الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

تلة الارز ... هناك رفع العلم اللبناني الاول


"على سفح جبل فالوغا حيث عسكر الفوج الوطني الاول الذي تسلّمته السلطات اللبنانية المستقلة بقيادة المقدم جميل لحود، يستظل العلم اول علم لبناني يرمز الى السيادة والمجد ويخفق عالياً في الفضاء، لتخفق معه قلوب الجيش اللبناني وشعبه حبّاً وعزةً وعنفواناً"...

 حُفرت هذه الكلمات على لوحة تذكارية موجودة على تلة الارز التاريخية التي ترتفع نحو 1600 متر عن سطح البحر، وتقع في اعالي بلدة فالوغا في منطقة المتن الاعلى حيث رًفع العلم اللبناني للمرة الاولى.

يروي رئيس بلدية فالوغا سمير غانم القصة في فترة الانتداب "اذ كان الفرنسيون  قد انشأوا جيشاً من اللبنانيين والسوريين عًرف بالفرق الخاصة وقوامه 16 الفاً، منهم 7 الالف لبناني ، وكانت هذه الفرق تحت القيادة الفرنسية. وحين بدأت معركة الاستقلال، طالب اللبنانيون بتسلم الجيش وادارة شؤونه، الامر الذي قوبل برفض فرنسي تحت ذريعة ضرورات الحرب العالمية الثانية ، وكانت المنطقة المعروفة بمنطقة الصحة في فالوغا تشكل احد اهم المراكز العسكرية للتدريب".

ويضيف غانم: في خريف عام 1943 وقبل نيل الاستقلال الاول بايام، كان احد كبار الضباط الفرنسيين يقوم بجولة على المراكز العسكرية ومنها فالوغا، فأعد له حفل استقبال لمناسبة الزيارة. حينها كان المقدم ورئيس فرقة القناصة جميل لحود ورفاقه الضباط عادل الحلبي، عزيز الاحدب، وجميل الحسامي وسعد الله النجار وججورج معلوف وجورج معكرون وفؤاد قديس وريمون الحايك موجودون في الموقع العسكري، وقبيل بدء مراسم الاستقبال المقررة قام لحود بالتعاون مع الضباط بانزال العلم الفرنسي من على تلة الارز الاستراتيجية ورفع العلم اللبناني الجديد مكانه".

ويعتقد غانم ان هذا التمرد على الاوامر الفرنسية "كان بطوليا لهؤلاء الضباط الذين سطروا بأياديهم مرحلة مهمة ومفصلية من مراحل هذا الوطن وتاريخه. فالجرأة التي تمتعوا بها جعلتهم يستبدلون العلم الفرنسي بالعلم اللبناني في رسالة قوية لرفض الاحتلال والاستعمار وحق الشعب في تقرير مصيره. وبالتالي فان رفع العلم الوطني الذي اتفق عليه في بشامون من قبل المناضلين في حكومة الاستقلال آنذاك اكد تعطشهم لنيل الحرية والتخلص من تبعات الانتداب الطويلة".

هذه الواقعة البطولية تحولت مناسبة رسمية، اذ تقيم البلدية كل سنة احتفالاً رمزياً في اعاليها لاحياء الذكرى حيث تلتقي الشخصيات الثقافية والاجتماعية والسياسية في البلدات المجاورة على اختلافها، لتصبح تلة الارز معلماً سياحياً وتاريخياً يكتسب اهمية بالغة.

وفي هذا الاطار طالب غانم وزارة السياحة بالاهتمام بالموقع وادراجه على الخارطة السياحية اللبنانية ووضعه ضمن اولوياتها، كما طالب وسائل الاعلام بتسليط الضوء على هذه التلة واعطائها حقها التاريخي في معركة الاستقلال ومسيرة النضال.

ودعا كل الشباب الى زيارة هذا الموقع "الذي تحتضنه اشجار الارز ومآثر الماضي العريق. فللعلم اللبناني بعده الرمزي والمعنوي، لانه يعمق الشعور بالانتماء الى الوطن والولاء له، ولهذا يجب ان نعمل جاهدين للمحافظة على السلم الاهلي والاستقرار في هذا البلد باي شكل من الاشكال، لكي نحفظ استقلالنا سنة بعد سنة، تماماً كما فعل الضباط الاحرار عام 1943 عندما اجتمعوا من كل الطوائف ورفعوا العلم اللنباني الاول على تلة الارز".

نصيب التلة من حكايات الاستقلال يكاد لا ينتهي، ففي ربيع عام 2005 وبعد انسحاب القوات السورية من لبنان، احتفل عدد كبير من الشباب بالاستقلال الجديد، فزاروا الموقع الذي يشرف على منطقة "المغيتة – المديرج" التي تمركزت فيها القوات السورية بعتادها وعديدها ومخابراتها لاكثر من 30 عاماً، خانقة هامش حريتهم وامنهم وسلامهم وسكينتهم. فرفعوا الاعلام اللبنانية التي جاؤوا بها من ساحة الحرية مؤكدين ان مسيرة السيادة والاستقلال التي بدات عام 1943 تستمر اليوم بشبابها وقدرتهم على التغيير والوقوف بوجه الاحتلال اياً كانت اشكاله والوانه.

اليوم التاريخي:
زار الضابطان عزيز الاحدب وجورج معلوف تلة الارز قبل نحو 4 سنوات، واستذكرا مع الاهالي اليوم التاريخي عندما رفعوا العلم اللبناني متحدين الاوامر الفرنسية.

على مر التاريخ :
على مر التاريخ كان العلم اللبناني ابيض اللون تتوسطه شجرة الارز، وفد اعتمد بعد سقوط الدولة العثمانية، وفي عهد الانتداب اخذ العلم اللبناني شكل العلم الفرنسي لكن تتوسطه شجرة الارز الخضراء، اما العلم الحالي فقد ظهر خلال ثورة بشامون في تشرين الثاني من العام 1943، ورفع في كل المناطق اللبنانية وقد اقره مجلس النواب اللبناني في كانون الاول من العام نفسه.

العلم بالالوان:
 يرمز اللون الاحمر في العلم اللبناني الى دماء الشهداء التي اريقت في تشرين الثاني عام 1943، ويرمز اللون الابيض الى بياض الثلج الذي يغطي قمم جبال لبنان وهو يرمز الى السلام والصفاء والطمأنينة، اما شجرة الارز التي استمدت من جبل لبنان فترمز الى القداسة والخلود والصمود والعراقة.

سلمان العنداري ... SA
مقالة نُشرت في نهار الشباب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق