السبت، 2 أبريل 2011

بلاد العرب ... للعرب : حزب النجادة" ينفض الغبار عن نفسه بعد سنوات من "الإنكفاء"

حزب النجادة يعتبر من الاحزاب الاساسية التي صنعت الاستقلال اللبناني عام 1943

بمجرد ان تسمع "بحزب النجادة" يتراءى الى ذهنك على الفور صور لمظاهرات واعتصامات ملأت الشوارع اللبنانية ابّان الانتداب الفرنسي عام 1943 في الفترة التي سبقت الاستقلال اللبناني. ويتراءى الى ذهنك صور غامضة سبق وقرأتها في كتب التاريخ على مقاعد الدراسة، كتوزيع مناشير مجهولة تحت وطأة الظلام في شوارع بيروت تنادي بالحرية وتعبّىء الجماهير...

 فهذا الحزب القديم والعريق الذي انبثق عام 1936 عن جمعية الكشاف المسلم التي كانت منتشرة في سوريا و لبنان منذ عام 1912 تحت اسم منظمة النجادة شبه العسكرية والتي عملت في سبيل تحرير لبنان و استقلاله حتى قام الرئيس عدنان الحكيم بتحويلها الى حزب سياسي عام 1954، يحمل معه "عبق" التاريخ وأصالة النضال الوطني من اجل وطن مستقر وعيش كريم.

 يعود هذا الحزب الى الضوء من جديد بعد غياب او استبعاد او ترقّب لفترة طويلة. يعود "النجادة" كحزب سياسي لبناني ديمقراطي قومي عربي في محاولة لتجديد شبابه واستكمال النضال السياسي الذي خاضه الرئيس عدنان الحكيم حتى وفاته...

وتاريخياً عمل "النجادة" على إرساء دعائم الوطن على ثوابت العدالة والمساواة و تكافؤ الفرص بين ابنائه كافة, و لما يجب ان يكون عليه لبنان الحر السيد المستقل والمنتمي الى تاريخه و حضارته ووحدة مصيره مع امته العربية. وناصر الحزب شعب الجزائر و المغرب و الثورة المصرية في محاربة الاستعمار، ووقف مع الشعب الفلسطيني وحمل قضيته في نضاله البطولي المشرف لاستعادة وطنه كاملاَ منطلقا من شعار النجادة " بلاد العرب للعرب" بلا احتلال و لا استعمار و لا انتداب , حتى انه جعل من مقر حزبه بالبسطا مكتبا لرعاية شؤون اللاجئين الفلسطينيين قبل افتتاح مكتب الانروا في بيروت.

شارك "النجادة" في صنع الاستقلال اللبناني عام 1943 و ساهم في رفع اول علم لبناني في بشامون وعلى المؤسسات الحكومية و البرلمان، و كان له دور مميز في اطلاق سراح ابطال الاستقلال من راشيا و اعادتهم الى مراكزهم في الحكم, كما كان له ايضاَ دور رئيسي في تحريك الشارع اللبناني باتجاه تعبئة المواطنية على مختلف طوائفهم و انتماءاتهم لطرد الانتداب الفرنسي و الوصول الى الاستقلال الناجز. و قامت حكومة الاستقلال الاولى بمنح " منظمة النجادة" وسام الاستقلال المذهب تقديراَ منها لدوره في هذه المعركة و تحقيق الانتصار .

كما شارك الحزب في ثورة 1958 ضد التبعية والانحراف وسياسة الاحلاف الاستعمارية وعمل على ارساء اصلاح داخلي جذري وشمولي على الصعيدين السياسي والاجتماعي والانماء المتوازن .وانشأ اذاعة صوت العروبة عام 1958 ثم جريدة صوت العروبة يومية سياسية لتكون ناطقة باسم المناهضين للاحلاف والانحياز الى غير ابناء هذه الامة المجيدة. وقد اضطرتها ظروف الحرب الاهلية الى التوقف عن الصدور عام 1986 .

يعود اليوم الحزب الى الجذور للبحث عن القدرات الشابة والقادرة على احداث نقلة نوعية تنقل النجادة من مكان الى آخر... من الرتابة والخمول الى الحداثة والحيوية بروحية فائقة قادرة على اعادة ضخّ الدم الجديد في هذا التنظيم. وفي هذا الاطار، يلعب عدنان الحكيم (حفيد الرئيس عدنان الحكيم) دوراً بارزاً في هذه "الورشة". فالشاب الذي يشغل حالياً منصب مسؤول قطاع الشباب، يجهد بكل طاقاته الى "اعادة عقارب الساعة الى الوراء، في محاولة لاعادة الامجاد لحزب الاستقلال".

يعتبر الحكيم ان "الحرب اللبنانية والانغماس في الدماء والعنف والتقاتل الداخلي كانت سبباً اساسياُ لإنكفاء حزب النجادة الذي لم يتوقف عن الدعوة الى الحوار والتلاقي وضرورة وقف النزيف الحاصل في الوطن الممزق بطوائفه ومذاهبه ومشاريعه، الا ان هذه الدوامة المظلمة التي دخلت فيها البلاد منذ العام 1975، ادت بشكل او بآخر الى هذا الانكفاء الشعبي والسياسي للحزب، لتؤثر على حيثيتنا وقدرتنا على التأثير على الساحة الداخلية، فتراجعنا الى الخلف وانتظرنا الحرب الطويلة حتى تنتهي ويتوقف المدفع عن القصف، الا اننا استُبعدنا من العملية السياسية بعد عودة الامور الى سابق عهده الا أننا الحزب الوحيد الذي فضّل عدم سفك الدماء والابتعاد عن العنف".

يتكلم "الحكيم" الذي حمل المشعل عن جدّه "الحكيم "، فيلفت الى انه "كان مسلما حواريا، لان الاسلام يؤمن بكافة الاديان السماوية وتعدد المذاهب, وكان عروبيا حواريا لان العروبة الحضارية تتسع لكافة الافكار, فكان بعضاً من احداث لبنان وبعضاً من آلية حركته، اذ عمل بصدق وشجاعة من اجل ترسيخ صيغة العيش المشترك و السلم الاهلي وتدعيم الوحدة الوطنية متعاليا عن المواقع والمناصب مترفعا عن الحساسيات والصغائر، ورفض الدخول في لعبة الحرب الاهلية القذرة عام 1975 , وتجارة اهل السياسة والنفاق والمال والسلاح والدم وكل انواع البضاعة المحرمة شرعا وقانونا رغم كل الاغراءات والمغريات من هنا وهناك مفضلا التواري والعزلة".

ويضيف: "استحق الرئيس عدنان الحكيم احترام الشعب وتقدير الوطن بان كرمت الدولة بادراج اسم عدنان الحكيم ضمن كوكبة رجالات الاستقلال عندما يحتفل لبنان كل عام بعيد الاستقلال بوضع اكاليل من الزهر على اضرحتهم من الرؤساء الثلاثة, كما كرمته بلديتي بيروت والغبيري باطلاق اسم عدنان الحكيم على جادتين كبيرتين واحدة تحد بيروت جنوبا واخرى تحدها شمالا , عرفانا بجهاده ونضاله و لروح التضحية والخدمة والعطاء والايثار , وكرمز لمبادئ النجادة الوطنية والقومية والوحدوية التي طبعت بيروت بطابعها وهي سيدة العواصم ورمز وحدة لبنان وعنفوانه".

ويرى ان الحزب "حاول اختراق اسمنت الاعراف اللبنانية بتقديم عدنان الحكيم مرشحاً لرئاسة الجمهورية عام 1970 فنال صوته كرمز لكسر الاطواق الطائفية والمذهبية التي تكبل الوطن وتقيد نموه، الا انه اتهم بالطائفية والمذهبية لانه كان ينادي بازالتهما من النصوص والنفوس بالمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات. الا انه برز كطرف مُصلح ووفاقي ومحبَ للوحدة الوطنية والسلم الاهلي. ويعتبر الحكيم ان حزب النجادة حقق خرقا عندما تم التوصل الى اتفاق الطائف الذي جسد العديد مما كان يقول و ناضل من اجله وينادي به وما ذهب اليه , ولكن بعد الكثير من الخلاف والتقاتل وإراقة الدماء".

يؤكد الحكيم الموقع الوسطي للنجادة، "لا 8 ولا 14"، "اذ نؤمن بأننا مع خط 22 تشرين الثاني، اي الاستقلال والحرية والعيش المشترك، وسنعمل على الدفع باصلاحات ادارية وبنيوية لهذا النظام الطائفي المريض في بلد لم يتحقق فيه الاستقلال بشكل صحيح وواضح". ويختم حديثه بالقول "الوطن للكل...ولازم نبقى سوا كرمال يبقى الوطن".

سلمان العنداري ...SA
مقالة نشرت في موقع 14 آذار الاكتروني

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم ، موضوع مثير للاهتمام
    هل بالامكان تزودي بالمصادر المعتمدة في هذا البحث؟

    ردحذف