ينقسم الشارع المسيحي اللبناني فسطاطين في ما
يتعلّق بالنظر الى الثورة السورية ومستقبل المنطقة في حال سقوط نظام بشار الاسد
ومع استمرار الربيع العربي.
البعض يرى ان سقوط نظام بشار الاسد سيُعرّض
الاقليات الدينية في سوريا لخطر شديد، ولتهجير وتنكيل، خاصة من قبل بعض الجماعات
الدينية المتطرفة والمتشددة التي تريد "الاقتصاص" من المسيحيين الذين لم
يعارضوا بشدة نظام الاسد طوال الفترة الماضية. ويعتبر البعض الاخر ان اي نظام جديد في سوريا سيعيد ترتيب الخارطة السياسية، وسيعطي الاقليات حرية كبيرة وواسعة في السياسة والمجتمع وفي الحياة العامة، بدل الاستمرار في القمع والخوف المستمر منذ عقود وعقود.
وفي لبنان تعتبر القوى السياسية المعارضة للنظام السوري ان سقوط الاسد سيُنعش الوجود المسيحي في المنطقة وسيعيد الى الاقليات المسيحية في سوريا ولبنان وهجاً جديداً، خاصة وان هذا النظام المستمر منذ عقود يعتمد استراتيجية التخويف والتهديد، على اعتبار ان اي سقوط للنظام سينعكس على وجود المسيحيين وسيعرضهم للتهجير القسري.
لقد ولّد تصريح البطريرك الماروني بشارة الراعي المتعاطف ضمنيا مع النظام السوري في سبتمبر الماضي صدمة لكثير من المسيحيين اللبنانيين، واتى هذا التصريح من الصرح المسيحي الماروني الأعلى في لبنان، الذي عانى 29 سنة من الاحتلال السوري بقيادة حافظ الأسد وابنه بشار.
مواقف البطريك الماروني خفتت مع الوقت ومع استمرار العنف والقتل في
سوريا يوماً بعد يوم على يد النظام. اذ يعيش المسيحيون كما المسلمين في لبنان
ترقّباً شديدا لما يمكن ان يحصل في المستقبل القريب في سوريا.
قسماً كبيراً من المسيحيين في لبنان يرى ان سوريا ليست ناضجة بعد
للديمقراطية ويرى ان نظام الاسد يحمي الاقلية المسيحية وان هذه الاقلية التي تشكل
5% من مجموع سكان سوريا، "ستضرر كثيرا اذا سقط نظام الاسد". وبرأيهم فان
الكثير من السوريين يخافون التغيير
خوفاً من الآتي، والأقليات أكثر خوفاً من التغيير ومنهم المسيحيين.
يرفض المحللون مقولة التطرف والتهجير وتشبيه المستقبل السوري بما يحصل
في العراق اليوم من موجات تهجير جماعية للمسحيين. مما لا شك أن التطرف وعدم
الاستقرار الذي حل بالعراق بعد الغزو الأميركي تسببا بمعاناة وآلام وقتل وهجرة
الملايين من العراقيين. لكن تغيير النظام بغزو هو غيره عندما يكون التغيير نتيجة
لإرادة شعبية تعبر عن نفسها بتظاهرات سلمية مثلما يجري في سوريا حاليا.
ويعتبر المحللون ان القول بأن ما يحدث في مصر ايضاً من اعتداءات على
الاقباط في كل فترة سيحصل في سوريا ولبنان في حال سقوط النظام، ويتهمون النظام
السوري بأنه ليس بريئا من إشاعةهذه الفكرة أو الصورة بأن المسيحيين سيتضررون من
التغيير في سوريا.
المعارضون المسيحيون في سوريا يفضلون البقاء
على الحياد رغم معرفتهم ان بقاء النظام بشار الاسد لن يكون لصالحهم، ولكنهم يخافون
من التنكيل بهم ومن انتقام النظام منهم في اي لحظة من اللحظات، خاصة وان درجة
الجنون وصلت الى تفجير كنائس من قبل رجال النظام للايحاء بان حرباً طائفية تقودها
المعارضة هدفها الاول والاخير المسيحيين.ومنذ 3 اشهر، نشرت صحيفة الصليب اليومية رأي الكنيسة الكاثوليكية السورية خلال اجتماع جمعيات الإغاثة الكاثوليكية في روما على لسان اسقف يمثلها يعيش وويعمل في سوريا حيث قال: إن الثورة السورية هي ثورة شعبية حقيقية موجهة ضد نظام ديكاتوري دموي يدعم شبكة من الفساد الفاضح ويضيق على الحريات بشكل مستمر، وإن ادعاءات النظام السوري بوجود عناصر أجنبية متطرفة تسللت إلى سوريا ليخيف المسيحية من جهة، وليقدم التبرير للجوئه إلى أقصى درجات العنف.
-
معارضة
النظام بشكل صريح وواضح، وتكذيب كل ما ينشره من اشاعات، واثبات عكس ما يقال عن
الاقليات المحمية والنظريات التي تُبقيهم في دائرة الخوف والاستبداد.
-
البقاء
على الحياد الى حين اتضاح الصورة الداخلية والاقليمية، واتّباع سياسة وسطية لا
تساير النظام ولا تعارض التغيير.
-
مناصرة
النظام والجري بعيداً عن الربيع العربي والحراك الشعبي، والبقاء تحت عباءة النظام.
بكل الحالات، ان مستقبل المسيحيين كما مستقبل سوريا، غامض وغير معروف. على امل ان توضّح الاشهر المقبلة معالم الحياة السياسية في سوريا والمنطقة.
مقالة نُشرت بالتوازي مع موقع www.beirutobserver.com