الاثنين، 20 فبراير 2012

الصورة عندما تتكلّم وتحارب التطرّف... بعدسة هدى حجازي...

هدى حجازي ... الصورة الثائرة ... 


عدستها تتكلم، تتراقص بخفّة كفراشة حائرة تريد ان تحطّ على يد زهرة... عدسة بلون الورد ورائحة الزنبق، بطعم البارود وصوت المدفع، عدسة تعرف نفسها وتبحث عن هويتها... انه التصوير الفوتوغرافي بعين ابنة طرابلس هدى حجازي...



الصورة بعدسة هدى حجازي تتحدّث بطلاقة، وتكشف خبايا مجتمع، وهوية مدينة ضائعة بتفاصيلها، غارقة بيوميات شعبها، ومتألقة بأسواقها المزدحمة بالناس... تُفتّش عن الحقيقة، وتلتقط لحظات لا تنسى من قلب عاصمة الشمال.

درست هدى الراديو والتلفزيون في جامعة "الجنان" في طرابلس، وكانت تهوى الكتابة لتعبّر عن نفسها وعن افكارها وتطلعاتها، لتنقل ما تراه من مشاكل وهموم الشارع الطرابلسي الشمالي، الا ان مشاركتها في احدى ورش العمل عن فن التصوير الفوتوغرافي، قلبت حياتها رأساّ على عقب، وغيّرت في طبيعة اهتماماتها للأمور، فعشقت "الكاميرا" و"تاهت" في كل مكان تلتقط الصور على طريقتها.

تقول هدى: "الصورة تعبّر عن شخصيتي، وطريقة تفكيري ونظرتي للأمور، حتى باتت هواية التصوير الفوتوغرافي اشبه بدفتر يوميات، أؤرّخ فيه ما لا يُحكى عن طرابلس والشمال، وما لا يُقال عن الناس ومعاناتها، خاصة وانه للصورة تأثير كبير يتعدى في كثير من الأحيان ما يكتبه كبار الكتّاب والمحللين السياسيين في كبريات الصحف والمنابر الاعلامية".

تحب ابنة طرابلس تصوير "البورتريه" ووجوه الناس المتعبة في طرابلس، خاصة وان اسواق هذه المدينة مليئة بالحزن والفرح، بالحب والاحباط، بمشاعر الفقراء وعطر الاغنياء، حتى ان اسواقها تتكلم الف قصة وقصة، وادراج البيوت العتيقة تحكي بصمت عن تاريخ وذكرى، واصوات القدماء في القلاع والاماكن الاثرية، تتراقص بخيالاتها على جدران منسيّة ارهقها التعب.

تبحث هدى في كل صورة عن قصّة، تهرول نحو شجرة قديمة، تلاحق فراشة هاربة في بستان، تسدل اشعة الشمس من نوافذ البيوت وتصوّرها... تلتقط اللحظة، وتؤرخها، فتنشرها على صفحتها الخاصة على الفايسبوك لتتشارك مع اصدقائها بالقصص التي جمعتها.

تنتقل هدى من مكان الى آخر برفقة "كاميرتها الحرّة". من صوفر حيث الفنادق القديمة والمناظر الطبيعية الخلّابة التي تطلّ على وادي لامارتين، مروراً بجزين وشلالاتها وسلامها، وصولاً الى الدامور وزحلة وبيروت، من دون ان ننسى طرابلس من باب التبانة وجبل محسن، مروراً بسوق الصاغة والنحّاسين وخان الصابون، وسوق الخياطين، والدرج الكبير، والقلعة القديمة... 

ومنذ اشهر قليلة اكتشفت جمعية "اكروس ليميت" الدولية موهبة هدى في التصوير عندما كانت تشارك في ورشة عمل في جزيرة مالطا، حيث طلبت منها الجمعية تصوير الحياة الليلية للجزيرة... قامت هدى بعمل رائع، وصوّرت انعكاسات مالطا بين المياه واليابسة والسماء، وسط روعة الاضواء وحنكة في رسم الشخصيات ونحت القصص، فحوّلت الجزيرة الى فتاة عاشقة تبحث عن ذاتها، وعن حبّها القديم، بين عجقة الاضواء ووحشة الليل. 

والاهم من كل هذا، فقد تمّ اعتماد صورها على "الروزنامة السنوية الرسمية" لجزيرة مالطا، التي تمّ توزيعها حول العالم. بعد اختيار افضل 12 صورة التقطتها الشابة اللبنانية للجزيرة.

تسعى هدى الى تطوير عملها والى صقل هوايتها في التصوير الفوتوغرافي، حيث تقوم بجلسات تصوير يومية للأماكن التاريخية في لبنان، وتصوّر "القصص من زاوية جديدة" تخدم قضايا الحوار والذاكرة الجماعية والوحدة الوطنية.


واذا كان البعض في "طرابلس المجنونة" يحارب بالسلاح، وبقذائف الانيرغا التي تطلق بين الفينة والأخرى بين باب التبانة وجبل محسن، فإن هدى تحمل كاميراتها، وتقرصن اللحظات، وتسعى الى ترسيخ الوحدة الوطنية والعيش المشترك بين ابناء هذه المدينة، لتقول للعالم اجمع، ان طرابلس مدينة للسلام والمحبّة، ولم تكن يوماً معقلاً للتعصّب والتطرف والحقد".

تشدد هدى على انها ستثبت للجميع ان "طرابلس مدينة التلاقي والحوار والسعادة والفرح والسلام والحوار بين اهلها، وليس كما يشاع ويقال عن انها غارقة في الخلافات المذهبية الحادة بين كل من السّنة و العلويين.

طرابلس جميلة، بريئة، مُحبة ومحبوبة، هادئة وصاخبة، فيها كل اشكال الحياة، بين تلة وأخرى، وبستان وبستان، هي منبر للحوار ومكان حقيقي للتلاقي بين كل افرقاء المجتمع... نعم! القلب على الشمال، وما عليكم سوى زيارة طرابلس عبر صور هدى الرائعة والساحرة.

وقبل مغادرة طرابلس، تؤكد هدى ان قضيتها الاساسية من التصوير تهدف الى تعزيز الحوار بين كل فئات المجتمع، اضافةً الى اظهار الصورة الجمالية في كل الحقائق والصور، ومحاربة العنف والتعصّب، مشيرةً الى انها تحضّر لتصوير سلسلة جديدة تحت عنوان "الوجه الآخر لباب التبانة وجبل محسن"...







سلمان العنداري ... SA

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق