الاثنين، 16 يناير 2012

الربيع العربي في سنته الثانية... المطلوب هو الصمود


الربيع العربي ... لن يتوقّف ... 

يوم 14 كانون الثاني من العام الماضي، وفي بعد ظهر عاصف، اطاح الشعب التونسي بالرئيس زين العابدين بن علي ونظامه بعد عقود من البطش والإستغلال والإفقار والفساد.

هرب الدكتاتور وعائلته وترك بلاده التي انتهكت بفعل سياسته البالية. انتصرت تونس على الوحش، وكانت فاتحة الربيع العربي الذي فتح ابواب السجن الكبير.

استفاقت تونس صبيحة اليوم التالي على حرية... مستقبل جديد كُتب للعالم العربي سطّره بائع الخضار البوعزيزي الذي احرق نفسه رفضاً لنظام لم يعط اي قيمة للإنسان وحقوقه ومستقبله.

سنة على الثورة، نجحت تونس في رسم معالم نظام ديمقراطي جديد, بينما العالم العربي يتخبّط من المحيط الى الخليج بسيرورة صعبة ومُكلفة نحو الحريّة والامل بغد افضل.

الثورة التي هزّت الصمت العربي والتي اسقطت العروش والجبروت والتسلّط من اقصاه الى اقصاه مستمرة في سوريا حيث القتل لا يتوقف، والدم لا يبرد، والقمع لا يستكين. سوريا التي قلبت الموازين وهشّمت صورة بشار الاسد الذي عاث في الارض خراباً وفساداً تحت شعار الاصلاح والتغيير، ها هو اليوم يتساقط كأوراق الشجر من شدة الافلاس والاجرام الفاضح امام العالم اجمع.

الثورة مستمرة في مصر، حيث الصراع الحاد بين المجلس العسكري وفلول النظام والشبق الى السلطة، وبين ارادة الثوار وحلم الشعب بدولة مدنية حقيقية تليق بالدم الذي سقط في ساحة التحرير، وبصرخات ايقظت الضمير العربي من سباته.

الثورة مستمرة في اليمن السعيد الذي قرر شعبه عدم الاستسلام او الرجوع الى الوراء الى حين تحقق كل المطالب، والوصول الى دولة قادرة على الحياة، لا دويلة تموت كل يوم موتاً بطيئاً دون اي رحمة.

الثورة مستمرة في ليبيا التي تعاني اليوم بعض الخلافات. ليبيا التي اقتلعت معمر القذافي من جذوره. ليبيا الشعب الذي اضطر تحت ظروف صعبة العيش تحت ظلّ الكتاب الاخضر - المهزلة لرئيسه المجنون.

الثورة مستمرة في المغرب والاردن والبحرين والمملكة العربية السعودية والكويت وقطر. انتهى زمن الصمت، الشعب يريد الاصلاح والتغيير، يريد استرجاع كرامته المفقودة منذ عشرات السنين.

وبالتزامن مع هذا الربيع، فإن حمامات الدم مستمرة في كل ساحة وميدان. والانظار متجهة هذا العام نحو العراق ما بعد الانسحاب الاميركي. فهل ينجح هذا البلد في التخلص من الطائفية والمذهبية، وهل تنجح بغداد في العودة الى عصرها الذهبي؟ وهل يتمكن الشعب العراقي من رسم المستقبل بخط بياني واضح بعيد عن سياسة التخاطب بالعبوات والسيارات المفخخة؟.

ومن بيروت، حيث انطلق هذا الربيع عام 2005، المطلوب اكثر من اي وقت مضى اعادة احياء الحركية السياسية والشعبية والنبض الشعبي، للقضاء على الطبقة السياسية الحاكمة وعلى كل اشكال الفساد. فبيروت، ملّت تكرار مشاهد الحرب، والبقاء في بقعة العتمة رغم انها العاصمة الحقيقية التي غنّت الحرية وكسّرت اغلال الوصاية والاحتلال.

قد يكون خوف الاقليات مشروعاً في سنة الربيع العربي الثانية. وما ننتظره هو انخراط كل المجموعات الدينية والاثنية والسياسية المتنوعة في الحياة السياسية، من قبل الجماعات التي وصلت الى الحكم عبر الانتخابات العامة، على غرار الاخوان المسلمين. فالمطلوب من الاخوان استيعاب هذه المجموعات واعتبارها جزء لا يتجزأ من المكون الاجتماعي والمدني والسياسي للنظام الجديد.

بإختصار. لقد دخلنا عصراً جديداً. فلا بد من بناء مستقبل مزهر بالامل والتعاون والاعتدال قبل كل شيء. من دون ان ننسى اهمية دور الشباب في اي ثورة واي تغيير، وضرورة اصلاح الجامعة العربية الهرمة التي تتعاطى بإزدواجية فاضحة ومذلّة لا تحترم ارادة الشعب في تقرير مصيره.

سنة على الربيع العربي، والنضال مستمر، والاحباط ممنوع. والطريق طويل حتى تحقيق كل الاهداف وايفاء هذا الحراك الضخم حقّه، الا انه قد يكون المطلوب انتفاضة على الانتفاضة، وانتاج ربيع جديد على الربيع الفتيّ قبل فوات الاوان وضياع الفرصة. 

إلى ذلك... تحية الى كل عربي، وكل شهيد ومناضل في كل ساحة. 

سلمان العنداري ... SA


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق