الأربعاء، 15 فبراير 2012

عندما تعود دمشق الى قلب بيروت.. 14 شباط 2012

قوى 14 اذار ... شكراً سوريا الحرّة ... 


لم تكن الذكرى السابعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري مجرد ذكرى عابرة. فالاحتفال الذي أقيم في مجمّع البيال، والذي حضره حشد سياسي واعلامي وشبابي لافت، تميّز بكلام من العيار الثقيل ضد النظام السوري، وشكّل مناسبة مهمة لدعم الثورة السورية ضد نظام بشار الاسد، في مواجهة ما يقوم به "حزب البعث" من اعمال قمع وقتل يومية ضد الناس والثوّار وقوى المعارضة من حمص وادلب ودرعا الى القامشلي ودير الشغور وباب عمرو وحلب.

احتفال "البيال" كان ثوريّاً بامتياز، واكد على وقوف الشعب اللبناني الى جانب القوى الحيّة في المنطقة بوجه ما تبقى من القوى الممانعة، ومن الانظمة البائدة المستمرة في تعنّتها وفي مسارها الانحداري في التعاطي مع شعوبها. فكانت الخطابات والكلمات التي ألقيت مكللة بروحية الربيع العربي، وموجّهة بالتحديد الى الشعب السوري الصامد بوجه آلة القتل التي يقودها نظام بشار الاسد.

وكما قال الرئيس امين الجميّل في الذكرى، فإن "14 آذار ليست الأحزابَ والتياراتِ السياسيةَ المجتمِعةَ هنا فقط، هي كلُّ اللبنانيين المؤمنين بسيادةِ لبنان واستقلالِه، بحريتِه وديمقراطيتِه، بمشروعِ الدولةِ القوية، بالمجتمعِ التعددي. هي كل المؤمنين بولاءِ شعبِه للوطن اللبناني فقط، بدورِ المرأة، بنضالِ الشباب. هي كل اللبنانيين المؤمنين بلبنانَ فوق كل الصراعات، بنهضةِ الشعوب العربية، بحركةِ السلام وحقوقِ الإنسان، في لبنان".

جملة امور اكدت عليها قوى الاستقلال في ذكرى اغتيال الرئيس الحريري. من التشديد على اهمية الدولة ومنطق المؤسسات على اعتبارها السبيل الوحيد للعيش باستقرار وامان وديمقراطية، مرورا بالتأكيد على مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، والحرص على طمأنة المسيحيين بأن الربيع العربي لن يجنح نحو اسلمة معيّنة، ولن يؤدي الى سيطرة فئة على اخرى، وصولاً الى رفض السلاح غير الشرعي على اعتباره يشكل خطراً على الوحدة الوطنية ومستقبل الوطن...

وبالفعل، فربيع بيروت وذكرى ثورتها هذا العام بدت وكأنها تُحاكي الى حد كبير ما يحدث اليوم في العالم العربي، وفي سوريا على وجه الخصوص، وكما قال الدكتور سمير جعجع "فإنّ الدماء التي تسيل اليوم تحاكي دماء رفيق الحريري، وباسل فليحان، وجورج حاوي، وسمير قصير، وجبران تويني، وبيار الجميل، ووليد عيدو، وأنطوان غانم ووسام عيد، وسائر شهداء ثورة الأرز، سعياً وراء الحرية والديمقراطية والكرامة، وكسراً لنير العبودية والتسلط والديكتاتورية".

فإنتفاضة الاستقلال التي تلت استشهاد الرئيس الحريري عام 2005 بدأت تُثمر في العام 2011، فشكّل استشهاد الرئيس رفيق الحريري وانطلاق ثورة الارز حدثاً تأسيسياً للربيع العربي، فأضحى ربيع بيروت الذي تحدث عنه الشهيد سمير قصير قبل سنوات، الاشارة الاولى للربيع العربي الذي هزّ العروش والانظمة واسقطها كأوراق الشجر الأصفر.

ومن البيال، توضّحت معالم الصورة اكثر، وتكرّست وحدة القضية بين شعبين جارين وشقيقين، واجها لعقود وعقود آلة بطش ووصاية واحتلال، عاثت بالارض خراباً وفساداً... الصمت الذي انكسر قبل سبع سنوات ادى الى زعزعة النظام السوري. فربيع لبنان وخروج الجيش السوري عام 2005 شكّل اول صفعة من نوعها للنظام الاسدي، لينفجر غضب الشعب في 15 آذار 2011 من قلب سوريا.

ان طرد الوصاية السورية من لبنان هزّ النظام في سوريا الذي كان يصرّ على انه يستطيع ان يأخذ شرعيته مما يسمى الاوراق الاقليمية، في حين ان المطلوب ان يأخذ شرعيته من الشعب نفسه الذي اعلن بعد ست سنوات على انتفاضة الاستقلال اللبناني انه يرفض منح الشرعية لهذا النظام. وها هي الثورة السورية قائمة وتسير باتجاه التغيير الديمقراطي رغم كل التضحيات.

واكد اللقاء الجامع ان لبنان جزء لا يتجزّأ من الربيع العربي، وربيع لبنان من ربيع سوريا والعكس، على اعتبار ان انتصار ربيع سوريا سيكون فرصة تاريخية للبنان لاعادة صياغة علاقة جديدة مبنية على الاحترام والتفاهم والتعاون الحقيقي، لا على الحقد والكراهية والتبعية والاستزلام، وبالتالي فإن قيام دولة الديمقراطية في سوريا وترسّيخ دولة الاستقلال في لبنان وقيام دولة الاستقلال الوطني في فلسطين سيشكّل الخاتمة المنطقية للربيع العربي. وسيفتح الباب امام تعزيز نظام عربي جديد مرتكز على الكرامة والحرية والأمل.

ان 14 آذار بعد احتفال البيال امام معطيات استراتيجية لمصلحتها. والمطلوب منها ان تكوّن رؤيا للمرحلة الجديدة التي بدأت ولكنها لم تأخذ مداها بعد، وبالتالي فالبلاد امام فرصة حقيقية للانطلاق من جديد نحو فجر عربي يتوق الى الحرية والامل والكرامة.

"بعد 14 شباط 2005، إنتصر دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء، على ثلاثين عاماً من التسلط والهيمنة والاستبداد، ودخل لبنان منعطفاً سياسياً جديداً، على وقع حدثين متلازمين: إنسحاب القوات العسكرية والامنية للنظام السوري من لبنان، والاعلان عن بدء تحقيق دولي وقيام المحكمة الدولية للتحقيق في جرائم الاغتيال السياسي". الكلام للرئيس سعد الحريري الذي اكد ان "انتصار الشعب السوري، في معركة الديموقراطية والكرامة الوطنية، يرسم خطاً مستقيماً ومتوازناً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويرتقي بهذه العلاقات، فعلاً وممارسةً، الى مستوى العلاقات المميزة الحقيقية بين بلدين شقيقين وجارين، يتعاونان في إطار التوأمة الديموقراطية، وليس بفعل استقواء القوي على الضعيف او الكبير على الصغير".

بالمحصلة، فإن قوى 14 آذار دخلت الربيع العربي من الباب الواسع، بعد التأكيد على الدعم المطلق للثورة السورية، في ظلّ حكومة تنأى بنفسها، وتخجل من الإعتراف بالمجزرة السورية، على وقع الاحداث وفظاعتها، وبحق الشعوب في تقرير مصيرها بوجه الجلاّد.

ان قوى 14 آذار مطالبة بإسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وبطرح الامور بشكل اكثر جرأة من السابق، من قضايا السلاح والفساد والترهّل السياسي الحكومي، وصولاً الى مناصرة القضية السورية ودعم اللاجئين، والمضي قدما في شعارات الاستقلال والسيادة والحرية. 

اما الموعد الشعبي فسيكون حتماً بعد شهر، في 14 آذار 2012، حيث سيجدد الشعب اللبناني مرة أُخرى وفاءه 
لمبادئه ولقضيته السامية التي لا ولن تموت. لأنه لولا شباط ما في آذار ولولا آذار ما في ربيع...

سلمان العنداري ... SA

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق