الأربعاء، 4 مايو 2011

قطار المصالحة الفلسطينية ينطلق من القاهرة: الشعب يريد انهاء الانقسام


تنتهي اليوم حقبة سوداء في التاريخ الفلسطيني، اذ توقّع الفصائل الفلسطينية بما فيها حركتي "فتح" و"حماس" اتفاقاً ينهي الانقسام الذي استمر لاكثر من 4 سنوات، لتستعيد القضية الفلسطينية مكانتها ووهجها وحضورها وموقعها بعد صراع دامي خلّف جراحاً وانشقاقات وانهاكات لا تعد ولا تحصى.

تأتي المصالحة المنتظرة في ظلّ عاصفة ثورية تجتاح العالم العربي بأكمله... وعلى وقع شعار"الشعب يريد انهاء الانقسام"، يتطلع الشباب والشعب الفلسطيني إن في الاراضي المحتلة والضفة والقطاع او في مخيمات الشتات، الى تغيير حقيقي في النهج والرؤية من شأنه ان يعيد البوصلة الى مكانها بعد سنوات من الضياع والانفصام.

وفي ظلّ حرص كافة الفصائل على عدم تكرار التجربة المُرّة التي انفجرت عام 2007، والتي ادت الى ما ادت اليه، تحتضن القاهرة الحدث الكبير في مشهد يجمع لأول مرة كافة القوى الفلسطينية على طاولة واحدة بمباركة عربية واقليمية، وسط ترقّب غربي وقلق اسرائيلي... فهل تنجح القاهرة في فتح صفحة جديدة بين "فتح" وحماس؟، واي هيكلية لمنظمة التحرير بعد انضمام فصائل جديدة اليها؟، وكيف سيكون شكل حكومة التوافق، والى اي حد سيساهم هذا الاتفاق في بلورة موقف فلسطيني عربي قوي في مواجهة الغطرسة الاسرائيلية؟...

يوم تاريخي بامتياز... يجمع الضفة بالقطاع

يعتبر علي بركة، ممثل حركة حماس في لبنان ان "المصالحة تُشكّل فرصة تاريخية للفصائل وللشعب الفلسطيني لتوحيد الجهود ولرصّ الصفوف في مواجهة الاستحقاقات القادمة، ولمواجهة السياسات العدوانية الاسرائيلية، خصوصاً في ظلّ ما يجري من تهويد في مدينة القدس واستمرار الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، وحصار قطاع غزة".

ويرى بركة في حديث معه ان "المصالحة الفلسطينية سوف تفتح باباً جديداً وصفحة جديدة في النضال والحياة الفلسطينية، حيث سيتم تشكيل حكومة واحدة تتولى ادارة الشؤون الداخلية للضفة الغربية وقطاع غزة، وسيُعمل على استكمال اجراءات المصالحة، ورفع الحصار عن القطاع، واعادة اعمار ما دمره الاحتلال الاسرائيلي، اضافةً الى توحيد اجهزة السلطة الفلسطينية.

بدوره يصف نائب امين سر قيادة حركة "فتح" في لبنان اللواء خالد عارف مصالحة اليوم "بالتاريخية"، معتبراً ان "الاتفاق الذي توقعه الفصائل في القاهرة يأتي استجابةً لمطلب الشعب الفلسطيني ولكل الحريصين على القضية الفلسطينية في الوطن العربي وانحاء العالم. فاللقاء الذي ُيعقد بحضور الرئيس ابو مازن والاخ خالد مشعل سيؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ النضال الفلسطيني لمواجهة الغطرسة الصهيونية، وسيكون في الوقت نفسه بمثابة رد على عدم قدرة الادارة الاميركية على الالتزام بما كان قد تعهد به الرئيس باراك اوباما لايجاد حل عادل لما نعانيه، ومن شأنه ان يؤسس لمرحلة جديدية في العلاقة، ليس فقط بين حركة فتح وحركة حماس، انما بين كل الفصائل الفلسطينية على السواء".

عارف وفي اتصال معه اعتبر ان "الاتفاق سيخلق تفاعلاً وحراكاً سياسياً وشعبياً واجتماعياً واضحاً لدى القاعدة الجماهيرية للشعب الفلسطيني إن في الداخل ام في مخيمات الشتات، مما يمهد الانتقال الى مرحلة جديدة ستكون بالتأكيد لمصلحتنا، وستشكّل رافعة اساسية للحركات السياسية التي تحصل في المنطقة العربية مما يعزز الحضور العربي بشكل اساسي".

المصالحة ... صفحة جديدة

المصالحة ستتيح لكافة الفصائل الفلسطينية دخول منظمة التحرير واعادة بنائها من جديد، بحيث تشارك حركة حماس والجهاد الاسلامي وحركة فتح في المنظمة. وفور توقيع الاتفاق سيُعمد الى تشكيل اطار قيادي من قادة الفصائل الفلسطينية لقيادة المرحلة الانتقالية ومدتها عام، تبدأ من تاريخ توقيع الاتفاق حتى اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني الفلسطيني، وفي هذا الاطار يعتقد بركة " ان الشعب الفلسطيني هو المستفيد الاول من هذه المصالحة التي سينتج عنها ايجابيات عديدة على الساحتين الفاسطينية و العربية على السواء".

يوافق عارف على "تفاؤل" بركة، معتبراً ان الاتفاق سيفرض واقعاً سياسياً جديداً بفعل توحيد الموقف الفلسطيني والعربي في المحافل الدولية وفي المحطات التي سيتم فيها مناقشة مستقبل القضية الفلسطينية، لافتاً الى "اهمية الاجتماع الذي تعقده اللجنة الرباعية في شهر ايلول المقبل، حيث سيتم فيه الزام الكيان الصهيوني تنفيذ ما اتفق عليه باقامة دولة فلسطينية".

منظمة التحرير... بحلّة جديدة

يأتي الاتفاق في ظلّ مخاوف اسرائيلية وغربية من احتمال سيطرة "حركة حماس" على منظمة التحرير، الامر الذي قد يؤدي الى تعطيل مسار السلام بين سلطات الاحتلال والسلطة الفلسطينية. الا ان القوى الفلسطينية على اختلافها تؤكد على ان  البرنامج السياسي لمنظمة التحرير يجب ان يكون في خدمة المشروع الوطني الفلسطيني بما يتلائم مع الظروف السياسية الموجودة في المنطقة، والتي من شأنها ان تؤدي الى تحقيق الحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني.

يستبعد عارف "انفجار الاوضاع في منظمة التحرير بعد اعادة هيكليتها"، مشدداً على "ان الاتفاق لن يكون بمثابة فرض اجندة هذا الفصيل على الاخر"،  معتبراً ان "العمل سيركّز على اجندة فلسطينية واحدة لمصلحة الشعب الفلسطيني بشكل يتلاءم مع الظروف الموضوعية التي تحيطنا، خاصة بعدما ادارت الحكومات الاسرائيلية المتعاقية  ظهرها لكل الفرص الايجابية، وحكومة المتطرف نتنياهو تؤكد وتثبت انه لا يوجد في قاموس الادارة الاسرائيلية اي استعداد لاقامة سلام حقيقي ونية في اقامة دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران عام 1967، بما فيها القدس كعاصمة لدولة فلسطين، وعودة اللاجئين الى ارضهم ووطنهم. ومن هنا يمكن القول ان المشروع فلسطيني بامتياز وليس فصائلي او فئوي باي شكل من الاشكال، وبالتالي فان سياسة منظمة التحرير ستنطلق من هذه الثوابت والعناوين".

وبالتوازي يلفت بركة الى ان "الاتفاق لا يتيح لأي فصيل او فئة فلسطينية امكانية اتخاذ قرارات مصيرية بدون الاخذ برأي القوى السياسية كافة، اذ سيُعمد الى تشكيل لجنة قيادية مؤقتة تقود المرحلة الانتقالية وتدير الصراع مع اسرائيل، وتتابع القضايا السياسية، على ان تُعنى حكومة التوافق الوطني بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية وبادارة اعمال السلطة في الداخل، على ان لا تتدخل بالشأن السياسي او بادارة المفاوضات مع الاحتلال الاسرائيلي، ولهذا نعتقد ان ما سيحصل في المستقبل سيُمثل نقلة نوعية في العمل السياسي الفلسطيني، بحيث تُحلّ كل القضايا الاساسية بالتوافق بدون اي تفرد من اي طرف، مما يعزز حالة الوحدة وينهي حالة الانقسام".

ثورة شباب يناير اعادت لمصر دورها الريادي

ويتّفق الطرفان على الدور المصري الايجابي والريادي في رعاية الاتفاق الفلسطيني بعد سنوات من النزيف الداخلي. واذ يعتبر عارف ان "ثقل مصر السياسي معروف على الساحة العربية وبشكل خاص في الموضوع الفلسطيني بغض النظر عن طبيعة النظام"، يرى بركة ان " الثورة المصرية لعبت دوراً كبيراً في اتمام هذه المصالحة"، متهماً النظام المصري السابق "بتعطيل كل المصالحات، وبالانحياز الواضح الى جانب فريق فلسطيني ضد اخر، وباستفزاز حركة حماس على الدوام"، مشيراً الى ان  "الزلزال المصري الاخير انعكس على فلسطين، وادى الى توقيع المصالحة في القاهرة".

وبحسب عارف "فان القيادة المصرية الحالية بدأت تستعيد ما فقدته في الفترة السابقة من دور، ان في الموضوع الفلسطيني او في الموضوع العربي بشكل عام". ويتوقع عارف ان "تعطي القاهرة الالوية للملف الفلسطيني في المرحلة المقبلة، انطلاقاً من تبنيها لهذه القضية من جهة، وبحكم العلاقة الحدودية المصرية – الفلسطينية التي تتعلق بالامن القومي المصري من جهة اخرى".

هذا ويشدد بركة على اهمية الرعاية المصرية للمصالحة، معتبراً ان "مصر هي الضامنة لاستمرار وتطبيق ورعاية هذا الاتفاق ومتابعته".

وبانتظار المفاعيل السياسية والشعبية للاتفاق الموقّع، يُطلق بركة وعداً باسم حركة حماس "بان لا تتكرر الحرب الاهلية والصراعات الداخلية الدامية، وبأن تتوجه البنادق الى صدر الاحتلال الصهيوني حصراً"، اما عارف فيرى ان "الشباب الفلسطيني قال كلمته في رفضه للانقسام والانشقاق، وبالتالي لن نسمح لأي كان اعادة عقارب الساعة الى الوراء، فقطار المصالحة والوحدة انطلق، ولا بد من الحفاظ على هذه الانطلاقة مهما كانت الصعوبات". على امل ان نلتقي في القدس عاصمة ابدية لفلسطين حرة وابية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق