السبت، 17 ديسمبر 2011

هكذا أخرجت وسائل الإعلام الإجتماعي العالم العربي من السجن الكبير..

التويتر هزّ الانظمة وكشف انتهاكات حقوق الانسان ...


اكتسب اليوم العالمي لحقوق الانسان هذا العام اهمية خاصة من كل النواحي بعد عام طويل مليء بالأحداث المؤلمة وانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان في المنطقة العربية. وهي مناسبة ليتذكّر فيها العالم كل من دفع الثمن غالياً في النضال من اجل الحرية والكرامة والعدالة في كافة ارجاء المنطقة . وهذا النضال المستمر هو في جوهره نضال من اجل احترام حقوق الانسان.

وما ميّز هذا العام ايضاً هو ان شعوب المنطقة هبّت مطالبةً بهذه الحقوق، واستخدمت من أجل ذلك وسائل التواصل الاجتماعي وتقنيات تكنلوجية الهمت العديد من مناطق العالم شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً.

فها نحن نرى المدونات وصفحات الفايسبوك والتويتر وغيرها تدعو الناس في الكثير من دول العالم الى التعبير عن ارائهم والتظاهر والمطالبات المجتمعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهذا ما يبعث على الامل بأن اصحاب الحق بدأوا بالخطوة الاولى في حماية حقوق الانسان الا وهي معرفة هذه الحقوق والمطالبة بها. بدءاً من الحق بالرأي والتعبير عنه، مروراً بالحق في استقاء المعلومات الى الحق بالمشاركة في الحياة العامة للبلد.

ووسط هذه الصورة، وبين حقوق الانسان والاعلام الاجتماعي، قررت المفوضة السامية لحقوق الانسان، نافي بيلاي ان يُحتفل باليوم العالمي لحقوق الانسان هذا العام بوسائل التواصل الاجتماعي ومن خلاله، اذ تم فتح مواقع على الفايسبوك والتويتر والوايبو، وتم استخدامها بالفعل بشكل واسع من قبل الناشطين في العالم، ومنها حوارات على الفايسبوك حازت على مليوني مشاركة. اما رديفها في الصين (وايبو) فقد حاز على 6 ملايين مشاركة، وهذا خلال اقل من شهر، ونشاطات الكترونية اخرى. كما وقامت المفوضية بحوار تفاعلي يوم 9 كانون الاول والاجابة على البعض من ما يقارب الف سؤال وصل اليها عبر الانترنت، ووضعت الافلام على اليوتيوب، وتم تنظيم حلقة نقاش حول وسائل الاعلام الاجتماعي وحقوق الانسان في جنيف. 

وفي هذا الاطار، نظّم مركز حقوق الانسان في جامعة بيروت العربية ورشة عمل تحت عنوان "حقوق الانسان ووسائل الاعلام الاجتماعي"، بحضور عدد من النشطاء الحقوقيين والطلاب والفاعلين على الشبكة العنكبوتية.

تحدّث في الورشة الممثل الاقليمي للمفوضة السامية لحقوق الانسان فاتح العزام، ومدير شركة "سميكس" بيروت محمد نجم، والناشطة الاجتماعية عبير غطّاس. واتّسم الحديث بنقاش مفتوح مع الطلاب، اذ عرض كلّ منهم وجهة نظره من الاعلام الاجتماعي، ومن واقع حقوق الانسان في المنطقة وفي العالم. ولم يخلُ الامر من انتقادات وُجّهت للامم المتحدة التي تتغاضى عن الانتهاكات اليومية التي تقوم بها اسرائيل في الاراضي الفلسطينية، من عنف وقتل واعتداءات وعنصرية".

واذ اعتبر نجم ان "وسائل الاعلام الاجتماعي كسرت كل القيود،ولعبت دوراً اساسياً في رفع درجة الوعي وفي تقدّم الربيع العربي". تحدثت غطّاس عن موقع التويتر "الذي تمكّن من مواجهة التعتيم الاعلامي الذي مارسته الانظمة، وفضح الانتهاكات الخطيرة التي مورست بحق المتظاهرين والثوّار بالصورة والصوت والاخبار العاجلة".

ومما لا شك فيه ان وسائل الاعلام الاجتماعية تحوّلت في فترة قياسية الى مركز ضخم للمعلومات والاخبار العاجلة التي تعتمد عليها كبريات وكالات والقنوات الاخبارية العالمية. هذا وقد بدأ عدد كبير من رجال السياسة والمال والاقتصاد، وعدد كبير من الحقوقيين والمقموعين بإستخدام هذه المواقع لايصال اصواتهم الى كل اقاصي الارض.

لقد غيّرت تقنيات التواصل الالكتروني الكثير في عالمنا، واهمها هو انه قد اصبحت شبكة التواصل هذه متاحة لكل فرد للمشاركة في نقاش مواضيع الساعة على كافة الاصعدة، وهذا تعبير عن ديمقراطية جديدة وحقيقية، وتكريساً لتعدد الافكار والاراء. الا ان هذا المجال الجديد بالنسبة للعزّام "هو ايضاً محفوف بالمخاطر". فقد بدأت العديد من الدول بوضع ضوابط وقوانين لتنظيم هذا العمل الاعلامي – التواصلي منها الكثير ما يقيد حرية المشاركة به، ومنها ما يعرض مستخدميه للخطر الحقيقي وسلامتهم، وتم اعتقال ومحاكمة العشرات من المدونين والناشطين على الفايسبوك وغيره من الوسائل، خاصة في منطقتنا العربية، ومنهم التونسي سفيان بلحاج، والمصري كريم عامر، والبحريني الشهيد زكريا الآشري، والاماراتي احمد منصور، والناشطة السورية الشجاعة رزان غزّاوي التي اعتقلت على الحدود السورية الاردنية قبل حوالي الاسبوعين.

وبرأي العزّام فإن "هذه التقنيات الجديدة تضعنا امام تحديات عديدة اخرى ليس لها علاقة بالضرورة بالسلطات ومضايقاتها، وانما بالمسؤولية التي يجب ان نتحلى بها، كي لا نصبح جزءاً من مشكلة انتهاكات حقوق الانسان بدل من ان نكون حلاً لها، على اعتبار ان حرية التعبير عن الرأي ليست مطلقة. بل تستوجب احترام حقوق الاخرين وسمعتهم، وان الدعوة الى الكراهية والعنف والتمييز العنصري واهانة الاخرين ومعتقداتهم لا تنضوي ضمن حرية التعبير عن الرأي. وان مصداقية ما نكتبه على مدوناتنا وصفحاتنا على الفايسبوك والتوتير تعتمد الى ابعد حد على تأكدنا من حقيقة ما نقوله ونشره فكل منا مسؤول عن ما يكتبه وينشره.

ناقش المشاركون هذه التحديات وتشاركوا بأفكارهم وتجاربهم في هذا المجال. فمنهم من تحدّث عن دور التدوين في خلق حالة من الوعي المجتمعي، خاصة في قضايا تتعلّق بحقوق المرأة، وبعمالة الاطفال، وبمحاربة الطائفية والمذهبية، والبعض الآخر اعتبر ان الفايسبوك هو سلاح ذو حدّين من الممكن ان يوقعنا في فخّ العنصرية والبربرية التي لا تحترم الانسان وحقوقه وكرامته، خاصة عندما يتم استحداث صفحات تحرّض على العنف والبغضاء بين الجماعات البشرية.

الاطلالة المميزة كانت للناشطة السياسية اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكّل كرمان التي تحدثت عبر الفيديو مؤكدةً عن "اهمية حماية حقوق الانسان في كل انحاء العالم، وبما فيها حقوق المرأة ووجودها". كما تحدث عدد كبير من النشطاء العرب عن ربيعهم المتفتّح وعن دور التويتر والفايسبوك في ثورتهم. 

نافي بيلاي المفوضة السامية لحقوق الانسان في الامم المتحدة وفي كلمة مسجّلة اعتبرت فيها ان "الرسالة التي بعثت بها هذه الصحوة العالمية غير المتوقعة لم تنقل في بداية الامر من خلال الفضائيات المملوكة لكبرى اتحادات وسائط الاعلام، او عبر المؤتمرات او غير ذلك من الوسائل التقليدية. وان كانت جميعها قد لعبت دوراً او آخر في ذلك. لكن الرسالة تم نقلها عبر الحراك القوي الذي لا يمكن قمعه لوسائل التواصل الاجتماعي".

واضافت: "يمكننا الان ان نضمن نقل اي احداث تجري في العالم عن طريق التويتر او عرضها على الفايسبوك او اذاعتها على يوتيوب، ويمكتن تحميلها على الانترنت، وبالتالي لم يعد بمقدور الحكومات ان تحتكر نشر المعلومات او ان تفرض الرقابة على ما تذيعه".

انتهى اللقاء، واستمر النقاش حول كيفية الدفاع عن حقوق الانسان عبر وسائط الاعلام الاجتماعي في عالم ينتهك كل يوم حقوق الناس وكرامته...
سلمان العنداري ... SA

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق