سعد الدين الحريري يتحدث بعد طول غياب من قلب بيروت ... |
وصحيح ان افطارات دارة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ألغيت في شهر رمضان المبارك للاسباب عينها، الا ان "سعد الدين الحريري" "بشحمه ولحمه" قرر العودة الى البلاد في عطلة عيد الفطر السعيد...
صدقوا او لا تصدقوا... شوهد "سعد الدين الحريري" في احياء العاصمة بيروت، يقود سيارة اجرة قديمة، اذ تسنّى لنا مقابلته بالصدفة، وكانت مناسبة مهمة للتطرق الى كثير من المواضيع الحياتية والسياسية والاجتماعية التي تهمنا...
فمنذ ايام، واثناء انتقالي من وسط بيروت الى شارع الحمرا، صودف ان التقيت بسائق اجرة يدعى "سعد الدين الحريري"... فالسائق البيروتي الفقير الذي يقطن في حي ابو شاكر في منطقة الطريق الجديدة يحمل اسم اكبر زعيم لبناني وهو الرئيس سعد الدين الحريري...
لوهلة تصاب بصدمة عندما تقرأ اللوحة التي تعرّف عنه الى جانب المقود... نعم انه سعد الدين الحريري... رجل سبعيني يعمل كسائق عمومي في العاصمة وضواحيها، يجوب بسيارته العسلية الشوارع، متنقلاً بحرية من دار الى دار ومن منطقة الى اخرى، يحمل هموم الناس ويستمع اليها عند كل مفترق وساحة واوتوستراد...
العم سعد الدين مواطن عادي، يتسابق مع الحياة ويعاندها من اجل كسب لقمة العيش لاعالة عائلته واولاده، في بلد "صعب" يتقلب على امواج التطورات العاتية التي تعصف بالمنطقة...
العم سعد الدين يستيقظ الساعة السادسة والنصف صباحاً، ليستقلّ سيارته العمومية علّه يكسب مبلغاً متواضعاً من المال مع غروب الشمس، يمكنه من العيش بكرامة وعزة وهدوء رغم كل شيء...
عندما تسأل الرجل العجوز عن اسمه ومدى وقعه عن الناس، يجيبك بان كل من يلتقيه لا يكف عن سؤاله عن مدى اهمية هذا الاسم الذي يحمله، وعن المواقف التي يتعرض لها اثناء عمله... اذ يقول العم سعد الدين ان "حملي لاسم زعيم سياسي لبناني يدفع زبائني الى طرح الاسئلة والى ابداء الاهتمام بحياتي الخاصة وبوضعي الاجتماعي والاقتصادي، وبميولي السياسية".
يكنّ العم سعد الدين للرئيس الحريري الكثير من مشاعر المودة والاحترام والتقدير، ويعتبر ان "الشيخ سعد كوالده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يقدم الكثير من التضحيات من اجل استمرار هذا الوطن، ومن اجل وحدته ومنعته، وهو اليوم يدفع فاتورة الوضع الامني المتردي، والواقع المفروض على المواطن اللبناني"، متمنياً ان "يعود الرئيس الحريري الى دارته حالما تهدأ الامور وتعود المياه الى مجاريها".
ما الفرق بين سعد الدين والشيخ سعد الدين؟، يجيب الرجل السبعيني مبتسماً: "الفرق ليس كبيراً، الشيخ سعد رئيس وزراء سابق، وابن الرئيس رفيق الحريري، وسعد الدين سائق اجرة، ومواطن فقير، الا ان القاسم المشترك الذي يجمعنا بالاضافة الى الاسم عينه، هو خوفنا على لبنان، وحبنا لاهل هذا البلد، ونضالنا وكفاحنا من اجل حياة افضل... فالرئيس الحريري بالرغم من ثقله السياسي، الا انه يُبدي حرصاً شديداً على متابعة اوضاع الناس في محاولة لتأمين حياة افضل لكل مواطن لبناني من اي طائفة او مذهب او منطقة انتمنى".
الوضع السياسي بالنسبة للعم سعد الدين "مقلق للغاية"، فالبلاد من وجهة نظره "غارقة في التوتر والانتظار واليأس والفقر والتعاسة"... اذ يخبرنا الحريري عن معاناة الناس التي يسمعها كل يوم في سيارته القديمة، "فالضغوط الاقتصادية والاجتماعية اصبح وقعها قاتلاً على كاهل اللبناني، وعلى الحكومة الحالية والمجلس النيابي التحرك فوراً لحل هه الازمة قبل فوات الاوان وقبل انزلاق الاوضاع الى قعر الهاوية، لان وضعنا اصبح ميؤوساً منه، ولم نعد بامكاننا الصمود اكثر".
وقبل وصولنا الى شارع الحمرا، يلفت العم سعد الدين الى ان "البلاد بحاجة الى رجال دولة، والموطن اللبناني بحاجة الى من يحمي وطنه من السقوط في شباك الخارج، ولهذا ادعو كل مسؤول وزعيم الى التبصر والتعقّل، والى العودة الى لبنان الحر السيد المستقل بدل الانعتاق والغرق في المشاريع الخارجية البعيدة عن مصلحتنا ومستقبلنا وامننا"... ويختم العم سعد بوجهه المتعب: "ما حدا اكبر من بلدو... ما حدا اكبر من بلدو"..
سلمان العنداري ... SA
المقال نشر بالتوازي مع موقع 14 اذار الالكتروني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق