يقف لبنان اليوم امام استحقاق مصيري في تاريخه الرياضي. اذ يواجه المنتخب الاماراتي في كرة القدم على ملعب "ال نهيان" في نادي الوحدة في ابو ظبي، ضمن التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم الـ20 التي ستسضيفها البرازيل عام 2014.
اللبنانيون يأخذهم الحماس الى ابعد حدود. الأعلام والشعارات الوطنية ملأت الاحياء والازقة في كل المناطق. والرسائل القصيرة اجتاحت الهواتف المحمولة. وعلى موقع التويتر، تدفّقت آلاف التغريدات المُشجّعة للمنتخب الوطني. وكذلك الامر على موقع الفايسبوك حيث التعليقات والأغاني الحماسية التي تُطالب المنتخب الوطني بتحقيق الفوز الكاسح على نظيره الاماراتي.
الفرصة التاريخية امام منتخبنا الوطني قائمة لتحقيق الانجاز التاريخي. ففي حال التعادل مع الامارات او الفوز عليها، فان الحظوظ والفرص ستكون عالية لاجتياز المرحلة السادسة والاخيرة التي تسبق التأهّل الى نهائيات اضخم حدث رياضي على الاطلاق.
وبعيداً من انقساماتهم الداخلية، يلعب ابطال منتخب لبنان يداً بيد من اجل تحقيق الفوز وتأمين الانتصار ورفع اسم بلدهم عالياً في السماء. وكلمة حقّ تُقال، اذ يستحق كلّ لاعب من هؤلاء التصفيق الحاد والتقدير والاحترام. فلاعبو المنتخب اللبناني تفوّقوا على الطبقة السياسية التي تتقاتل وتتناحر منذ عقود وعقود بشراسة على المغانم والمكاسب والاموال الطائلة، طبعاً على حساب الشعب والمواطن المسكين وكرامته التي هُشّمت وتُركت لقدر ضائع بين السفارات واحزمة البؤس.
اللبنانيون غارقون في كراهية بعضهم البعض، وفي التقاتل الاعمى على الصفقات، في بلد يلهث في كومة من في الفقر والعوز واليأس والدمار، وفي دولة تحولت الى دويلة من شدّة الطائفية والمذهبية، ومن حدّة التآكل الذي اصاب كافة المؤسسات، ناهيك عن العقلية الزبائنية التي حوّلت المواطن الى سلعة تُباع وتُشرى على حلبة الصراعات الدامية.
لو يتوحّد اللبنانيون على كلّ القضايا الوطنية تماماً كما يفعلون اليوم. فكما صوّتوا لمغارة جعيتا، وكما فرحوا للانجاز العالمي الذي ناله الاديب امين معلوف، وكما احتفلوا ببيروت العام الماضي عندما اخيرت كواحدة من اجمل العواصم العالمية، فاللبناني مدعو اكثر من اي وقت مضى للتحلّي بروح المسؤولية الوطنية على كل الاصعدة والمستويات، ولمحاسبة من يسرق منه احلامه ويقتل فيه طموحاته ويزرع فيه الاحباط.
اضافةً الى ذلك فان اللبناني مدعو للتخلي عن عقليته البسيطة الطيبة، التي تسمح للقيادات السياسية باستغلاله بالشعارات الطائفية والمذهبية البغيضة، وبالتالي فما المانع من ان يتحلّى اللبناني بهذه الوطنية طوال الوقت؟، ولماذا لا نقاتل بشراسة كل يوم لمصلحة لبنان وشعبه، بدل تعميق الانقسام الهوة بين ابناء الوطن الواحد؟.
وفي رسالة لافتة ومعبّرة تبادلها الالاف على اجهزة "البلاكبيري" تقول: "لبنان كلّه يلعب اليوم، يتوحّد عمر مع علي وطوني مع وليد، ويهتف ابن طريق الجديدة الى ابن الجنوب، وابن بعلبك الى ابن الشمال، اليوم سننسى جميع مذهبنا ويصبح مذهبنا الوحيد هو المذهب اللبناني ولعيونك يا منتخب".
على كل حال، يحق للبناني ان يفرح بانتصار المنتخب الوطني، يحٌق لنا ان ننسى آلامنا واحزاننا ومشاكلنا اليومية للحظة واحدة، وان نشعر بفخر حقيقي باننا ابناء هذا البلد. يحقّ لنا ان لا ننظر الى الوراء، ان لا نعود الى واقعنا البائس الذي يغرقنا كل يوم بمزيد من المستحيلات والصعوبات. يحقّ لنا ان نكون على مستوى راق من المسؤولية، وعلى قدر كبير من حبّنا لوطننا ولمصالحنا العليا.
وعلى وقع الحماسة الشديدة، والروح الوطنية "الضاربة" التي اصابت "الشعب" والدولة التي وعدت اللاعبين بمكافآت لم تُصرف بعد، يقول كل الشعب اللبناني بصوت واحد: "قلوبنا معكم يا مجد العز يا ابطال الارز. هذا وقت الارز انها ساعة الوطن لانه عندما تطلب الارزة الدعاء فالكلّ معك يا لبنان".
سلمان العنداري ... SA