الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

العلم السوري "الحرّ" يرفرف للمرة الاولى في قلب بيروت : "الحرية صارت عل باب، إرحل إرحل يا بشار"

بيروت عادت الى دنيا العرب...

للمرة الاولى منذ عقود يرفرف العلم السوري الحرّ على تمثال الشهداء في قلب بيروت التي شاءت ان تناصر اخواتها في العروبة، وان تقول كفى لديمقراطية البعث المشبعة بالغطرسة والكذب والرياء والاجرام.


بدت بيروت صريحة مع نفسها بعد استفاقتها من سبات سياسي دام اشهراً منذ انطلاق الثورة السورية في اذار الماضي... فالعاصمة اللبنانية خلعت عن نفسها ثوب السكوت وقناع الصمت، فصدحت شوارعها باصوات شاباتها وشبابها ومثقفيها الذين قالو كلمتهم... ارحل يا بشار...


بيروت بكت شهداء الانتفاضة السورية، واضاءت الشموع نصرةً للشعب المظلوم الذي يُقتل في كل الشوارع والاحياء... بكت دموعاً حارقة ذكّرتها بعصر المخابرات، وبالنظام الامني القمعي الفاشي، وبمآثر الاسد الاب الذي عاث بالارض خراباً وفساداً لعقود وعقود...


الناشطون من كل مكان عبروا عن غضبهم وسخطهم من الاحداث الجارية في سوريا ومن حمامات الدم التي تسفك كل يوم على مرأى من العالم اجمع... قالوا لا اخلاقية وانسانية ضد جنوح حزب البعث نحو قعر هاوية الموت ومفارقه من درعا ودوما وحمص وادلب الى دير الزور والشغور وحماه وحلب وريف دمشق...


وجوه سياسية واعلامية وفكرية وناشطون من المجتمع المدني حضروا وشاركوا في الوقفة تضامنية مع الشعب السوري امام تمثال الشهداء وسط بيروت بناءاً على دعوة وجّهتها مجموعة من المثقفين من مختلف الفئات والخلفيات.


اعلن المشاركون على الملأ شجبهم للعنف الذي يمارس ضد الشعب السوري في ثورته السلمية الديموقراطية، واضاءوا الشموع واطلقوا الهتافات والشعارات والصلوات تضامناً مع الشعب السوري الشجاع والنبيل.

تحدثنا الى النائب في كتلة "المستقبل" احمد فتفت الذي اكّد ان "المشاركة الكثيفة من قلب بيروت تعني اننا جزءاً لا يتجزّأ من الربيع العربي الذي يعيش مرحلة انتقالية اساسية منذ اشهر، ولتؤكد من جهة اخرى على وقوف الشعب اللبناني الى جانب الاشقاء في سوريا الذين يُواجهون بصدورهم العارية بطش الدبابات واجرامها".

واعتبر فتفت ان الحشد الكثيف في ساحة الشهداء يأتي بمثابة رسالة احتجاج عالية النبرة ضد الحكومة اللبنانية لمواقفها المخزية والمعيبة في مجلس الامن من الثورة السورية، والتي اعطت انطباعاً للعالم وكأن الشعب اللبناني يناصر القتل والنظام القابع في قصر المهاجرين".

واذ لفت فتفت الى "ان التحركات الشعبية الجامعة ستتكرر في بيروت"، قال: "سيسقط النظام قريباً ولن يتمكن من الصمود بارادة وصبر ونضال الشعب السوري الابي".

بدوره اكد الكاتب والمحلل السياسي بشارة خيرالله على الطابع السلمي والثقافي والانساني لهذا التحرك، "يُستحيل ان يرى المرء دماء الاطفال والنسوة والابرياء تُراق في الشوارع ويتعاطف مع دبابة او نظام".

واضاف خير الله: "نحن من مدرسة ناضلت كثيراً وهزّت المسمارفي سبيل الحرية والسيادة والاستقلال، ولهذا نعلن رفضنا المطلق للطغيان والعنف والظلم وقمع الناس بمجرد انم يطالبون باصلاحات وبقليل من الحرية وبعيش كريم".
وتابع: "ارادة الشعب الحر ستنتصر لا محال على المنطق الذي يدّعي انه يمثّل 99.99% في سوريا، والتجارب اثبتت من تونس مروراً بمصر وليبا وصولاً الى سوريا انه لم يعد هناك من غطاء على احد حين يقول الشعب كلمته الصارخة".
الناشطة السياسية نوال مدللي والتي شاركت قبل ايام في التجمع الذي دُعي اليه عبر الفايسبوك في حديقة سمير قصير، اعتبرت ان "تواجدنا الليلة في قلب بيروت لتأكيد دعمنا المطلق للشعب السوري ووقوفنا الى جانبه في المحنة التي يمر بها، فالدم المُراق على الارض جمعنا من كل الاطياف لنطلق صرخة مدوية من ساحة الحرية الى كل انحاء العالم تطالب بوقف المجزرة السورية حالاً".
وشاءت مدللي ان تنحني امام نضالات الشعب السوري الذي اثبت انه جباراً قوياً ومتماسكاً وصبوراً لا يخاف ولن يركع للنظام الديكتاتوري".

وابدت مدللي استياءها من اعتداء "الشبيحة" على ناشطين معارضين لنظام الاسد في شارع الحمرا الاسبوع الماضي، كما اعربت عن تخوفها من "ان يتلوّن شارع الحمرا بالاصفر" في اشارة الى "حزب الله" والحزب القومي والبعث وامكانية القضاء على رمزية هذا الشارع الفكرية والثقافية.

وبالتوازي، كان لافتاً حضور عدد كبير من الناشطين في المجتمع المدني غير المنتمين لاي من القوى السياسية المتصارعة. سألناهم عن سبب تواجدهم فأجابوا ان "حضورنا اليوم اخلاقي بالدرجة الاولى ولا يتعلق بالاشتباكات السياسية الداخلية بين هذا وذاك، لأن مشاهد القتل المبكية والمرعبة التي تجاهلت حقوق الانسان وداست عليها استفزتنا بدرجة كبيرة واعادتنا الى ساحة الشهداء من جديد".

وفي التحرك تناقل البعض طُرفة تقول: "الدعوة مفتوحة للشبيحة" و ان "الشبيحة يحضرون لمسيرة سلمية بالشموع تضامناً مع نظام البعث المدرج بالدم ضد الثورة الشعبية المستمرة منذ 5 اشهر".

الناشط السياسي فادي الطفيلي تواجد في الساحة وسط الجموع حاملاً لافتة كُتب عليها: "اذا كانت الثورة السورية مؤامرة... فأنا مع المؤامرة". ويقول الطفيلي "اننا اليوم في الساحة نتضامن مع الشعب المقموع في سوريا منذ اكثر من 40 عاماً تحت شعار الحزب القائد الذي يقف بوجه المؤامرة الصهيونية في المنطقة. انها وقفة متواضعة نوجه فيها رسالة سلام الى كل الاحرار من الشمال الى اقاصي الجنوب السوري".

ووسط الهتافات التي رددت شعارات عدة مناوئة للنظام ومن بينها "الحرية صارت عل باب يلا ارحل يا بشار"، "يا بيروت بدنا التار ومن بشار ومن بشار"، " الله لبنان سوريا وبس"، شاء البعض توجيه رسالة الى كل لبناني متردد في مناصرة الثورة السورية على العلن، داعين اياهم الى الانضمام الى حركة الاعتراض الشعبي وعدم السكوت عن المجزرة الحاصلة في كل مكان".
 
سجل الاعتصام الحاشد مشاركة "غير قليلة" من الناشطين والشباب والطلاب السوريين المتواجدين في لبنان، كما لوحظ تواجد بعض الطلاب المصريين الذين وصفوا بيروت بانها "ميدان العالم العربي"...

الناشط رامي محمود من الجبل الذي اعتبر ان "ما يحصل في سوريا بمثابة بداية لسقوط النظام"، اشار الى ان "تحرّك ساحة الشهداء في بيروت يدل على تفهم الشعب اللبناني لمعاناة الشعب في سوريا في الساحة نفسها التي قيل فيها الكثير من الشعارات "القوية" ضد سوريا بأكملها. الا ان المجتمع اللبناني اليوم فصل بين الشعب الاعزل وبين النظام الفاسد القاتل الذي يمارس فعل الاجرام منذ عقود، لينضم الاحرار الى القافلة نفسها من النضال في سبيل نيل الحرية والسيادة والاستقلال والكرامة".

والى جانب تمثال الشهداء مجموعة من الشابات يضئن الشموع بصمت الى جانب العلمين السوري واللبناني، في مشهد يذكّر بالشهيد سمير قصير الذي كتب عن الربيع العربي وربيع الياسمين والورد في ساحات دمشق.

ما حصل في بيروت ليل امس يدعو الى ترسيخ الايمان بان سقوط النظام في سوريا سيعزز منسوب الديمقراطية والاستقرار في لبنان... انها لحظة الانهيار التي بدأت على وقع صرخات الشعب العربي الذي استفاق تحت شعار "الشعب يريد...".


بيروت عادت الى دنيا العرب... الى مكانها الطبيعي لتواجه انظمة العسكر والممانعة والقهر والشمولية والقتل والظلم والابادة، ولتقف الى جانب الاحرار بكل فخر وبدون مواربة ... انه زمن الاحرار يا بشار ... فإرحل.

سلمان العنداري ... SA  

هناك تعليق واحد: