شهدت العاصمة بيروت وبعض الأحياء المحيطة بها تحركات مشبوهة لعناصر "مشبوهة ومعروفة" صباح اليوم الثلثاء. حيث انتشرت عناصر غير مسلحة على شكل تجمعات منفصلة في شوارع واحياء حيوية من العاصمة. كالبسطة وتقاطع بشارة الخوري النويري الطيونة والاسكوا والكولا وطريق المطار وغيرها من المناطق، مما ادى الى حالة من الحذر والرعب دفعت اهالي العشرات من الطلاب الى الامتناع عن ارسال ابنائهم الى المدارس، فيما أقفلت بعض المدارس الاخرى ابوابها بفعل حالة الرعب التي سادت، كما قرر عدد كبير من اللبنانيين عدم التوجه الى اعمالهم في تلك المناطق.
القوى الامنية وكعادتها أتت متأخرة، فنفذت وحدات الجيش انتشارا مؤللا وراجلا في المناطق التي ظهرت فيها مجموعات مدنيّة بطريقة غير إعتياديّة. وقد صرّح مصدر امني لقناة "سي ان ان" العالمية ان هذه الحشود تم رصدها منذ ساعات الليل الا انها لم تكن تحمل اي سلاح" بينما "اشار شهود عيان الى ان "فانات تابعة لحزب الله قامت بنقل المجموعات فجراً، وشوهد عدد من العناصر يحمل اجهزة لاسلكية".
انه تحرك غريب ومريب في هذا اليوم وفي هذه المرحلة الدقيقة في البلاد. ولا شكّ ان الجهات التي قررت "جسّ النبض" في الشارع ارادت عن قصد ارسال رسالة الى كل من يهمه الامر ان القرار الاتهامي وصدوره لن يمر مرور الكرام وبهذه السلاسة، وستكون له تداعيات كبيرة على كلّ من يريد العدالة في هذا البلد، وان استخدام السلاح والقوة والعنف قد يكون متاحاً في اي لحظة من اللحظات فيما لو قرر حزب الله ذلك، لأن الساحة الداخلية هشّة، وباعتبار العاصمة ساقطة عسكرياً بأيدي الميليشيات التي تتحرك.
اتّصلت بالامس بنائب لبناني وتداولت معه التطورات السياسية بعد صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية. وقد لمست في حديثه خوفاً فعلياً على ما يمكن ان تحمله الايام والاسابيع المقبلة، اذ توقع أن "تقوم المعارضة بقيادة "حزب الله" بتحركات في الشارع بشكل او بآخرمن دون ان يعني ذلك اللجوء الى العنف"، (وهذا ما حصل صباح اليوم)، فكشف لي عن معلومات مفادها ان "حزب الله بصدد التحضير لمظاهرات ولاعتصامات شعبية قد تكون مشابهة لتلك التي حصلت منذ 3 سنوات"، مبدياً تخوّفه من ان "تتطور هذه التحركات الى اعمال امنية يُستخدم فيها السلاح في الداخل اللبناني على غرار احداث ايار 2008".
واليوم صباحاً، تلقيت عشرات الاتصالات من اصدقاء لي من كل المناطق، وكلّ منهم يستفسر عن الاوضاع والتطورات التي تحصل في بيروت: "شو في ببيروت؟"، "مننزل عل شغل او لاء؟"، "كيف الاوضاع، وشو معلوماتك؟"... اسئلة كثيرة انهالت عليّ (على اعتبار اني مطّلع على الاوضاع بحكم عملي الصحافي)... ومن بينهم زهرة التي سألتني بهلع "هل التطورات تستدعي ان اعود الى الصرفند اليوم ام ابقى في بيروت؟". اما علي، صديقي البقاعي الذي كان يتحضّر للنزول الى بيروت لتقديم امتحانه الفصلي في الجامعة، كان ايضاً قلقاً مما يمكن ان تكون عليه الصورة الامنية هنا.
وفي طريقي الى مكتبي حوالي الساعة العاشرة والربع، كانت الحركة في العاصمة شبه طبيعية. فطريق بشارة الخوري المؤدية الى وسط بيروت يشوبها الحذر والترقّب، تراها مزدحمة بعدسات المصورين وبالصحافيين الذي يبحثون عن الاثارة. وفي سيارات الاجرة (التاكسي)، وباصات النقل العام، وعلى الارصفة، يتبادل الناس الاخبار والاحاديث، ويتحدث بعضهم عن سيناريوهات وتحليلات شخصية لما يمكن ان تشهده الايام القليلة المقبلة... "الوضع خطير رح تنفجر".
على كل حال، لا داعي للخوف ايها اللبنانيون. لا ترتعبوا ولا تستسلموا للحروب النفسية التي تقوم بها تلك الاطراف. اذهبوا الى اعمالكم واكملوا حياتكم الطبيعية، فالتهديد لم يعد ينفع، "ومش رح يصير اكتر من يلي صار"، بيروت اكبر من العصابات التي تصول وتجول في احيائها... والعدالة آتية، والاستقرار خط احمر.
وقبل تحرير هذه التدوينة نشر تلفزيون الجديد الخبر التالي نقلاً عن مصادر من حزب الله : "أن التحرك الذي شهدته بيروت اليوم سيكون الرسالة الأخيرة قبل التحرك الفعلي"... ختاماً دعوة من القلب الى القوى الامنية الى التحرك وكسر حاجز الخوف بوجه قوى الامر الواقع.
سلمان العنداري ...SA
سلمان العنداري ...SA
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق