الأربعاء، 11 مايو 2011

شارك في ربيع بيروت فقضى في ربيع العمر... والدة كرم ناصر في ذكراه الثالثة : "مش حرام متل ابني يموت؟"

كرم ناصر ... من ضحايا احداث 11 ايار 2008 في بيروت والجبل...
"جرحي كبير ولن يلتئم"، تقول اعتدال ابو الحسن، والدة الشاب كرم ناصر الذي استشهد قبل 3 سنوات في منطقة كراكاس في بيروت إبان احداث السابع من ايار المشؤوم، عندما تحولت العاصمة الى مركز للميليشيات المسلحة، والى بؤرة للعنف والحقد والكراهية، والى منبر اعمى يقدّس الموت ويلعن الحياة والامل.

ثلاث سنوات مرت على غياب "وحيدها" كرم، وأم كرم لم تجف دموعها بعد... تراها جالسة بين عجقة الصور والذكريات واخبار الماضي، تلملم ألمها ومعاناتها وحصرتها بصمت رهيب... تنظر اليك بعنفوان أم مكسورة الخاطر، وبقلب يلملم شتات نفسه من شدة الاسى والحزن...

ثلاث سنوات و"رصاصات الغدر التي هوت" في جسد فلذة كبدها تكاد تخنق تلك السيدة التي ذاقت طعم اللوعة بفقدان ابنها المحبّ للحياة والحرية...

وبالتزامن مع ذكرى احداث الحادي عشر من ايار، عندما تمددت الاشتباكات الى سفوح الجبل بفعل "العملية الجراحية" التي قام بها "حزب الله"، قررت ام كرم الخروج عن صمتها والكلام، معبّرةً عن غضب كبير مما وصلت اليه الامور في هذا البلد.

" المأساة كبيرة ودائماً ما تتكرر، ودماء الابرياء غالباً ما تسقط ارضاً من دون رحمة. فهل كُتب على الامهات ان يدفعن الاثمان الغالية والباهظة، وان يُحرمن من اولادهنّ بسبب الصراعات السياسية، والممارسات الميليشيوية والعسكرية؟"... تسأل أم كرم بهدوء جارح وصارخ، مُرددة القول "تنذكر وما تنعاد"، و"الله يهديهم"...

تنتقد السيدة ابو الحسن اداء المسؤولين السياسيين في لبنان، وتعتبر "ان البعض فضّل عدم الالتفات لقضايا الشعب والناس"، الا انها تتمسك بالامل وتتمنى "انبعاث الدخان الابيض وسط هذه الظلمة التي نعانيها، وان يعي كل نائب ووزير ورئيس ان الدولة لا تحكم بهذه الطريقة وبهذه العقلية".

ام كرم التي ترى ابنها في شباب اليوم المليء بالحيوية والحياة، تبحث عن اجوبة في كومة الفوضى التي تغرق فيها البلاد... "فهل يتوقف الغدر في لبنان بعد ان اصبح الشباب يسقطون كأوراق الخريف على الطرقات؟"...

"حرام متل ابني يموت"... فالميليشيات التي اطلقت الرصاصات الثلاث على جسد كرم لم تحاسب بعد، ولم يتم ملاحقتها من جانب الجهات المعنية. اذ ان استمرار منطق الافلات من العقاب قد يؤدي الى قتل المزيد من الابرياء في الشوارع والازقة، وقد ينتج عنه اطلاق رصاص الغدر على كرم ثاني وثالث ورابع، وقد يؤدي ايضاً الى ذرف المزيد من الدموع الحارقة من اعين الامهات والاصدقاء والاحبة...

الام الثكلى والحزينة، شاركت ليل امس مجموعة من الشباب والاصدقاء في اضاءة الشموع في بلدة فالوغا الجبلية، التي احتضنت جثة الشاب العشريني، والتي استذكرت المأساة بصمت وبتضرع وبصلاة بديلاً عن الحقد والتوعّد والانتقام.

وفي مبادرة لافتة، قررت أم كرم توزيع الورود الحمراء على المشاركين في المبادرة، مُحوّلةً الحزن الى بريق امل، والجرح الى بلسم، والحقد الى محبة نابضة تفتك بغدر الرصاص وتنتصر على قساوة الموت وبشاعته.

وفي المناسبة، نشط عدد من الاصدقاء المقربين للشهيد كرم على توزيع صور وملصقات خاصة، وهشام العنداري كان واحداً منهم. اذ اعتبر ان "كرم سيبقى في قلوبنا ويد القتل والارهاب لن تتنصر علينا ولن تقوى على قتل حلم هذا الشاب البريء، ولن تقوى على كسر عزمنا وسعينا الى بناء دولة حقيقية نفخر بها".

ومن الجبل الى بيروت، حيث يّحضّر السيد كمال ناصر "أبو كرم" لنشاط جامع من ساحة الشهداء، حيث يجتمع عند الساعة الخامسة من بعد ظهر اليوم (الاربعاء) محبو كرم واصدقاؤه من الجبل وبيروت عند ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري لتلاوة الفاتحة على روحه...

والد الشهيد وفي اتصال معه عبّر عن "عجزه عن الكلام في هذه الذكرى الدامية التي لا تنسى والتي تدمي القلوب، الا انه اكد ان كرم شهيد بيروت والجبل، وشهيد مشروع الدولة بمواجهة السلاح والغدر والقتل والاغتيال والتعدي على الشركاء...

على كل حال.. "وقعت الواقعة" وقُتل من قتل، واستشهد من استشهد، ولم تعد تنفع المصالحات والمبادرات واصطناع "النسيان او التناسي"... كان كرم مؤمنا بوطنه، ومتمسكا بالمستقبل والتغيير... شارك في ربيع بيروت، فذهب في ربيع العمر تاركاً خلفه امنيات لم تتحقق، ودموع لم تجف، وألم مبرح لا ينتهي، وبلد يتخبط بنفسه بين طغيان السلاح والفساد والحقد، وبين انتصار الدولة والمؤسسات والعدالة... رحم الله كل شهداء الغدر في سبيل الوطن...
سلمان العنداري ... SA

هناك تعليق واحد:

  1. قتيل مشروع الصهينة بوجه شرفاء حزب الله

    ردحذف