اطفال لبنان قادرون على التغيير... ليش لأ؟... |
"مش صحيح انو الولد ولد ولو حكم بلد. فالولد في لبنان قادر على بناء المستقبل والتأسيس لعقلية جديدة، والمشاركة في صناعة واتخاذ القرار"... هذا ما اكّد عليه اطفال وشباب "مركز الديمقراطية المستدامة" في حفل اطلاق اول "مجلس اطفال وشباب داخل مؤسسة غير حكومية" بالتعاون مع المجلس الاعلى للطفولة – وزارة الشؤون الاجتماعية، وبرعاية معالي وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور، وبحضور فعاليات وممثلين عن مؤسسات محلية ودولية من المجتمع المدني والتي تُعنى بحقوق الاطفال.
واتى اطلاق "المجلس" استكمالاً للمبادرة الفريدة التي نفّذها المركز، والتي تمثّلت باطلاق "النموذج التشاركي المدني" الذي كان قد صمّمه مع اطفال وشباب من مختلف المناطق اللبنانية، والذي يهدف الى تعزيز مشاركة الاطفال والشباب في عملية صنع واتخاذ القرار على المستوى الاداري والتنفيذي لمؤسسات المجتمع المدني على شكل طاولة مستديرة في شباط الماضي.
الشباب قالوا كلمتهم في اللقاء، واظهروا جرأة ووعي مهمين وكبيرين على اكثر من مستوى. وبدا لافتاً حراكهم وسط الحضور، وشرحهم المسهب والذكي للنشاطات الذين يقومون بها، وعن الانجازات التي تحققت منذ العام 2009 مؤكدين على دورهم الريادي في محاربة النزعات الطائفية والمذهبية، وفي التأسيس للبنان جديد بقدرة اطفاله وشبابه على تغيير العقليات السائدة.
نايلة ابي نصر، مديرة البرامج في المركز، تحدثت عن "المجلس" واعتبرت ان "مشاركة الاطفال والشباب الفاعلة والفعلية في الحياة العامة تشكّل ركناً اساسياً في سبيل تمكين هذه الفئة من المجتمع من تحقيق انمائها الذاتي تحضيراً لانخراطها في الحياة العملية".
ومن المعلوم ان مفهوم المشاركة في لبنان يواجه تحديات وصعوبات عدة، تتجلى بشكل اساسي بعدم الاعتراف بحق الاطفال والشباب بالتعبير عن رأيهم وتحديد الخيارات الانسب لهم ومشاركة صانعي القرار في وضع السياسات العامة التي تؤثر مباشرةً على حياتهم.
وحتى الان، لا يزال قانون 1909 (قانون الجمعيات والاحزاب)، يحظّر على من هم دون سن الـ20 عاماً المشاركة بتأسيس الجمعيات او الانضمام اليها، وهو امر يتعارض مع احكام المادة 15 من اتفاقية حقوق الطفل التي التزم بتطبيقها لبنان عام 1991.
وبحسب ابي نصر، "فان اصطدام الاطفال والشباب المتواصل بهذه الذهنية الرافضة لمبدأ المشاركة، ابتداءاً من العائلة والمدرسة والطائفة وصولاً الى صانع القرار، من شأنه ان ينعكس سلباً على مسارهم ويعزز شعورهم بالتهميش وعدم قدرتهم على الانجاز والتغيير. كما يظهر تراكم التجارب التي خاضتها مؤسسات المجتمع المدني في لبنان بان اطفالنا وشبابنا لا يزالون تواقين الى المشاركة الفعالة في الحياة العامة، وهم يتمتعون بالوعي والادراك الكافيين لتفعيل حقوقهم وتعزيز قدراتهم".
وانطلاقاً من هذا الواقع، لحظ المركز ضمن حملة المناصرة لتفعيل مشاركة الاطفال والشباب التي قام بها، ان احدى الوسائل الايلة الى تعزيز مشروعية مطالب المجتمع المدني بشان اشراك الطفل في الحياة العامة تكمن تحديداً في ضمان اشراك هذا الاخير في عملية المناصرة، بمعنى اخر، على الجمعيات والمؤسسات المدنية والاهلية التي تطالب العائلة والمدرسة وصانع القرار بتفعيل مشاركة الطفل ان تؤمن اولاً هذه المشاركة ضمن هيكليتها والية عملها. وهنا بالتحديد تبرز امكانية مبادرة المركز التي اطلقها مع مجموعة كبيرة من الاطفال والشباب، فمن خلال اشراكهم في عملية صنع وتنفيذ القرارات داخل المؤسسات. يتحول الطفل او الشاب من متلق الى شريك اساسي.
وترتكز الالية المقترحة من قبل المركز على اعتماد نموذج تشاركي مدني يعزز مفهوم وواقع مشاركة الاطفال والشباب داخل هذه المؤسسات المجتمع المدني من خلال اربع ركائز. من تامين المشاركة التساورية من خلال استشارة الاطفال والشباب حول اي مبادرة تتعلق بحقوقهم. مروراً بتأمين المشاركة التمثيلية من خلال ضمان تمثيل الاطفال والشباب في المؤسسات التي تعنى بحقوقهم. وتامين المشاركة التنفيذية من خلال منح الاطفال والشباب مساحة لاطلاق مبادراتهم الخاصة بهم وتنفيذها، الى جانب المشاركة في تنفيذ جزء رئيسي من المبادرات التي تطلقها المؤسسة. وصولاً الى تأمين المشاركة الرقابية من خلال تكريس حق الاطفال في مراقبة اعمال الهيئات الحكومية وغير الحكومية المعنية بشؤون الطفل وذلك عملا بمبدأ الشفافية والمساءلة.
ويتضمن هذا النموذج تعديلات قانونية على احكام النظامين الداخلي والاساسي للجمعيات، تضمن مشاركة اطفال دون ال 20 سنة من العمر في سير عمل الجمعية، وذلك بالرغم من حظر قانون 1909 وتتلخص بانشاء مجلس اطفال يشارك مجلس الادارة والهيئة العامة في عملية صنع واتخاذ القرار داخل المؤسسة دون ان تقع على الطفل اية مسؤولية قانونية".
وقد اطلق الاطفال والشباب المبادرة مع فعاليات مؤسسات المجتمع المدني وبحضور الحقوقيين الذين اشرفوا على صناعة النظامين الداخلي والاساسي للمؤسسة على شكل طاولة مستديرة تحت عنوان "مشاركة الطفل في المجتمع المدني".
وتجدر الاشارة الى ان مركز الديمقارطية المستدامة هو منظمة غير حكومية مستقبة تأسست في ايلول عام 2002، تهدف الى رفع مستوى الوعي حول مفاهيم الديمقراطية، المواطنة وحقوق الانسان لتحفيز التنمية البشرية وتعزيزمشاركة الاطفال والشباب في كافة الميادين. ويهدف المركز الى تثقيف وتمكين المواطنين لاحقاق التعايش المنسجم والسلمي، بغضّ النظر عن انتماءاتهم الطائفية والسياسية والجغرافية.
الشباب، اعضاء نوادي المواطنة والسلام الذي اسسها المركز قبل 3 سنوات، جاؤوا من مختلف المناطق اللبنانية، ونجحوا في اظهار مدى اهمية الوحدة الوطنية والعمل الجماعي المشترك من اجل لبنان بلد رائع لجميع ابنائه.
رفض الشباب والاطفال العيش في هواجس الماضي وعلى خطوط التماس وفي ظلمة الافكار والاحكام المسبقة وفي دوامة الحقد والكراهية، واكدوا على اهمية تنوّع لبنان الحضاري والثقافي والطائفي، وعلى ضرورة الاستفادة من هذا المعطى المهم، وان يتم تحويل النزاعات والخلافات الى اختلاف ايجابي يزيد من التلاحم والوحدة الوطنية ويعزز السلم الاهلي.
خلاصة اللقاء واضحة لاتقبل الجدل. مفادها ان الشباب والاطفال قادرين على التغيير وقيادة البلاد نحو بر الامان. من خلال المشاركة في صناعة واتخاذ القرار على كل المستويات.
خطوة جريئة ومشكورة قام بها مركز الديمقراطية المستدامة، خاصة في ظلّ الاوضاع الدقيقة التي نمر بها اليوم في لبنان. فهل الولد ولد ولو حكم بلد؟...
http://www.sdclebanon.org/
سلمان العنداري ... SA
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق