الثلاثاء، 1 مايو 2012

عيد العمّال ... سلطة تأكل الكنافة ... وشعب يموت جوعاً

عيد العمّال ام عيد الاستعباد؟ ...

يمر عيد العمال في الاول من ايار، والفقر مستمر في لبنان، يرزح في كل مكان. ويبيت بين الازقة والاحياء والقرى وبيوت التنك... يمر هذا العيد والعامل اللبناني غير مرتاح وغير مضمون وغير مستقر. يعمل ليلاً نهاراً ليكسب لقمة العيش وليؤمن الحياة اللائقة لاولاده ولعائلته، وليدفع الفواتير المكدسة في دولة فاسدة متهالكة تنهار تباعاً.

حكومة تأكل "الكنافة" احتفاءاً بنيلها الثقة الهزيلة في مجلس النواب، بعد ان "فاحت" رائحة الفساد من دوائرها ومكاتبها، وشعب جائع يلهث وراء لقمة العيش البعيدة المنال، ويعيش يوماً بيوم، عاجز عن المضي قدماً براحة وهدوء وامان واستقرار.

يمر عيد العمّال، والعامل فقد الامل بكل شيء، جرّاء سياسات الدولة العاجزة عن تأمين الحد الادنى. المعاول هزُلت من شدة التعب، وعرق الجبين لم يعد يكفي لتأمين كسرة خبز وحبّة زيتون، وسقوف التنك الحذرة اقتلعتها رياح العوز بفعل تواطؤ السلطة المتهاكلة، وتراكم خطايا الطبقة السياسية التي عاثت في الارض خراباً وفساداً على مدى اعوام واعوام.

يمر عيد العمّال، والعامل فقد احساسه بالإنتماء لهذا الوطن العجوز. النجّار كما سائق الاجرة، الحدّاد كما الفرّان والفلّاح... كلهم فقدوا ايمانهم بالغدّ نتيجة الاعباء المتراكمة التي لم تعد مقبولة والتي تخطت كل الخطوط والحدود... فقدوا ايمانهم واملهم بشيخوخة مضمونة، وبأيام هادئة يقضونها بعد سنوات وسنوات.

يمر هذا العيد، ويستمر القذر مع العمال بطريقة غير لائقة وغير محترمة لا تحفظ حقوقهم وكرامتهم ووجودهم الانساني. اذ ان العديد من الشركات تتعاطى مع عمالها على اعتبار انهم آلات او ادوات لا اكثر ولا اقل.

يمر هذا العيد، والحياة في لبنان اصبحت شبه مستحيلة على وقع ارتفاع غير مسبوق في اسعار المواد الغذائية والمواد الاساسية، بالتوازي مع ازمة اجتماعية بغاية الصعوبة.

واذا كان الاختناق المادي يلف رقاب العمّال، فان اللحوم الفاسدة والتلاعب بالمواد الغذائية يقتلهم كل يوم، بفعل ثقافة الغشّ المنتشرة بكثرة في كل مكان وزاروب وزقاق في البلاد، هذا ناهيك عن الاسعار النارية التي زادت من متاعب هؤلاء المساكين، واحبطت قدرتهم على الإستمرار في معركة العيش في بلد ضائع ومجنون كلبنان.

ينتشر الفقر والعوز والحرمان على طول البلاد وعرضها، ويضرب "مرض" البطالة او "العمل بالسخرة" جزءاً كبيراً من القوى العاملة التي اصابها اليأس والقرف في بلد يعيش في الماضي ولا يتطلع نحو المستقبل. في بلد يتناتش فيه الفرقاء على الاصوات والصفقات والتعيينات لا اكثر ولا اقل.

يتحدّثون عن انتخابات، ويطلقون نفير حملاتهم الإنتخابية، ويعدّون العدةّ لخطاباتهم الطائفية والمذهبية، ويعتلون المنابر ويتكلمون بإسم الشعب، فيما المواطن قابع في الظلمة بلا كهرباء ولا مياه. يحدّثونك عن الأمل والمشاريع، ويرفعون الشعارات والعبارات، والمواطن الفقير يصرخ، ينام تحت قنابل موقوتة كعواميد التوتر العالي، وتحت قنابل موقوتة على وقع تفجيرات ومحاولات اغتيال وسرقات وتجاوزات في العلن".

يمر هذا العيد، وقد تحوّلت مادة البنزين الى "لعنة حقيقية" باتت تلاحق المواطن الفقير وطالب الجامعة وربّ العمل وسائق التاكسي وخبيرة التجميل والتاجر ورجل الاعمال وكل فئات المجتمع على السواء، اذ ان الارتفاع الجنوني لهذه المادة ينذر بكارثة حقيقية تتهدد البلاد، مُضافة طبعاً الى جملة المشاكل السياسية والصعوبات الإقتصادية التي اضحت اكثر من خانقة وقاتلة وفاضحة.

هذا الارتفاع يكاد يُحرق اللبناني ويغرقه بالمسؤوليات والفواتير والمدفوعات في دولة مليئة بالفساد والوساطات والنكايات بين الأطراف المتصارعة التي تناست همومنا المتفاقمة التي وصلت الى حدود الانفجار.

البنزين بات بسعر الذهب، والمازوت بسعر الكرامات الرخيصة. وعن الامن حدّث ولا حرج، وعن الامن الاجتماعي لا تسل. آلآلف العمّال يُصرفون كل يوم من اعمالهم، وكأنهم سلع انتهت صلاحيتها، في بلد منتهي الصلاحية. تفوح منه روائح العفن، وتنتشر فيه بكتيريا وحوش المال والشركات الوهمية التي تغسل الاموال وتنفقها على صحون الكافيار وجلسات السهر والشاي البرجوازية.

كم نحن بحاجة اليوم اكثر من اي وقت مضى الى ثورة شاملة حاسمة على كل المستويات والاصعدة تطيح بانظمة الفساد، وتعيد بناء هذه الدولة المهترئة والمترنحة بين تقاسم الحصص والمغانم والصفقات السوداء من تحت الطاولات، وبين عدم احترام حقوق المواطن وكرامته ووجوده.

لا نحتاج اليوم الى اسقاط حكومة فحسب، لا بل نحتاج الى اسقاط عقلية مترسّخة في طبقتنا السياسية. عقلية الإستخفاف بعقولنا، واستغلال عواطفنا وطيبة قلبنا. عقلية الإلتفاف على المواضيع، والقفز فوق قضايانا.

نحن بحاجة الى اتحاد عمالي عام قوي وفاعل ومتحد وليس غارقاً في وحول السياسة والفساد والتبعية لهذه الفئة او تلك. وكم نشتاق لحركة طلابية متعاونة ومتضامنة تخرج الى الشوارع وتملأ الارض بصرخات شبابها للمطالبة بحقوق الناس وكرامتها ومستقبلها وامنها بدل التظاهر بشعارات طنانة رنانة تزيد الانقسام والخلاف والانشقاق.

كم نحن بحاجة اليوم الى لبنان جديد، يستعيد فيه اللبناني شعوره بالإنتماء والامن والاستقرار بدل الاستمرار في التأرجح على حبال الخوف والقلق، والغرق بالديون والفواتير والمسؤوليات المرهقة.

يا ترى هل تنفع العطلة الرسمية في هذا العيد، في وقت لا يُحسب للعامل حساب في لبنان؟، وهل ينفع الكلام والشعارات في وقت يتهافت فيه السياسيون ويتسابقون على قتلنا كل يوم؟.

نحتاج إلى شارع نابض لا يخاف ولا يستسلم ولا يغض النظر عما يتعرض له العمال من اذلال وعدم مساواة لينتفض على القهر والفقر والمعاناة.

انه يوم العمال، يوم الفلاح والمزارع والموظف والاستاذ والمدرّسة والكاتب والشاعرة، يوم السائق والحرفي، انه يوم المساكين والمناضلين المبارك رغم كل المعاناة والصعوبات التي نواجهها. فهل يجوز السكوت عن الممارسات التي تحصل يومياً على مرأى ومسمع من عيوننا وآذاننا؟، وهل يجوز التغاضي عما يقوم به رجال الاعمال والمافيات والعصابات من سياسات تعيث بالارض خراباً وفساداً وتعمّق الهوة بين الطبقات والناس؟. وهل يجوز استمرار الفساد والافساد والبطالة والهجرة؟.

وفي الانتظار سؤال: متى يستعيد العامل كرامته في لبنان؟...

سلمان العنداري ... SA

هناك 6 تعليقات:

  1. اسامة ضناوي1 مايو 2012 في 1:00 م

    ممتاز كالعادة رفيقي العزيز ..للأسف عمال لبنان يعملون ليطعمون الغير

    ردحذف
  2. متى يستعيد العامل كرامته في لبنان؟...

    ردحذف
  3. شكراً اسامة على تعليقك ، بالفعل انه يوم المساكين في لبنان قبل ان يكون يوم عيد العمال
    تحياتي

    ردحذف
  4. الله يتولنا جميعا برحمته

    ردحذف
  5. مقالة ممتازة بتفش الخلق

    ردحذف
  6. Räumung wien
    شكراً لك صديقي على قراءاتك الدائمة

    ردحذف