يتساءل عدد كبير من اللبنانيين عما يمكن ان يحمله يوم الرابع من حزيران، الذي يصادف ذكرى النكسة عام 1967، حيث يتوقع ان "تحتدم" المنطقة الحدودية الجنوبية في ظل استعدادات فلسطينية في مخيمات لبنان وسوريا الى الانتقال مرة اخرى الى مارون الراس، بعد "تجمّع" يوم النكبة، الذي ادى الى توتر حدودي غير مسبوق بين العدو الاسرائيلي والجانب اللبناني.
تأتي هذه المخاوف في وقت نسبت وكالة" أسوشيتد برس" قبل ايام إلى مسؤول عسكري إسرائيلي أنّ "الجيش الإسرائيلي يستعدّ لمواجهة العنف على الحدود مع لبنان في الذكرى السنويّة لحرب الأيام الستة في الأسبوع المقبل"، مشيرة إلى أنّ "هذه الاستعدادات تهدف إلى تجنّب سقوط ضحايا مدنيّين، لكن الجيش الإسرائيلي وضع خطوطا حمراء لا يمكن تخطّيها، وتقتضي عدم السماح بأيّ اختراق للحدود، أو السماح للفلسطينيين بدخول المستوطنات في الضفة الغربية".
النائب في كتلة "التحرير والتنمية" عبد المجيد صالح يتحدث عن الموضوع، ويعتبر ان "تحرك الشعب الفلسطيني في 15 ايار الماضي في مارون الراس اتى تعبيراً عن الغضب الشديد الذي يشعر به اللاجئون من الواقع الحالي، كما اثبت ان الجيل الفلسطيني الثاني والثالث الذي ولد خارج فلسطين ما زال متمسكا بالعودة الى وطنه اكثر من اي وقت مضى، فكان يوم النكبة بمثابة رسالة واضحة للمجتمع الدولي، ولمنظمة الامم المتحدة، وللولايات المتحدة الاميركية التي احدث الرئيس اوباما صدمة قاسية بعدما تراجع عن حدود العام 1967، وبعد ان قدم رؤية سوداوية لعملية السلام، ولهذا اعتقد ان يوم النكسة سيرسل رسالة اخرى اكثر وضوحاً للمجتمع الدولي وللعالم برمته مفادها ان الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن حقوقه مهما كلف الامر".
ويضيف صالح: "تاريخ 15 ايار ادار البوصلة، وغير في الواقع التاريخي والجغرافي، وتاريخ 4 حزيران يريده الفلسطينيون بمثابة صرخة تقول بأن لا مهرب من انشاء دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ولا مناص من عودة اللاجئين الى اراضيهم بعد عقود من التهجير والعيش في اليأس والبؤس، ولا حل الا بالمقاومة والنضال والاستمرار في مسيرة العطاء حتى النهاية".
هذا ويستبعد صالح امكانية حدوث اي اشكالات حدودية بين المتظاهرين قوات العدو الاسرائيلي، " اذ لا معطيات حتى الان تشير الى امكانية ذهاب التظاهرة الى مكان اخر، الا ان العدو الاسرائيلي وبناءاً على التجربة التاريخية، فمن الممكن ان يستخدم النار ويشهر اسلحته بوجه المتظاهرين. فهذا الجيش قادر على الاقدام على اي عمل اجرامي وارهابي يقتل فيه الناس والابرياء، الا اننا نتمنى ان تكون المسيرة سليمة وهادئة لا تؤدي الى تفجير الساحة الجنوبية باي شكل من الاشكال".
ويرفض صالح "احراج الجيش او القوات الدولية التي تعرضت منذ ايام لاعتداء سافر هدد استقرار الجنوب باكمله، وبالتالي لا نريد ان تزداد هذه المخاطر علينا في هذه المنطقة بالذات". ويقول صالح من موقعه الحركي ان "حركة امل حريصة كل الحرص على استقرار الاوضاع في الجنوب، وهناك مرجعيات سياسية فلسطينية ولبنانية تنسق مع بعضها البعض في محاولة لضبط اي "مخالفة" يمكن ان تحصل، مع تأكيدها على استقرار الجنوب، واحترام ومساندة القوات الدولية".
بدوره، يقول عضو كتلة "الكتائب" النائب فادي الهبر ان "الربيع العربي اثر بشكل كبير على فلسطين من خلال فلسطينيي الشتات في لبنان وسوريا وفي الداخل الاراضي المحتلة واراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، مما حرك القضية المركزية والحقوقية من جديد، فتحرك الشارع مطالباً العالم باكلمه بضرورة المبادرة لوضع حد للممارسات الاسرائيلية من جهة، ولدعم القضية الفلسطينية من جهة اخرى بشكل اكثر اندفاعاً ووضوحاً، الا ان ما يجري اليوم من تحركات، تستغله بعض الدول العربية الاخرى، كسوريا التي تمر بأزمة سياسية خانقة لتحوله الى غطاء يحجب الانظار عما يدور في مدنها وقراها، ولبعث رسالة تقول ان اي مس بالاستقرار السوري سيقابله توتر في المنطقة".
ويتهم الهبر سوريا "بتحريك الجبهة اللبنانية الجنوبية من خلال تحريك مجموعات مدنية تثير التوتر مع قوات العدو الاسرائيلي"، لافتاً الى ان "مطالب الشباب المتواجد في مارون الراس محقة وضرورية ، الا ان الطريقة التي يتم بها استغلال المشهد في السياسة، تبدو وكأنها ضواءاً اخضراً لافتعال مشاكل حدودية تفجر الصراع مع لبنان مما ينعكس بشكل خطير قد يوصلنا الى حرب مباشرة ودامية".
ويضيف: "هناك تقاطع واضح بين المصالح الفلسطينية التي تقتضي بالتظاهر وبالضغط على المجتمع الدولي، وبين المصالح السورية التي لا يهمها مصالح الشعب الفلسطيني بقدر ما يهمها حماية نظامها المتهاوي وبعث الرسائل الى اكثر من طرف والى اكثر من اتجاه من اجل خلط اوراق اللعبة لمسك زمام المبادرة من جديد لمصلحة النظام".
وبالتوازي تقول مصادر فلسطينية مسؤولية في "حركة حماس" ان "التحرك الفلسطيني الجامع في ذكرى النكسة يوم الرابع من حزيران سيبقى ضمن الاطر السلمية ولن يتخطى الخطوط الحمر، الا ان الاجرام الاسرائيلي الذي لا يشبع من الدم والقتل، قد اطلاق النار على اجسادنا، تماما ًكما فعل يوم 15 ايار عندما فتح ناره على صدورنا العارية، ولهذا يمكن توقع كل شيء مع هكذا عدو غاصب ومحتل وحاقد".
وتشير المصادر نفسها الى ان "تجمع يوم النكسة على بوابة فاطمة ومارون الراس سيحمل ابعاداً كثيرة وعديدة في اكثر من اتجاه، خاصة وان كل الفصائل الفلسطينية ستشارك بقوة ويداً واحدة وصوتاً واحداً ضد الغطرسة الاسرائيلية المتمادية". هذا وتؤكد المصادر الفلسطينية على "حرص الجانب الفلسطيني على استقرار الوضع في الجنوب، على التزام كل لاجىء فلسطيني بالقوانين المعتمدة في لبنان، مع الاشارة الى ان التعاون مع الجيش اللبناني سيكون طبيعياً في التحرك".
وبانتظار اكتمال المشهد في ذكرى الايام الستة، تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول شكل هذا التجمّع، ومن هي الجهات المستفيدة من امكانية افتعال مشاكل وتوترات، ومن هي الجهة المتضررة من ذلك، وما هي الرسائل المتعددة الابعاد لهذه التظاهرة؟... الى ذلك، هل تنفجر جنوباً في يوم النكسة؟...
سلمان العنداري ... SA
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق