الأربعاء، 8 أغسطس 2012

بداية نهاية النظام السوري .. من يصرخ اولاً؟



يترقّب اللبنانيون بكثير من الحذر ما يحدث في سوريا من تطورات متسارعة ودراماتيكية. من الانفجار الذي وقع في قلب دمشق، مروراً بالاشتباكات الدامية والمستمرة في مدينة حلب بين قوات النظام الاسدي وعناصر الجيش السوري الحرّ، وصولاً الى اعلان رئيس الحكومة رياض حجاب انشقاقه عن النظام وانضمامه لصفوف الثورة.

مما لا شك ان انشقاق شخصية سياسية بحجم رئيس حكومة من النظام السورية تُشكّل ضربة كبيرة لنظام بشار الاسد الذي تعرّض لضربات موجعة في الفترة الاخيرة، وكان اهمها، بالاضافة الى انشقاق حجاب، وقبله عدد كبيراً من الضباط الكبار، الانفجار الذي استهدف المركز الامني في قلب دمشق وقتل افراد ما يُعرف بخلية الازمة، الامر الذي يشير الى ان النهاية قد تكون قريبة وبأي وقت.

والاكيد ان ما قام به حجاب سيشجّع شخصيات سورية كبيرة اخرى على اعلان انشقاقها عن النظام وسيُسرّع في عملية السقوط الذي اقترب يوماً بعد يوم، اذ انا لنظام ينهار من الداخل، وتتزعزع اساساته، من قصر المهاجرين، مروراً بدوائر الدولة الداخلية والخارجية والدبلوماسية، اضافة الى المؤسسة العسكرية، وصولاً الى الالة الاعلامية التي اعلنت افلاسها وعجزها عن تسويق نظرية المؤامرة واساليب التخويف التي انتهى زمنها منذ اذار 2011.

في لبنان، مشهد انتظار... فهذا البلد الجار لسوريا بشار الاسد سيدفع ثمناً باهظاً من الان وحتى سقوط النظام السوري على ما يبدو، لان هذا النظام لن يتوانى لحظة عن استعمال كل ما تبقّى من اوراقه بحوذته لتخريب الساحة الداخلية اللبنانية ولتحويل الانظار عما يحصل في الداخل السوري من مجازر وارتكابات وانهيارات يومية.

اما على المدى الطويل، فانه من مصلحة لبنان ان يعيش في محيط ديمقراطي يعتمد الحرية والمساواة واحترام حقوق الانسان، وسيكون لاي تغيير في سوريا مردوداً ايجابياً على الداخل اللبناني وعلى الواقع السياسي فيه. الا ان الامور ستكون حساسة ودقيقة الى حين سقوط النظام.

اما ما يُحكى عن امكانية الوصول الى نظام متطرف في سوريا ما بعد بشار، فهذا ضرب من ضروب الخيال، ومحاولة فاشلة اخرى من قبل بشار الاسد وعصابته للضرب على الوتر الطائفي، ولتخويف الاقليات المرعوبة ممّا يحدث اليوم من تغيير جذري في الانظمة.

الى ذلك، تبقى التخوّفات من امكانية اقدام اي فريق داخلي حليف لسوريا في لبنان على مغامرة امنية، الا انه لا يمكن توقّع ردة فعل هذا الفريق في حال سقط النظام او تزعزعه، وعمّا اذا كان قائد هذا الفريق، اي حزب الله سينزلق في تنفيذ اجندة مجنونة تستولي على البلد امنياً او تفتح الجبهات جنوباً تمهيدا لقلب الامور للتعبير عن رفض الامر الواقع المتمثل بسقوط اكبر حليف وراع لمنطق السلاح والسيطرة والتسلّط في المنطقة.

الاجدر بحزب الله وبكل حليف للنظام السوري في لبنان ان يقتنع بان منطق السلاح لن يُجدي نفعاً، وبان الحل الوحيد يكمن في حوار حقيقي، ليس على شاكلة الكرنفال الذي نشهده اليوم، او على نسق النظريات التي يخرج بها السيد حين نصرالله كل اسبوعين.

وفي انتظار الصورة الواضحة للملحمة السورية، يبقى على لبنان ان ينتظر بدوره، في وقت يقوم بعض القوى الامنية بجملة اعتقالات وانتهاكات بحق ناشطين سوريين، وفي وقت تحبس كل القوى انفاسها الى حين ساعة الصفر. فمن يسقط اولا في لعبة عضّ الاصابع؟، ومن ينهار معنوياً وسياسياً قبل الاخر، ومن يردع الحكومة اللبنانية وتخاذلها المستمر؟...

بعيداً عن الفوضى اللبنانية وانفصاماتها، تتوجّه الانظار الى حلب... فهل يكون سقوطها بداية النهاية بحق؟...
سلمان العنداري ... SA
مقال نُشر في www.beirutobserver.com

هناك تعليق واحد: