البقاع ... منطقة واعدة اقتصادياً ... |
ينسكب سهل البقاع ككأس نبيذ على كتف وادي، بألوان الطبيعة التي تفترش لها امكنة، وتُخبىء في طيّاتها الاسرار والخيرات والامل بغدّ أفضل.
والبقاع، السهل الواسع الذي ينبسط بين سلسلتي جبال لبنان الشرقية والغربية. يُعتبر ارضاً خصبة حُبلى بالخيرات، وزاخرة بالطاقات والامكانيات على كل المستويات الاقتصادية والشبابية والسياحية.
ويخترق السهل الاخضر نهرا الليطاني والعاصي، ولذلك شكلت هذه المنطقة في القرون الماضية خزان بلاد الشام من الحبوب والخضار والفاكهة.
ومن البقاع الشمالي مروراً بالبقاع الاوسط، وصولاً الى البقاع الغربي، ارض شاسعة، تتراقص على اشعة الشمس الذهبية كل يوم، وتتمايل على خدود عناقيد العنب، واصوات المياه العذبة التي تغرّد كعصافير على قطعة ذهبية من لبنان.
من مدينة الشمس وعظمتها الى جارة الوادي وطابعها المميز، الى قرية راشيا بقراميدها الدافئة، وصولاً الى بحيرة القرعون.. سحر يهمس في كل مكان، وطريق يأخذك بعيداً.
لطالما احببت هذه المنطقة الرائعة من لبنان، بناسها الطيبين والكرماء، وبشبابها المفعم بالامل، والمتمسك بالبقاء في هذه المنطقة التي تسعى الى تطوير قطاعاتها وامكانياتها وبنيتها التحتية.
عام 2009 شغلت منصب منسّق منطقة البقاع في احدى المشاريع المدنيّة التي هدفت الى تدريب طلاب المدارس الثانوية على العيش المشترك وتقبّل الاخر والتعددية، خاصة بعد عام من احداث السابع من ايار المؤسفة التي خلّفت توترات مذهبية وطائفية على طول البلاد وعرضها.
وطوال 9 اشهر متتالية، تنقّلت بين قرى سهل البقاع ومدنه، من الهرمل ورأس العين واللبوة، مروراً ببعلبك وزحلة وسعدنايل وتعلبايا وعنجر، وصولاً الى راشيا وجبّ جنين، وكانت هذه الزيارات تتكرر اسبوعياً لاكثر من مرة، اذ قمت وفريق عمل متخصّص بتدريب مئات الطلاب من مختلف الطوائف على تقنيات الحوار والمواطنة عبر ورش عمل تُعقد دورياً.
هذه التجربة القصيرة قرّبتني اكثر من البقاع واهله، وجعلتني مهتماّ بهذه المنطقة البعيدة عن العاصمة، اذ سنحت لي الفرصة ان اتواصل مع فئة كبيرة ومهمة من الشباب، اضافة الى مجموعة من الفعاليات الاجتماعية والفكرية والثقافية التي تعمل جاهداً من اجل تحسين اوضاع البقاع، ولرسم صورة واضحة وزاهرة لمستقبل مفعم بالحياة والفرص والاستمرار.
يقول الشباب البقاعي ان البقاع بحاجة الى مزيد من المشاريع الانمائية والاقتصادية التي من شأنها ان تؤمن آلاف فرص العمل، وان تُبقي مئات العائلات والشباب في مناطقهم، بدل الانتقال الى بيروت او السفر الى الخارج بحثاً عن عمل يؤمن مستلزمات الحياة الصعبة.
وبالرغم من وجود عشرات الاستراحات والمنتزهات والاماكن الاثرية الساحرة، الا ان المنطقة بحاجة الى المزيد من المشاريع الانمائية والتجارية التي من شأنها ان تفتح ابواب المستقبل على مصراعيها.
وبحسب الناس هناك، فان هذه المنطقة بحاجة لمشاريع انمائية مختلفة. وقد بدأ العمل الفعلي والجدّي على دعم البقاع انمائياً من خلال المبادرات الخاصة نتيجةً لثقة القطاع الخاص بدينامية هذه المنطقة وبقدرتها الاقتصادية الكبيرة، في وقت نرى فيه الدولة غير قادرة على تحقيق الانماء المتوازن الذي كانت قد وعدت به مراراً وتكراراً على مدى عقود.
وفي هذا الاطار، يتداول اهالي البقاع "خبراً مُفرحاً"، مفاده ان مشروعاً ضخماً يجري العمل على تنفيذه في منطقة شتورا قرب منطقة تعنايل، من شأنه ان يؤمن آلاف فرص العمل، وان يلبّي الاحتياجات.
ويحمل المشروع اسم "Cascada Village"، الذي يُنتظر ان يكون مقصداً اساسياً لسكان البقاع واهله، خاصة وان موقعه الاستراتيجي الوسطي سيجمع الناس من مختلف المناطق، وسينعش هذا السهل الاخضر على كل المستويات.
ويحوي المشروع مجمّعات تجارية وترفيهية وسياحية بمواصفات عالمية عالية، ويتوقع البقاعيون ان يساهم "كاسكادا فيلدج" وغيره من المشاريع في تنمية المنطقة وانعاشها اقتصادياً.
اعتقد ان مشروعاً كـ"Cascada Village" وغيره، من شأنه يجمع الناس من كل الطبقات الاجتماعية والسياسية والطائفية والمناطقية، تماماً كما حاولتُ ومجموعة من الناشطين قبل سنوات ان نجمع الناس من كل الفئات، وبالنالي فان اي مشروع انمائي واقتصادي جديد في منطقة البقاع من شأنه ان يقوي منعتها في ظل الاوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وان يجمع اهلها وناسها من مختلف الاتجاهات والخلفيات، وان يؤسس لبنية اقتصادية متينة وواعدة على مدى السنوات والعقود القادمة.
سلمان العنداري ... SA
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق