متى يعود لبنان ؟ |
من يزور لبنان هذه الايام يترك دمعة دون
ابتسامة على كل مفرق ومعلم وطريق ومدينة. الحياة معدومة في هذا البلد بالرغم من
حركة المهرجانات الصيفية التي تعوّد عليها اللبنانيون والمصطافون العرب.
لا حياة في هذا البلد. برودة لا تُطاق، وموسم
اصطياف حزين لم يسبق له مثيل منذ عشرات السنوات. الناس تبكي بحرقة قلب مماّ يحصل
اليوم، ومن موسم انهار كلياً بفعل الاشتباكات السياسية والامنية والطائفية الحاصلة
كل يوم.
يوم اول من امس كنت في طريقي الى بيروت، مررت
ببحمدون قرية الاصطياف الشهيرة التي لا تنام. وجدتها فارغة، الا من بعض الاضواء
والموسيقى الخافتة التي زينت لياليها.
وفي
عروس المصايف عاليه المشهد اكثر سواداً. بعض المارة وشرطة البلدية تصول وتجول،
وزحمة خفيفة وخجولة. وعيون تكاد تكون مذهولة بعنف مشهد الافقار وبواقع شديد
القساوة في كل مكان.
اما بيروت التي تحاول ان تعيش يومياتها، تسعى
بجهد جهيد الى اعادة رسم ملامحها التي اختفت واضمحلت بفعل الاشتباكات والاقتتالات
المفاجئة التي تحدث فيها اسبوعياً دون سابق انذار.
بيروت الساحرة تفقد نكهتها كل يوم، من بحرها
وصولاً الى شوارعها الرائعة، التي تعاني بشدة ضيقاً اقتصادياً شديد الصعوبة.
بيروت تحولت الى بؤرة امنية خطرة لا تليق
بروّاد السهر والحب وبالكتّاب والمثقفين والشباب. من شارع الحمرا المتّشح باللون
الاصفر، وصولاً الى الوسط التجاري الذي يتكاذب على نفسه ليقول ان البلد بالف خير.
كل شيء اختلف في بيروت التي لم تعد تعرف طعم الهدوء.
اما قريتي، فالوغا، المتنية العالية، المشهد
هنا يُدمي القلوب. اصحاب المقاهي والفنادق ينتظرون، ويتأملون علّهم يتنفسون
الصعداء، الا ان التحذيرات الامنية التي اطلقتها سفارات دول الخليج، والمشهد
الغارق بالدخان والنار في كل مكان حجب الرؤيا عن بلدنا الملعون، وحرمه صيفاً هادئاً
يسمح لكل مواطن بكسب عيشه وتأمين لقمة الخبز ومستلزمات الحياة قبل الشتاء البارد.
بصراحة اشعر بحزن شديد، وبغضب اشد ممّا وصلت
اليه الامور هنا، فالجنة المعلّقة بين السماء والارض تتقهقر كل يوم. ولا من يسل عن
معاناتنا اليومية.
لا حكومة ولا نواب ولا طبقة سياسية، ووحوش
المال تقضي اجازاتها في الخارج، ويقولون ان البلد بالف خير، وانهم يحرصون على
الامن والسلامة والاستقرار.
نعيش في دولة كذب، دولة فساد. دولة انتهت.
انها دولة الزعران والشلل والشبيحة. دولة دفعتنا لليأس والهجرة والسفر... ويا
لبنان الجميل... متى تعود ...؟
يُتبع
يُتبع
سلمان العنداري ... SA