الاثنين، 14 فبراير 2011

MOULIN ROUGE ... بين الراقصة والكاتب

Moulin Rouge ...اروع الافلام الرومانسية

مللت السياسة ومشاهدة الاخبار ومتابعة الاحداث المتسارعة، ومللت صور الزعماء والخطابات التقليدية. وتعبت من اجراء المقابلات وكتابة التحقيقات التي تُعنى بالامور السياسية، حيث يُكرر رجال الشأن العام الكلام نفسه كلّ يوم... كفى ... حان وقت الكتابة عن الحبّ على طريقتي.
لن اكون تقليدياً في هذا العيد، ولن اكتب الاشعار والقصائد والمعلّقات على مدونتي، ولن اسرد القصص المملة والطويلة والمضجرة. ولن ابوح بسرّ لحبيبتي، ولن انثر باقات الزهر والورود، ولن ادلي ببيان عشق او غير ذلك من امور. اذ قررت ان اعود بالزمن الى العام 2001، حيث علقت في ذهني مشاهد سريعة اكاد لا انساها الى هذه اللحظة من فيلم اكثر من رائع يحكي قصة حبّ غريبة، حزينة وصاخبة في الوقت نفسه... وقد اخترت لهذه المناسبة التطرق الى فيلم "مولان روج" الذي حقق اكثر من 60 مليون دولار في دور العرض الاميركية، والذي تم ترشيحه لاكثر من 6 جوائز اوسكار، ومن بينها افضل فيلم، افضل ممثلة، وافضل ازياء، وافضل صورة.
تدور قصة "المولان روج" في اوائل القرن العشرين في العاصمة الفرنسية باريس التي كانت تعتبر حينذاك عاصمة العالم الثقافية، وتجري أحداث الفيلم الغنائي الاستعراضي ضمن لمحة قصصية تستند إلى علاقة بين راقصة في نادي "الطاحونة الحمراء"  الليلي الشهير ساتين، وشاب بريطاني مسيحي ينتمي الى الحركة البوهيمية التي عرفت في تلك الفترة.


و"مولان روج" هو الملهى الاكثر فحشاً وفخامة في باريس، حيث الصدور العارية والاجسام المضاءة التي تؤدي على المسارح القديمة في محاولة لاثارة الجمهور رقصات مبهرة وبهلوانية ومشاهد وعروض معلقة بالهواء، وازياء مصنوعة من الريش والاحجار الكريمة والالوان البراقة والملفتة للانظار والموقظة للشهوات ونارها الحارقة.

مشاهد الرقص المثير والالوان الفاقعة، والحركات البهلوانية، والموسيقى الصاخبة والرومانسية تكاد لا تغادر فكري وعقلي منذ 10 سنوات. "فالطاحونة الحمراء" التي تفتح ابوابها للارستقراطيين والاغنياء واصحاب النفوذ للتمتع بأجساد الفتيات المومسات وراقصات الليل اللواتي يبحثن عن كسب المال وتحقيق الشهرة، شهدت قصة حبّ جامحة بين ساتين (نيكول كيدمان) المومس الاغلى ثمناً في الملهى، وكريستيان الكاتب البريطاني المسيحي الذي يبحث عن الشهرة وتحقيق طوحاته الادبية.


ويعتبر النقاد ان الفيلم يحمل رمزيات اجتماعية كبيرة، اذ يتطرق إلى فترة سادت بعد الحرب العالمية الأولى، والصراع الذي دار وقتها بين مقومات القوة والعناصر الإنسانية التي تآكلت بعد الحرب، واختار المخرج "باريس" العاصمة الثقافية حينها للعالم كله.  كما اختار أيضا الحركة "البوهيمية" وفتيات النادي الليلي الذي يحمل الفيلم اسمه ليخوض في قاع المجتمع بكل ما يحمله من تمرد من جانب، ومن استسلام شبه كامل لنفوذ القوة الاقتصادية والاجتماعية ببيع أجساد الفتيات، وتحويل الإنسان إلى سلعة صالحة للبيع من أجل استمرارية الحياة بحدها الأدنى.
هذا وكانت الحركة البوهيمية قد انتشرت في فرنسا منذ اواسط القرن التاسع عشر، حيث كان هذا المفهوم يدل على الفنانين الذين يعيشون ويدعون إلى التفكير الحر المطلق غير المقيد، في محاولة منهم لاضفاء أسلوب خاص في نتاجهم الأدبي أو الفني، ولم يكن هؤلاء يمتثلون في سلوكهم وأعمالهم إلى أعراف المجتمع وتقاليده.


تنشأ العلاقة بين "الراقصة والكاتب" بعد ان قام الشاب البريطاني بتأليف مسرحية تلعب بطولتها "نيكول كيدمان"، ويشرف هو على اخراجها بعد صدفة طريفة جمعتهما في الملهى. ليخلق التواصل المستمر بينهما علاقة حب اخذت تتعمّق مع الوقت، الا ان ما يزعزع هذه الصورة الجمالية هو تدخّل الدوق الانكليزي الثري الذي يجسد علاقة القوة من خلال ثروته الطائلة، حيث ربط استمرارية العمل في مسرحيته، بل استمرارية الملهى الليلي بأكمله وحياة من يحصلون على لقمة عيشهم من خلاله بارتباط البطلة ساتين به، وانهاء حالة الحب التي تربطها وحبيبها.

ويُظهر الفيلم ان وقوع ساتين وكريستيان في الحبّ جعلّ كل منهما مستعداً للتضحية بحياته من اجل اجتياز كل العوائق وانتصار تلك القصة الجامحة بين قساوة الواقع ومرارته، وبين بطش قوة المال وجبروته. 

ساعتان من الابهار والرومانسية والاحداث المتسارعة تعيشها في الفيلم، رقص لا متناهي يتنقل بين قاعات الملهى الليلي ودهاليزه، بين رقصة الكان كان المثيرة، وعلى وقع تسلسل فصول قصة الحب بين ساتين وكريستيان، وبين الدوق الثري الذي أغرم بدوره بساتين، والذي حاول بشتى الوسائل انهاء علاقتهما الناشئة بالتوازي مع الاستعراض الموسيقي الضخم الذي يتم التحضير له.
المشاهد الاخيرة من الفيلم الاسطوري مأساوية الى حد كبير، اذ تموت ساتين بمرض السلّ بعد ادائها المشاهد الاخيرة للمسرحية التي تحكي قصة حبها مع كريستيان. الا انها تبقى في قلب الكاتب لتتحول مصدراً لالهامه الفني والثقافي والابداعي بعد رحيلها المفجع. 
الموسيقى الخافتة، والتي تدل على حجم الخسارة والالم والحسرة من فقدان "فتاة الماس"، ومعبودة قلب كريستيان تكاد تدمي القلوب... فتلك النجمة الساطعة التي كانت تضيء الملهى الاحمر انطفأت، وانطفا معها قلب حبيبها الذي قرر الاستمرار بحياته ببؤس ويأس وعيش في ذكريات الماضي.
ذهبت ساتين بعيداً... غادرت عالم الليل واسراره ومتاعبه ... انتهت قصة الحب بين الراقصة والكاتب... الا ان صوتها الحزين، ولمعة التعاسة التي سكنت عيونها، وقلبها الذي نبض وآمن بالحياة، بقيت اصداؤه تُردد في ارجاء ذاك الملهى الصاخب... مولان روج.
I follow the night... Can't stand the light... When will I begin To live again... One day I'll fly away.. Leave all this to yesterday... What more could your love do for me When will love be through with me?... Why live life from dream to dream .... And dread the day When dreaming ends ...One day I'll fly away Fly, fly   





SA -

هناك 4 تعليقات:

  1. Great review, and a unique way to writes something at valentine's ..

    ردحذف
  2. thank you dany for your comment
    really it was a great and a special movie at all times
    SA

    ردحذف
  3. الحب الخاص بالروايات و الأفلام ..نحبه و نهوى متابعته لكي نقنع أنفسنا باستمرار ان الشغف ما زال موجوداً و نريد معرفة كيفية التماهي معه..
    نفد رائع و متسلل بطريقة احترافية ..من أجمل الأفلام خصوصاً انه ليس من فئة ال Happy Ending

    ردحذف
  4. شكراً دينا على قراءتك المدونة
    بالفعل انه فيلم اكثر من رائع طبع في ذاكرتي منذ اكثر من 11 عاماً

    ردحذف