الاثنين، 30 أبريل 2012

ضابط منشقّ عن قوات الأسد يتحدث.. هل صحيح أن الجيش السوري الحرّ يتهاوى في سوريا؟

الجيش السوري الحرّ يتقدّم ام يتراجع؟ ...

في ظلّ الحديث عن تزايد الانشقاقات في صفوف قوات النظام السوري، وعلى ضوء استمرار وتيرة العنف على ما هي عليه بالرغم من وصول طلائع المراقبين الدوليين الى سوريا، تستمر الصورة كما هي. قتل ودمار وخراب، وانتهاك لكرامات ملايين من الشعب السوري، الثائر منذ اكثر من عام، واستمرار للصفقات والتسويات، في وقت يلعب النظام بقيادة الاسد الابن بالوقت، ويماطل كعادته، محاولاً كسب الاوراق من جديد وتجميع انتصاراته الوهمية.

وفي ظلّ هذا الغرق في دوامة الانتظار، يتحدث ضابط منشقّ من قوات النظام السوري في جلسة خاصة عن واقع الامور هناك، وهل صحيح ان النظام السوري باق، وان الجيش السوري الحرّ يتهاوى ويستسلم؟

يقول الضابط المنشقّ ان "الوضع في سوريا اكثر خطورة ممّا تصوّره وتبثّه وسائل الاعلام العربية والعالمية. فالوضع هناك يشبه الجحيم، لأن ما يقوم به النظام السوري يتخطّى المجزرة والقمع والقتل وسفك الدماء".

وبحسب الضابط فان "اعداد القتلى تتزايد كل يوم رغم وجود مراقبين دوليين، ورغم التزام دمشق بمبادرة المبعوث الدولي المشترك بين الامم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي انان. فهذا النظام تعوّد على قتلنا ومستعد لتصفية كل سوري يقول "لا" كبيرة بوجه بشار الاسد والطقمة الحاكمة في الشام".

"من قال لكم ان سوريا تخوض حرباً ضارية ضد القوى الغربية والعربية في المنطقة باعتبارها جزء لا يتجزّأ من محور الممانعة الممتد من طهران وصولاً الى قطاع غزّة والضاحية الجنوبية لبيروت؟"، يتساءل الضابط الغاضب، معتبرا ًان "تحالفاً من تحت الطاولة عقدته دمشق مع تل ابيب وواشنطن منذ عقود، يهدف الى حماية جبهة الجولان في مقابل الابقاء على نظام الاسد المتهالك والمتداعي يوما بعد يوم، وما هي المواقف الاميركية التي صدرت عقب زيارة ايهودا باراك الاخيرة الى واشنطن، الا شاهداً ودليلاً واضحاً على تجديد هذا التحالف السرّي والمفضوح بين كل تلك الاطراف".

ثم يعود ويسأل: "من قال لكم ان العلاقات الايرانية – الاسرائيلية حامية وقد اقتربت من الانفجار؟. فالمشهد الذي نراه اليوم غير صحيح ولا يعكس حقيقة الامور على الارض، لان ما يجري ليس الا مسرحية، وصراع على النفوذ في المنطقة، ومحاولة الابقاء على التوازنات الاقليمية على ما هي عليه بانتظار جلاء الصورة".

وعمّا يُحكى ان جهات عربية ودولية تقوم بتسليح المعارضة والجيش السوري الحرّ، يؤكد الضابط المنضم الى الجيش السوري الحرّ الا انه "لا احد يسلّحنا من الدول العربية والاجنبية، نحن نحارب وسط الميدان لوحدنا دون مساعدة من احد. فالبيانات الصادرة عن الدول العربية وعواصم القرار حول العالم ليست الا حبراً على ورق، لا تخدمنا ولا تفيدنا، في وقت نحتاج فيه دفعاً قوياً وموقفاً مقروناً بالافعال يمنع النظام ويردعه من تكرار عمليات القتل المستمرة، ويُجبره على تقديم تنازلات تكون مقدّمة لتنحي بشار الاسد الذي تمادى في الاجرام الى حدود لم تعد تحتمل".

وعلى الارض، ومن قلب الحدث، يتحدث الضابط المنشقّ عن الاحداث المستمرة "ككرة الثلج " في سوريا، اذ يقول: "كل المدن والقرى والمحافظات السورية تعيش واقعاً محموماً، وحرباً ضارية مع القوات النظامية. فالجيش السوري الحرّ يسيطر على عدد كبير من المناطق، ويسعى الى حماية المدنيين من الاعمال القمعية والاجرامية ومن القصف واعمال العنف. من حمص وادلب وصولاً الى درعا وغيرها من المناطق، الجيسش السوري الحرّ يتقدم ببطء ويكسب جولات متعددة ومتواصلة على الارض".

ويقول الضابط المنشقّ ان "قوات النظام تربّت على ايديولوجية حزب البعث، واولوية الحفاظ على العائلة الحاكمة وشخص الرئيس قبل كل شيء، ووضعت بقاء النظام كأولوية على حساب حماية الحدود من العدو الاسرائيلي، وحماية الناس والدفاع عن الامن القومي، ليصبح قتل المدنيين والناس والابرياء والاطفال والنسوة رخيصاً جداً من دون خجل، ولهذا استمرت الانشقاقات في اوساط هذا الجيش، على امل ان يحدث الانقلاب الكبير، ويتمكن الجيش السوري الحرّ بالتعاون مع المعارضة والشعب من خوض المعركة الاخيرة ضد الاسد وفريقه المتخاذل".

ويضيف: "نخوض معركة فاصلة مع النظام، والتخاذل الدولي لن يمنعنا من تحقيق مطالبنا، ونضالنا سيستمر مهما طال الزمن، ومهما امعن المجتمع الدولي في التسويات والصفقات تحت شعار الخوف من الاصوليات والتطرف من اي نظام جديد".

ويختم الجندي الذي يستعد للانضمام الى جبهات القتال في حمص بالقول: "مهما طال الوقت، ومهما استمر النظام بالقتل والعنف فان الشعب السوري سيتحرر من الجزّار القابع في قصر المهاجرين، وسينتصر للحرية والامل وسيسترجع كرامته المفقودة، وسيبني نظاماً سياسياً جديداً مبنيا على الديمقراطية والتنوع والامل واحترام حقوق الانسان مهما كلف الامر من ارواح وضحايا وشهداء ومخطوفين ومفقودين ومنفيين. انه زمن التغيير، لانه لم يعد بامكاننا الابقاء على هذا الوضع المصبوغ برائحة الموت".

سلمان العنداري ... SA

قوى 14 آذار تتحضّر تنظيمياً لمعركة 2013: هل ينتصر مشروع العبور الى الدولة؟...



اي معركة لـ14اذار؟... 

مما لا شك فيه ان المرحلة السياسية الحالية التي تعيشها البلاد بالغة الدقة والخطورة، من كل النواحي والجوانب. فالقوى السياسية على اختلافها تحضّر نفسها وتشحن طاقاتها وتزيّت ماكيناتها الإعلامية والإنتخابية تحضيراً لمعركة حاسمة بعد حوالي العام، اذ يُنتظر ان تشهد الإنتخابات النيابية المقبلة المقرر تنظيمها عام 2013، معركة شرسة بين فريقي 14 و8 آذار.

وفي هذا الإطار، كل فريق يشدّ الهمم ويعزز مواقعه تحضيراً للموقعة. في وقت تعمل فيه قوى 14 آذار على تجديد نفسها واعادة الحياة لقواعدها الشعبية من خلال فكرة انشاء المجلس الوطني، اضافة الى لملمة بعض الإختلافات التي سادت في الآونة الأخيرة ومعالجتها.

نخوض معركة مهمة... والوقت يمرّ

"امور عديدة وتاريخ مشترك يجمع قوى 14 آذار"، بحسب القيادي في القوات اللبنانية ادي ابي اللمع. "فمنذ اكثر من 8 سنوات، و14 آذار تخوض معركة سياسية كبيرة ومهمة. وبالتالي فالذي يجمعنا انتفاضة كبيرة  وثورة، وشهداء، وبرنامج سياسي، ومقاومة تعارض السلاح غير الشرعي في السياسة".

ويرى ابي اللمع ان "الأمور اليوم وصلت الى حدود لم تعد مقبولة في التعاطي الحكومي وفي استئثار قوى الثامن من آذار بالرأي وبالقرار الوطني، من خلال ممارساتها الشاذة، ولهذا لا بد من مواجهة هذا الموضوع بحزم وجدية اكبر وبخطى ثابتة وواثقة".

ويضيف: "لا بد من ان نكون اكثر تماسكاً بين بعضنا، وان لا نسمح لأي استحقاق انتخابي كان ام غير انتخابي ان يضيّعنا عن هدفنا وان يخدش وحدتنا، على ان نبقى محافظين على القضية التي جمعتنا، لأنه في النهاية فإن بناء المؤسسات والوصول الى لبنان ديمقراطي وحر وتعمل فيه جميع المؤسسات ومنها العدالة والدستور والأمن هو ما نسعى اليه، وهذا ما يتطلب منا وعياً كبيراً وتضامناً اكبر من خلال طريقة العمل لمواجهة الخصوم".

ويؤكد ابي اللمع ان "القضية ليست قضية انتخابات، الا أنه لا بد من التّحضير لها، مع الإشارة الى ان الإنتخابات ستكون نتيجة لتضامننا وارادتنا الصلبة بوجه الأخطار المحدقة بلبنان، ولكن يتوجب علينا ان نؤكد على مفاهيمنا وثوابتنا ومبادئنا وعلى تموضعنا في ظل ما يحدث في المنطقة".

القرارات الفردية تدمّر وتضعف 14 آذار

بدوره يتحدّث نائب رئيس "تيار المستقبل" انطوان اندراوس عن خطة 14 آذار للمرحلة الجديدة، فيعتبر ان "وضع آلية جديدة تقوم على إنشاء المجلس الوطني لا يكفي دون توافر الإرادة والرغبة من قبل جميع الأطراف، وتحديداً من قبل حزب "الكتائب"، خاصةً بعد ما حصل في المجلس النيابي قبل ايام عندما اصرّ النائب سامي الجميّل على طرح الثقة بالحكومة رغم عدم حماسة 14 آذار للإقدام على مثل هذه الخطوة".

وعن تداعيات ما قام به النائب الجميّل عندما اصرّ على طرح الثقة بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي في ظلّ اعتراض قوى 14 آذار على هذه الخطوة، يعتبر اندراوس ان "هناك خللاً في الموضوع، ولم يكن احدا مسروراً ان يجد حزب الكتائب بكتلة غير مكتلمة يصوّت بحجب الثقة عن الحكومة وحيداً دون قوى 14 آذار، واعتقد ان هذا الوضع غير صحيّ على الإطلاق".

ويعتبر اندراوس ان "الكلام عن الخصوصية والحيثية السياسية وهامش الحرية في اتخاذ المواقف السياسية هو امر طبيعي ودليل تنوّع، الا ان المواقف التي تتطلب ان تكون فيها قوى 14 آذار موحدة، يتعين علينا جميعاً ان نقف صفّاً واحداً على الخط نفسه"."

ويشير الى انه "لا يمكن لأي طرف من 14 آذار ان يتّخذ قرارات فردية تناقض خطة 14 آذار تحت شعار الحيثية السياسية او الوسطية لأن مصير لبنان وتضامن 14 آذار مهم جداً، ويبقى اهم من المواقف الفردية والمواقف ذات الطابع الإنتخابي".

ويضيف: "الأمور تحتاج الى اجتماع غسيل قلوب، لأن المجلس الوطني لا يكفي، اذ يتم فيه الإتفاق على وحدة القرار وعلى اهمية اتخاذ المواقف الموحدة والواضحة، وخاصة في القضايا المصيرية والأساسية، على ان يتم توضيح مسألة الإنتخابات النيابية قبل الوقوع في فخّ اللوائح والخلافات على خلفية تباينات بسيطة قد تتراكم".

ويلفت اندراوس الى ان "تأسيس المجلس الوطني امر مهم وضروري، الا انه يتعين على القيادات السياسية الأساسية في هذه الحركة ان تجلس وتتفاهم على المبادىء الأساسية، وان تضع نقطة على السطر في موضوع الإستقلالية، وان تضع اطاراً واضحاً لتحركاتها قبل فوات الأوان، لأن الوقت يضيع كل يوم".

الكتائب في صميم 14 آذار

من جهته يعلق نائب "الكتائب" ايلي ماروني على جهود انشاء المجلس الوطني، بالقول: "لقد كان من الضروري ان تبادر قوى 14 آذار والأمانة العامة منذ فترة طويلة الى تنظيم صفوف القواعد في 14 آذار وبالتالي ان تأتي هذه الخطوة متأخرة خير من ان لا تأتي".

ويشير الى ان " المبادرة التي تقوم بها الأمانة العامة بإتجاه قيادات وقوى 14 آذار لتشكيل المجلس الوطني الذي يضم اضافة الى النواب والقيادات، فعاليات من المجتمع المدني لها دورها وحضورها ورأيها، من شأنها اغناء قوى 14 آذار بفكرها وبالدور الذي تلعبه، فضلاً عن ان لقاء البريستول الأخير وعد بتشكيل حكومة الظل التي ستتولى معارضة الحكومة القائمة بالشكل المنظم والمدروس حيث يكون مقابل كل وزير وزير معارض. وهذا موجود في اكثر الدول تطوراً وديقراطية في العالم، ولذلك لا بد من الإسراع بالتنظيم والكودرة وفي طرح الأمور كما هي، لإعادة جمع شمل القواعد الشعبية لقوى 14 آذار".

وتعليقاً على الخطوة المنفردة الذي قام بها النائب الجميل في المجلس وانزعاج قوى 14 آذار منها، قال ماروني: "ان حزب الكتائب احسن في الإنسجام مع نفسه عندما طرح الثقة في الحكومة، ألم تقل قوى 14 آذار منذ تشكيل هذه الحكومة ان الهدف الأساسي يكمن في اسقاطها؟، وهل خالف الكتائب هذا القرار وهذا التوجه؟". 

يضيف ماروني مجيباً: "هم خالفوا يوم تخلّفوا عن اسقاط الحكومة، ولذلك فإن افضل مقاربة لمنع التباينات في المواقف تكمن في وجود لجان تنسيقية وبالتالي اعادة هيكلية جديدة للأمانة العامة مع الأخذ بملاحظات الكتائب حول دورها وتركيبتها وادائها، وبهذا تصبح المواقف منسجمة في 14 آذار".

ويلفت ماروني الى انه "للكتائب الكثير من الملاحظات على اداء الأمانة العامة لقوى 14 آذار، ولكن لم يؤخذ بها، ونحن لا نطالب بتغيير الأمانة العامة، لانه لنا ملء الثقة بالدكتور فارس سعيد، ولكن حزب الكتائب قدم ملاحظات خطية حول رؤيته لتطوير دور الأمانة العامة وتركيبتها والى الآن لم يتم الرد على مقترحاته".

في المحصلة، وقبل 12 شهراً على موعد الإنتخابات النيابية المرتقب، يمكن القول ان الوطن في خطر والمواطن في خطر اكبر، والمواطن ملّ من الوعود الإنشائية والشعارات والعبارات والخطابات، والمطلوب هو الإيفاء بهذه الوعود، والإستمرار في عملية بناء الدولة المليئة بالشوك، ولهذا يتعين على قوى 14 آذار مزيداً من الوحدة والتضامن والمزيد من التنسيق للمرحلة المقبلة... فهل ينتصر مشروع العبور الى الدولة عام 2013؟.

سلمان العنداري ... SA

الأحد، 29 أبريل 2012

حرق اطارات وقطع طرقات ... والسبب: غلاء مادة البنزين


"لان الوضع المعيشي لم يعد مقبولاً على الاطلاق، ولأن الدولة الكريمة لا تهتم لما يعانيه الشعب اللبناني والمواطن من مشاكل وصعوبات مادية واجتماعية واقتصادية، قررنا اليوم قطع طريق الشام الدولية احتجاجاً على السياسات التي تنتهجها هذه الحكومة ومعها هذه الطبقة السياسية الغارقة في التحضير للانتخابات النيابية وفي معارك كسب الاصوات قبل سنة من الانتخابات النيابية المرتقبة".

بهذه الكلمات الغاضبة عمدت مجموعة من شبّان واهالي منطقة المتن الاعلى الى قطع طريق ضهر البيدر الدولية بالاطارات المشتعلة احتجاجاً على الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات وخصوصاً مادة البنزين التي تجاوزت الـ40 الف ليرة لبنانية في وقت ترزح فيه البلاد بأكملها بفوضى مالية وبمشاكل اقتصادية اجتازت معها كل الخطوط الحمر.

وهكذا لم يكن يوم الاحد بعد ظهراً عادياً على الطريق الدولية، اذ قرر الناشطون التعبير عن رأيهم باحراق الاطارات المشتعلة، وباطلاق الشعارات المناهضة للحكومة الحالية ولوزارة الطاقة التي تمعن في سياسات مهترئة تجاه الشعب اللبناني، من الكهرباء المقطوعة وصولاً الى البنزين الذي بات يناهز سعر الذهب الخالص.

يقول الناشطون ان "هذا التحرّك سيتكرر كل يوم احد في حال لم تتحرك هذه السلطة ولم تعمد الى خفض سعر صفيحة البنزين في الايام والاسابيع القليلة المقبلة، لان كرامتنا غير مصانة ولانهم لا يدركون اننا نموت كل يوم جوعاً بفعل ما تقترفه هذه الطبقة السياسية من خطايا بحقنا".

وفور قطع الطريق واشعال الاطارات تجمّع العشرات من المواطنين ورددوا الشعارات الاجتماعية المطالبة بتحسين احوال الناس الاجتماعيةو الاقتصادية الامر الذي سبب زحمة سير خانقة على الطريق الدولية. وعلى الفور حضرت القوى الامنية وعمدت الى اعادة فتح الطريق بعد حوالي ساعة.

ما حصل اليوم على الطريق الدولية "مجرد رسالة" كما قال المتظاهرون، باعتبار ان تحركهم بمثابة "بلاغ رقم واحد سيتكرر اسبوعياً، كما اننا سنرفع من وتيرة تحركنا الى سقف غير محدد بعد هذا الاعتصام العفوي الذي نظمناه اليوم".

وبالانتظار، تبقى البلاد رازحة تحت المجهول، بفعل حالة الافلاس التي وصلت اليها الحكومة ومعها النظام... فالى متى؟...

سلمان العنداري ... SA

السبت، 28 أبريل 2012

معركة الدولة ضدّ تجّار المخدرات ... بالفيديو


اتّصلت منذ يومين بمكتب مكافحة المخدرات في لبنان، وطلبت موعداً عاجلاً لتصوير مقطع صغير يكون بمثابة مقدّمة لمشروع التحقيق الاستقصائي الذي اعدّه عن تجارة المخدرات في لبنان والصراع القائم بين الاجهزة الامنية والتجّار، وعمّا اذا كان هناك من جهة تحمي هؤلاء التجّار.


تمت الموافقة الفورية على طلبي، زرت مخفر حبيش الشهير في بيروت، وقابلت العقيد عادل مشموشي، رئيس مكتب مكافحة المخدرات في لبنان في الطبقة الرابعة من المبنى، حيث التحقيقات والتوقيفات والشكاوى تتكدّس على المكاتب، من تهم تعاطي وادمان، وصولاً الى اتجار ومداهمات ومحاضر اعترافات.


وفي الفيديو القصير، يتحدث مشموشي عمّا تقوم به الدولة في معركتها ضد تجّار المخدرات، معتبراً ان "مكافحة تجارة المخدرات مسألة متكاملة تتطلب الشمولية، باعتبار هذه التجارة عابرة للحدود الوطنية".

حاولت قدر الامكان ان انوّع في المشاهد والمواقع داخل المكتب، فتنقّلت ومشموشي من مكتبه الخاص مروراً بغرفة الارشيف والملفات (والتي تعرض للمرة الاولى على العلن)، وصولاً الى عرض عينات من المخدرات يتم ترويجها بأشكال مختلفة.

لقد استمتعت بهذه التجربة، اذ قمت ببعض التقطيعات للفيديو، واضفت موسيقى خفيفة. اتمنى ان ينال هذا الفيديو القصير اعجابكم، مع الاشارة الى اني سأعمل على فيديوهات جديدة يظهر فيها تجّار ويتحدّثون للمرة الاولى عن تجاربهم ومعاركم مع الدولة.

تحياتي
سلمان العنداري
  ... SA

الشيخ ابو محمد جواد ولي الدين ... وقصّة الدروز

من هم الدروز؟ ...

ودّع لبنان الرسمي والشعبي اليوم رئيس الهيئة الروحية العليا لطائفة الموحدين الدروز الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين، في مأتم مهيب أقيم في بلدة بعقلين (الشوف جبل لبنان – معقل الدروز)،بمشاركة حشد كبير من السياسيين ورجال الدين والمواطنين اللبنانيين.

وكان الشيخ ولي الدين "شيخا جليلا وحكيما كبيرا، اثبت طوال سنوات تساميا في إدارة شؤون الطائفة ومقاربة المسائل الوطنية، ونادى على الدوام بالوحدة الدرزية والوطنية، وكان مثالا في السلوك والقيم"، بحسب ما ذكر ارئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بيان وزّعه على وسائل الاعلام.

ويعتبر السياسيون، كما اللبنانيون ان وفاة هذا الشيخ الكبير خسارة كبيرة للبنان وللمسلمين والمسيحيين ولطائفته الكريمة.

والشيخ ابو محمد جواد ولي الدين ولد في بعقلين سنة 1916 في بيت متدين. لبس الزي الروحي منذ طفولته وشب على يد والده الذي كان معلما فأخذ عنه العلم والخلق والصدق والامانة. (بحسب موقع رسمي تابع للموحدين الدروز).

ويذكر اهالي بعقلين ان ولي الدين كان يملك قطعة ارض بعيده عن البلدة، انصرف الى معاملتها والاعتناء بها وزراعة النصوب الملائمة فيها، فكان يقيم فيها كل صيف خيمة لا يفارقها الا عند الضرورة، ثم بنى له غرفه من حجر اتخذها خلوة له يتعبّد فيها متوحدا مع ربه فكانت ملجأه الدائم لمناجاة الخالق القدير في سكينة الطبيعة والنفس وفي استشراق مفعم باللذة.

اكثر الشيخ من ترداده الى خلوات البياضة (مكان روحي للمشايخ والمتدينين من الطائفة)، وكان يمكث فيها شهورا متتاليه متصلاً باخوانه الاتقياء الذين يلجأون الى تلك الوحده ليتقربوا من نور المشاهدة ويتعمقوا في التأمل منغمسين في القراءة والعبادة.

في 8 اذار 1988 اجتمع عدد من المشايخ الكبار، وقرروا تتويج الشيخ بالعمامه المكورة ليكون قدوة الاتقياء وكبار الزعماء الروحيين في الطائفة الدرزية. وكانت للشيخ الجليل مواقف وطنية وتاريخية على مرّ السنوات والعقود.

والموحدون الدروز، او ما يُعرف بـ"الدروز"، ينتمون الى طائفة دينية اقلوية في المنطقة ذات أتباع في لبنان، سوريا، فلسطين، الأردن، يسمون بالدروز نسبة لنشتكين الدرزي الذي يقولون بزندقته ويعتبرون أن نسبتهم إليه خطأ وأن اسمهم هو الموحدون.

يشير الدروز إلى أنفسهم باسم الموحدون نسبةً إلى عقيدتهم الأساسية في "توحيد الله" أو بتسميتهم الشائعة "بنو معروف" ويعتقد الباحثون أن هذا الاسم هو لقبيلة عربية اعتنقت الدرزية في بداياتها أو ربما هو لقب بمعنى أهل المعرفة والخير.

ويقول الدروز أن رسائل الحكمة التي تعتبر من مصادر العقيدة الدرزية. ويعترف الدروز بالشهادتين وبالرسول محمد(صلى الله عليه وسلم) والقرآن الكريم والقضاء والقدر واليوم الاخر.

ويعتقد الموحدون الدروز إن الله واحد أحد لا إله إلا هو ولا معبود سواه الواحد الأحد الفرد الصمد المنزه عن الأزواج والعدد وهو الحاكم الفعلي والأزلي للكون، وهو الحاكم الأحد المنزه عن عباده ومخلوقاته فالله تعالى عن وصف الواصفين وإدراك العالمين وهو في مواضع كثيرة من رسائل الحكمة.

والغاية من علوم التوحيد هو رفع البشر إلى منازل عالية. ويعترف الدروز بالقرآن لكن يفسرون معانيه تفسيراً باطنياً غير المعاني الواضحة في النص.


يعود التاريخ السياسي للدروز إلى نحو ألف سنة فبعد أن اعتنقت بعض العشائر التنوخية في جبل لبنان مذهب التوحيد وتغلبهم على المحنة وفرضهم لوجودهم في بلاد الشام غدوا لاعباً أساسياً في تاريخ المنطقة

ولهم عاداتهم وتقاليدهم المجتمعية الخاصة ويتميزون بمحافظتهم على النطق بكامل أحرف اللغة العربية بشكلها الصحيح(القاف مثلا)، وهم في سوريا التجمع الأكبر للدروز في العالم (حوالي 450الف  نسمة) ومن بعدها لبنان (250 الف)، اضافة الى شمال فلسطين المحتلة، والاردن.

شارك الدروز في الحرب الأهلية اللبنانية بين الأعوام 1975 إلى 1990 بوصفهم أحد أقوى الميليشيات في الحرب اللبنانية، تحت لواء الجيش الشعبي بقيادة وليد جنبلاط. وهم اليوم لديهم زعامتين سياسيتين بقيادة الأمير طلال أرسلان رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني ووليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي كان لهم عدة مراكز قيادية في المجالس التمثلية والحكومات.

يعيش الدروز اليوم اوضاعا ًمختلفة بين الاردن ولبنان وفلسطين وسوريا على الصعيد السياسي والامني، ويكافحون بشكل او باخر من اجل الحفاظ على وجودهم بكونهم اقليات دينية تعيش في منطقة متوترة .

سلمان العنداري ... SA

الأربعاء، 25 أبريل 2012

الصحفي وعصر المعلومات...تحديات كثيرة






مما لا شكّ فيه ان منصات النشر تنوعّت ولم تعد مقتصرة على وسائل الاعلام الرسمية او الخاصة او على وكالات الانباء التي تنشر اخباراً حصرية تتناقلها كل الشاشات والصحف، اذ بات الانترنت يشكّل مصدراً اساسياً للمعلومات نظراً لسرعته وقدرته على الوصول الى اكبر شريحة ممكنة من الناس.

ولا شك ان استخدام وسائل الاعلام الاجتماعي ضاعف من هذا التأثير، من اليوتيوب مروراً بالتويتر وصولاً الى الفايسبوك، حيث باتت وسائل الاعلام الجديدة قادرة على التأثير اكثر، وعلى الوصول الى اكبر قدر ممكن من الناس حول الكرة الارضية.

الانترنت ووسائل الاعلام الاجتماعي حوّلت كل مواطن الى صحفي، يرصد الخبر، يكتبه ويصوّره في اي لحظة من اللحظات. ليتحوّل هذا الفرد العادي الى صحفي ميداني في قلب الحدث وعين العاصفة.

هذا جيّد من حيث المبدأ. ففورة الاعلام الجديد عبر الانترنت، سمحت للناس بالتعبير عن رأيها بالصوت والصورة، فتنوعت المصادر والاراء والقصص، الامر الذي خلق حيوية في الفضاء الاعلامي، من خلال تنوّع مصادر المعلومات والمنشورات والمواد. (والتغطية الصحفية للربيع العربي اثبتت هذه النظرية بالرغم من ان بعض وسائل الاعلام العالمية وقعت ضحية مصادر ومعلومات غير دقيقة كانت قد بُثّت على الانترنت

لقد اصبح واضحاً ان هذاالكم الهائل من مصادر الاراء اتى على حساب مصادر الحقائق، وهذا مرده الى ثورة الاعلام الجديد، وبكون الانترنت اداةً اساسية في متناول كل شخص وكل فرد

ووسط هذا الكم الهائل من المعلومات والمصادر المنشورة على الانترنت، قد يقع الصحفي في كثير من الاحيان في فخّ الخبر او القصة التي يبحث او يكتب عنها، ففي بعض الاحيان يعتمد الصحفي على مصدر كاذب او غير دقيق من دون قصد، ويبني عليه معلوماته وقصته، الامر الذي قد يؤدي الى تعريض سمعته المهنية للخطر، والى التأثير على مجريات الامور.

ولهذا على كل صحفي ان يستند الى مصادر موثوقة ومعروفة، وان لا يغرق في لعبة السبق الصحفي او غيرها من الامور المحفوفة بالمخاطر المهنية، وان يتأكد من دقّة هذه المصادر، باعتبارها مصادر حقائق، لا مصادر رأي.

ويبقى عليه ان يحترم مهتنه واخلاقياتها وان يبحث عن المعلومة بدقة وتأنّ ان عبر استخدام الانترنت او من خلال عملية البحث التقليدي عن المصادر

على كل حال، فان استخدام الصحفي للانترنت ولوسائل الاعلام الاجتماعي بات امراً مهماً واساسياً وضرورياً لتحسين ادائه وتغطيته ولمضاعفة قدرته على التأثير على اكبر عدد ممكن من الناس والرأي العام. خاصة وان نشر مواده على الانترنت من شأنه ان يضاعف عدد متابعيه بشكل لافت.

واذا كانت مصادر الاراء مهمة وتبعث على ايجابيات كثيرة، تبقى مصادر الحقائق اهم بكثير.

يبقى ان يستخدم الصحفي هذه الوسيلة بشكل ذكي وصحيح وحكيم، وان يتحقّق من المصادر التي يعتمد عليها، وان لا ينسى التزاماته المهنية ورسالته السامية، الا وهي صحافة صادقة وحيادية ومهنية لا تبالغ ولا تضخّم ولا تشوّه الخبر.

الخميس، 12 أبريل 2012

بيروت - ذاكرة حرب: جولة على خطوط التماس





قبل 37 عاماً من اليوم، افتتحت بوسطة عين الرمانة مأساة لبنانية طويلة استمرت لاكثر من 15 عشر عاماً متتالية، انتشر فيها الرعب والخوف والقتل والدماء في وطن قيل انه "سويسرا الشرق" ولؤلؤة العالم العربي. 

آنذاك افترشت المتاريس الرملية والحديدية كل الشوارع والازقة والساحات. فارتسمت خطوط التماس بين "شرقية" و"غربية"، وضاعت التسميات والهويات والانتماءات، فاصبحت قاتلة، مدمرة، متلهّفة لإلغاء اعمى، مصحوب بالتراكمات وبكمّ هائل من التحريض والحقد.

اكثر من 37 عاماً مضت، وكأنها البارحة، وقصص خطوط التماس ما تزال تختلج افكار الشباب والكهول، واجيال المحاربين والميليشيات التي لا تتوقف عن الحديث عن بطولاتها الوهمية بين جبهات بلد ممزق، وعلى ارض قيل انها ساحة لصراعات الآخرين لا اكثر ولا اقل.

وبين الاشرفية والسوديكو ورأس النبع والبسطة، والمتحف والعدلية، وبين محمصة صنين والطيونة، وعين الرمانة والشياح... خطوط تماس قديمة تقف شاهدة امام ذاكرة مكان لذاكرة حرب قتلت الحياة وعززت ثقافة الموت والترقب والحذر.

وبمناسبة مرور اكثر من 37 عاماً على اندلاع الحرب الاهلية اللبنانية، جولة سريعة على بعض المناطق التي شكّلت في الماضي ساحة مرعبة للقتال بين ابناء الوطن الواحد. وهذه الجولة التي اقوم بها وايّاكم ليست من قبيل التذكير بالماضي، انما للتعلّم منه وللتطلّع الى المستقبل.


مبنى بركات الشاهد على الحرب سيتحول الى متحف بعد اشهر

منطقة السوديكو في بيروت شكّلت ابّان الحرب الاهلية اللبنانية نقطة ساخنة وخطّ تماس بين القوى المتصارعة. ومبنى بركات او المبنى الاصفر شاهداً على هذه الحرب الدامية، اذ ترتسم آثار الحرب الأهلية وملامحها القاتمة على جدرانه، مقدمة دليلاً حياً وماثلاً أمام الأعين على تلك الحقبة السوداء من تاريخ لبنان.


 هذا المبنى العريق الذي اعتبر تحفة عمرانية وهندسية في عشرينات القرن الماضي أصابته سهام الحرب ورصاصات القناصين وقذائف الأحزاب المتنازعة، اذ تحوّل بسبب موقعه على خط التماس إلى مركز بيد القناصين، ومكان تدور فيه المعارك المسلحة.


اليوم يتمّ العمل على تحويل هذا المبنى الى مركز مدني وثقافي يكون بمنزلة متحف لبيروت يحمل ذكرى سنواتها الماضية، والى متحف وملتقى ثقافي وفني وحضاري، ومكان لحفظ الأبحاث والدراسات التي تتناول مدينة بيروت، عبر التاريخ، لتتحول الاعيرة النارية والقذائف التي اخترقت هيكله الى منطلق للحوار والتعلّم من اخطاء الماضي.



شارع الحمرا ... يجمع اللبنانيين ...

يعتبر شارع الحمرا من اكثر الشوارع حيويةً في العاصمة اللبنانية، ومكان يرتاده كل الناس من كل الطوائف والمشارب والاديان والخلفيات.

وفي هذا الشارع حانات ومسارح ومقاهي ومراكز تسلية ومراكز تجارية وشعبية. وما يميّز هذه المنطقة من بيروت هو الحركة الشبابية والفكرية، والتفاعل الكبير بين مكونات المجتمع اللبناني بطريقة او باخرى.

وقع الشارع في فترة الحرب بايدي الميليشيات المسلّحة التي تصارعت على النفوذ لسنوات، الامر الذي ترك الكثير من الندوب والجراح.

اليوم يعود الشارع عنواناً ومقصداً لكل لبناني وعربي واجنبي، نابض بالحياة والحرية والحركة.




فندق فينيسيا ... مجد بيروت وسحرها ...

فندق فينيسيا إنتركونتيننتال من فنادق العاصمة بيروت يطل على البحر الأبيض المتوسط، ويقع على طول الممر الشهيرة "الكورنيش البحري" يبعد بضع دقائق من المدينة التجارية وحي المصرف، واماكن الترفيه. وقد استضاف هذا الفندق العريق اهم الاحداث السياسية والثقافية على الاطلاق، اضافة الى استضافته اهم شخصيات العالم من رؤساء وصولاً الى فنانين.


تعتبر منطقة الفنادق في بيروت عنواناً اساسياً للسهر والفخامة والرفاهية على كل الاصعدة. ففي ستينات القرن الماضي ازدهرت العاصمة بفنادقها الراقية والفخمة، وعرفت منطقة الفنادق المطلّة على البحر المتوسط بأنها ايقونة بيروت النابضة.


مع نهاية العام 1975، وبعد اشهر على بداية الحرب الاهلية اللبنانية، اندلع ما يُعرف بـ"حرب الفنادق" ونال فندق فينيسيا انتركونتيننتال نصيبه من هذه الحرب الدامية بين الميليشيات المتصارعة على السيطرة والحقد والكراهية.


وحرب الفنادق هي حرب وقعت في فترة الحرب الاهلية اللبنانية من تاريخ 24 أكتوبر 1975 لحتى سنة 1976 حيث دارت اشتباكات ضارية وعنيفة وشرسة وتم فيها تدمير معظم الفنادق بقصف صاروخي عنيف ودامت الحرب لمدة سنة.


وعام 2005 وعلى مقربة من فندق فينيسيا، اغتيل رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري بعبوة تزيد عن 1000 كلغ من المواد المتفجرة.


اليوم عادت منطقة الفنادق الى سابق عهدها، وعاد فندق فينيسيا منارة لبيروت، وعنواناً للتألق والفخامة والسهر.



وسط بيروت ... القلب النابض ...

تعتبر ساحة النجمة قلب بيروت السياسي والسياحي والاقتصادي. فهذه الساحة التاريخية المجاورة للمجلس النيابي، والقريبة من وزارات الدولة والسرايا الحكومي وشارع المصارف والاسواق التجارية، شهدت على تاريخ طويل لمدينة عاشت الحرب والسلم، ومسلسل طويل من التقاتل بين ابناء الوطن الواحد، اضافة الى لحظات رائعة واحتفالات وطنية وحّدت الشعب اللبناني.

وساحة النجمة الواقعة في وسط بيروت التجاري، تعرّضت لدمار هائل وكامل بسبب الحرب الاهلية اللبنانية التي خلّفت مآسي كبيرة. الا ان اصرار اللبناني على النهوض، دفع بورش اعادة الاعمار الى الواجهة، واعاد قلب لبنان الى سابق عهده والى مجده، حتى بات يُقال بأن الوسط التجاري في بيروت هو الاجمل والاكثر اناقة بين دول المنطقة برمّتها.

المتحف ... خط تماس وخط تلاقي وحوار ...

يعتبر متحف بيروت الوطني، المتحف الرئيسي للاثار في لبنان. وفيه مخطوطات وتحف ومقتنيات اثرية تعود للعصور القديمة ولمختلف الحقب التاريخية التي مرت على البلاد.

عندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 تم اغلاق المتحف أمام الجمهور لحين عودة الهدوء والاستقرار، ولكن مع مرور الوقت بدأ يتعرض للقذائف واضطر المسئولون إلى اتخاذ تدابير واقية لحماية المعروضات الأثرية. ومع نهاية الحرب تمّ ترميمه وفتحه امام الجمهور.

وكان المتحف يقع على خطوط التماس التي تفصل بين بيروت الغربية وبيروت الشرقية خلال فترة الحرب الاهلية. وقيل بان منطقة المتحف في تلك الفترة كانت اشبه بمنطقة موت يسيطر عليها القناصة في كل مكان.

منطقة المتحف اليوم هادئة ومسالمة، تجمع كل الشعب اللبناني، وتذكره بأن الوطن لا يمكن ان يُباع او يُشترى، وبأن التقاتل والتصارع والتنازع الاهلي لا يمكن ان يوصل الى اي حلّ، سوى الى الهاوية.

الجولة في بيروت لا تنتهي ... وتبقى بيروت مدينة السلم والحرب والامل والحياة.


سلمان العنداري ... SA

الجمعة، 6 أبريل 2012

الجلجلة والدرب الطويل ...


في الصمت المطبق اغرق، انتظر عند حافة الطريق علّني اجد سبيلي...حزمت حقائبي، واحلامي وآمالي، ممسكاً برزنامة قديمة تأجلت فيها المواعيد مراراً وتكراراً.

رزنامة قديمة مليئة بالذكريات وحبلى بالصور والقصص التي لا تنته. فالايام التي سبقت وضعتني عند مفترق طرق، عند قرار لا مفر منه. انتظر تلك اللحظة حتى اتخذ فيها الخيار الحاسم...

تلاحقني همسات ولفتات ونظرات ودفء مريب، برد قارس يُزهر الماً دامياً لا يقاس بالساعة الارضية.

هنا، ترى كلّ منّا يحمل جلجلته ويمشي في سبيله، نحو مكانه الخاص، مكان مجهول حتى هذه اللحظة.

وكما حمل المسيح جلجلته ومشى، لكلّ منا جلجلة ودرب ومسيرة ونضال وقصة وعبرة وامل والم. لكل منا حياة وحياة اخرى خاصة.

خلف المسارح تقبع الكواليس ولكل منا كواليسه الخاصة وزاويته التي لا تمسّ ولا تُخدش. وخلف تلك الاضواء اللامعة والبرّاقة، اضواء اخرى خافتة في مكان وزمان اخر... بينا وبين انفسنا فقط لا غير.

ومن منا لا يبحث عن نفسه في كومة تراكمات مرهقة...  نبحث عن انصاف الحقائق الاخرى الغائبة عنا. عن انصاف قلوبنا المرمية في النسيان والغارقة في الكتمان القاتل.

نعم انها حرقة الانتظار اكررها اليوم... انتظر بقلب ممزّق، بعقل مشرّد، وبفكر نصفه ضائع بين عتمة الفجر وتنهيدة الليل. انتظر اجوبة عن تلك الاسئلة المتراكمة... انتظر كلمة من بعض الشفاه الحائرة التي فرّقتها الايام وخطفها القدر.

انتظر بقلق غريب على ابواب العاصفة القادمة حيث الرياح خلخلت نوافذها وقررت الهجر والنكران والعصيان، فيما الدموع تحبس انفاسها كالجمر الذي يختبىء من الانفجار.

انتظر تلك السفينة الصغيرة التي غادرت ولم تعد بعد ان اختفت بركابها وابتلعها سرّ البحر بعنفوانه وبسطوته القاهرة المؤلمة.

انتظر بغربة انسان، بصبر محارب، بقلم كاتب اليوميات فأرى تلك الامطار المنتظرة تقترب من الرصيف الحجري، ومن حديقتي الخلفية التي أدمتها الوان تلك الورود الحزينة هناك... حيث تزمجر اوراق شجر الغار كذكريات متوحشة تلتهم المنطقة السفلية من الدماغ... انتظر.

حملت جلجلتي ومشيت، اصفع تلك الاوثان، واركل تلك الاكاذيب، امش، حاملاً تلك الرسائل المبعثرة، في معركة اكثر من مصيرية، حيث اكون او لا اكون. فإما ان يبزغ الفجر من جديد، وتعود القيتارة من ركامها لتنفض عنها الغبار، واما ان نبقى جميعاً اسرى في السجن الكبير.

وتستمر التساؤلات، وتستمر معها الانتظارات، والاماكن العالية تنتظر بدورها... انه درب الجلجلة... هكذا كُتب لنا... ان تفرّقنا مسافات وان يجمعنا البعد، وان تدركنا غربة في مستنقع اشتياق.

وسط كل هذا، يبقى هذا الصمت المطبق يُثرثر بفوضى عارمة، يقول ما يقول، ويسكب دمعاً في كأس خمر، ويروي أملاً في عيون حزينة... ويبقى الدرب طويل نحو المكان العالي... هناك...

سلمان العنداري ... SA

الأحد، 1 أبريل 2012

خطّ الزمن ... ومكاني العالي



عادةّ ما أتردد كثيراً في التطرّق الى "خط الزمن". فالمسألة بالنسبة لي فيها بعض الحساسية، لأني عادةّ ما أكتب بصراحة متناهية عن امور قد تبدو شخصية، اقصّها في خط زمني، وازرعها في دوائري الضيقة.

ولمن لا يعرف، فلعبة خط الزمن محفوفة بالمخاطر، وحسّاسة للغاية. لان وضع النقاط على الحروف عادة ما يكون صادماً ودقيقاً. ويكون حاسماً وواضحاً لا يقبل الجدل او الشكّ.

يوميات ولحظات واشهر تمرّ، وتستمر الاحداث والقصص بالتعليق على خط الزمن، منها ما يطبع بقوة، ومنها ما يجرح ويترك ندوباً لا يمحوها الزمن، ومنها ما يغرز في القلب، ومنها من يرسم ضحكة، ودمعة وابتسامة، ومنها من يكتفي بالتربّع على هذا الخط، فيصبح جزءاً لا يتجزّأ منه...

تدور الايام، يتراقص خط الزمن على دفاتر من ورق. تدفعني الذكريات نحو حافة الهاوية. استمر في الجري بحثاً عن قرار شطب احدهم على رأس قائمتي واضافة اخرين اليها.

خط الزمن لا يرحم احد، ارى البعض يسقط كأوراق الشجر. ينتحرون على ابواب الحقيقة الساطعة. اقنعتهم تلك التي وضعوها على وجوههم، والازياء التنكرية التي البسوا بها ارواحهم وعقولهم، اراها اليوم تحترق، وتفضح حقيقتهم. اراها تنهار وتفضح كل شيء.

خط الزمن اسقط من حساباته من حاول لعب ادوار البطولة، وحمل شعارات بالية، وتمسّك بتفاهات ونظريات طوال اشهر واشهر.

خط الزمن قرر ان ينسى من امتهن الخداع والكذب والتكاذب، واللعب على العواطف لا اكثر ولا اقل... اليوم سأخرجهم من دائرة الثقة ولا عودة عن هذا القرار، وسأطردهم دون خجل من عالمي الخاص وادعوهم الى الرحيل على الفور.

كم اشعر بالاسى على من تحول الى غريب لم اعد اعرفه او اشعر بوجوده، عندما غرق في نفسه واقفل كل الابواب. عندما نهشه طمعه فتحول الى حفنة من  الابتزاز او الاستغلال.

مسكين هذا/هذه، اضاع كل الفرص، واغرق كل المراكب... هو غادر عالمي وبدوري هجرت عالمه باكمله، فأصبحنا غرباء لا اكثر ولا اقل، نلتقي على مفارق الحياة بالصدفة، وبتنا نتحدث في اطار المجاملات واللياقات الاجتماعية لا اكثر ولا اقل، حتى ان الذكريات والايام التي عشناها سوياً تحولت الى غبار اندثر مع الهواء.

بعضهم قرر حمل الجلجلة لوحده، تناسى ان هناك من حوله قادر على مساعدته والوقوف الى جانبه في كل الايام والظروف، قرر اقفال كل الخطوط والانتظار على محطة لا قطار فيها، ولا سكة لها.

"شخص" اخر، تحول الى سراب، الى مجرد رقم صغير في كومة مبعثرة من الاسئلة، من الاستفهامات التي لا تنتهي. تحوّل الى ضوء خافت يقتل نفسه كل يوم بحجة الانتظار. اما انا فقد استعجلت الرحيل، استعجلت الذهاب بعيداً الى اللا مكان واللا زمان واللا قرار...

اليوم سأقول كلمتي، سأتخذ قراري، سأحرق خلفي كل المراكب، سأمحو ذكرى من الماضي، سأتمسك بذكريات اخرى لن اتركها ولن تتركني، ولكني لن ابقى سجين تلك الصور والكلمات، سألوّح يبديّ لمن يستحق، سأودّع البعض، وسأقول الى اللقاء القريب للبعض الاخر، سأوقف الساعة لدقائق لأعترف للبعض، سأسترق بضع لحظات اخرى لا اريدها ان ترحل او تغيب...

الغربة تتوسّع، ويتوسّع مداها كل يوم، والجراح التي لا تندمل سأداويها وسأتصادق معها علها تفهمني وافهمها... سأنجح انا على ثقة. سأنجح بالانتقال من هذه الضفة الى الضفة الاخرى ولن انظر الى الوراء مهما كلّف الامر، ومهما شدّتني الايام اليها... رغم كلّ شيء.

سألجأ الى مكاني العالي، فهو الوحيد القادر على كل ذلك، لأن تعلّقي به سيحثّني على الصمود والمتابعة والمضي قدماً الى الامام. هذا المكان تربّع على دائرة الثقة، ووحده من ابقيته على هذا الخط.

خط الزمن الصارخ هذا بات على ثقة ان هذا المكان هو الانسب والاقدر واكثر من يستحق ان اكون الى جانبه. اراقب على تلاله كل شيء، اتامل فيه اي شيء. اقصّ في ظلاله كل ما يختلج عقلي من امور ومشاعر.

مهما طال الانتظار، وابتعدت المسافات، وابعدت نفسها عن اللحاق باليوميات الدامية والجميلة والناصعة البياض، الا ان الوقت لن يطول. سأنتظر، وارسم بالخط العريض عبرة وذكرى وحبّاً لا متناهياً.

سأكتب على الرمل والحجر كل شيء. سأبوح يوماً بالسرّ الكبير ولن اخاف او اتردد. سأضيع في غاباته وعالمه الخاص. سأرجم كل دخيل او منافق او متغطرس او متكاذب ومتخاذل يريد الاصطياد بالماء العكر...

تلك المستنعقات التي لّونت بكذبة ستنقذ نفسها، وبدوري سأنقذها. وتلك القلوب الحزينة التي تبتسم بخجل لتزرع الفرحة، ستعود كعيون دامعة صادقة تفرح بصدق وتتراقص في كل الساحات والميادين.

عقارب الساعة الغريبة تلك ستنصفني، وهبوب الريح سيكون على قدر ما تشتهي سفني، وتلك الاصوات اكاد اسمعها تهمس في اذني كل ليلة، وتذكرني بوجودي كل صباح، وتدلني على الامل مع كل غروب شمس او غفوة قمر.

على كل حال، الشتاء انتهى، والخريف ذهب ولن يعود. والسهول التي زّرعت منذ اشهر قليلة ستغدو مليئة بزهور وآمال ولقاءات وابداعات جديدة. وكل الاحزان على موعد نهائي مع النسيان.

ستنام تلك الهواجس، ومكانها الوحيد ذاك الوادي الذي ادفن فيه كل شيء واستدير. ليبقى مكاني العالي وحده من يقول كل شيء واي شيء.

واذا كان الربيع قد بدأ بالفعل، الا ان الربيع الذي افتّش عنه منذ سنوات اقترب وبات الموعد اقرب الى القلب والحقيقة...

انها الرموز تكلمت اليوم، وقالت ما في داخلها من كلام. ولا كلام بعد ما قلته وسأقوله بقلب محروق ولكنه مفعم بغد جديد سيكون واعداً على الاكيد.

في بالي سأبقي ما تبقّى من هذا الكلام. ومروري هنا اشبه بشطبة قلم مسرعة، لانها لم تعد قادرة على الكتمان.

خطوط زمنية جديدة اضيفها، ورسائل ابعثرها يميناً وشمالاً على ان يكون ما كتبته تحية وفاء للبعض، ومجرد عتب شديد على البعض الاخر، اما كلمتي ستبقى الفاصلة بين الحق والباطل و"صرخة حريتي" ستبقى مدوية اينما كانت واينما ذهبت، فهي ليست ملكاً لأحد ولن تكون.

ومن اليوم فصاعداً، سأدع خطّ الزمن جانباً واتركه يقرركل شيء. ومكاني العالي هو الاهم. اما الان سأمشي فقد قلت بعضاً من كلامي...

سلمان العنداري ... SA