الجمعة، 27 مايو 2011

رسالة مفتوحة الى بيروت: كوني نفسك وادعمي الربيع المتفتّح في سوريا... قبل فوات الاوان


" لم ار بيروت حزينة كما اليوم. لم ارها عاجزة عن الكلام، وغارقة في الخجل مثلما هي اليوم.
حتى عندما كانت تحت القصف والخوف، لم تكن بيروت خائفة كخوفها اليوم" ... كلام مؤثر كتبه الصحافي الياس خوري يوم الثلثاء الماضي في صحيفة "القدس العربي"، عاتباً على عاصمة الربيع العربي المتقاعصة في دعم الثورة السورية والاحتجاجات الجارية منذ اكثر من 3 اشهر.

"لا، هذه ليست بيروت. هذه مدينة لا تشبه بيروت، مدينة تختنق فيها الكلمات ولا تجد فيها الحرية زاوية تلتجىء اليها"، يقول خوري واصفاً العاصمة اللبنانية بانها " مدينة مخجلة ومتواطئة مع القاتل. بيروت تعرف ان الصمت مشاركة في الجريمة، ومع ذلك تصمت".

"في الشام يقتل شعب بالرصاص وتداس وجوه الناس بالأحذية، في الشام شعب كامل ينتفض لكرامته وحريته وحقه في الحياة. والشام ليست بعيدة عن بيروت، ولكن بيروت تبتعد عن نفسها. صحافتها نصف صامتة، واعلامها اخرس، واذا تكلمت فالخجل يتكلم من خلالها وليس الحرية".

ووسط هذا الصمت، عقد "اللقاء التضامني مع حرية الشعب السوري" لقاءاً يدعم استغاثات مئات الالاف في درعا وبانياس والتلبيسة وتلكلخ والقامشلي ودوما وحمص وحوران... رفضاً للترهيب, وانطلاقاً من الالتزام المبدئي بالدِّفاع عن حقِّ الانسان العربي بالحرّيةِ و العدالةِ و الكرامة. فجاء اللقاء في محاولة لكسر الصورة غير النمطية وغيرالطبيعية التي بدأت ترتسم في شوارع بيروت "الخائفة".

ولان بيروت لم تتعود يوماً على ان تكون بعيدة عن اي ربيع سياسي تتفتح ازهاره في الوطن العربي، كان لا بد من وقفة تضامنية ومن تحية من القلب الى القلب الى الشعب السوري الشقيق الذي نحترمه ونجلّه الى اقصى الحدود...

ومن منطلق المسؤولية إلانسانية و الأخلاقية و السياسية كلبنانيين، تجاهِ شعبٍ حرّ, يتعرض لأبشع انتهاكات حقوق الإنسان، من قتلٍ و اعتقالٍ و تعذيبٍ و قبورٍ جمَاعيةً. وايماناً بالربيعِ العربي (كما جاء في البيان الختامي), التقى العشرات في مبنى مهجور في احدى ضواحي المدينة، بعد التهديدات البلطجية باحراق فندق البريستول، للتأكيد ان الحرية ضرورة لبنانية كما هي ضرورة سورية، وأن الديموقراطية في سوريا هي مصلحة وضرورة لبنانية، فأعلنوا تضامنهم مع ما يريدُه الشعب السوري لنفسِه, من حريّةٍ و عدالةٍ و كرامة, والذي يؤسِّسُ حتماً لمستقبلٍ لبناني- سوري أفضلْ, ينهضُ على قيمٍ و مصالحَ مشتركة في احترِام السيادةِ الوطنيةِ و الايمان بالحريّةِ و الديمقراطية و حقوق إلانسان .

كل الحق مع الياس خوري عندما قال: "مثقفون يدارون خجلهم وصمتهم متعللين بالظروف، وان حكى بعض الشجعان فيهم، فان كلامه لا يبرىء الصمت من صمته. اما السياسيون فيتصرفون كرجال المافيا. يتغرغرون بكلام سمج عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية، بينما يعرقل رجال الأمن قدوم اللاجئين السوريين الهاربين من المذبحة.... لن اسأل زعماء الطوائف عن صمتهم، فالأفضل ان يصمتوا، بعدما استمعنا الى ما قالوه عبر فضيحة وثائق ويكيليكس".

" لماذا تنتحر بيروت بالصمت...؟"، يسأل خوري المدينة التي قاومت الغزاة الاسرائيليين واحتملت القصف والجوع والحصار، اذ "تبدو اليوم خائفة من مجموعة من الزعران والبلطجية الذين يصادرون صوتها.فشارع الحمرا، الذي كان عنوانا ثقافياً للحرية تستولي عليه مجموعة من الفاشيين الذين يروعون الناس بأسلحتهم الجاهزة للاستعمال".

شعور بالعار والاسى والمذلة، شعور بالاختناق والتعاسة والخسارة والخيبة... شعور بالانفصام والانفصال وبالخريف السياسي والنهضوي لعاصمة قررت وقف تصدير رحيق الامل الى شعوب المنطقة...والى الشعب السوري بالتحديد.

كفانا اذلالاً ايها الشعب الحرّ، على بيروت ان تنتفض على نفسها وان تكون نفسها بدل ان تلبس قناه الصمت والاذعان، وان تسير عكس طبيعتها الحية والفاعلة والتضامنية...

على بيروت، عاصمة الحرية في هذا الشرق ان تكسر الصمت المطبق وان تناصر سوريا في مخاضها بدل الارتماء في التعابير الخجولة التي "تُستّر" حجم الجرائم واعمال القتل المستمر في عدد من المدن المطمورة فوق المقابر الجماعية، والمصحوبة بجرم لا مثيل له في العالم...

من بيروت كانت الرسالة الى الشعب السوري: "لستم وحدكم في هذا العالم. نحن الى جانبِكم ,نعرِف وجَعَكُم، ندعمُ قضَيتِّكم, و نؤمنُ كما تؤمنونْ بأنّ موعِدكم مع الحرية باتَ قريبا.ً"... على امل ان تكون هذه الصرخة مقدمة لتحركات اخرى تعيد لبيروت بريقها، وتعيد لهذه العاصمة موقعها في هذا العالم العربي المنتفض على الظلم والدكتاتورية... والا ستنضم بيروت الى لائحة المدن الخانعة، والمستسلمة دون ادنى شك... انتفضوا ايها اللبنانيون الاحرار قبل فوات الاوان ...
سلمان العنداري ...SA

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق