يوم 25 نيسان من العام الماضي، خرج اكثر من 3 الاف شاب وشابة الى شوارع بيروت بعد ان ضاقوا ذرعاً بما وصلت اليه الامور في البلاد، فطالبوا بدولة علمانية تعتمد المساواة والمواطنية وتحترم الشعب... فكانت مسيرة العلمانيين نحو المواطنة.
اما اليوم، وفي خضم ما يشهده العالم العربي من موجات شعبية مطالبة بالكرامة وعودة الحقوق واسقاط الانظمة، يستعد المجتمع المدني اللبناني للنزول الى الشارع مرة اخرى، استكمالاً لحلم الدولة العلمانية.
"نحن مواطنات ومواطنون لبنانيّون نريد أن نعيش بكرامة وأن نتمتّع بحقوقنا وأن نقوم بواجباتنا بالتساوي مع أي مواطن آخر. متحصّنون بالحقوق والحريّات العامة والخاصة التي يكفلها الدستور اللبناني، ننادي بإقامة دولة مدنية علمانية على أساس المواطنة، تضمن لتنوّع البلد أن يعبّر بحريّة عن نفسه وتؤمّن العدالة الاجتماعية أحد أسُس السلم الأهلي".
بهذه الكلمات، وتحت هذه العناوين تنطلق المسيرة العلمانية في تمام الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم غد من منطقة عين المريسه باتجاه ساحة رياض الصلح. والعلم الوحيد الذي سيُرفع خلال المسيرة هو علم لبنان. ويأتي هذا التحرك ليعزز العلمانية في لبنان، وليعبّد الطريق امام مجتمع حضاري وحديث.
تتحدث يلدا يونس (عضو اللجنة المنظمة للتحرك) عن مسيرة الاحد السنوية، وتوضح ان مسيرة العلمانيين نحو المواطَنة هي حركة تسعى لجمع الحركات العلمانية اللبنانية على تنوعها، "فمسيرتنا تشكل لقاءنا السنوي لإسماع أصواتنا وإعطاء وجه لمطالبنا".
وتلفت يونس الى ان "الشباب سينزل الى الشارع ليجدد مطالبه بدولة علمانية ترتكز على المساواة بين كل المواطنين دون استثناء، وذلك بالاستناد الى المادة السابعة من الدستور اللبناني التي تقول: "كل اللبنانيين سواء لدى القانون، وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم".
مسيرة العلمانيين نحو المواطنة ستدعم هذا العام "القانون اللبناني للأحوال الشخصيّة" و"قانون حماية النساء من العنف الأسَري" اللذين تم تقديمهما إلى المجلس النيابي اللبناني على التوالي من قبل جمعية "شمل" وجمعية "كفى"، والذي يُنتظر ان يتم مناقشتهما في المجلس النيابي، ليأتي التحرك بمثابة قوة ضغط على المجتمع السياسي اللبناني، للدفع باتجاه اقرارهما باسرع وقت ممكن.
كما يطالب المشاركون بالمسيرة بقوانين تحترم حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة والمساواة التامة بين المرأة والرجل، وبسلطة قضائية قوية ونزية ومستقلة، تحمي حقوق المواطن، وبقانون مدني للأحوال الشخصية، بإلغاء الطائفية المؤسّساتية، وبتعزيز التربية المدنية والتنشئة على المواطنة.
وتضيف يونس: " انطلاقاً من هذه الروحية، ستسجّل المسيرة مشاركة لافتة لجمعيات المجتمع المدني ولعدد كبير من الجمعيات الاهلية وطلاب المدارس والجامعات والفعاليات الاجتماعية ولنشطاء، على امل ان نساهم في نشر ثقافة المواطنية وتعزيزها في نفس كل لبناني".
تعتبر المسيرة مبادرة مواطنية مستقلة غير خاضعة لاي حزب او قوة سياسية على الاطلاق. وبالفعل، فقد نجحت هذه المبادرة في جمع الالاف من الشباب والشابات والاجيال الرافضة للامر الواقع اللبناني، ولحروب الطوائف السياسية، ولحال المواطن الذي يزداد فقراً وتعتيراً ويأسا يوماً بعد يوم. كما تأتي المسيرة استكمالاً لنضال طويل بدأ قبل عقود في شوارع بيروت من قبل الفئات الشبابية والطلابية على اختلافها.
وفي هذا الاطار تؤكد يونس "اننا لا نشتغل في السياسة ولا نسعى باي شكل من الاشكال الى استغلال المسيرة من اجل الكسب السياسي، لان الاهم بالنسبة لنا يكمن في الضغط الذي نخلقه، وفي نشر التوعية على اكثر من مستوى ".
مسيرة العلمانيين نحو المواطنة تدعم وتشجّع جميع المنظمات والحركات العاملة من أجل مجتمع أكثر مساواة. ولا تدّعي أن تكون بديلاً عن النشاطات العلمانية التي تجري على مدار السنة، إنما تأمل أن تلهم مبادرات مدنية جديدة في لبنان.
اللبنانيون في الخارج مدعوون لتنظيم تجمعات في اليوم ذاته امام السفارة أو القنصليّة اللبنانيّة الاقرب. اذ توضح يونس ان "ما يميز تحركنا هذا العام هو ان المسيرة ستترافق مع تحركات اخرى للبنانيين في الخارج، اذ ستقام مجموعة من التجمعات في كلّ من باريس ولندن وجنيف وبروكسيل وكوبنهاغن ومدن في العالم للمطالبة بالعلمانية والمساواة والحقوق".
وقبيل انطلاق تحرك نهاية الاسبوع، تتوجه يلدا الى كل شاب لبناني مردد وتحثّه على المشاركة الفاعلة يوم غد، "فالمشاركة تحقق التغيير، ولقاء الغد يشكل خطوة اولى على طريق الالف ميل الطويل".
نُشرت بالتوازي مع موقع 14 آذار على الانترنت سلمان العنداري ... SA
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق