الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

بالنسبيّة لبكرا شو؟... لهذه الأسباب لا بد من اعتماد النسبية في لبنان...

النسبية ... هل تُطبّق في لبنان...

في وقت تتخبّط فيه البلاد بالمشاكل والصراعات السياسية الحامية والتي يتخذ معظمها طابعاً طائفياً بغيضاً، وفي ظلّ التراشق الإعلامي اليومي بين امراء الطوائف ورؤساء الأحزاب، هذا فضلاً عن التقاتل الشرس على الحصص الإدارية والمغانم الأمنية، وبالتوازي مع ربيع عربي مستمر بأحداثه وتطوراته المتسارعة، تنشط بعض "القوى الحيّة" المدنية اللبنانية بعيداً عن منطق التخوين والتهديد وفرض الأمر الواقع بحثاً عن "ربيع لبناني" ضائع في وحول الطائفية والمذهبية.

ولأن المدخل الأساسي لاصلاح اي نظام سياسي يكون بإجراء انتخابات حرّة وديمقراطية وفق معايير عالية، وبناءاً على قانون انتخابي عصري وحديث يضمن ويكفل صحة التمثيل، أطلقت مجموعة من الجمعيات المدنية والاهلية حملة تحت عنوان " التحالف الوطني لاقرار قانون انتخابات يعتمد النسبية"، في قصر الاونيسكو في بيروت بحضور عدد كبير من الشخصيات السياسية والفكرية والاكاديمية والمدنية.

الحضور تمثّل بمشاركة لافتة للعنصر النسائي وللجمعيات النسائية المطالبة بحقوق المرأة، كما بدا لافتاً مشاركة عدد كبير من الجمعيات من كافة المناطق اللبنانية، من عكار وصولاً الى اقصى الجنوب.

الكلمات والمشاركات أكّدت على ضرورة اقرار قانون يعتمد النسبية بأسرع وقت ممكن قبل فوات الاوان

النسبيّة ... اليوم وليس غداً...

رئيس "حركة الولاء للوطن" الوزير السابق بهيج طبّارة, وفي كلمة القاها، دعا "الحكومة لأن تضع على رأس سلّم اولوياتها اقرار قانون الانتخاب، وان تحيله اليوم وليس غداً الى مجلس النواب".

ورأى طبّارة انه قد "آن الآوان لأن يكون لنا قانون قبل موعد الانتخاب بسنة على الاقل. لا ان يُفاجأ الناخب ويُفاجأ المرشح، قبل اشهر معدودة بقانون اعرج، مفصّل على القياس، بحجة ان الوقت لم يعد يسمح، وان للضرورة احكام، ولهذا ندعو الى الانتهاء من درس مشروع القانون الذي اعدّه وزير الداخلية مروان شربل منذ اكثر من شهرين واقراه".

وقال طبّارة: "ان المطلوب من قانون الانتخاب هو توسيع المشاركة في العملية الانتخابية وتمكين المواطن من التعبير عن رأيه بحرية، بعد إبعاد الضغوط والمغريات عنه، لكي تعكس الانتخابات حقيقة الواقع السياسي".

واشار الى "ان النظام النسبي الذي نطالب به هو اكثر عدالة، واكثر انصافاً، واصحّ تمثيلاً، وانه في الواقع السياسي البالغ الدقة الذي نعيشه هو الاجدى وهو الافعل، لانه لا يستبعد احداً، ولا يعزل احداً، ولا يستعدي احداً، بل يسمح للجميع ان يشاركوا في الحياة السياسية على قدم واحدة من المساواة."

واضاف: "نريد قانوناً يسمح بإشراك شبابنا في الحياة السياسية، وان يعتبر ان المشاركة في العملية السياسية ليست بالنسبة للمواطن حقّاً فقط، بل انها حق وواجب معاً. نريد قانوناً للانتخاب يكرّس بالفعل لا بالقول فقط".

النسبية تخفف الاحتقان السنّي – الشيعي

بدوره تحدث النائب السابق صلاح الحركة رئيس تجمّع لبنان المدني، واعتبر ان "لبنان يعاني اليوم كما في السابق من ازمة شاملة بعدما تعطّل دور الدولة او يكاد، وتحولت دولة القانون الى دولة محاصصة، وساد منطق القوة، وتوسّعت المشاعر الطائفية والمذهبية وازدلاد الشرخ فانقسم اللبناني عامودياً واستشرت الزبائنية السياسية متسترة بقناع مصالح الطوائف والاحزاب".

ودعا الحركة، "الى اصلاحات سياسية كبيرة، تبدأ بإقرار قانون عصري للانتخابات يؤدي الى تداول حقيقي للسلطة، وادخال دم جديد لطبقة السياسيين الحاليين في لبنان".

واضاف: "نحن نعتقد بأن اعتماد النسبية في قانون الانتخابات الجديد هو اقصر الطرق لبلوغ هذه الاصلاحات، اذ انه سوف يؤدي الى تمثيل اشمل واصحّ للبنانيين ويسمح بايصال ممثلين جدد الى مجلس النواب, يساهمون في اثراء الحياة السياسية بشكل افضل من أجل التعددية اللبنانية داخل الوطن وداخل كل طائفة من طوائفه او مذهب من مذاهبه. فلا يجوز بعد اليوم ان تكون الطوائف مصادرة لمصلحة حزب او فريق سياسي من هنا او هناك".

واشار الحركة الى ان "الانقسام الشيعي السني الآني هو خطر على الطائفة الإسلامية كلها بقدر ما هو خطر على الوطن كله. وان اعتماد النسبية سوف يسمح لفريق الاقلية داخل كل طائفة بأن يتمثّل التمثيل الصحيح وبالتالي فسوف يتحول الخلاف والاختلاف بالرأي الى داخل كل طائفة بعينها. وارى ان تحول الخلاف بهذه الطريقة سوف يحول دون تحوّله الى اشتباك بين مجموعات طائفية كاملة".

وختم الحركة بالقول: "مع ربيع العرب، يقترب ربيع لبنان وهو آت لا محالة. لقد عجز جيلي عن انجازه، ولذلك فنحن نمد اليد الى ايدي الشباب اليوم وهم الوسيلة وهم الهدف. الربيع ات والقطاف آت وقد حان الوقت وآن الاوان".
 

بدون نسبية ... النظام يعيد انتاج نفسه

الدكتورة والباحثة السياسية فاديا كيوان، اعتلت المنبر، وبدا خوفها الواضح على مستقبل لبنان، اذ اعتبرت ان "لبنان كان يتباهى في الماضي بأن نظامه ديمقراطي، في حين ان الانظمة الاخرى في المنطقة لا تقيم لرأي الناس مقاماً. اما اليوم، وفيما نرى الدول حولنا تتبدل اوضاعها تباعاً، نرى ان لبنان يراوح مكانه وهو يعيش في ظلّ نظام سياسي مأزوم منذ عقود".


ورات الدكتورة كيوان في كلمتها "ان النظام الذي ينتج حروباً داخلية ونزاعات مسلّحة متعددة بدل ايجاد اطر مؤسساتية لتسوية الخلافات ولادارة الاختلاف والخلاف، ليس نظاماً ديمقراطياً. كما ان النظام الذي يعيد انتاج الانقسام بدل التأسيس لمزيد من الوحدة الوطنية ليس نظاماً سلمياً".

واكدت كيوان ان "النظام النسبي يشجّع على التنافس السياسي ويستوعب التنوع بالاراء حتى في المحلة الواحدة، ويضمن احترام التعددية في الرأي ويسمح بتفعيلها. كذلك فان النظام النسبي يخفف من هيمنة فئات سياسية او طائفية على اخرى في مختلف المناطق ويعطي وزناً سياسياً لكل الاصوات الناخبة".

وقالت: "ان النظام النسبي يعيدنا الى اجواء اتفاق الطائف وما نص عليه في شأن الإنتخابات. فهو يسهّل مشاركة مختلف فئات الشعب اللبناني ولا سيما المرأة ومن اهم حسناته انه يعيد تدريجياً ترتيب المواقع، فيُحل السياسة مكان الطائفية ويعزز الإتجاه الى التحالفات في ما بين الطوائف ويجعل نمو الأحزاب السياسية امراً ضرورياً وميسراً".

ودعت كيوان "الرأي العام اللبناني الى الانضمام الى حملة دعم النظام النسبي لانه يعطي الرأي العام حرية اوسع وفعالية اكبر. كذلك ادعو القيادات السياسية التي تريد الخير للبنان للانفتاح على المداولات الجارية حول اصلاح قانون الانتخاب باتجاه اعتماد النسبية".

الامور لا تُختزل بقانون يعتمد النسبية فقط

المحامي ومنسّق البرامج في المؤسسة اللبنانية للسلم لاهلي الدائم ربيع قيس تحدّث في اللقاء، واعتبر ان "ركن الزاوية في العملية الانتخابية هي الادارة الانتخابية ما قبل وخلال اليوم الانتخابي وبعده. لذلك فلا بد من عناصر ملازمة لاجراء انتخابات نيابية تتمتع نتائجها بنسبة عالية من صحة التمثيل. ولا تُختزل هذه العناصر بقانون انتخابي، بل تشمل الادارة الانتخابية وسلوك الناخبين.

العنصر الاول يتمثّل بقانون انتخاب وطبيعة الدوائر الانتخابية، "اذ ان عامة المجتمعات المتعددة البنية المذهبية واللغوية والاثنية والعرقية تعتمد عادةً مبدأ النسبية في الانتخابات لاعتبارات مرتبطة بتنوع بنية المجتمع وضرورة تمثيل كل الشرائح في المجلس النيابي". وبرأي قيس "فإن التمثيل النسبي قد لا يكون كافياً ومضموناً للطوائف الثمانية عشرة في لبنان اذا لم يترافق مع اعتبارات جغرافية بحجم الدوائر، وايضاً لا بد من ان يرافقه من ناحية اخرى اصلاح آخر لا يقل اهمية عن قانون الانتخابات وهو قانون عصري للاحزاب السياسية. يتناول هذا القانون معالجة بعض المواضيع الاساسية في المؤسسة الحزبية.

اما العنصر الثاني فيتمثّل بالحُكمية الانتخابية، وتعني الاجراءات الادارية كافة المتعلقة بتنظيم العملية الانتحابية، قبل الانتخابات وخلالها وبعدها، بخاصة في ما يتعلق بلوائح الناخبين وهيئة الاشراف على الانتخابات والاعلام الانتخابي ومراقبة الانفاق وسبل مراجعة الطعن واللجان الانتخابية".

العنصر الثالث بحسب قيس يتمثّل بسلوك الناخبين. "لان الانتخابات ليست فقط عملية ميكانيكية وانما ثقافة اجتماعية وتربوية ديمقراطية. ولذلك يطرح السؤال: هل ان سلوك المُسجّلين على القوائم الانتخابية هو سلوك رعايا واتباع ومجرد كتلة بشرية اقتراعية ام هم ناخبون يمارسون حقهم الانتخابي مُخيّرين وغير مُسيّرين، لا في "بوسطات" ولا "محادل"؟.


وشدد قيس على ان "قانون انتخابي جيد مع حُكمية انتخابية سيئة وسلوك مقترعين غير واعين يعطي نتائج سلبية. اما قانون انتخابي لا يخلو من الشوائب فيعطي نتائج مقبولة في حال وجود ادارة انتخابية جيدة وسلوك مواطنين ناخبين".

سلمان العنداري ... SA

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق