لا شك ان الاعتداء الارهابي الذي استهدف كنيسة القديسين في منطقة الاسكندرية في مصر منذ يومين، والذي ادى الى مقتل 21 شخصاً والى جرح اكثر من مئة آخرين من المسيحيين هو عمل مشين ومُقلق لا يجوز السكوت عنه او تجاهله، خاصةً وان مشاهد الانقضاض على مسيحيي الشرق تكاد تكون يومية، بين العراق الذي تتعرض فيه الاقليات لحملة مركّزة تهدف الى تخويفهم وترهيبهم ودفعهم الى ترك بلدهم الام، وبين مصر حيث تستمر فيها سياسة التمييز التي تمارس ضد الاقباط من قبل السلطة السياسية وبعض فئات المجتمع على السواء.
المسيحيون هم اساس هذا الشرق. ومنهم خرج القوميون والمترجمون والادباء الذين نهضوا باللغة العربية والفكر العربي وترجموا عن الحضارات الرومانية والبيزنطية وغيرها. فهم من خاضوا المعارك الدامية والقاتلة من اجل وطنهم وارضهم وشعبهم ومستقبل منطقتهم، ها هم اليوم ضحايا للارهاب الحاقد اللامسؤول.
ومن خلال متابعتي للاعتداءات التي يتعرض لها المسيحيون في المنطقة، لفتني ما قاله الخبير في شؤون تنظيم القاعدة ناظم الجبوري لقناة السومرية العراقية، الذي اشار الى ان "هناك صلة بين حادث تفجير الكنيسة في مصر وعملية استهداف المسيحيين في العراق، وان هناك أغراضا وأهدافا ومشاكل سياسية وغير سياسية وراء عملية استهداف المسيحيين"، معتبراً ان "القاعدة تقود هناك معركة دينية ضد المسيحيين في العراق ومصر"، موضحا أن "العراقيين، سواء من السنة أو الشيعة، لا يمكن أن يؤيدوا مثل هذا التوجه في أي حال من الأحوال".
وبينما كان ما تبقى من المسيحيين في العراق يحتفلون بالعام الجديد في كنيسة سيدة النجاة التي كانت تعرضت قبل ما يقرب من شهرين الى هجوم ارهابي اودى بحياة العديد من المصلين. كانت الدموع تحرق قلوب النسوة في احياء الاسكندرية، وكانت قوى الامن والشرطة الجنائية تعمل جاهدةً الى "لملمة" اشلاء الجثث والبقايا البشرية المتطايرة من كنيسة القديسين... مشاهد تتكرر واحداث تتسارع بامضاء من قوى التطرف التي لا تعرف الرحمة او الغفران.
على كل حال اذا استمرت سياسة التمييز واللامساواة من قبل الانظمة والمجتمعات، وسياسة التطرف والارهاب من قبل الجماعات الارهابية، فلن يكون هناك مستقبل زاهر لمنطقتنا، وسيصبح التنوع الطائفي والمذهبي والثقافي في خبر كان، وستتحول بلادنا الى صحراء قاحلة موحشة ومقلقة تحكمها مجموعة دينية حاقدة ومتخلّفة.
وانطلاقاً من هنا ، على كل شعوب المنطقة ان تعي حجم الخطر القادم، وحجم المؤامرة التي تريدها القاعدة واخواتها (من طهران الى تل ابيب وصولاً الى مكاتب الجماعات التكفيرية). ومن هنا دعوة عاجلة لكل مواطن عربي ان يكون اكثر انفتاحاً وتقبّلاً للاخر، وان لا يستمر في تشرّب "فواحش" التطرف وخطاياه التي لا ترحم.
ختاماً، يجب القول انه بالاعتدال وحده يمكننا بناء منطقة متسامحة وقوية، لان التطرف اذا ما استمر سيؤدي بنا الى قعر الهاوية. ولهذا على الجميع تحمّل مسؤولياتهم وعدم الاكتفاء ببيانات الاستنكار والشجب والرفض، والكف عن تسويق سياسة خنق الحرية والتمييز والاستخفاف بالتنوع والخوف من تداعياته، والايمان بان العيش المشترك الاسلامي المسيحي هو السبيل الوحيد لمحاربة وتجفيف الارهاب في المنطقة... فهل من يتّعظ؟...
تحياتي الى كل مسيحي في هذا الشرق ...
سلمان العنداري
مشهد الانفجار... مدونة الكلمات القاتلة تسأل: متى يتوقف الارهاب والتطرف، ومن يتحمل المسؤولية؟
سامح الله كل انسان شارك بهكذا عمل همجي.. فلتكن دماء المسيحيين غسلا مطهرا لذنوبهم...كما عاش المسيحين عبر عصور الإضطهاد و هكذا قال المسيح منذ البدء و هكذا يتم و يقع....
ردحذفشكرا لك سلمان ، إضاءة ممتازة و أكثر
سامح الله كل انسان شارك بهكذا عمل همجي.. فلتكن دماء المسيحيين غسلا مطهرا لذنوبهم...كما عاش المسيحين عبر عصور الإضطهاد و هكذا قال المسيح منذ البدء و هكذا يتم و يقع....
ردحذفشكرا لك سلمان ، إضاءة ممتازة و أكثر
شكراً لكل القراء وخاصة من البلد العزيز مصر ... تحياتي الحارة لما يعانيه الشعب المصري اليوم وبخاصةً الاقباط منهم على امل ان تحترم المقدسات وان يتم احترام حقوق الاقليات في منطقتنا العربية
ردحذف