وقع الصراعات السياسية الحامية بين الحكومة الحالية والمعارضة الشرسة، وفي وقت تعيش فيه كل القوى السياسية حالة من الانتظار، وفي خضمّ الربيع العربي والاحداث المتفجرة والمتسارعة في المنطقة، وبين معركة تمويل المحكمة الدولية وكباشات الملفات الاجتماعية والاقتصادية، يُطرح السؤال من طرابلس عاصمة الشمال: كيف تقيّمون اداء الرئيس ميقاتي بعد اشهر من تشكيل حكومته، وماذا قدم لطرابلس والشمال، وهل يستمر في مهامه على وقع الصراعات المتفجرة على طاولة مجلس الوزراء؟.

مجموعة من الرسائل السياسية يوجهها الشباب "الشمالي" الفاعل والحاضر الى رئيس حكومتهم وابن منطقتهم. فمنهم من قرر ان يُعاتب دولته على ادائه السياسي وطبيعة تحالفاته، ومنهم من ابدى تفهّمه للمواقف التي يتخذها في هذه الظروف الحرجة والدقيقة على كل الاصعدة الداخلية والاقليمية والدولية. ومنهم من فضّل التحدث عن الوضع الاقتصادي – الاجتماعي المتردي، ليرسل صرخة مدوّية لمن يهمه الامر، قبل ان يتحوّل الشمال الى بؤرة فقر وعوز وحرمان ... فماذا قال الشباب في الرئيس ميقاتي؟...


نتفهّم مواقفه لتعرّضه لضغط هائل من قبل "حزب الله"

عندما وطات قدما الرئيس نجيب ميقاتي السرايا الحكومي من جديد بعد 6 اعوام على رئاسته حكومة انتخابات عام 2005، سارع دولته الى رفع شعار رنّان المتمثّل ب"قولنا والعمل"، بما اوحى ان الفريق الحكومي الجديد سيغيّر الكثير من الامور، وسيعالج مشاكل الناس وهمومها، الا ان الاقوال بحسب الناشط السياسي اسامة الضنّاوي "لم تُقرن بالافعال حتى هذه اللحظة، والشعب ما زال يترقّب وينتظر اي جديد تقوم به هذه الحكومة "الملغومة" والتي أتت بفعل عوامل سياسية باتت معروفة للجميع".

الضنّاوي يرى ان "شباب الشمال ممتعض من السياسة التي ينتهجها الرئيس ميقاتي مع الاشارة الى انه يحظى بتأييد فئة واسعة من الشباب في منطقة طرابلس من خلال جمعية العزم والسعادة الفاعلة على الارض، الا ان فئة كبيرة وواسعة من الشباب الناشط في المجتمع المدني والفاعل في الشأن العام ترى ان ميقاتي ينزلق في وحول الاخطاء السياسية والافخاخ التي اوقع نفسه بها، وترى هذه الشريحة ان ميقاتي "تخلّى عن شعاراته لصالح رئاسة الحكومة"، وهو اليوم لا يمتهن سوى "بيع الكلام الذي يبقى حبراً على ورق وكلاماً معسولاً لا اكثر ولا اقل".

بالتوازي يتفهّم الضناوي الخطوات الحذرة التي يقوم بها ميقاتي في هذه الفترة "نتيجة الضغط الهائل الذي يتعرض له من جانب "حزب الله" الذي حوّله الى طرف غير قادر على الامساك بكل الملفات، وغير قادر على اتخاذ القرار الحاسم".


وبالرغم من "الموقف السلبي" تجاه الرئيس ميقاتي، الا ان شريحة كبيرة من اهل طرابلس والشمال تتفهّم الاسلوب الناعم واللبق الذي ينتهجه حالياً. فالبعض يرى ان "ميقاتي يمشي بين كومة الغام، ويفتّش عن الحلول بين كومة قشّ مليئة بالاشواك والعراقيل والنكايات السياسية"، اما البعض الآخر فيعتقد انه "يتعين على دولته الاستقالة ورمي كرة النار بوجه "حزب الله" واعوانه قبل انفجار الامور وإحراقه سياسياً من قبل الفريق الذي اتى به رئيساً".

ميقاتي خان الشعب الطرابلسي


يؤكد الناشط في "تيار المستقبل" مصطفى العويك ان "الناخب الطرابلس دعم الرئيس ميقاتي في انتخابات عام 2009 بناءاً على مبادىء واسس وشعارات سياسية واضحة، كان ابرزها المحكمة الدولية على اعتبارها اساس العدالة، والعبور الى دولة القانون والمؤسسات. فالشعب لم يصوّت لصالح تغطية سلاح "حزب الله" والتنكّر لكل المسلمات الوطنية، بل اراد حكومة تعمل ضمن الأطر الحوارية لمعالجة هذا السلاح ومن ضمنها وضع استراتيجية دفاعية للبنان، ولتطبيق العدالة وتحقيقها عكس ما نراه اليوم".

ان النهج الذي يمارسه الرئيس ميقاتي في الاشهر الاخيرة يُعتبر خيانة للناخب الطرابلس، وتفلّت من العناوين والشعارات التي طرحها عام 2009. يقول العويك مبدياً اسفه "لاختيار دولة الرئيس السلطة على حساب ثوابت اهل طرابلس ومصلحة البلاد بأكملها".


ويلفت العويك الى ان "ميقاتي فقد الكثير من شعبيته بعد الانقلاب الشهير على حكومة الريس سعد الحريري اوائل العام الجاري"، كاشفاً انه "يحاول استعادة هذه الشعبية من خلال دفع الاموال الطائلة لاسترضاء الناس من خلال بعض الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية والطلابية والاستشفائية".


ويُبدي العويك عتبه الشديد على رئيس الحكومة بعد نشر الصحف لكلام منسوب اليه في ويكيليكس، يقول فيه ان "اكثر من 30% من اهل طرابلس يُشترون ويُباعون"، الامر الذي يعتبر اهانة كبيرة لكل الشمال".

التمثيل الوزاري الطرابلسي لم يُترجم على الارض...


رئيس حركة "شباب التغيير" المحامي علي الغول يقول ان "الرئيس ميقاتي مغلوب على امره في حكومة يسيطر عليها "حزب الله"، كيف لا وهي حكومة بشار الاسد وحسن نصرالله التي شّكّلت على وقع الانقلاب الشهير، بعد اسقاط الرئيس سعد الحريري بالشارع وبقوة السلاح والترهيب".


ويعتبر الغول ان "الرئيس ميقاتي كان مضطرا للدخول في هذه اللعبة في ظلّ الظروف التي فُرضت على البلاد، لافتاً الى ان "ميقاتي يواجه الكثير من الصعوبات والضغوطات من اكثر من جهة وعلى اكثر من صعيد، وبالتالي فلا يمكن القول الا "الله يساعدو".

ويشير الغول الى ان التمثيل الوزاري الطرابلسي القوي في الحكومة الحالية لم يُترجم على الارض بمشاريع تنموية واقتصادية من شانها ان تساعد الناس وتحسّن من مستوى حياتها، ومن اوضاعها التعيسة على كل الاصعدة".

ويضيف: "اذا كان الرئيس الحريري قد اعتبر ان الشمال منطقته وان القلب دائماً على الشمال، فإن الرئيس ميقاتي لم يبد الى هذه اللحظة اي اهتمام بهذه المنطقة، ولم يقم بعد بأي انجاز يمكن رصده".


ويُحمّل الغول "كل الحكومات المتعاقبة مسؤولية الحرمان الذي تعيشه هذه المنطقة"، معتبراً ان "تقصير قوى 14 اذار في الشمالي ادى الى ما ادى اليه، وسنح بالمجال امام الرئيس ميقاتي بالتمدد السياسي على حسابها".

الناس ملّت السياسة وهي تفتش عن لقمة عيشها

من جهته، يتحدث الناشط السياسي حاتم نصّوح بعيداً من صخب السياسة وضجيجها، مُفضّلاً التطرق الى الوضع الاجتماعي والاقتصادي الخطير الذي وصلت اليه طرابلس بفعل الإهمال والحرمان من قبل القيادات السياسية الشمالية.


نصوّح يؤكد ان حكومة الرئيس ميقاتي كأي حكومة سابقة، لأن شيئاً لم يتغير, فـ"الناس متعطشة لتغيير ما ولحلّ ما، الا ان هذه الامنيات لم تتحقق بفعل الطريقة التي اتى بها الرئيس ميقاتي الى السلطة، ليتّضح ان الامور زادت سوءاً، وازداد معها الحرمان والفقر والمعاناة".

يتحدّث نصّوح بلسان المواطن الطرابلس العادي، المُرهق بيوميات دامية وبفواتير قد تكون قاتلة: "الناس ملت السياسة وهي تفتش عن لقمة عيشها، ووصلت الى حالة من القرف، مع الاشارة الى ان هذا الواقع المُرّ خلق نوعاً من عدم الاكتراث بالقانون وادى الى تزايد الاعمال المخلّة بالأمن، مما يطرح اكثر من علامة استفهام على وضعنا في المستقبل القريب".


واذ يشير نصّوح الى "ان دينامية الرئيس ميقاتي شبه غائبة على الارض"، يؤكد ان "طرابلس غاضبة من ميقاتي، لافتاً الى "اننا نعيش حالة عدم الاكتراث بالوضع السياسي في البلد، لاننا نفتّش عن لقمة العيش. ونقطة على السطر".

ويتمنى نصوّح من كل القيادات الطرابلسية "ان تكف عن استعمال الناس كوقود للانتخابات النيابية، واعتبارهم مجرد اصوات تُشترى وتّباع، وكرهائن يتلقون المساعدات الدورية والموسمية", ويضيف: "من المعيب ان يكون في طرابلس اكثر من وزير واكثر من متموّل، ومن ضمنهم ميقاتي، وان تبقى هذه المدينة، وهذه المنطقة الشاسعة من لبنان محرومة".


انزل الى الشارع يا دولة الرئيس

بدورها، تقول غنى العمري، الناشطة الاجتماعية الطرابلسية ان "الناس تنظر بسلبية كبيرة لما يقوم به الرئيس ميقاتي من سياسات بعد ترؤسه الحكومة الحالية، مع الاشارة الى ان الناس تحترمه من الناحية الشخصية وتقدّر عطاءاته ونشاطه الدائم الساعي الى تحقيق مصلحة اهل المدينة وناسها. الا ان انخراطه في حكومة "حزب الله" لم يرق بتاتاً للناخب الشمالي وللرأي العام هنا".

الا ان العمري تعتقد ان "المواقف الاخيرة التي اطلقها ميقاتي في الاسابيع القليلة الماضية بشأن المحكمة الدولية وتمويلها، والتعيينات الادارية، وملف الكهرباء، أوحت بأن رئيس الحكومة "الطرابلسي" يحاول كبح جماح "حزب الله" في الحكومة، ومواجهة تعنّت العماد ميشال عون، وهذا امر ايجابي، لان ضرب يده على الطاولة يعني انه يحاول السيطرة على الامور واقامة نوع من التوازن".

"المواطن الشمالي لا يريد لميقاتي ان يكون بين المطرقة والسندان، وبين كمّاشة النظام السوري و"حزب الله"، وتعنت العماد ميشال عون"، تقول العمري متمنيةً من رئيس حكومتها ان "يخرج بمواقف صارمة وواضحة وحاسمة، وان لا يتخلى عن لبنان الحرية والسيادة والاستقلال، وان يقف بوجه اي مشروع تدميري يريد ايقاعنا في عين العاصفة مجدداً".

وترى الشابة ان " اي مصالحة سياسية بين الرئيسين ميقاتي والحريري من شأنها ان تحسن الاوضاع وان تعيد الامور الى نصابها، شرط ان تتعاون كل الاطراف على انقاذ المواطن اللبناني الغارق في المسؤوليات".

رسائل بالجملة ...

وختاما، مجموعة من الرسائل السياسية يوجهها الشباب الى رئيس حكومتهم وابن منطقتهم. فحاتم نصّوح الذي يرى في ميقاتي شخصية لبقة، يتمنى عليه "ان ينظر الى اهالي طرابلس لما يعانوه من صعوبات اقتصادية قبل ان تتحول عاصمة الشمال الى منطقة مقفلة بالفقر والعوز والبطالة من خلال القيام بإجراءات ملموسة في هذه المدينة بدل التلهي بالسياسات الضبابية".

اما غنى العمري فكانت صرخة اجتماعية: "يا دولة الرئيس، انزل على الارض لترى الشعب الجائع والفقر المتزايد في شوارع طرابلس الضيقة المليئة بالهموم، انزل الى الشارع لترى الشباب العاطل عن العمل، وحالات موجعة من العوز، يا دولة الرئيس سأبتعد عن السياسة لاطالبكم بضرورة التحرك لانقاذ الوضع الاقتصادي في البلد قبل فوات الاوان".

بدوره أسامة الضناوي يشدد على "ضرورة ان "لا يتخذ ميقاتي مواقف متواطئة مع النظام السوري، وان لا يُذعن لما يريده "حزب الله" والعماد ميشال عون، وان يتمسك بصلاحياته كرئيس حكومة، وان يكون حاسما في اتخاذ القرار بعيداً من تعليمات "ولي امر" الفريق المتحالف معه".

من جهته يتوجه مصطفى العويك بالقول: "ان كانت الاستقالة هي الطريق الاسلم للعودة الى قلوب الطرابلسيين، فنطالبك يا دولة الرئيس بالاستقالة، واذا كانت الاستقالة غير واردة بالنسبة اليكم، فلا نطالبك سوى بالالتزام بالشرعية الدولية وبالقرارات الدولية، وبالثوابت الوطنية، وبرفض تحويل الحكومة الى حكومة التفاوض السوري مع المجتمع الدولي".

اما علي الغول، فيدعو الرئيس ميقاتي الى "القيام بواجباته على اكمل وجه، والى تحمل مسؤولياته، والى الحفاظ على استقلال لبنان وسيادته وحريته بعيداً من المصالح الآنية الضيقة". لافتاً الى ضرورة "التفاف الرئيس ميقاتي حول الطائفة السنية وشعب هذه الطائفة في الشمال وكل المناطق، لان من يخرج عن طائفته يخسر الكثير من رصيده".

سلمان العنداري ... SA

الخميس، 13 أكتوبر 2011

هل تكون التوغلات السورية الاخيرة "بروفا" لتمركزات عسكرية جديدة داخل الاراضي اللبنانية لحسابات سياسية متعلقة بالنظام المتداعي؟؟

هل يعود زمن الاخوان في لبنان؟

في خضمّ الاحداث المتسارعة التي تشهدها المنطقة العربية من ثورات واحتجاجات شعبية، وعلى ضوء الصرخات المطالبة بالتغيير وقلب صفحة الماضي ووضع حدّ للطغيان والاحادية والقتل وانتهاك الحريات، يسأل مصدر سياسي بارز في قوى 14 آذار عن دور قوى انتفاضة الاستقلال في هذا الربيع، وعن حقيقة تعاطيها السياسي على الساحة الداخلية بعد اشهر من تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي ابصرت النور بفعل انقلاب سياسي تحت تهديد السلاح، فهل المعارضة تُعارض بالفعل، ولماذا لم تتحرك سياسياً لممارسة مزيد من الضغط على الحكومة الماضية في الكيدية، وما هو الموقف الفعلي لـ14 آذار بخصوص الربيع السوري، واي دعم تقدمه للشعب المنتفض منذ ما يُقارب السبعة اشهر؟.

المصدر "الآذاري" وفي حديث خاص 
يعتبر ان "الظرف الذي نجتازه حالياً لم يعد يُبرر انكفاء قوى 14 اذار عن المبادرة السياسية، اذ ينبغي بهذه القوى ان لا تًسقط المبادرة من يدها، او ان تبقى مجرد معارضة برلمانية محدودة ببعض القضايا والعناوين، كما يفترض بها ان تطلق العنان لنفسها وان تفتح كل الجبهات بوجه الحكومة السورية الموجودة في بيروت، التي ترتكب الكثير من الخطايا كل يوم على مرأى ومسمع الجميع".

وبرأي المصدر، "إن قوى 14 اذار التي تحولت الى معارضة نيابية بعد انقلاب "حزب الله" الشهير، تملك الاسباب الكافية للتحرك في وجه الحكومة الحالية التي حوّلت لبنان امام مجلس الامن وجامعة الدول العربية وكل دول العالم الى دولة تابعة للنظام السوري، وبالتالي فإن استمرارنا بسياسة السكوت والإكتفاء بالمواقف الملغومة لن يُقدّم ولن يُؤخر، وسيؤدي الى تحويل اللبنانيين رغماً عنهم الى معادين للشعب السوري الشقيق، وهذا امر لا ولن نرضى به، لأن بيننا وبين الشعب السوري قضية مشتركة لن نتخلى عنها مهما طال الزمن واشتدت الظروف".

وعن التوغلات السورية المتكررة الى داخل الاراضي اللبنانية الحدودية، يرى المصدر ان "التوغلات السورية المتكررة مسألة لا يمكن تبسيطها بأي شكل من الأشكال، ولا يمكن التغاضي عنها وحجبها عن دائرة الضوء، لأنها تًشكّل اعتداءاً فاضحاً ومكشوفاً على السيادة اللبنانية، وعلى اللاجئين السوريين، وعلى الشعب اللبناني بشكل خاص", لافتاً الى ان "تكرار هذه الحوادث الحدودية من شأنه ان يأخذنا الى حافة الهاوية الأمنية والسياسية مع النظام في سوريا".

هذا ويبدي المصدر خشيته من ان "تكون التوغلات والاختراقات السورية الأخيرة في منطقتي البقاع والشمال نوعاً من "بروفا" لتمركزات عسكرية سورية جديدة داخل الاراضي اللبنانية لضروريات وحسابات سياسية متعلقة بالنظام المتداعي والمتهالك، وبالتواطؤ والتفاهم الضمني مع حكومة الأسد في بيروت".

ويلفت المصدر نفسه الى ان "التغيير الديمقراطي في سوريا هو بمثابة صمام امان اساسي لسيادة وحرية وديمقراطية لبنان واستقلاله، كما انه صمام امان للربيع العربي ككل، لان نجاح هذا الربيع في شوارع حمص وادلب وحماه والقامشلي وساحات الشام وميادين دمشق، سيؤدي الى انتاج نظام عربي جديد قائم على التساوي بين دوله. نظام قوي بمشروعه المشترك، وبديمقراطيته واحترامه حقوق الانسان، ومستمر بدعم القضية الفلسطينية وفقاً للخيارات التي تقررها الشرعية الفلسطينية بدل الغرق في نظريات المؤامرة والممانعة".

وينتقد المصدر "طريقة "14 آذار" الناعمة والخجولة في التعاطي والتفاعل مع الاحداث السياسية الجارية في المنطقة"، معتبراً ان "ثمّة سباتاً عميقاً تعيشه القوى الاستقلالية التي افتتحت عام 2005 الربيع العربي، بعد كسرها جدار الخوف والذلّ، وبعد قول الشعب اللبناني كلمته الحاسمة في ساحة الشهداء يوم 14 آذار 2005، لنجدها اليوم تنتظر اكتمال المشهد الداخلي والاقليمي دون اي مبررات منطقية".

"واذا كانت التحولات الكبرى تحصل بناءاً على احداث كبرى في السياسة، فأعتقد ان السقوط الحتمي للنظام السوري سيُعيد خلط الاوراق من جديد، وسيعيد ترتيب الاولويات والسياسات على نحو جديد ومغاير لكل المراحل السابقة"، يقول المصدر مُتوقعاً إزهار "ربيع سوري في دمشق وكذلك في بيروت، وإن بعد حين".

ويضيف المصدر: "اذا كان حدث اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في تاريخ 14 شباط 2005 قد شكّل محطة تأسيسية في لبنان أدت الى نهوض الرأي العام السياسي والشعبي ضد زمن الوصاية والغدر والقمع والطغيان بعد عقود من السيطرة السورية الأمنية والسياسية، فأعتقد ان سقوط النظام السوري، وحسم الامور في سوريا من الناحية الاستراتيجية بعد اشهر من الثورة الشعبية، سيُعدّ حدثاً تأسيسياً جديداً للشعب السوري، وللشعب اللبناني كذلك الامر، على اعتبار ان رياح التغيير السورية ستعيد بلورة مشهد سياسي جديد، ومرحلة جديدة كلياً".
سلمان العنداري ... SA

الخميس، 6 أكتوبر 2011

بعد التوغّل العسكري السوري... عرسال "الغاضبة" تسأل ميقاتي وحكومته: "اين الدولة يا دولة الرئيس؟؟"...


لا شك ان اختراق مجنزرتين سوريتين ترافقهما سيارة من نوع بيك اب تحمل افراداً من الجيش السوري للأراضي اللبنانية يوم اول من امس، واعتداءها على ممتلكات لبنانية خاصة في منطقة عرسال، واطلاقها عيارات نارية عشوائية، يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول طريقة تعاطي القوات السورية من جهة، وحول الصمت المطبق الذي انتهجته حكومة لبنان والجهات الرسمية حيال الحادث الخطير.

الغضب كبير في عرسال، دار البلدية يزدحم بالمواطنين والمزارعين الرافضين والمنددين بالممارسات والانتهاكات السورية. في وقت يعمل فيه رئيس البلدية علي الحجيري على تهدئة النفوس، واعداً بمتابعة الموضوع مع القوى والاجهزة المختصة.

الحجيري وفي اتصال معه لفت الى "انها المرة الثالثة التي تتكرر فيها الاعتداءات والاختراقات السورية. ففي السابق اقتصرت الامور على اطلاق النار على خزانات المياه في خرّاج البلدة، الا ان التوغّل الاخير ترافق مع اطلاق نار عشوائي واعتداء على الممتلكات الخاصة لمواطنين ابرياء، ما اثار حفيظة السكان وغضبهم الشديد جرّاء هذه الممارسات المرفوضة".

وقال ان "الامور حساسة للغاية، والمواطن في عرسال لا يتدخل في السياسة، فهو يعمل ليكسب لقمة العيش بعيداً من المهاترات اليومية، واخبار الثورة السورية وغيرها".

واذ اكد الحجيري ان "القوى الامنية على علم بالاعتداءات المتكررة من الجانب السوري"، اتهمها بأنها "متواطئة في مكان ما من خلال سياسة التراخي والتساهل التي تعتمدها، اضافة الى سياسة السكوت عن الحق وترك الامور على حالها".

وسأل الحجيري: "من يملك الحق في الاعتداء على ممتلكاتنا، وفي اطلاق النار العشوائي بهذه الطريقة المهينة، وهل يعقل ان تتوغل قوات اجنبية الى داخل الاراضي اللبنانية من دون ان نسمع اي تصريح رسمي يستنكر هذا الاعتداء السافر؟".

وتابع: "البعض عندنا يأتمر لما تقوله المخابرات السورية واللبنانية، والتواطؤ موجود وواضح لدى بعض العناصر الامنية والسياسية على حد سواء".

هذا ونفى الحجيري نفياً قاطعاً وجود معارضين سوريين في عرسال، مستغرباً الطريقة التي يتعاطى فيها النظام السوري مع القرى الحدودية اللبنانية، مشيراً الى ان "ما حصل مؤخراً يهدف الى خلق فتنة بيننا وبين اهل القرى السورية الحدودية التي تربطنا افضل العلاقات الاهلية الودية والايجابية معها، الا ان هذه المحاولات المشبوهة لم ولن تنجح في ذلك".

كما دعا الرئيس نجيب ميقاتي "لاتخاذ موقف واضح في هذا الخصوص، على اعتباره رئيس حكومة كل لبنان، لا رئيس مبنى السرايا في بيروت".

وفي هذا الاطار، تمكنّا من الحديث مع زهري الجباوي الذي تعرضت املاكه للاعتداء من جانب القوى السورية، اذ افاد الجباوي ان منزله الواقع في خرّاج البلدة تعرّض لاطلاق نار ولسرقة ونهب لبعض الممتلكات من جانب القوة المسلحة السورية، واستغرب الجباوي سكوت الدولة والسلطة على هذه الممارسات قائلاً: "من المعيب ان لا نسمع اي بيان استنكار لما حدث من نواب الامة ووزرائها ورئيسها، فكيف يسمح الرئيس ميقاتي بهذه المهزلة؟، وهل يعقل استباحة الارض اللبنانية بهذه الطريقة البائدة ولم يحرك احدهم ساكناً في بيروت؟".

ودعا الجباوي الدولة اللبنانية الى معالجة الموضوع فوراً مع الدولة السورية قبل فوات الاوان، مشيراً الى ان "بقاء الامور على حالها سيفجر الاوضاع، وسيعرضنا لكثير من المخاطر والتداعيات السلبية، فمتى تستفيق الدولة وترسّم الحدود كما يجب، لننتهي بالتالي من الرعب الذي نعيشه بمواجهة الجيش السوري وممارساته الشاذة؟".
سلمان العنداري ... SA