وليد بك... ماذا فعلت بانتفاضة الاستقلال؟ |
"ان احترام انتفاضة الاستقلال يفترض على من كان من داعميها، ألا يضع نفسه في منأى عن رياح الحرية التي اطلقتها". سمير قصير
قبيل ساعات معدودة من موعد لقاء شعب ثورة الارز للسنة السادسة على التوالي في ساحة الحرية، تترقّب الكثير من الاوساط حجم المشاركة الشعبية لاهل الجبل عموماً, والدروز ومناصري الحزب التقدمي الاشتراكي على وجه الخصوص.
وبين انتقال النائب وليد جنبلاط الى الضفة الاخرى بعد مواقف متدرجة اتخذها، كان اخرها اعلان انحيازه الكامل لقوى الثامن من آّذار، ووصفه ما تقوم به قوى الرابع عشر من آذار بحرب حضارات طائفية ومذهبية، وبعد انقطاع العلاقة بينه وبين رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري والتي وصلت الى حد الطلاق الكامل. يطرح السؤال التالي: كيف ستكون طبيعة المشاركة الشعبية في الذكرى هذا العام، والى اي حد ستغصّ ساحة الحرية بأبناء الجبل؟.
مما لا شك فيه ان جمهور الجبل والحزب التقدمي الاشتراكي سيكون وفياً للمعنى السياسي والوطني لانتفاضة الاستقلال، لأنه كان ولا يزال يشكّل جزءاً اساسياً من التكوين اللبناني، وبالتالي فإن المشاركة الكثيفة لهذه الفئة التي تحمل روحية ثورة الارز قلباً وقالباً في إحياء الذكرى السادسة لانطلاق الانتفاضة في ساحة الشهداء، تشكّل رسالة حقيقية وقاطعة، وتؤكد استمرار النضال في ثورة الارز، والتمسّك بثوابت العبور الى الدولة، واعادة احياء الحلم اللبناني "الصعب"، رغم التموضعات والتبدلات.
ان حضوركم الكثيف في ساحة الشهداء يوم الاحد هو مسألة طبيعية. فشابات الجبل وشبابه يحملون معاني انتفاضة الاستقلال اينما ذهبوا وتواجدوا، وبالتالي فإن احترام انتفاضة الاستقلال يفترض على من كان من داعميها، ألا يضع نفسه في منأى عن رياح الحرية التي اطلقتها، ولهذا فإن المشاركة الشعبية الدرزية يوم غد ضرورية لعدة اسباب:
• ان النزول والمشاركة والوقوف الى جانب الشعارات التي لم تتحقق بعد من اجل الوصول الى الدولة هو امر جوهري واساسي بعد ما ذاق اللبنانيون ذرعاً من اعتداءات السلاح واصحابه بالتهديد والوعيد والقمصان السود، من دون ان ننسى النزول الى الشوارع لاكثر من مرة لتغيير المعادلات السياسية بقوة الامر الواقع... وصوت الرصاص.
• إن جراح 7 ايار لا يمكن ان تعالج بمجرد الانتقال من مكان الى آخر، ومن ضفة سياسية الى اخرى، والسلم الاهلي والاستقرار لا يمكن ان يتحقق بالتخلي عن شعارات سيادية اساسية تعني اكثرية الشعب اللبناني.
• إن الوسيلة الاساسية لترسيخ الاستقرار في البلد يكمن بالتأكيد على الوحدة الاسلامية المسيحية الجامعة، والتي تمظهرت وتجسدت في المشهد المليوني الذي يتكرر كل عام في ساحة الشهداء، ولهذا فإن الحضور القوي والفاعل والمتفاعل يوم الاحد يؤكد هذه الصورة، ويمتّن السلم الاهلي بكل ابعاده.
• ان تجنيب الطائفة الدرزية الويلات والضغوطات المتراكمة بعد احداث السابع من ايار 2008، لا يعني بتاتاً الابتعاد عن الخط الاستقلالي والسيادي الذي رسم بدماء العشرات من المفكرين والسياسيين وقادة الرأي في البلاد، ولهذا فالمشاركة واجبة في 13 آذار 2011.
• إن رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط سيبقى قائداً اساسياً ومساهماً رئيسياً في ثورة الارز رغم ابتعاده عن هذه الحركة الا انه قلباً وقالباً مع شعاراتها ومشروعها السياسي، رغم قضفه الجارح لشعارات هذه الحركة وتاريخها لاكثر من مرة، فان شعب وقادة 14 آذار يكنون له كل الاحترام ويتفهمون موقفه الحالي رغم كل شيء.
عليكم ان تعوا يا شباب الجبل الاوفياء، أنكم انتم من صنعتم ثورة الارز من خلال نضالاتكم اليومية في الساحات لسنوات وسنوات. وانتم من مشى وراء الجنازات تلو الجنازات، وحمل الاحلام الكبيرة والصغيرة بأمل مصالحة الحاضر والتعلم من الماضي لتغيير المستقبل .
بفضلكم يا شباب الجبل تحقق الانسحاب السوري في نيسان 2005، وانهار النظام الامني العابث بالحريات، وانطلقت اعمال المحكمة الدولية، و"دشّنت" العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، وتعزز مفهوم الاستقلال والسيادة والحضور اللبناني في المنطقة، وبفضل صبركم وتعاليكم عن الجراح منعتم الفتنة مرات ومرات من اجل وحدة لبنان ومنعته.
تذكروا ان نضالكم الطويل من اجل شعار الدولة واقتراعكم لمشروع العبور اليها، ودفعكم الاثمان الباهظة من اجل تأكيد خيار لبنان في حريته وعروبته واستقلاله، تحقق بنزولكم الى ساحة الحرية مراراً وتكراراً رفضاً للحرب والقتل والاغتيال والتزمّت والتقوقع من جديد.
المسيرة لا بد لها ان تستمر رغم كل التبدلات والتراجعات والتغيرات، لأنها لا يمكن ان تختصر بسنة من هنا وسنة من هناك. هي سيرورة وصمود سياسي يتطلب وقتاً مديداً كي يثمر، ونضالات طويلة وتضحيات كبيرة كي تتحقق. والكلّ على ثقة انكم ستملأون طرقات وساحات بيروت غداً، وفاءاً للمعلم كمال جنبلاط والرئيس رفيق الحريري وسائر الشهداء الابرار، ومن بينهم لطفي زين الدين وغازي ابو كرّوم وشهداء السابع من ايار، وشهداء انتفاضة الاستقلال والحرية على السواء.
يا شباب الجبل، قفوا اليوم وقفة جريئة مع الذات اولاً، ومع وطنكم ثانياً، وشاركوا في الحشد الكبير بالغد وفاءاً لكل النضالات السابقة، وتأسيساً لمرحلة جديدة على طريق العبور الى الدولة الجامعة، ورفضاً للقمصان السود، ولمن هدد عيشكم واستقراركم وامنكم. قولوا لا للسلاح الغير شرعي بصوت عالي دون اي تردد.
تذكروا يا شباب الجبل انكم كنتم في مقدمة الحركة الشعبية بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حينها خضتم اشرس المعارك السياسية يداً بيد مع وليد بيك الذي تحدى كل الصعاب، وكسر كل الحواجز، ومشى في الجنازات تلو الجنازات لرفاق درب اغتيلوا دفاعاً عن الدولة.
انتم من تعالى على الجراح والآلام في كل مرة كان يتهدد فيها السلم والاستقرار الاهلي، وانتم من دفع الاثمان غالياً في سبيل حرية لبنان وكرامته ومستقبله وامنه، وانتم الذين شددتم على ايادي المتراجعين والمستسلمين داعين اياهم لعدم الاحباط واليأس والقنوط، "لأن المسيرة طويلة وتتطلب الكثير من الصمود والتضحيات".
معكم تستمر ثورة الاستقلال والحرية، ومن هنا دعوة من القلب الى القلب للمشاركة الكثيفة غداً ليبقى الجبل القلب النابض لكل لبنان وشعبه الى ابد الآبدين.
سلمان العنداري ...SA
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق