الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

طـــبول الحرب تدق في اسرائيل...


 
هل صحيح ان اسرائيل تستعد لشنّ حرب على لبنان وسوريا؟. وهل صحيح انها تعدّ العدّة لتنفيذ هجوم عسكري كبير على ايران؟. وهل صحيح ان طبول الحرب باتت تُسمع على كل الجبهات في منطقة الشرق الاوسط المتوترة؟.
آمال شحادة، مراسلة قتاة ال بي سي اللبنانية في فلسطين المحتلة، والمعروفة بدقة تغطيتها للاحداث والتطورات، ومتابعتها لما يجري على الساحة الاسرائيلية الاسرائيلية، اعتبرت ان الحدود الشمالية تجاه لبنان عادت لتحتل الاجندة الاسرائيلية، باعتبار لبنان ساحة حرب مقبلة".

وفي هذا الاطار قال امنيون وعسكريون ان حزب الله حول المنطقة الى جبهة دفاعية ايرانية اولى. فيما تناولت وسائل الاعلام الاسرائيلية ما ورد عن تدريبات اجراها حزب الله كمؤشر كبير لاستعداد الحزب لحرب قريبة.
واختار رئيس اركان الجيش الاسرائيلي المشاركة في مختلف التدريبات العسكرية على حرب على لبنان وسوريا التي تجرى على اكثر من جبهة، ليروّج بذلك لاستعداد جيشه على جميع المناطق الحدودية.

ويقول العسكريون الاسرائيليون انه "باتت تسمع تهديدات صريحة ضد امن اسرائيل، وهذا يدل على تقويم خاطىء لقوتنا. وان جيشنا مستعد على طول حدود البلاد".
ويتوقع الاسرائيليون ان تساهم الحوادث الداخلية في لبنان في تصعيد امني، في وقت يشهد فوضى عارمة في حال انهيار النظام السوري تنتهي بحرب مع اسرائيل، ووصل التهديد الاسرائيلي بدعوة وزير الدفاع السابق مونشيه ارنسي الى جعل لبنان جبهة حرب اولى والتخلص من خطر صواريح حزب الله، فيما شهدت مناطق الحدود الشمالية تحركات مكثفة للجيش.

ويتهم العسكريون الاسرائيليون حزب الله بانهم ينتهكون كل الاتفاقيات الدولية وبانهم يتجولون على الحدود الجنوبية للبنان، وهذا ما يؤكد استعداد حزب الله لخوض حرب.
ويتصاعد القلق مع الكشف على تقارير تؤكد عدم جهوزية الجبهة الداخلية والنقص في ضمان حماية وامن السكان من الصورايخ المتوقعة.

وبحسب امال شحادة فانه "من غير المستبعد ان تكون حملة التصعيد تجاه لبنان هي جزء من بالونات الاختبار والتهديدات الوهيمة، ولكن ما من شك فيه ان تدهور الاوضاع في سوريا، وانعكاساته في صراعات داخلية لبنانية شهية العديدن على تفجير عدواني".
وفي جهة اخرى، وفي ما يختص بالحرب الاسرائيلية المتوقعة على ايران، كسر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق الجنرال غابي أشكنازي الصمت الذي فرضه على نفسه بشأن الهجوم على طهران، وأعلن أن إيران لا تمتلك قنبلة نووية، وأن الوقت لم يحن لمهاجمتها.
وأشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما حذّر سوريا من تسليم أسلحة كيميائية إلى "حزب الله" بعد أن وصلته معلومات حول ضغوط إيرانية على الرئيس السوري بشار الأسد لفعل ذلك.
وهكذا بعد عام كامل من التزام الصمت بشأن الضربة العسكرية الإسرائيلية لإيران، أعلن أشكنازي أن الوقت لم يحن لضرب طهران.

وبهذا يمكن القول، انه على الرغم من حماوة الجبهات والتصريحات، الا ان الحرب مستبعدة في المنطقة في هذه الفترة، الا اذا دخل احد الاطراف في مغامرة غير محسوبة قد تعيد خلط الامور وتقلب الموازين رأساً على عقب... مع الاشارة الى انه ليس بغريب على اسرائيل ان تعيش اجواء الحرب والقتال والتعبئة على مرّ السنوات والحقبات.

سلمان العنداري ... SA

الأحد، 26 أغسطس 2012

الربيع العربي ... والشرق الاوسط الجديد


 
في خضم ما يمرّ به العالم العربي من احداث وتطوّرات متسارعة على اكثر من صعيد، ومع استمرار الربيع العربي الذي ساهم في اسقاط رؤساء وانظمة، تستمر التحليلات السياسية والاستراتيجية في اسباب هذا الربيع واسباب هذا الحراك.
 
المفكرون والكتّاب والمحللون العرب يقرأون ما يحدث اليوم من تطورات متسارعة من زوايا مختلفة. وسجعان القزّي، نائب رئيس حزب الكتائب اللبناني، له وجهة نظره الخاصة والمميزة عن غيره. ففي كتاباته وابحاثه والمحاضرات التي يُلقيها، يُسلط القزّي الضوء على امور وقضايا نجهلها، ويطرح اسئلة يلتقطها القارىء او المشاهد ويًحللها بصمت.
 
تحدثت الى القزّي في مقابلة خاصة عن الربيع العربي وتقاطعه مع المشروع الاميركي الجديد في المنطقة، ليدخل في عمق الاحداث في محاولة لاستشراف حقيقة ما يجري اليوم.

ان المنطقة تشهد ظهور شرق اوسط جديد بعد عقود من الصراعات ووجود الدكتاتوريات، بحسب القزّي، وان الدول الغربية تدفع في هذا الاتجاه. وان الانظمة العربية لم تقدّم اي شيء لشعوبها سوى الظلم والقمع والقتل، فما يجري اليوم يُعبّر عن نفاذ صبر الشعوب العربية.
 
"اننا نشهد اليوم على ظهورَ شرقِ أوسطٍ جديد. فالشعوبُ العربيةُ فقدَت صبرَها، ومجموعةُ صراعاتٍ عُضال أنهكَت المجتمعاتِ العربيةَ الحالية ونَخَرت عِظامَ البنيةِ القائمة. والكياناتُ تصدَّعت والقادةُ فَسَدوا.

 أمهل الشعبُ الأنظمةَ نحوَ مئةِ عامٍ لحل الصراعاتِ فتفاقمت. أنّى لهذه الأنظمةِ أن تَجِدَ الحلَّ فيما هي تَـقْـتات منها، لا بل هناك أنظمةٌ من هو أبُّ هذه الصراعات، وأخرى من هو ابـنُها". يقول القزّي.
 
ان الصراعات التي مرت بها المنطقة طويلة وعديدة. 60 سنةً عمرُ الصراعِ العربي ـ الإسرائيلي. 40 سنةً عمرُ الصراعِ بين الفِلسطينيين أنفسِهم. 36 سنةً عمرُ الصراعِ في لبنان وعليه. 32 سنةً عمرُ الصراعِ الخليجي الإيراني. 31 سنةً عمرُ الصراعِ بين إيران والعراق. 54 سنةً عمرُ الصراعِ في اليمن وبين اليمن والسعودية. 64 سنةً عمرُ الصراع بين لبنانَ وسوريا. 60 سنةً عمرُ الصراعِ في مصر. 31 سنةً عمرُ الصراع في إيران، 22 سنةً عمرُ الصراعِ في الجزائر، 61 سنةً عمرُ الصراعِ المغربي ـ الجزائري حولَ الصحراءِ الغربية، 70 سنةً عمرُ الصراعِ مع الأكراد. 62 سنةً عمرُ الصراعِ الأردني ـ الفلسطيني، و1400 سنة عمرُ أنظمةِ العنفِ العربي.
 
وبحسب القزّي فان "الكبتُ والهزائمُ والانقسامُ والفقرُ والخوفُ والسجونُ هي مجموعُ تقديماتِ الأنظمةِ العربيةِ لشعوبها طَوالَ المئةِ سنةٍ الماضية. الأنظمةُ القوميةُ قَمعت شعوبَها بذريعةِ الوِحدة، والأنظمةُ العسكريةُ قمَعتها بذريعةِ الأمن، والأنظمةُ الأصوليةُ قمعَتها بذريعةِ الشريعة".
 
ان كان ما يحصُل اليومَ يُـعبِّـرُ عن نَفاذِ صبرِ الشعوبِ العربية، فإنه يَـلتقي مع شعورِ الدولِ الكبيرةِ بأن الشرقَ الأوسطَ القديمَ (الحالي)، اسُتنزِفَ واسُتنفِدَ طَوال العقودِ الماضية؛ ولا بدَّ من ابتداعِ جغرافية سياسيةٍ جديدةٍ تضمَن مصالحَ الدولِ الكبيرة (الاستراتيجية والاقتصادية) وتسمحُ لشعوبِ المَنطقةِ بتحقيقِ بعضِ طموحاتِها الذاتية (حرية وبحبوحة).
 
مجموعةُ عواملَ متلاحقةٍ تُشجِّع العالمَ الغربيَّ على التحرّكِ في هذا الاتجاه، وهي: وجودُ ثرواتِ الطاقة، نشوء دولةِ إسرائيل، سقوطُ الاتحادِ السوفياتي، فشلُ الأنظمةِ العربيةِ ببناءِ دولٍ مؤسَّساتية، تصاعُدُ التياراتِ الإسلاميةِ المتطرفِّـة، الامتدادُ الإيراني فالتركي على حسابِ الإسلام العربي، انتشارُ دائرةِ الإرهاب، وتَـوْقُ الشعوبِ نحو الحريةِ وحقِّ تقريرِ المصير".

ان ثوراتُ الشعوبِ العربيةِ برأي القزّي تتزامن مع مشروعِ الشرقِ الأوسطِ الجديد الذي وضَـعَته الولاياتُ المتحدةُ الأميركية بعد تشاورٍ مع مجموعاتِ تفكيرٍ عربيةٍ وأوروبيةٍ وإسرائيلية. لكنَّ تعديلاتٍ عديدةً طرأت على هذا المشروعِ خِلافاً لمصالحِ أميركا والعربِ وإسرائيل في آن معاً. وبعدَ حربَي أفغانستان والعراق والثوراتِ العربية، بات المشروعُ بمثابةِ "مُشاعٍ" برَسمِ مَن يضعُ يدَه عليه أولاً. 

إنَّ نَموذجَ العَلاقات بين الولاياتِ المتحدةِ الأميركية والحزبِ الإسلامي في تركيا ("العدالة والتنمية") موجودٌ في خلفيةِ الحِراكِ العربيِّ الحالي. فالحركاتُ الإسلاميةُ الأصوليةُ العربية تأملُ بانفتاحِ واشنطن عليها، وهذه تَـأمَلُ باعتدالِ تلك الحركات.

من الواضحٌ اليومَ أن المشروعَ الأميركيَّ يَطوف على كل المَنطقةِ مُمتَـطِياً أحصنةً عدة: الحربُ، الديبلوماسيةُ، القراراتُ الدولية، الضغوطُ الاقتصادية، الانتخاباتُ والاستفتاء، وأخيراً ـ لا آخر ـ الثورات.
 
بين هذا المشروعِ الأميركيّ والثوراتِ العربية نقاطُ تقاطعٍ عامةً تُشكِّل قاعدةَ مصالحةٍ بين الإسلامِ والغرب. كان الغربُ استعماراً فصار إعماراً، وكان حليفَ الأنظمةِ فصار صديقَ الثورات. المشروعُ والثوراتُ يطمَحان إلى تغييرِ الأنظمةِ والمجتمعاتِ العربية والإسلامية، لكن قد يفترقان لدى البحثِ عن البدائل. وهنا تبدأ المنافسة بين لعبةِ الأمم وإرادةِ الشعوب.

والمنافسة لا تعني بالضرورة طلاقاً، بل مجالاً للتفاوض والاتفاق.فها إنَّ جزءًا من أسبابِ تأخُّرِ حسمِ مصيرِ بعضِ الثوراتِ يعود إلى إجراءِ مفاوضاتٍ بحثاً عن بدلاء، لئلا تنتقلَ الدولُ العربيةُ إلى ديكتاتورياتٍ وتيوقراطياتٍ جديدةٍ وفوضى غيرِ بناءة. يقول القزّي.

  "إنَّ مشكلةَ العالمِ العربي هي أن عربةَ التغييرِ فيه يقودها حصانان يسيرُ كلُّ واحدٍ منهما في اتجاهٍ مختلف: واحدٌ نحو المجتمعِ الديني والآخرُ نحو المجتمعِ المدني، والثاني هو الأضعف".
 
سلمان العنداري ... SA

 

الخميس، 23 أغسطس 2012

الشباب الفلسطينيون بين مطرقة الاحتلال وسندان الانقسام ...


 
حلّ الربيع في العالم العربي ولم يُزهر بعد في فلسطين، التي تُصارع كل يوم وتناضل من اجل البقاء على قيد الحياة، وسط مستنقع ملتهب بالصراعات السياسية والعسكرية والمذهبية والايديولوجية. وفي منطقة تتصارع مع نفسها، معلّقة ما بين الماضي والحاضر، تترقب فلسطين مستقبلاً غير واضح المعالم.

ازهر الربيع في غير مكان من العالم العربي، الا في شوارع رام الله وغزّة وبيت لحم، في وقت تعضّ القدس على الجراح، ويستمر الاولاد، كما النسوة والشيوخ والشباب، في مواجهة اكبر آلة عسكرية عنصرية غزت تلك البقعة المقدّسة من الارض، واحتلتها بالقوة منذ عقود.

اين فلسطين من "الربيع العربي"؟ واين شبابها من الحراك السياسي في المنطقة؟ اسئلة طرحها "نهار الشباب" على مجموعة من الشباب والناشطين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

 
تقول الصحافية في قطاع غزة مهى شهوان ان "الوضع الفلسطيني يختلف عما في بقية البلاد العربية، فالاحتلال هو العنصر الأهم من مكونات الحال السياسية الفلسطينية، وداخلياً الأمور ليست كما يتصور البعض، اذ نعيش واقعاً مؤسفاً يتمثّل بوجود حكومتين، واحدة في الضفة واخرى في القطاع. ولهذا فإن اي ربيع فلسطيني لا بد من ان يأتي لإنهاء الانقسام، ومن ثم للقضاء على سياسات الاحتلال، وليس كما حصل ويحصل في الدول العربية".

 
عاد معاذ مصلح، وهو شاب فلسطيني من قرية بيت صفافا في القدس وطالب ماجستير صحافة سياسية في جامعة سيتي في لندن، الى ارضه ليعمل على مشروع تخرّجه، ايماناً منه بأن فلسطين ستبقى الارض والهوية والقضية. لا يتفّق مصلح مع تسمية "الربيع العربي"، مُفرّقاً ما بين "الثورات" و"الانتفاضات"، معتبراً ان "الوضع الفلسطيني لا تصح مقارنته بوضع الدول العربية الأخرى لأسباب عدة، منها ان المعركة الأولى والأخيرة هي مع احتلال حاقد، وهي معركة بقاء تمسّ كينونتنا كشعب. والشعب الفلسطيني يقاوم منذ بدء الاحتلال البريطاني قبل الصهيوني، وخاض ثورات تلو الثورات، وانتفاضات تلو أخرى، ورغم فترات الركود التي مررنا بها، الا اننا ما زلنا نقاتل منذ عشرات السنين".

لا ربيع عربياً في فلسطين اليوم وفق مصلح "الا ان مرحلة صعود انتفاضة جديدة لن تكون لها علاقة بأي من حوادث المنطقة، بل ستكون ضمن النطاق الطبيعي لمراحل النضال ضد الاستعمار الصهيوني المستمر منذ عقود".



جهاد شجاعية، ناشط اجتماعي من رام الله، لا يرى اي ربيع فلسطيني وشيك "والسؤال هنا، هل الربيع داخلي ام خارجي؟ هل هو ربيع ضد الاحتلال؟ أم ربيع على الداخل الفلسطيني؟". يطرح شجاعية تساؤلاته المقلقة، معتبراً ان "وضع الشباب الفلسطينيين صعب جداً في هذه الفترة، لانهم غير قادرين على التعبير بالشكل المطلوب. فهم محاصرون بقوات الاحتلال من جهة، ومكبوتون داخلياً من القوى الفلسطينية ذاتها، ناهيك انهم يعانون أوضاعاً اقتصادية واجتماعية سيئة للغاية، الامر الذي يجعل الحراك الداخلي صعب التحقّق، أقله في الوقت الراهن".
يقيم أسامة مرتجا في قطاع غزة، وينظر بدوره الى الربيع الفلسطيني بسودوية وغموض. فمنسّق "برلمان شباب فلسطين" والناشط في المجتمع المدني الغزّي، يقولها بصراحة، و"بلكنة فلسطينية"، ألا وجود لربيع فلسطيني "شأنه شان الدول العربية"، مُلقياً باللائمة على المتنازعين على السلطة في قطاع غزة والضفة الغربية، في اشارة الى حركتي "فتح" والمقاومة الاسلامية "حماس"، وما يدور بينهما من مشكلات وتوترات تمنع الوصول الى فجر جديد يؤدي الى تحرير الأرض ودحر الاحتلال.


فالانقسام الداخلي برأي مرتجا "يُشكّل عائقاً أساسياً امام اي حراك سياسي جدّي، لان غياب الوحدة الوطنية سيقود حتماً الى غياب اي مشروع وطني يعيد للقضية رونقها داخلياً ودولياً".

واقع الشباب

 
تنظر شهوان، الصحافية التي حازت جائزة دولية تقديراً لنشاطها قبل اشهر، بايجابية إلى واقع الشباب الفلسطينيين في ظلّ الثورات العربية رغم الخيبات المتتالية، "فالشباب الفلسطينيون ينبضون دائماً بالحيوية والارادة لاثبات أنفسهم في كل المجالات، وتالياً فهم لا يحتاج الى ثورات عربية ليعلنوا انهم موجودون. هم أوائل من رفعوا شعار "الشعب يريد انهاء الانقسام"، ونظموا النشاطات الاحتجاجية لتحقيق المصالحة، هذا فضلاً عن انهم في ثورة دائمة ضد قوى الاحتلال الاسرائيلي، ويواصلون نضالهم على مختلف الاصعدة الحياتية، رغم قلة الامكانات للتغلب على هذا الواقع".


"وضع الشباب الفلسطينيين اليوم سيىء للغاية"، يقولها مرتجا، متحدثاً عن "مشكلات حيوية وأساسية وحياتية يعانيها كل شاب فلسطيني بين الضفة والقطاع"، ومشيراً الى "ان نسبة البطالة العالية تخطّت الـ 60 في المئة في انحاء البلاد". كما ينتقد "الملاحقات الامنية الاسرائيلية، وتعامل الاجهزة الامنية الوطنية الفلسطينية على اختلافها، فضلاً عن الملاحقات والاعتقالات وتقييد حرية التعبير، ولاسيما في قطاع غزّة، مما زاد الاحباط احباطاً".


وفي هذا السياق يتمنى شجاعية ان تكون ثمة مصالحة وطنية "وان تعود قضيتنا الفلسطينية الى سلم الاولويات، وان تنتهي الخلافات الحزبية، "كون جيلنا الحالي من الشباب بات اكثر وعيا وثقافة في ظل الانفتاح على الاعلام الجديد والتعبير عن رأيه كما يريد ومعرفته الصواب من خلال اطلاعه على مختلف الاراء والتوجهات واختيار ما ينفع البلد ويصلح حالها بعد انقسام استغرق خمس سنوات وأثّر في اوضاعنا الداخلية".
اي مستقبل لشباب فلسطين؟ يُجيب مُصلح، قافزاً فوق "التناتش السياسي والامني" بين "فتح" و"حماس": "هو مسقبل كل جيل شبابي عاصر الاحتلال الصهيوني، وهو مستقبل نشوء حركة نضالية جديدة ستنشأ في اقرب وقت لتختفي أوجه الانقسام من دون الحاجة الى اتفاقات سياسية أو محاصصة سلطوية بين السياسيين والسلطويين والوصوليين".
في المحصّلة، الشباب الفلسطينيون لا يتحدثون، بل يعملون جاهدين من اجل الوصول الى ثورة تُغيّر واقعهم على كل المستويات، والربيع الذي يُزهر في كل مكان سيحين موعد ازهاره يوماً ما في فلسطين مهما تأخر الوقت والاستحقاق، رغم حال الغموض والقلق والخوف والترقّب، والعيش بين مطرقة الاحتلال وسندان الانقسام.
سلمان العنداري .... SA
تحقيق نُشر في جريدة النهار


السبت، 18 أغسطس 2012

ايـــران ... واحتضار الحليف الاســتراتيجي



اكد المسؤول الايراني سعيد جليلي، ممثل المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي خلال لقائه الرئيس السوري بشار الاسد في دمشق الاسبوع الماضي، ان بلاده لن تسمح "بكسر محور المقاومة" الذي تشكل سوريا "ضلعا اساسيا فيه".

تصريح جليلي يمثّل تاكيداً وحرصاً ايرانياً على عدم السماح باسقاط النظام بشتى الاثمان ومهما كلف الامر، لان في ذلك انكسار كبير لايران ومستقبلها في المنطقة والعالم.

فاذا سقط النظام السوري، ستخسر ايران شريكاً استراتيجياً في المنطقة، وستتغير الكثير من التوازنات في المنطقة لصالح كل من النظام العربي من جهة، وتركيا من جهة اخرى، وسيتقزّم الدور الايراني شيئاً فشيئاً، لتجف المياه المتوسطية في الاستراتيجية الايرانية.

ومما لا شك فيه ان ايران ستدخل في عزلة اقليمية ودولية في حال سقط نظام الاسد وانتهى، الامر الذي سيفقدها الكثير من الاوراق الثمينة.

والاكيد انه في حال سقوط نظام بشار الاسد، ستقع ايران في ازمة كبيرة من الناحية الاستراتيجية، على اعتبار ان سوريا هي الجسر الحيوي الاساسي والاستراتيجي الذي يوصل طهران بالبحر المتوسط، وبباقي دول المنطقة.

خاصة وان ايران بعد الثورة الاسلامية التي تحققت عام 1979 تمكنت من بناء علاقة استراتيجية مهمة مع دمشق على قاعدة رعاية "المدّ الشيعي" في المنطقة، وتأمين طريق السلاح لحزب الله في لبنان، وحماية بعضهما البعض من اي تدخلات او تهديدات اجنبية.

وايران هي الحليفة الرئيسية لسوريا في المنطقة. تتهم الولايات المتحدة والسعودية وقطر وتركيا بتقديم الدعم العسكري للمعارضة السورية لاسقاط النظام. بينما يتهم المعارضون السوريون والولايات المتحدة ايران بدعم النظام السوري عسكريا.

يقول الخبراء ان ايران لن تسمح باسقاط بشار الاسد، ولطهران خطوط حمر في التعامل مع الملف السوري، وهي نظرة مبنية على ثلاثة محاور تشمل عدم التدخل السياسي والعسكري الأجنبي فيها، والحفاظ على الدولة السورية، ووقف العنف ومتابعة الإصلاحات الداخلية. كل هذا من اجل الحفاظ على موقعها في المنطقة، لانه اذا ما سقطت سوريا الاسد، ستسقط دعائم المشروع الايراني دون ادنى شك.

التحالف مع ايران حقّق لسوريا ارباح اقتصادية، وقدّم لها مساعدات مالية ودفعة سياسية كبيرة، كما ادى هذا التحالق بين طهران ودمشق الى خلق نوع من توازن في المنطقة.

يُشدد المسؤولون الايرانيون والسوريون على عزم البلدين على استمرار التنسيق بينهما وعلى اعلى المستويات لمواجهة محاولات التدخل الخارجي السافر بالشان السوري الداخلي. وفي هذا الاطار حذّر جليلي من اي ضربة عسكرية قد تتعرض لها سوريا مشيراً الى ان من يعتقد ان بامكانه زعزعة الاستقرار في سوريا "يقع في خطا استراتيجي كبير"، مضيفا ان "الطريق للحل "سياسي وليس عسكري".


وفي هذا الاطار يُشار الى أن سوريا وإيران ترتبطان بعلاقات متميزة في شتى المجالات، إذ تطورت العلاقات السورية الإيرانية بشكل ملحوظ في مختلف المجالات خاصة منذ تولي الرئيس الايرانى احمدي نجاد الحكم عام 2005 على الرغم من أن عمر هذه العلاقة يعود إلى 30 سنة.

ولا شك ان طموحات إيران الإقليمية واستمرارها في برنامجها النووي وسياساتها في العراق ولبنان وافغانستان ومنطقة الشرق الأوسط يوثر على سوريا، وبالتالي على نمط تحالفاتها الدولية والإقليمية بشكل عام والتحالف السوري الإيراني بشكل خاص. الا ان الربيع العربي وما شهدته المنطقة من احداث قلب كل الموازين واوقف الاندفاعة الايرانية التي تعرضت لصدمة نتيجة تحررّ الشعوب ووصول موجة التحرير الى سوريا، القلب الاستراتيجي لطهران.

يمكن القول ان العلاقات الايرانية – السورية تمر هذه الايام باخطر اختباراتها منذ عام 1979، وها هي اليوم تقف على مفترق استراتيجي مهم، لان اي سقوط لحكم البعث في الشام سيجرّ الكثير من التداعيات على طهران.
سلمان العنداري... SA

الجمعة، 17 أغسطس 2012

الاعلام اللبناني ... إعلام القوطبة والتغطية غير المشروعة

الاعلام اللبناني يقع في المحظور... "رأي شخصي"

في كل مرة تدخل فيها البلاد بأزمة، او بتوتر سياسي او امني، يقع الاعلام كعادته بمستنقع من المغالطات والاخطاء التي لا تغتفر.
سباق محموم بين المحطات التلفزيونية على الاخبار العاجلة والمقابلات الحصرية والمعلومات والانباء. تنافس شرعي واخر غير شرعي على كيفية استقصاء الاخبار وصياغته، بشكل لا يخلو من الحماسة والمبالغة والتشويق.
صناعة الخبر تتحول الى صناعة هوليودية في كثير من الاحيان، من خلال عرض الامور بطريقة مبالغ بها بعيدة عن الموضوعية وقريبة من التحريض. انه فخّ يقع فيه بعض الاعلام اللبناني عندما ينغمس في احداث مذهبية وفئوية وطائفية لا قعر لها.

في الايام القليلة الماضية، تناقلت وسائل الاعلام اللبنانية انباء ومعلومات متضاربة جدا حول مصير المخطوفين اللبنانيين الـ11 في سوريا، فبين القول ان 4 من المخطوفين قد قتلوا جراء القصف في مدينة اعزازا السورية الحدودية مع تركيا، وبين الاشارة الى ان كل المخطوفين بخير، وصلت الامور في بعض القنوات الى نعيهم جميعاً دفعة واحدة دون التأكد من المعلومة والخبر، مع الاشارة الى ان اي نشر لاي نبأ بهذا المستوى سيؤدي حتما الى توترات كبيرة في الشارع. وهذا ما حصل.

وبالتزامن، كانت تغطية "ثورة ال المقداد" فاضحة في اكثر من قناة تلفزيونية لبنانية، اذ تعاطفت بعض المحطات مع آل مقداد الذين خطفوا اكثر من 20 سورياً من مختلف المناطق اللبنانية، وظهروا بسلاحهم على الشاشات، وعقدوا مؤتمر صحفي او دردشة مع الصحفيين في غياب الدولة والقوى الامنية والجيش طبعاً... حتى وصلت الامور بزميلة لطرح سؤال على الملثّمين بالقول: "يا شباب؟... كم واحد خطفتوا اليوم؟"...

كم واحد سرتوا خاطفين يا شباب؟
وعلى ما يبدو فقد تحولت "مهنة الاختطاف" في لبنان الى وسيلة لكسب الشهرة والمال والظهور الاعلامي المتكرر وعلى مدار الساعة. والعتب الكبير على ما قالته الحاجة حياة من كلام خطير، وما قاله آفراد آل مقداد من تهديدات مباشرة للبنانيين والخليجيين والاتراك... والابشع هو تكرار بثّ التهديدات المباشرة للمواطنين الغاضبين بتكسير السفارات وقتل الناس وخطفهم...

صديق لي على التويتر نشر رابطاً من اليوتيوب تظهر فيه مراسلتا "الجديد" والـ "ال بي سي" تتنافسان على اجراء مقابلة مع احد المختطفين السوريين الذي تمّ اختطافه على ايدي آل المقداد على خلفية اختطاف حسن المقداد على ايدي الجيش السوري الحر في سوريا.
المسألة ليست في الخبر، الا ان مشهد التنافس والتسابق على طرح الاسئلة على المختطف يثير الضحك والهذيان في الوقت نفسه. اذ تخيلت لدرجة ان مراسلة المؤسسة اللبنانية للارسال ستضرب مراسلة الجديد، او ان تعمد مراسلة الجديد صاحبة الصوت "الخشن" بالتعرّض للزميلة هدى شديد التي "قوطبت" عليها في طرح الاسئلة.

الرابط الذي نشره صديقي هلال على التويتر، وما تبعه من محادثة ونقاش حول واقع الاعلام، يثير الكثير من التساؤلات حول كيفية تغطية النزاعات والازمات السياسية والمذهبية والامنية على الارض، وما هي التعابير والمفاهيم والالفاظ التي يجدر على الصحفي او المراسل ان يستخدمها في التغطية.
تنافس مضحك ولكنه مستفز بالوقت نفسه. مذيعة الجديد من جهة، ومذيعة ال بي سي من جهة اخرى. اسئلة امطرت المختطفين السوريين الموضوعين في حالة من الضغط النفسي الشديد من قبل خاطفيهم آل المقداد.

انت مخبر؟ من وين؟  عم تحكي تحت ضغط؟
وبالاضافة الى ان اجراء مقابلات مع اسرى او اظهارهم في الاعلام هو امر محظّر وفق القانون الدولي، الا ان الاعلام اللبناني في مكان اخر.
للصّحفيّ دور بارز في مجتمعه، فإمّا يساهم بتفاهمات وطنيّة و إقليميّة فتؤدّي إلى قرارات سلميّة، و إمّا ان يقوم بتغطيته بشكل خاطئ، فيكون ذلك مصدراً لمزيد من الصّراعات والاحقاد والتطورات الخطرة.

ان التعابير والالفاظ والتفاصيل تكاد تكون اساسية في اي تغطية، وان اي توصيف غير جدي وغير مسؤول وغير دقيق قد يوقع المشاهد او القارىء او الرأي العام بلغط لا يمكن الخروج منه سوى بمزيد من التوتر والكره والحقد. وفي هذا الاطار، وفي اثناء تغطية مباشرة من طريق المطار، كان احد الزملاء يتحدث بطلاقة وبلغة "شارعية" عن الشعارات المذهبية، وعن نبض الشارع الذي يغلي وقتذاك، وانا اكيد انه في ما لو استمر بتغطيته لنصف ساعة لكان اشعل البلاد مرة اخرى بسبب طريقته الخاطئة في التغطية.

ان امثل الطرق في تغطية النزاعات او المواضيع التي يطغى عليها طابع ديني تتمثل بالدرجة الاولى بالاعتدال والموضوعية والحيادية، خاصة في بلد كلبنان. اضافة الى ذلك يجب ان يتم فصل كل الامور الشخصية في اثناء التغطية، والا يكتب الصحفي بعاطفة، الا بعاطفة انسانية لا دينية او طائفية او فئوية او مناطقية.

انه زمن الاعلام والسبق الصحفي والتقاتل غير المشروع على نقل الحرب والصراع الى عيوننا واذاننا. ولكن الاعلا م اللبناني فشل في هذه المهمة، واشعل النار بدل اطفائها.
شـــــاهد الفيـــديو هنا :


سلمان العنداري ... SA

ســـوريا غارقة في بركة من الدماء... و"كــلبة" ثرية تشغل العالم ... انه عصـــر الانحطاط




قالت مسؤولة عن تركة المليونيرة الاميركية الراحلة ليونا هلمسلي ان الكلبة التي تركت لها هلمسلي ثروة قدرها 12 مليون دولار ماتت. وخصصت هلمسلي التي كانت تمتلك سلسلة فنادق هلمسلي 12 مليون دولار في وصتيها لرعاية كلبتها المالطية واسمها ترابل عندما توفيت في العام 2007، الا ان قاضيا خفض المبلغ الى مليوني دولار، وقالت ايلين سوليفان المتحدثة باسم مؤسسة هلمسلي الخيرية انه رغم اعلان موت ترابل الآن فقط الا ان الكلبة ماتت في الواقع في ديسمبر الماضي عن 12 عاما، واضافت سوليفان في بيان ان جثتها احرقت ورفاتها محتفظ به في مكان خاص، وان الاموال المخصصة لرعايتها عادت الى مؤسسة ليونا ام وهاري بي هلمسلي الخيرية.

 بصراحة خبر صاعق ومحزن الذي قرأته قبل يومين على احدى المواقع الالكترونية. فموت الكلبة الثرية شغل العالم على ما يبدو، اذ تداولت وسائل الاعلام وكبريات وكالات الانباء الخبر بكثير من الاهمية، حتى ان خبر الكلبة "المرحومة" تصدّر صفحات كبريات الصحف حول العالم.

 موت هذه الكلبة الثرية وضعني في حالة من الحيرة والغضب ممّا نعانيه اليوم في عالمنا العربي. فعلى الرغم من الثورات والحراك الشعبي وسقوط الانظمة وكسر جدران الخوف والتبعية، الا اننا ما زلنا نتمسك بالعقلية الرجعية نفسها. نغرق في فقرنا والامنا، ونتقاتل ونشتم بعضنا كل يوم تحت عناوين وشعارات بالية ولّى عليها الزمن.

 عشرات الاف القتلى والشهداء في سوريا ولم يحرك العالم ساكناً حتى الان. سوريا تسبح في بركة من الدماء والقهر والحرمان والتعاسة، والعالم مشغول بثروة "كلبة". المجاعة تصول وتجول في افريقيا والسودان وفي مناطق عدة من العالم، وكلبة المليونيرة الراحلة ليونا هلمسلي تخطف كل الاضواء.

 المرأة الغربية وصلت الى القمر والمريخ، وها هي تقود مراكب الفضاء، والمراة السعودية تدعو لربها ان تحظى بفرصة قيادة سيارة مرة واحدة في حياتها. العشائر الطائفية والمذهبية تتقاتل في لبنان وتعود لزمن غابر من الخطف على الهوية، فيما يتغنّى الاوروبيون باجمل مسابقة في كرة القدم، وتقدم لندن اروع اولبياد على مر التاريخ.

 كم نحن مساكين، العالم "لا يقرأنا"، يستغل ثوراتنا كي يعود ويحمنا، ويستغل ثرواتنا ليحافظ على سوق البترول. مواطنون استهلاكيون مترفون، من الخليج الى المحيط، في ما القبائل الامازيغية تتقاتل مع تلك العربية في المغرب العربي.

 نحن بعيدون جداً عن التقدم والحضارة، نتلهى بالقشور، ولهذا نجد العالم باسره لا يحترمنا ولا يقدرنا لاننا بكل بساطة شعوب وقبائل جائعة وينهشها الجهل.

 هذا هو المشهد اليوم. شعب يموت كل دقيقة في سوريا وفي كل بقعة من العالم العربي... وكلبة اجنبية تموت فتشغل العالم... انه عصر الانحطاط.. هنيئاً لنا...

سلمان العنداري ... SA

الخميس، 16 أغسطس 2012

ايــران وبشّــار الاسد .. الغرق في المستنقع



منذ بداية الأحداث التي وقعت في سوريا، قيل ان ايران تلعب دورا رئيسيا في دعم النظام السوري ... اذ يتنوع هذا  الدعم ويتعدد في مختلف المجالات السياسية والمالية والعسكرية. فايران تسعى بكل قواها للحفاظ على نظام بشار الاسد مهما كلّ الامر.
ايران تساعد النظام السوري في قمع المتظاهرين الذي كانوا يطالبون باسقاط النظام السوري بقيادة بشار الاسد وانه تم اقتياد فرق ايرانية خاصة لقمع المتظاهرين المطالبين برحيل الاسد بالقوة.

وفي معلومات اخرى، قال مسؤول اميركي أن طهران تساعد الحكومة السورية مادياً، وتقدم لها تجاربها وخبراتها في قمع التظاهرات، وتفيدها في تقنيات عالية في مراقبة اتصالات مجموعات المعارضة على النت

بالاضافة الى ذلك، وفي ظلّ العقوبات الاوروبية والدولية المفروضة على دمشق، خاصة في مجال استيراد النفط السوري، فان ايران تعمد على "تحدي" حظر استيراد النفط السوري، اذ إن ناقلة نفط مملوكة للحكومة الإيرانية تستخدم أعلاماً مختلفة وأسماء شركات متعددة لنقل النفط السوري الخام من سوريا إلى إيران "في إشارة على كيفية دعم الحكومة الإيرانية لحليفتها سوريا".

كما تقوم ايران بمساعدة سوريا من خلال نقل نفطها الى الصين والى دول اخرى في ظل الحظر الدولي والعقوبات الدولية المفروضة على الشام. في وقت لم يعد بمقدور سورية بيع نفطها لأسواقها التقليدية في اسواق أوروبا، حيث أوقفت عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الصادرات. ويشار إلى أن الصين غير ملتزمة بالعقوبات الغربية المفروضة على سورية.

ولا يقتصر الدعم الإيراني للنظام السوري على الدبلوماسية، ولكن أبعد من ذلك، فان ايران تدعم الرئيس السوري بشار الأسد من خلال توفير الوقود اللازم لنقل المركبات الثقيلة العسكرية والعربات المدرعة، والسماح لدمشق للتغلب على العقوبات الدولية والتغلب على المعارضة الداخلية والقضاء على قوات الجيش السوري الحرّ التي بدأت بتنفيذ عمليات نوعية في اماكن متعددة من سوريا.

وعلى مدى عقود من الزمن، تعززت العلاقات الإيرانية السورية من التعاون التجاري الوثيق على اعلى المستويات، وصولاً الى التعاون الاستراتيجي المستمر، اضافة الى العلاقات العسكرية من خلال تمويل شحنات الأسلحة، إلى التدريبات العسكرية، ونقل الأسلحة إلى لبنان، ودعم الجيش النظامي التابع لعائلة الأسد.

ملهم الجندي، ناشط سوري بارز على وسائل الاعلام الاجتماعي، ومتابع يومي للاحداث في سوريا على الارض، يقيّم العلاقات الايرانية – السورية، اذ يعتبر " أن العلاقه الإيرانيه السوريه في أفضل حالاتها، و أن إيران مازالت تؤمن بالحل القمعي الذي يقوم به الأسد و تحاول دعمه و مساعدته بكافة الطرق و السبل وبأي ثمن".

ويؤكد الجندي ان ايران تدعم النظام الاسدي بالسلاح والمال، وانه لم يعد يخفى على العالم دعم إيران لبشار الأسد، خاصة من خلال استقدام العسكريين والمجندين في الحرس الثوري الإيراني، خصوصا بعد أسر العديد منهم في عُهدة الجيش الحر. اذافةً الى ذلك فان الدعم المالي مُستمر منذ أول يوم في الثورة السورية، هذا الدعم الذي يحاول تأمين قيمة العُمله السورية و حمايتها من الإنهيار".

في هذا الاطار، يمكن القول ان الدعم الإيراني للنظام السوري مستمر، بدءا من توفير الأدوية للجنود الجرحى وصولاً الى توفير الأسلحة والخبرات، والحصول على مساعدات مالية كبيرة. الا ان هذا الدعم لن ينجح في المحافظة على نظام بشار الأسد في المستقبل القريب مهما اغدق النظام من خيراته على دمشق الاسد...
سلمان العنداري ... SA
مقالة نشرت بالتزامن مع موقع بيروت اوبزيرفر

الاثنين، 13 أغسطس 2012

مــرايتي يا مــرايتي ... عالم المرأة الممنوع ...


كـــراميل ... عالم المرأة الممنوع ...

ملاحظة: الرجاء تشغيل الاعنية في اسفل التدوينة والاستماع اليها اثناء القراءة
 بالرغم من مضي اكثر من 5 سنوات على انتاج فيلم نادين لبكي الاول "كراميل"، الا ان موسيقى خالد مزنّر الرائعة، وصوت رشا رزق وكلمات تانيا صالح، وصورة نادين الراقية والمميزة، اسباب دفعتني لكتابة بضع اسطر عن هذا الفيلم، متطرقاً لبعض الهواجس التي تُرافق النساء مع تقدمهنّ بالعمر...

و"سكر بنات" فيلم لبناني أنتج عام 2007، يُعرف بترجمته لاسم كراميل كعنوان دولي. وهو الفيلم الروائي الاول لمخرجته نادين لبكي الذي عُرض لاول مرة في ايار 2007 في مهرجان كان السينمائي ضمن نشاط "اسبوع المخرجين" والتي تقام لاصحاب التجارب الاولى.

تدور احداث الفيلم في محل تجميل في بيروت الذي تعمل فيه اربع نساء، حيث كل واحدة تعاني من مشاكل في حياتها... ليال تربطها علاقة برجل متزوج، نسرين  مسلمة فقدت عذريتها ولا تعلم كيف تواجه هذا الأمر، خصوصا أنها ستتزوج، ريما تجد مشاكل مع هويتها الجنسية، جمال تخشى من تقدم العمر.

واقع يومي لنساء من كل الاعمار والخلفيات والطبقات الاجتماعية عرضتها نادين بحرفية بالغة في صورة تتخطى الحنين والنوستالجيا، ولكنها مدرجة بالحزن والعذابات والانتظارات، خاصة في خياطة الجراح والتعايش مع الالام والعقد والكبت المجتمعي.

لقد تعرّفت اكثر على "عالم النساء" في هذا الفيلم، من خلال الشخصيات المعقدة والبسيطة التي عرضتها علينا نادين، واغرقتنا بتساؤلات عمّا يدور في عالم النساء من مخاوف وهواجس وغموض...

قد يسأل كثيرون عن سبب كتابتي عن الموضوع، ولكن "مرايتي"، الاغنية التي وجدتها صدفةً على اليوتيوب واعدت الاستماع اليها عشرات المرات، حرّكت فيّ بعضاً من الذكريات والصور والقصص لصديقات يعشن في دوامة شبيهة بكراميل الى حد كبير...

تماماً كسكر بنات، لا يتوقّفن النسوة عن طرح الاسئلة على المرآة في كل ليلة... يسهرون وقطعة الزجاج بانعكاساتها علّها تجيب "أناهم" الغارقة في الخوف، وعلّهم يجمّلون الندوب البادية في القلب، وهي ندوب خلّفها الزمن او القدر او راكمتها التجارب...

صديقة لي، قررت عدم الزواج لانها مرت بتجربة صعبة جداً في علاقاتها، وقررت الا تثق باي رجل في حياتها، واخرى وقعت في حبّ اثنين، وهي في حيرة من امرها، ضائعة بين حبّ ناضج، واخر مراهق، بين شاب يكبرها بالسن واخر تكبره باكثر من 6 سنوات.

صديقة اخرى غارقة في احلامها، ضائعة، تحاول ان تملأ وقتها بالاحداث، واخرى وحيدة تنتظر بخوف، وثالثة تزوجت وانجبت ويلاحقها هاجس العمر والفشل، ورابعة في غرفة المكياج، وغرفة مظلمة، دون قلب او حتى امل...

لن ادخل في تفاصيل القصص، سأتركها لكل صديقة او امرأة، كما تقول الاعنية: "مــرايتي يا مــرايتي لو احكيلك حكايتي.. قوليلي انا مين؟... انت انا وانا انت.. مهما كبرت وتغيرتي، بعيوني انت الثابتة يا مــرايتي... رح احكيلك حكايتي قوليلي انــو انا... احلى وحدة فيهن، انعم وحدة فيهن.. شوفيني وما تشوفيهن يا مــرايتي...

 رح احكيلك حكايتي.. قوليلي.. انا اللي شعري منو اشقر، خصري منو اصغر، وتمي منو اكبر يا مــرايتي... رح احكيلك حكايتي قوليلي انــا كيف.. بدا قص الغرا؟ .. قولك حلوة الحمرا مع فستان السهرة يا مــرايتي؟...

قوليلي انا مين.. انت انا وانا انت مهما كبرت وتغيرتي بعيوني انت الثابتة يا مـرايتي... قوليلي انا مين...؟".

كتبت هذه التدوينة لاطلب من كل امرأة او شابة او صديقة ان تفتح قلبها للمرآة وان تقول "انــا مين" وتجيب على هذا السؤال على هذه التدوينة، بالتعليق والاجابة على سؤال: "انا مين اليوم؟... هل انا خائفة من المرآة؟... ما هي هواجسي؟".

وتبقى "المراية" صديقة المرأة وكاتمة اسرارها... فهل تحكي كل الحكاية؟...

(اقرأوا التدوينة واستمعوا للاغنية في الوقت نفسه)



سلمان العنداري ... SA

بـــيروت السلم والحرب ... في ستوديو



بين زحمة السير، وهموم الناس ووجوهها، وبين نبض العاصمة بيروت بحكاياها واسرارها وخباياها، وبالقرب من وزارة الداخلية، وحديقة الصنائع، لم تُقفل ابواب "استوديو نظاريان" للتصوير منذ اكثر من 54 عاماً.

لم يكن نوبار نظاريان يهوى الصيدلة كوالده. فشغفه بالتصوير دفعه لافتتاح "استوديو" للتصوير الفوتوغرافي في شارع سبيرز العريق عام 1958 بإمكانيات متواضعة.



آنذاك كانت بيروت لؤلؤة الشرق دون منازع، تعيش نهضة ثقافية واجتماعية واقتصادية. وتنافس كبريات العواصم العالمية بجمالها وتألّقها وسحرها.




بيروت آنذاك شكّلت مركزاً للحداثة والحرية والانفتاح في منطقة غارقة بإنقلابات عسكرية وبثورات وصراعات ضارية.

وبسرعة قياسية، تحوّل الاستوديو الى مقصد للكبير والصغير، الغني والفقير، من كل الطوائف والمناطق والخلفيات، وانهمك نوبار بتصوير الناس، وانكبّ على "تظهير" وتحميض الصور في "الغرفة السوداء" لساعات وساعات.


خبرة نابور وابداعه واتقانه لعمله حوّل الاستوديو الصغير والمتواضع، الى واحد من اشهر اماكن التصوير الفوتوغرافي في البلاد بأكملها.


استقطب الاستوديو البسيط عدداً كبيراً من السفراء والوزراء والنوّاب، والشخصيات الاجتماعية والفنيّة. وما هي الا سنوات حتى بات نوبار يُعرف بـ"ملك الابيض والاسود" نظراً لنوعية الصور التي يصوّرها، ولجودة الالوان والورق المُستعمل.

مرّت السنون، وكانت بيروت على موعد مع كابوس اسود. انفجرت البلاد وغرقت في حرب اهلية قاتلة، ذهب ضحيتها مئات الالاف. انقسمت العاصمة، وتحوّلت عروس الشرق الى ارض موحشة قاحلة، تعبث بالدخان والنار.

انعكس الجوّ المثقل بالقتل على الحياة اليومية. خوف وغدر وقنص وخطف، وكره وبغض وحقد أعمى بصيرة اللبنانيين الذين أغرقوا انفسهم بويلات مجهولة وبدوامات لا قعر فيها.

ومع الطلاق الجغرافي والنفسي الذي قسّم بيروت الى واحدة شرقية (تسيطر عليها اغلبية مسيحية)، واخرى غربية (تسيطر عليها أغلبية مسلمة بالاضافة الى بعض القوى اليسارية والفلسطينية). وقع الاستوديو بين شطري العاصمة وخطوط تماسها. اذ ان امتاراً عدة كانت تفصله عن "بيروت الثانية" من "بيروت الاولى".

ايام صعبة عاشها نوبار وعائلته في تلك الحقبة. اذ كان ينتقل من فرن الشبّاك الواقعة في الشرقية بسيارته القديمة برفقة زوجته وابنتيه، مرورا بمنطقة السوديكو حيث الجامعة اليسوعية، وصولاً الى مكان عمله في الغربية.

وعام بعد عام، بات التجوّل في بيروت ضرباً من الجنون، واصبح التنقّل بين الاحياء والازقة حلماً مستحيلاً. فالقناّصة في تلك الفترة رصدت كل الشوارع، والميليشيات التابعة للقوى المتقاتلة والمتناحرة سيطرت على مفاصل الحياة بعد موت الدولة ومؤسساتها.

وطوال 17 سنة من الحرب المتواصلة، لم يستطع نوبار ان "يداوم" في الاستوديو الصغير الا بشكل متقطّع، مُستغلاً الهدنات العسكرية والسياسية والامنية التي كانت تُعقد لساعات معدودة بين "امراء الشرقية والغربية".

ولأن نوبار خلوق ومحبوب، وصاحب وجه "بشوش واجتماعي"، ولأنه نأى بنفسه عن الدخول في لعبة الحرب وملوكها، فقد نال ثقة كل الاطراف، ولم تتعرض له "الميليشيات"، ولم تتعدى على مصدر رزقه الوحيد. فبقي الاستوديو، رغم بعض الاضرار التي كانت تصيبه بين كل فترة واخرى.
عام 1990، انتهى القتال، وخفتت اصوات المدافع، وتُركت بيروت صامتة بعد اغتصابها لأعوام واعوام. كان المشهد اكثر بشاعة بعد جلاء المشهد وانجلاء الغبار. دمار وخراب ومآسي وجراح. ضحايا وألم وانكسار لا يوصف.

آنذاك شعر اللبنانيون بالخطأ الذي اقترفوه بحق بلدهم، الا ان الأمل بغد جديد، وبمستقبل افضل، أيقظ بيروت من رمادها وكبوتها وكآبتها، واعاد بعثها من جديد كطائر الفنينق، لتنطلق ورشة اعادة اعمار واصلاح ما "انكسر" في كل مكان.


وبهذا عاد استوديو نظاريان من جديد، واكمل نوبار ما بدأه قبل عقود. اجرى بعض الاصلاحات الطفيفة، ومسح الغبار عن الواجهة الخارجية الزجاجية التي تعودت على الدخان والنار، وعادت الصورة بخجل تعيد رسم معالم بيروت المشوّهة.

في تسعينات القرن الماضي، شهد حقل التصوير الفوتوغرافي تطوراً ملحوظاً، وبدأ العالم يدخل شيئاً فشيئاً عصراً جديداً من التكنلوجيا والسرعة. فارتاى نوبار تغيير آلة التصوير المختصّة بالصور الشمسية، واستبدالها بأخرى تلتقط الصور الفورية، وبجودة عالية وواضحة.

عام 2001، فارق نوبار الحياة. رحل الى دنيا الحقّ، الا ان ذلك لم يمنع زوجته من اكمال المسيرة والحفاظ على ارث زوجها والانجازات الرائعة التي حققها على مدى عقود.

السيدة آنّي نظاريان، حملت المشعل، وتغلّبت على احزانها وعذاباتها، لتعيد فتح الاستوديو بعد اشهر من الاقفال. ولعودتها هذه حكاية...

زُرنا السيّدة آنّي في الاستوديو العتيق. وبين الصور الشمسية، وعبق الابيض والاسود، تحدثت السيدة نظاريان، بهدوء لافت، وبشغف يُعبّر عن حبّها وامتنانها للمرحوم زوجها وما قدّمه من فنّ وابداع طوال اعوام.

وبإنصات لا يوصف، يكاد فنجان القهوة ان يبرد، وتكاد الصور ان تتكلّم. فالسيدة اللبقة في تصرّفاتها أبت إلا ان تخبرنا الجزء الثاني من قصّة الاستوديو: "قبل موت زوجي بخمسة اشهر، فقدت اخي الوحيد، وأصبت بصدمة كبيرة، وغرقت في حزن لا يوصف، الا انني قررت ان اتغلّب على احزاني واوجاعي، وان أعيد افتتاح المكان الذي قضيت فيه اهم لحظات حياتي وعائلتي، ومن زعلي وقهري نفضت الغبار مجدداً، وأعدت استوديو نظاريان الى الحياة البيروتية من جديد رغم رحيل مؤسسه".

ابو أحمد، صديق العائلة شاء ان يعطي شهادةً بأصحاب الاستوديو "واصدقاء الدرب" كما أسماهم، فقال: "والله ان السيد نوبار والسيدة آني من اروع الناس وارقى الاصدقاء الذين صادفتهم طوال حياتي، وانا اجزم انه لو كان السيد نظاريان على قيد الحياة لكان طبع بصمة اكبر واكثر تأثيراً في مجال التصوير الفوتوغرافي، وما تقوم به السيدة آني اليوم مهم للغاية واستمرار لإرث زوجها المرحوم".

في المكان رائحة بيروت القدمية والعريقة. والديكور لم يتغير، رغم بعض الاصلاحات الطفيفة التي قام بها نظاريان قبل وفاته. وحدها الذكريات تتحدث، بالابيض والاسود، وبآلات التصوير المعلّقة في الواجهات الزجاجية.

اكثر من 11 عاماً مضت على وفاة نوبار، وتستمر السيدة آنّي بعملها بكل نشاط واندفاع، " فهذا الاستوديو كل حياتي، وكل ذكرياتي، عشت فيه كل مراحل حياتي، وها انا استيقظ كل يوم، واذهب بالشغف عينه لأؤمن لقمة عيشي من عرق جبيني من جهة، ولاحفظ ما قام به نوبار من جهة ثانية".

باختصار، ان قصّة هذا الاستوديو الملهمة، تشبه الى حد كبير قصّة بيروت بحلوها ومرّها، بقصصها الجميلة وبكوابيسها السوداء. بأيامها الناصعة والزهرية، وبلياليها الطويلة. ولا شك ان هذه القصص تبعث على الامل، وتحثّنا على المضي قدماً بحياتنا وعدم الاستسلام للحظات الحزن والتعاسة واليأس. انه استوديو نظاريان... تماماً كبيروت بالابيض والاسود... وبالالوان ايضاً.

سلمان العنداري ... SA
تحقيق نُشر في جريدة النهار