الأحد، 10 أبريل 2011

رسالة الى السيّد موسى الصدر في زمن السلاح والمذهبية

اين انت يا سيد موسى الصدر؟؟ ...

في وقت يتناتش فيه زعماء لبنان على الحصص والمغانم والمكاسب والمصالح، وسط فساد مستشري غير معهود من شأنه أن يدمّر البلاد ومقدّراتها، وفي وقت تجنح فيه بعض الجماعات والفئات الى الهاوية بفعل سياساتها الانشطارية – الانفصالية، لا يسعني الا ان اذكر واحداً من كبار رجالات هذا البلد واكثرهم انفتاحاً... انه الامام المغيب السيد موسى الصدر.

ومن منا لا يعرف الامام الصدر؟. الرجل المنفتح والمحبّ الى لبنان وأهله. الرجل الهادىء والعابق بالفكر والامل والوحدة. نستذكره اليوم في وقت يعاني فيه الشعب اللبناني من الإحباط الشديد في وطن يحترق بفعل التناتش المذهبي والطائفي الذي ينهش مستقبلهم نهشاً قاسياً دامياً من دون أي رحمة، ودون أي أمل بالخلاص.

يقول السيد الصدر: "لا يمكن أن يسكت المؤمن بلبنان، المؤمن بكرامة الإنسان، يخوفوننا من الانفجارات الطائفية، نرد الاتهام الى صدورهم. فلماذا يُطلب من الشعب اللبناني أن يحيا أبداً تحت ظل الإقطاع السياسي متخبطاً بالانتماءات. لقد جمدونا بإسم الطائفية، وأنا أرفض ذلك".

اليوم... الوضع تغيّر كلياً، فالطائفية تأكل العقول وتنخر بالجسم اللبناني المريض وما تبقى من قيم المواطنية التي لم تكن موجودة أصلاً. فالصراعات التي تعيشها البلاد حالياً أصبحت أخطر وأدق من ذي قبل. المذهبية باتت اللغة الحاكمة في الشوارع والأزقة والأحياء. الفتن تتنقّل تباعاً من منطقة الى أخرى، ونار تغلي تحت رماد جائع ينتظر اللحظة الحاسمة.

إنه لبنان اليوم، حيث يسعى الجميع (في الداخل والخارج) الى اقتناص الفرص واستغلال الواقع المريض. أما الخطاب السياسي، فقد تحوّل الى خطاب طائفي ضيّق، سطحي وتهييجي، يسعى لنصرة الطائفة والمذهب والملّة على حساب الوطن، حتى ذهب به البعض حتى النهاية في هذا المنطق، فخاضوا الحروب، وهددوا مراراً وتكراراً في سبيل بقاء هذه الطائفة أو تلك فوق الجميع، حتى فوق منطق الدولة بذاتها التي كان الإمام الصدر قد ناضل من أجل قيامها سنوات وسنوات. ولهذا نجد تلك الاحتقانات والتوترات المذهبية تزداد، وإن بشكل مستتر بفعل التراكمات والأخطاء التي ترتكبها القوى اللبنانية بحق يعضها البعض، فيستمر خطاب التخوين والتهديد والوعيد، وتستمر معها الحملات المنظمة من هنا وهناك لإسقاط الدولة ومؤسساتها، ولإضعاف سلطتها ووجودها عى حساب معادلات أخرى مركّبة لا تخدم إلا تلك المشاريع الاقليمية التي تقضم لبنان وتهدد كيانه.

أين أنت أيها السيّد المغيّب لتقل لنا ما العمل؟، وكيف السبيل لنبذ هذا التباعد بين الأفرقاء في لبنان؟... فمنذ أكثر من 36 عاماً، عندما اندلعت الحرب الأهلية، دعوتنا الى حفط الوطن حين قلت: "إحفظوا وطنكم لبنان وفي قلبه مكان للثورة الفلسطينية"، والى الفلسطينيين: "إحفظوا قضيتكم التي جعلت من قلب لبنان عرشها"... والى المسلمين والمسيحيين: "استيقظوا جميعاً وانبذوا الدخلاء... فليسجل المسيحي اللبناني من جديد موقف الفادي، وليجدد المسلم اللبناني سلوك الرسول الكريم".

الإمام الصدر، الذي دخل الأديرة والكنائس، والذي كان متسامحاً ومنفتحاً على كل الطوائف والمذاهب في لبنان، والذي كان يُطالب على الدوام بضرورة تحقيق العيش المشترك بين الناس، كان يدرك أين يكمن الخطر، إذ قال: "يخوفوننا من الانفجارات الطائفية. الخطر ليس هنا. أنا أول من ينادي بإلغاء الطائفية وضرب المحتكرين الذين يتشبثون بالطائفية. ويخلقون الفتن. لي الحق في أن أصرخ وأغضب. إن المسيح نفسه غضب عندما دخل الهيكل ووجده ملعباً للمحتكرين والمنافقين. حمل السوط وطردهم قائلاً: بيتي جعلتموه مغارة للصوص". والسؤال يبقى، هل يخرج المنافقون والمحتكرون من الهيكل؟، وهل يتغيروا ويعودوا الى لغة العقل والضمير، وبالتالي الى رحاب الوطن بدل التلطّي بسياسة المحاور والأحلاف الاقليمية البعيدة كل البعد عن دور لبنان وموقعه ومصلحته؟".

دعا الإمام الصدر مراراً وتكراراً حتى في وقت الحرب اللبنانية البغيضة الى نبذ العنف والى الحوار السلمي الديموقراطي سبيلاً لتحقيق الإصلاحات السياسية والاجتماعية وتأمين السيادة والشرعية، قائلاً: "نعم السلاح زينة الرجال حين يُرفع فقط ضد الاحتلال"...

أما اليوم، وفي زمن السلاح والعنف والطائفية والمذهبية البغيضة، نقول إننا بحاجة الى الإمام الصدر بيننا، في وقت وجّه فيه السلاح "المقاوم" الى صدور المواطنين بعد "ضياع البوصلة"، وفي وقت بات فيه الحزب "المقاوم" يشعل النار على الجبهات، ويحتل المدن، ويطوّق الناس ويعنّفهم ويهددهم، ويزهق بيروت بالإطارات النارية والدراجات المسلّحة، ويُقحم البلاد بالمشاريع الايرانية التي تسعى للقبض على العالم العربي من خلال التدخل في شؤونه الخاصة، واللعب على الوتر المذهبي الطائفي الضيق.

وبعد هذا الكلام يُطرح السؤال: هل يمكن اعتبار هذا السلاح الذي جنح الى الداخل، والذي استعمل في الأزقة والأحياء زينة الرجال والشرفاء بعد اليوم؟...

تحية لك يا سيّدي المغيّب اينما كنت

سلمان العنداري ... SA 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق