الخميس، 15 مارس 2012

سنة على الثورة السورية... عندما يسقط الخوف يسقط الحاكم... والملحمة مستمرة


سنة على شلال الدمّ في سوريا ... 

لا شك ان مشهد خروج مئات الآلاف من المتظاهرين هاتفين بالتغيير والاصلاح والديمقراطية كان اشبه بتاسع المستحيلات وضرب من ضروب الجنون قبل سنة في سوريا.

اما اليوم، وبعد سنة من انطلاق الثورة الغاضبة، ومع سقوط كل حواجز الخوف في كل ارجاء العالم العربي، خرج اهل الشام وادلب وحمص وحلب ودرعا والرستن وباب الشغور عن صمتهم. واسقطوا كل الاقنعة بوجه جبروت النظام الحديدي الممسك بزمام الامور منذ عقود.

فتحوا بأياديهم بوابة سجن اوصد بالاغلال، ليساهموا بانتفاضتهم المجيدة وبدمائهم الذكية، وبتضحياتهم اليومية في كتابة تاريخ جديد مُدرج بالكرامة ومطرّز بمستقبل زاهر وبربيع عابق كرائحة الياسمين.

خمس عقود من حالة الطوارىء, بطالة ومعاناة اقتصادية, قمع وظلم, ومشاركة ممنوعة, وانتخابات معلّبة, واعتقالات بالجملة قرر الشعب السوري الخروج عن صمته والانتفاض على الاستبداد البعثي.

قتلى وجرحى ومذابح يومية يرتكبها النظام. توحّش واغتصاب وقصف وخطف للاطفال والنسوة والشباب. إجرام ينتمي الى القرون الماضية، وسط تخاذل دولي واتهامات وتسويات وصفقات وشراء للوقت، الا ان الشعب السوري قرر خوض المعركة حتى النهاية لأن صوته سينتصر عاجلاً ام آجلاً ومهما طال الانتظار وسُفكت الدماء، وعُقدت التسويات.

هناك ملحمة يقوم بها الشعب السوري اليوم دفاعاً عن اقدس القيم، الا وهي قيم الحرية والعدالة والكرامة وحق تقرير المصير. وهي ملحمة مُكلفة وباهظة الثمن، خاصةً على المستوى البشري والمادي والروحي، بوجود نظام فاقد لكل معايير الانسانية، والانتماء للمجتمع. نظام هجين، استطاع ان يسيطر على السلطة بالانقلابات، وبعقد احلاف شرّيرة مع اعداء الشعب السوري من اسرائيل الى ايران.

ولمن نسي، ففي "رقبة" حافظ الاسد وابنه بشار دم ثلاثة شعوب. الشعب السوري، وثانياً دم الشعب اللبناني، وثالثاً دم الشعب الفلسطيني، الا ان الاكيد ان نهاية هذا الاجرام ستكون على يد الشعب السوري بالتضامن والتكافل مع ارادة الشعوب العربية الحرّة.

في الذكرى الاولى، تستمر الثورة، ويستمر الانتظار، ومعهما الدمّ والقتل والقمع والتظاهرات والنضالات اليومية. في حين يستمر المشهد العربي والدولي على حاله. مواقف ضبابية متخاذلة، ضعيفة، خائفة ومهجوسة، بانتظار تسوية ما، او انعطافة تغيّر المعادلات وتقلب التوازنات.

وحده الشعب السوري يعرف طريقه ووجهته، وسط التعرجات السياسية الدولية والعربية، فلا ينأى بنفسه، ولا يتخاذل او يتقاعس عن واجبه بوجوب اسقاط الدمية الدامية الجالسة في قصر "المهاجرين". 

الشعب يعرف قبل غيره انه متى يسقط الخوف... يسقط الحاكم، ولا مجال للنقاش في هذا الموضوع، فالخوف كُسر، وجبال الجليد هُدّمت، ولا عودة الى الوراء مهما حدث.

قال حافظ الاسد يوماً : "لا يهم ان يحبّني الشعب، المهم ان يخافني ويخشاني"... ومع انهيار جدران الخوف، فإن مصير النظام السوري محتوم، والتراكمات والتضحيات التي يقدمها الشعب تساهم كل يوم في تهديد كيانه وزعزعة عرشه ووجوده.

لن يتمكن بشار الاسد من ابادة شعب بأكمله، ومن ايقاف تسونامي الثورة التي ستنهيه بالكامل والتي ستضع حدّاً لاجرامه المتمادي. وبالتالي فإن الرقص على حبال الازمة، والتلهّي بخطوات اصلاحية صورية مثير للسخرية لن تفيد النظام بشيء، لان ساعة سقوط آل الاسد اقتربت، ولمن لا يصدق هذا الكلام، فليراقب اداء الاسد المتخبّط والمتوتر الذي يشير الى اقتراب النهاية التي لا ريب فيها.

في سوريا حرب ابادة، اذ لم يعد بمقدور الفرد ان يستخدم تعبير "مجزرة". فبشار يقتل على قدر ما يمتلك من قدرة على القتل وسفك الدماء. تماماً كفرانكو، وهتلر وموسوليني، وغيرهم من الطغاة الذين تكبّروا وتجبّروا، فسقطوا في مزابل التاريخ...

سنة على الثورة السورية، فلنتعلم من الشعب السوري الكرامة والشهامة والاندفاع، والصبر والصمود. ولنتشارك معهم ونشاركهم نضالهم وثورتهم المجيدة بدل الاستمرار في سياسة النأي بالنفس والخوف والخجل... تحية لسوريا ولكل الاحرار...

سلمان العنداري ... SA

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق