السبت، 31 مارس 2012

طال السهر وطال الانتظار وأهالي المفقودين والمخطوفين في السجون السورية لم ييأسوا بعد

الانتظار الصعب ... مفقودون ومخطوفون لم يعودوا بعد ... 
المطر يتساقط في بيروت. الهواء بارد، والحرارة تكاد تكون قارسة... الشوارع فارغة من المارّة وحتى من السيارات بسبب غلاء اسعار صفائح البنزين. الا ان امهات واهالي المعتقلين والمخطوفين والمفقودين في السجون السورية أبوا الا ان يأتوا الى الخيمة العتيقة المستمرة في نضالها منذ سبع سنوات.

وتحت شجرة الياسمين المُزهرة بخجل، تستظلّ مجموعة من الامهات من المطر الخفيف والمتقطّع. تجلس النسوة بصمت وهدوء، تحرق بنيران قلوبهنّ عبقة الانتظار، ومرارة الشوق والحزن ترتعش بحبّات البرد.

في حديقة الكبير جبران خليل جبران، تجلس الامهات والاخوات والاحبّة، يسألن ويتساءلن عن مصير اولادهنّ المخطوفين قسراً منذ عقود.

مشهد يُقطّع القلوب بالقرب من المجلس النيابي، والسرايا الحكومي، في وطن نسي ابناءه ورماهم في عتمة القدر، وفي غياهب النسيان...

ساميا العبدالله، أخت عماد العبدالله الذي خطف عام 1984 على طريق طرابلس زغرتا على يد ميليشيات فلسطينية حليفة للنظام السوري. آنذاك كان عماد يبلغ من العمر 20 عاماً. ذهب ولم يعد، وكأنه سراب او قصّة قديمة محكيّة.

"تأكدنا من وجوده في السجون السورية وانه ما زال على قيد الحياة"، تقول ساميا التي تنتظر عودة أخيها حيّاً وسالماً في اي لحظة.

لم نفقد الامل منذ سبع سنوات. دخلنا سنتنا الثامنة في الاعتصام المتواصل في وسط بيروت، وما زلنا ننتظر. توفيّت والدتي رحمها الله بعد ان انتظرت لعقود. دقّت كل الابواب السياسية ولم يساعدها احد. الا انها توفيت ولم يتحقق منالها، اذ قالت لي على فراش الموت: "قضية عماد امانة بين اياديكم، لا تفرّطوا بها، ولا تيأسوا، ولا تستسلموا".

"شمس وبرد وشتي ودموع وقهر وذلّ وتعب، سنوات مضت ولم نيأس بعد، نتمسك بحبال الامل، ولا احد يتطلع الينا وبقضيتنا. توفيت ام سليمان اواخر العام 2002، واوكّلت الينا القضية، تماماً كما فعل عدد كبير من الامهات الثكلى.

سنوات مضت، وطيف الامهات الراحلات حاضر في كل بقعة من الخيمة الوحيدة القابعة وسط بيروت. تسألهنّ عن التعب فيأتي الجواب واضحاً: "تعبنا... نعم تعبنا، الا اننا لم ولن نفقد الامل مهما طال الانتظار، لاننا لا نريد ان نموت وتُدفن معنا مطالبنا، ولا نريد ان نستسلم لليأس بسبب التقصير الرسمي، والنكران السوري. الامهات يمتن واحدة تلو الاخرى، والجرح ينزف، والحرمان من احتضان الاحبّة يقتلنا كلّ يوم".

تتّهم ساميا بنبرة غاضبة كل الطبقة السياسية بعدم التوصّل الى حلّ لهذا الملف، "فكل الطبقة السياسية متواطئة في اخفاء احبّائنا. كلّ واحد منهم يتحمّل مسؤولية التقصير. كل رؤساء الاحزاب ورجالات الدولة، ارتكبوا جرائم بحقنا، وسكوتهم وصمتهم عن قضيتنا اكبر جريمة".
"بعد سبع سنوات اقول لهم ان سكوتكم معيب ومريب، "استحوا على حالكن وجيبولنا ولادنا، طيبين او ميتين بدنا ياهن اليوم قبل بكرا"...

بدأ المطر بالتساقط بينما كنا نتحدث الى ماجدة بشاشة، أخت حسن بشاشة الذي خطف على يد القوات السورية عام 1976 في منطقة خلدة.

فماجدة بتجاعيد وجهها المتعب، وبزرقة عيونها، تلفت الى ان "حسن على قيد الحياة، وموجود في سجن المزّة، الا ان احداً لم يُحرك ساكناً. توفيت والدة حسن من قهرها على مصير ابنها، لا احد يتطلع الى قهرنا اليوم، الاحياء والاموات يتعذّبون، ينتظرون في وقت يغرق فيه رجال السياسة بفضائحهم ومحاصصاتهم ومغانمهم.

"الوضع لم يعد يحتمل"، تشير ماجدة مؤكدةً "اننا وصلنا الى مرحلة اللاعودة"، وتقول: "اعيدوهم الينا، نريد ان نعرف مصير احبّائنا".

الى ام غسّان، التي تنتظر مصير ولديها الذين خطفا في ثمانينيات القرن الماضي... تتّهم أم غسّان "حزب الله" بعملية الاختطاف، وتقول انها تملك معلومات واثباتات تؤكد هذا الامر.
تملك ام غسان روح النكتة... تراها تضحك وتقبّل كل من يدخل الخيمة ويزورها...

" آخ يا ساميا اخ"، تتنهّد ام غسّان قبل وبعد كل ابتسامة، "آخ يا امّي اخ، وينكن يا امّي؟". تسأل وتحبس دموعها، وتغيّر الحديث حتى لا يُفضح امرها..

يطول الحديث مع الامهات والاهالي ويستمر المطر بالهطول في الخارج. وبينما تؤكد أم غسان انها مستمرة في صمودها وتقول "انشالله ضلني قوية"، تُشغل ساميا على هاتفها القديم اغنية "ست الحبايب يا حبيبة". تهزّ برأسها، تغرق في دموعها. اما ماجدة فتلتفت وتشدّ على صورة حسن. لتعود أم غسّان وتكتفي بعبارة واحدة "آخ يا إمّي آخ"...

رئيس جمعية "سوليد" غازي عاد يتحدّث عن معاناة الاهالي، رغم انه لم ينكر ان الاوضاع والمشاكل التي تعيشها البلاد صعبة ودقيقة، ان على صعيد لبنان او المنطقة العربية، "الا ان هذا لا يمنع ان نحافظ على الوتيرة نفسها في التحرك من اجل الوصول الى تشكيل آلية جدية وعملية لمعالجة هذا الملف".

ويؤكد عاد ان "سقف تحرّكنا مستمر، واستمرارنا في الاعتصام لسنوات وسنوات هو اكبر دليل على عزمنا واصرارنا على معرفة مصير المعتقلين والمخطوفين والمخفيين".

عاد، المبادر الاول في اطلاق الاعتصام المفتوح، شاء ان يوجّه تحية اجلال واحترام للامهات الثكلى، "اذ لا يمكن الا ان ننحني تحية لهم ولصمودهم ولنضالهم ومن عزمهم وحماسهم، مع الاشارة الا ان لا شيء يمكن ان يمنعهن من حقهن في معرفة مصير ابنائهن مهما كلّف الامر وطال الزمن".

واذا كان "التلاعب السياسي هدفه دفع الاهالي الى التخلّي عن هذه القضية"، يؤكد عاد ان " حلّ هذه المسألة يتطلب ارادة سياسية لبنانية وسورية، مع العلم ان الطرف السوري يصرّ ان لا مفقودين ولا مخفيين في سجونه وهو لامر مؤسف وفضائحي".

طال السهر، وطالت السنوات، وطال الانتظار... واهالي المفقودين والمخطوفين في السجون السورية لم ييأسوا بعد. فمتى تتحرك مؤسساتنا ودولتنا وتسأل عنهم؟...



سلمان العنداري... SA

الجمعة، 30 مارس 2012

بين استوديو نظاريان وبيروت... قصص وصور وشغف... واكــثر..


استوديو نظاريان ... تاريخ من تاريخ ... 


بين زحمة السير، وهموم الناس ووجوهها، وبين نبض العاصمة بيروت بحكاياها واسرارها وخباياها، وبالقرب من وزارة الداخلية، وحديقة الصنائع، لم تقفل ابواب "استوديو نظاريان" للتصوير منذ اكثر من 54 عاماً.

لم يكن نوبار نظاريان يهوى الصيدلة كوالده. فشغفه بالتصوير دفعه الى افتتاح "استوديو" للتصوير الفوتوغرافي في شارع سبيرز العريق عام 1958 بإمكانيات متواضعة.

آنذاك كانت بيروت لؤلؤة الشرق دون منازع، تعيش نهضة ثقافية واجتماعية واقتصادية. وتنافس كبريات العواصم العالمية بجمالها وتألّقها وسحرها.

بيروت آنذاك شكّلت مركزاً للحداثة والحرية والانفتاح في منطقة غارقة بإنقلابات عسكرية وبثورات وصراعات ضارية.

وبسرعة قياسية، تحوّل الاستوديو الى مقصد للكبير والصغير، الغني والفقير، من كل الطوائف والمناطق والخلفيات، وانهمك نوبار بتصوير الناس، وانكبّ على "تظهير" وتحميض الصور في "الغرفة السوداء" لساعات وساعات.

خبرة نابور وابداعه واتقانه لعمله حوّل الاستوديو الصغير والمتواضع، الى واحد من اشهر اماكن التصوير الفوتوغرافي في البلاد بأكملها.

استقطب الاستوديو البسيط عدداً كبيراً من السفراء والوزراء والنوّاب، والشخصيات الاجتماعية والفنيّة. وما هي الا سنوات حتى بات نوبار يُعرف بـ"ملك الابيض والاسود" نظراً لنوعية الصور التي يصوّرها، ولجودة الالوان والورق المُستعمل.

مرّت السنون، وكانت بيروت على موعد مع كابوس اسود. انفجرت البلاد وغرقت في حرب اهلية قاتلة، ذهب ضحيتها مئات الالاف. انقسمت العاصمة، وتحوّلت عروس الشرق الى ارض موحشة قاحلة، تعبث بالدخان والنار.

انعكس الجوّ المثقل بالقتل على الحياة اليومية. خوف وغدر وقنص وخطف، وكره وبغض وحقد أعمى بصيرة اللبنانيين الذين أغرقوا انفسهم بويلات مجهولة وبدوامات لا قعر فيها.

ومع الطلاق الجغرافي والنفسي الذي قسّم بيروت الى واحدة شرقية (تسيطر عليها اغلبية مسيحية)، واخرى غربية (تسيطر عليها أغلبية مسلمة بالاضافة الى بعض القوى اليسارية والفلسطينية). وقع الاستوديو بين شطري العاصمة وخطوط تماسها. اذ ان امتاراً عدة كانت تفصله عن "بيروت الثانية" من "بيروت الاولى".

ايام صعبة عاشها نوبار وعائلته في تلك الحقبة. اذ كان ينتقل من فرن الشبّاك الواقعة في الشرقية بسيارته القديمة برفقة زوجته وابنتيه، مرورا بمنطقة السوديكو حيث الجامعة اليسوعية، وصولاً الى مكان عمله في الغربية.

وعام بعد عام، بات التجوّل في بيروت ضرباً من الجنون، واصبح التنقّل بين الاحياء والازقة حلماً مستحيلاً. فالقناّصة في تلك الفترة رصدت كل الشوارع، والميليشيات التابعة للقوى المتقاتلة والمتناحرة سيطرت على مفاصل الحياة بعد موت الدولة ومؤسساتها.

وطوال 17 سنة من الحرب المتواصلة، لم يستطع نوبار ان "يداوم" في الاستوديو الصغير الا بشكل متقطّع، مُستغلاً الهدنات العسكرية والسياسية والامنية التي كانت تُعقد لساعات معدودة بين "امراء الشرقية والغربية".

ولأن نوبار خلوق ومحبوب، وصاحب وجه "بشوش واجتماعي"، ولأنه نأى بنفسه عن الدخول في لعبة الحرب وملوكها، فقد نال ثقة كل الاطراف، ولم تتعرض له "الميليشيات"، ولم تتعدى على مصدر رزقه الوحيد. فبقي الاستوديو، رغم بعض الاضرار التي كانت تصيبه بين كل فترة واخرى.

عام 1990، انتهى القتال، وخفتت اصوات المدافع، وتُركت بيروت صامتة بعد اغتصابها لأعوام واعوام. كان المشهد اكثر بشاعة بعد جلاء المشهد وانجلاء الغبار. دمار وخراب ومآسي وجراح. ضحايا وألم وانكسار لا يوصف.

آنذاك شعر اللبنانيون بالخطأ الذي اقترفوه بحق بلدهم، الا ان الأمل بغد جديد، وبمستقبل افضل، أيقظ بيروت من رمادها وكبوتها وكآبتها، واعاد بعثها من جديد كطائر الفنينق، لتنطلق ورشة اعادة اعمار واصلاح ما "انكسر" في كل مكان.

وبهذا عاد استوديو نظاريان من جديد، واكمل نوبار ما بدأه قبل عقود. اجرى بعض الاصلاحات الطفيفة، ومسح الغبار عن الواجهة الخارجية الزجاجية التي تعودت على الدخان والنار، وعادت الصورة بخجل تعيد رسم معالم بيروت المشوّهة.

في تسعينات القرن الماضي، شهد حقل التصوير الفوتوغرافي تطوراً ملحوظاً، وبدأ العالم يدخل شيئاً فشيئاً عصراً جديداً من التكنلوجيا والسرعة. فارتاى نوبار تغيير آلة التصوير المختصّة بالصور الشمسية، واستبدالها بأخرى تلتقط الصور الفورية، وبجودة عالية وواضحة.

عام 2001، فارق نوبار الحياة. رحل الى دنيا الحقّ، الا ان ذلك لم يمنع زوجته من اكمال المسيرة والحفاظ على ارث زوجها والانجازات الرائعة التي حققها على مدى عقود.

السيدة آنّي نظاريان، حملت المشعل، وتغلّبت على احزانها وعذاباتها، لتعيد فتح الاستوديو بعد اشهر من الاقفال. ولعودتها هذ.. حكاية...

زُرنا السيّدة آنّي في الاستوديو العتيق. وبين الصور الشمسية، وعبق الابيض والاسود، تحدثت السيدة نظاريان، بهدوء لافت، وبشغف يُعبّر عن حبّها وامتنانها للمرحوم زوجها وما قدّمه من فنّ وابداع طوال اعوام.

وبإنصات لا يوصف، يكاد فنجان القهوة ان يبرد، وتكاد الصور ان تتكلّم. فالسيدة اللبقة في تصرّفاتها أبت إلا ان تخبرنا الجزء الثاني من قصّة الاستوديو: "قبل موت زوجي بخمسة اشهر، فقدت اخي الوحيد، وأصبت بصدمة كبيرة، وغرقت في حزن لا يوصف، الا انني قررت ان اتغلّب على احزاني واوجاعي، وان أعيد افتتاح المكان الذي قضيت فيه اهم لحظات حياتي وعائلتي، ومن زعلي وقهري نفضت الغبار مجدداً، وأعدت استوديو نظاريان الى الحياة البيروتية من جديد رغم رحيل مؤسسه".

ابو أحمد، صديق العائلة شاء ان يعطي شهادةً بأصحاب الاستوديو "واصدقاء الدرب" كما أسماهم، فقال: "والله ان السيد نوبار والسيدة آني من اروع الناس وارقى الاصدقاء الذين صادفتهم طوال حياتي، وانا اجزم انه لو كان السيد نظاريان على قيد الحياة لكان طبع بصمة اكبر واكثر تأثيراً في مجال التصوير الفوتوغرافي، وما تقوم به السيدة آني اليوم مهم للغاية واستمرار لإرث زوجها المرحوم".

في المكان رائحة بيروت القدمية والعريقة. والديكور لم يتغير، رغم بعض الاصلاحات الطفيفة التي قام بها نظاريان قبل وفاته. وحدها الذكريات تتحدث، بالابيض والاسود، وبآلات التصوير المعلّقة في الواجهات الزجاجية.

اكثر من 11 عاماً مضت على وفاة نوبار، وتستمر السيدة آنّي بعملها بكل نشاط واندفاع، " فهذا الاستوديو كل حياتي، وكل ذكرياتي، عشت فيه كل مراحل حياتي، وها انا استيقظ كل يوم، واذهب بالشغف عينه لأؤمن لقمة عيشي من عرق جبيني من جهة، ولاحفظ ما قام به نوبار من جهة ثانية".

باختصار، ان قصّة هذا الاستوديو الملهمة، تشبه الى حد كبير قصّة بيروت بحلوها ومرّها، بقصصها الجميلة وبكوابيسها السوداء. بأيامها الناصعة والزهرية، وبلياليها الطويلة. ولا شك ان هذه القصص تبعث على الامل، وتحثّنا على المضي قدماً بحياتنا وعدم الاستسلام للحظات الحزن والتعاسة واليأس. انه استوديو نظاريان... تماماً كبيروت بالابيض والاسود... وبالالوان ايضاً.

سلمان العنداري... SA

الخميس، 29 مارس 2012

تــــــاكــــــسي .....

تاكـــــــسي ......


لبيروت معالم كثيرة،عديدة وشهيرة. من صخرة الروشة وكورنيش المنارة وفندق فينيسيا الفخم، مروراً بأسواق بيروت وساعة النجمة، وصولاً الى شارع الحمرا ومار الياس. الا انه للعاصمة العريقة معالم مهمة اخرى، تتكلّم وتتحدث وتتفاعل، انهم سائقي الاجرة.

سائق التاكسي في بيروت يتحدث في كل المواضيع. السياسة والاقتصاد وقضايا المجتمع. يعرّج على الفن وآخر الابتكارات التكنولوجية والعلمية، ويناقشك في آخر اصدارات الكتب والمجلات والفضائح.

سائق التاكسي في بيروت مفعم بالحركة والحياة. يتحدث بطلاقة بالغة، مواضيعه كثيرة وعديدة، وقصصه لا تنتهي.

يتحدث سائق الأجرة في الاوضاع السورية، وهو يقود سيارته المرسيديس القديمة المتوجّهة من مجمّع البيال الى الاشرفية. يقول ان "الاحداث في سوريا مستمرة في التدحرج والتطور، النظام السوري لن يستسلم بقوة مهما بلغت حدة الضغوطات على الرئيس بشار الاسد. فحزب البعث قبض على السلطة منذ عقود، وتمكن من السيطرة على كل مفاصل الحكم والحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية".

يشير الرجل الخمسيني الى ان "بشار الاسد يواجه كل العالم اليوم، وقراره بالحسم العسكري يأتي من عقليته السلطوية، خاصة وان الحكم في سوريا تعود على ان لا منازع لحكم البعث، ولا يمكن ان تتحول سوريا الى ديمقراطية تحترم حقوق الانسان، ولذلك، فإن الصراع الحاد بين المعارضة والحكم سيستمر بالقتل والقمع ومزيداً من سفك الدماء، على امل ان لا يدفع الشعب ثمن نضاله من اجل الكرامة".

وفي زحمة السوديكو، تتوقف السيارات لدقائق، يدخل شاب مستعجل، و"معصّب"، يسأله السائق "شو القصة يا ابني؟". يشير الشاب الى ان "البلد لم يعد يحتملنا، ولم يعد يحترم شبابه، افكر بالهجرة والذهاب بعيداً من الفوضىى التي نعيشها اليوم، من بطالة ووسائط وفساد، وصولاً الى طائفية ومذهبية ووسائط".

فالشاب العشريني بفتّش عن عمل منذ اكثر من 7 اشهر بعد تخرّجه من الجامعة اللبنانية، والتفتيش عن عمل بات من اهم يوميات اللبنانية الذي يتعرض للذل على ابواب الشركات والكبرى، والمؤسسات التجارية، اذ ان الواسطة باتت تلعب دوراً اساسياً في اختيار الموظف، هذا بالاضافة الى الاعتبار الطائفي والمذهبي، وصلة القربى بهذا او ذاك.

يتنهّد السائق ويعود بالزمن الى الوراء "لبنان الامس لا يشبه لبنان اليوم على الاطلاق، المذهبية لم نكن نعرفها، وفي عز شبابنا قبل ان نقع في فخ الحرب الاهلية لم نكن نتعاطى مع بعضنا وفق منطق شرقية وغربية، او مسلم ومسيحي، الا ان الصورة انقلبت اليوم، شيعي وسني، درزي وماروني، بتنا سطحيين في كلامنا ومفهومنا للامور، نقدّم الطائفة على الوطن، غرقنا في هويات ضائعة للاسف، وندفع ثمن الفقر والعوز كل يوم... الله يعينكن يا ابني الله يعينكن مش رح قول اكتر من هيك.

عدد كبير من سائقي الاجرة لا يتحدث في السياسة على الاطلاق، فالعم ابو جوزيف، قرر تعليق عبارة "ممنوع التحدث بالسياسة وممنوع التدخين". "منذ اسبوعين شهدت سيارتي عراكاً حادا بين سيدة تنتمي الى قوى 14 آذار ورجل ينتمي الى قوى الثامن من آذار ويناصر "حزب الله".

فالحديث الطويل الذي سببته زحمة السير الخانقة تطور الى اشكال كاد ان يودي بأعصابي المحترقة اصلاً. الامر الذي دفعني الى الطلب من الشخصين الخروج من السيارة في حال استمروا بعراكهم الحاد الذي يشبه الى حد كبير البرامج السياسية الفاضحة والمباشرة على الهواء".

اما الشاب محمد، فقرر ان "ينمّر" سيارته في ظل الاوضاع الصعبة في البلد، وان يتحوّل من مسؤول مبيعات في دبي الى سائق سيارة أجرة في بيروت. الجو في سيارته الجديدة "شبابي بامتياز". اغاني جديدة، موسيقى صاخبة، واجواء حماسية بالاكسوارات المعلقة في كل حدب وصوب في كل ارجاء السيارة الانيقة.

يقول محمد: "لقد سافرت الى الخليح لاربع سنوات، ولم اكن مرتاحاً على الاطلاق، فقررت العودة الى لبنان واستثمار مدخراتي، واشتريت سيارة تاكسي، وها انا اليوم اقودها وأعمل بعرق الجبين كي أعيش في هذا البلد الصعب".

ويجد محمد متعة كبيرة في قيادة سيارته، بالرغم من زحمة السير ومشاكل البلد اليومية، "فأثناء عملي اتعرّف على الناس من كل الخلفيات والمشارب والمناطق، واجمع قصصهم، واتفاعل معهم"... لحظات قليلة ويستطرد محمد: "شو بتحب تسمع؟"، عندي كل الاغاني الجديدة، واخبار الناس والفنانين، شو بدك لخبرك؟".



سلمان العنداري ... SA

الأربعاء، 28 مارس 2012

شباب الربيع العربي: المشوار صعب ... والاخطاء كثيرة



مما لا شك فيه ان الاحتجاجات الشعبية الهائلة التي شهدها العالم العربي قبل اكثر من عام فعلت فعلتها في كل مكان. انظمة سقطت، وعروش اهتزت وتزعزعت، حكّام استسلموا لارادة الناس، وآخرون هربوا على عجل. مفاهيم تغيّرت، ومعادلات ومقاييس انقلبت.

خرج الناس من السجن العربي الكبير، وفتح الشباب العرب الابواب على مصراعيها بعد ان اوصدت لعقود بأغلال الذل والقمع ونظرية المؤامرة ومحاربة قوى الاستكبار.

الشباب كسروا حاجز الخوف، وقرروا بأصواتهم وسواعدهم وحناجرهم اسقاط كل المفاهيم والقضاء على عصر غابر كاد ان يودي بأحلامهم وطموحاتهم ومستقبلهم.

شباب الربيع العربي يتحدثون اليوم، يحللون، ويقيمون الربيع المستمر انطلاقاً من تجربتهم وقراءتهم للاحداث والتطورات. فماذا يقولون؟، وما هي المصاعب التي تواجه الانتقال من مرحلة الى اخرى، وهل صحيح ان الثورة اليوم تعيش زمنا صعباً، وان الامور ليست على ما يرام؟...

الاردن: الامور لن تصل الى ثورة ... ولكن 


عبدالله المومني، اعلامي اردني، يراقب الحراك المستمر في العالم العربي، ويتابع مجريات الاحداث في بلده, فيعتبر ان "الثورات صحيحة طالما تأتي برغبة الشعوب. ولكن بما يتعلق بالمسار، فهذا يبقى مجهولاً لان اغلب الثورات التي كانت تسود الدول الكبرى ومنها روسيا لم يعرف مصيرها منذ بدايتها، لان مصطلح (ثورة) يحتاج لسنوات حتى يتحقق على ارض الواقع... ولكن الثورات العربية بالتأكيد سيكون مصيرها افضل مما كانت عليها نتيجة لقبول الشعوب بالواقع الذي طالبوا بتغييره مهما كانت الظروف .ولكنها تحتاج الى تنظيم وسعي من كافة الاطياف سياسيا ً ودينيا ً".

ويرى المومني "ان الثورة لم تتحقق بمعناها الحقيقي حتى بعد وقت ولذلك فإن الاهداف ترتكز على الاولويات، والاهم في ما تحققه بالدرجة الاولى، وما يليها من انجازات واهداف يأتي مع الوقت. واذا كان الاصلاح السياسي قد بدأ بالفعل بشكل او بآخر، فإن الاوضاع الاقتصادية تزداد سوءاً على ارض الواقع، فالثورة العربية اثرت على اهم قطاع واجهته دول الربيع العربي، وهو قطاع السياحة. ففي مصر التي كانت المستفيد الاكبر من السياحة، قد واجهت مأزقا ً حقيقياً بعد الثورة، لتعاني انخفاضا وصل الى 3.6 مليار دولار في 4 شهور. وكذلك تونس وليبيا، والآن في سوريا ذات السياحة الدينية" .

وحول ما يتعلق بالاردن، لا يعتقد المومني أن الامور ستصل الى ثورة بقدر ما "قد تواجه مناورات شعبية تجاه اخطاء الحكومة، والصحيح ان النظام يواجه ضغطا ً من قبل الحراك والمعارضة، الا انه لا يمكننا ان نقول ايضا ان الوضع خطير نظرا ً لتركيبة المجتمع الاردني حيث ان الأردن محصّن بشرعية النظام والاستقرار. فالشعب والمعارضة والحراك ليس من ضمن مطالبها نهائيا تغيير النظام، وإنما تطالب بإصلاحات سياسية وحكومة منتخبة, وايضا انقاذ الاقتصاد الذي يؤدي يوما ً بعد يوم الى اندثار الطبقة الوسطى, الأمر الذي يدل على ان الوضع خطير وكل ذلك نتيجة قضايا الفساد الكبيرة التي يقودها رجال على مستوى الدولة ولا زالوا يعملون في النظام ولكن هناك مماطلة من قبل القضاء في اقصاءهم. ولكن لو حدث في الاردن شيء له شبيه بالثورة فأن المتضرر الاكبر هو الشعب نتيجة التركيبة العشائرية والخطيرة اجتماعياً".

"المستقبل الذي ينتظرني كشاب عربي طموح وسط هذه الفوضى، هو طموح اي شاب عربي يسعى لحقوقه الاساسية التي يضمنها نظام عادل ومساو في توزيع الفرص", يقول المومني، متابعاً: "كل الشباب العربي الآن لا يريد سوى الفرصة والثقة. الفرصة لقيادة الدفة وتحسين الواقع كلا ً في مجاله وخبرته. والثقة للتفاهم مع الفئات المجتمعيه الأخرى على اساس المصلحة العليا. ولكن الشباب سيكون لهم مستقبل مهم في المرحلة القادمة ولكن طموحي كشاب دفعني للتجاوب مع الظروف ومحاولة التغيير من مكاني ايجابيا ً".

اليمن ... صورة لم تتوضّح بعد

يعتقد عهد الرفيد من اليمن، "ان هناك اختلاف لما وصلت له الثورات العربية من نتائج، فهي لم تحقق الاهداف المطلوبة كاملة. اذ ان المسار الصحيح لبعض الثورات العربية لم يبلغ خواتيمه الصحيحة، فباتت الامور والاحداث تتطور بحسب رؤى واهداف دول لها مصالحها الخاصة".

ويعتبر الرفيد، الناشط الحقوقي والمشارك في الثورة اليمنية ان " الثورة في اليمن لم تحقق اي هدف، ولكنها تمكنت من ابعاد الرئيس من الحكم، الا ان البلاد ما تزال تدور في حلقة مغلقة يحكمها نفس الاشخاص وتدار عن طريق السفير الامريكي والمملكة العربية السعودية التي ترى انه ليس هنالك من ثورة انما ازمة سياسية يمكن حلّها بالعُرف القبلي، وكأن اليمن كعكة تقسم لنفس الاشخاص بالسكين الامريكي".

ويعتبر الرفيد ان "الشباب قال كلمته في الساحات، وقد استشهد المئات منهم ومازالوا مستمرين في نضالهم لتحقيق الاهداف، الا ان القوى السياسية من الاحزاب لعبت دورها لتبقى، ولم تدع اي فرصة للشباب لتكوين حزب يضمهم في إطار ممنهج"، محمّلاً "الاحزاب مسؤولية تشتت القوى الشبابية في ظل حركات ومجموعات عن طريق اعضائها المتواجدين في الساحات الثورية".

هذا ويشدد الرفيد على ان "انتقال السلطة هو تغيير جذري للنظام، وهنا لم يتحقق. فظل من يحكم اليمن هو هو، وقد تم توزيع بعض الحقائب الوزارية على بعض احزاب المعارضة، وتم تهميش الشباب، لتتحول الثورة إلى اوراق يتم تداولها تحت الطاولة واستغلال قوة الثوار لمطالبهم الشخصية".

وقال: "لايمكن التنبؤ بمستقبل اليمن في الوقت الراهن لاننا نعيش احتقاناً كبيراً، وغضباً ناتجاً عن عدم تحقّق كل مطالبنا، بالاضافة الى وجود قضايا لم يتم حلّها حتى هذه اللحظة، كقضية الجنوب وقضية الحوثيون"، معتبراً ان "الشارع يتحدث عن احتمال تقسيم اليمن، ومنهم من يؤيد حلّ الفدرالية او الانفصال عن الدولة المركزية، كل تلك الامور ستتبلور وتتوضّح على المدى المتوسط".

مصر: المشوار لسّه طويل ...

توافق الناشطة السياسية والمدنية رشا شعبان على كلام عهد الرفيد، وتعتبر ان "الثورات العربية لا تسير في مسارها الصحيح، وهي متأثرة جداً بما يحدث في سوريا من اباده جماعية و جرائم انسانية. الدول العربية و في مقدمتها مصر هي ضحية الضغط الخارجي، على الرغم من أنني لا أؤمن بنظرية المؤامرة، ولكني انظر ماذا يحدث في مصر من قتل بالدم البارد لروح الثورة و الفكر الثوري. والجميع يعلم أن الثورة والتغيير و الاصلاح لو نجحوا في مصر و استردت مصر عافيتها وزعامتها، لأصبحت المنطقة العربية كلها في شكل جديد و فكر جديد".

وترى الشابة المصرية ان "الثورة المصرية لم تنجح في تحقيق كل أهدافها أو حتى جزء منها،فـ"المشوار لسه طويل" و سوف يستغرق العديد و العديد من السنوات حتى تستطيع أن تغير في العقول والثقافة السائدة الآن".

تشدد شعبان على ان "جيل الشباب يمتلك الحماسة والقدرة على إحداث تغيير على الوجه السريع، فاذا كانت مصر اشبه بمريض السرطان في حالته المتأخرة، فالثورة والشباب بمثابة العلاج السحري، ولكن الخلايا السرطانية ترفضه و تقذفه بعيداً، الا انه في النهاية سينتصر العلاج و تبدأ حالة مصر في التحسن".

ووسط هذه الصورة، تتوقّع شعبان أن تتبدل الأحوال في مصر، "ولكن هذا كله يعتمد على الفترة القادمة و على من سيتولى البلاد. ففكرة الثورة للأسف الشديد في ضعف مستمر، ولكن مصر كل يوم تكتشف قدارت شبابها وثوّارها الباهرة التي تبعث على الأمل".

وعن المخاوف من امكانية سيطرة الاسلام السياسي في المنطقة بأكملها بعد نتائج الانتخابات في دول الربيع العربي، تقول شعبان: "انا ضد الاسلام السياسي ومن يقوده. فالدين الاسلامي شامل و جامع ويصلح لادارة شؤون حياتنا على مر العصور، ولكن فلننظر الى المهازل التي تحدث الآن على حدود مصر، وفي سوريا يقتل الأطفال و تغتصب النساء، بينما يقوم عضو سلفي في مجلس الشعب ليرفع الآذان آثناء انعقاد الجلسة", وتضيف شعبان: "فليذهبوا جميعاً الى الجحيم ولنتذكر دائماً أن الله يقيم الدولة الكافرة ولو كانت عادلة ولا يقيم الدولة المؤمنة ولو كانت ظالمة".

مصر : نظام مبارك لم يسقط بعد ...

بدورها تقول الناشطة في حقوق المرأة المصرية جواهر الطاهر، ان "الثورة المصرية لا تسير في مسارها الصحيح لأنها معلقة مابين السماء والأرض، وتنتظر انتخاب الرئيس الجديد، وتتخبّط بمجموعة من المشاكل الخاصة من المطالبة بالإفراج عن المعتقلين بالاضافة الى انتظار ما ستقرّه المحاكمات الخاصة بقتل المتظاهرين، ولا اخفي سرا عندما اقول اننا نخشى على هذه الثورة ان تضيع وان تنتهي بشكل دراماتيكي لنعود الى الوراء شيئاً فشيئاً".

وترى الطاهر ان "السبب الرئيسي في المشاكل التي تواجهها مصر ما بعد الثورة يكمن في ظلّ النظام الموجود في مراكز الحكم، خاصة وان الثوّار لم يقتصّوا من كل الطبقة الحاكمة ولم يقضوا عليها من جذورها، اذ ان نظام مبارك باق بالفلول ورجال الاعمال المفسدين وفلول المخربين، والقلة الصامتة والانفلات الامني المقصود، والاعلام الموجه. كل هذا يدل على ان الثورة لم تنجح في كل اهدافها".

وحول ما إذا كانت الثورة قد انصفت المرأة المصرية والعربية, تجيب الطاهر بمرارة: "هناك انتكاسة لحقوق المرأة في مصر فقد زادت المطالبات بإلغاء بعض القوانين الخاصة بالاحوال الشخصية والتي كانت بمثابة مكتسبات وايضا جاء الغاء الكوتة لكي نجد ان النساء بالبرلمان لا يتعدّين الـ 11 من بين اكثر من 500 عضواً، وايضا اللجنة التي اعدت الاعلان الدستوري لم تتضمن حتى امرأة واحدة، هذا بالاضافة الى السحل والضرب والتعرية التي تعرضت لها النساء على ايدي المجلس العسكري، واخيرا وليس آخراً فإن براءة الطبيب المجند الذي قام بعمل فحوص العذرية على المحتجزات في مارس 2011 كل هذا يدل على ان الثورة لم تنصف المرأة المصرية بل زادت من تهميشها والإنتقاص من حقوقها".

سلمان العنداري ... SA

الثلاثاء، 27 مارس 2012

ماذا لو سقط النظام السوري؟.. يسأل الشباب اللبناني..



تُكمل مجموعة من الشباب اللبناني نقاشها حول اخر المستجدات والتطورات السياسية فبعد الحلقة الاولى التي تناولت الوجود السوري في لبنان، نتحدث اليوم مع المجموعة نفسها عن الوضع في سوريا التي تشهد عنفاً وقتلا وقمعاً مستمراً منذ اكثر من عام. فالسؤال اليوم يُطرح على كل لسان وفي كل دار: هل سيسقط النظام السوري، كيف ومتى؟.

في هذه الحلقة يجيب الشباب على هذه الاسئلة في محاولة للوقوف عندا آرائهم واستشراف المرحلة المقبلة في منطقة ملتهبة تشتعل كل يوم بالدماء والاخبار العاجلة والتطورات المتسارعة.

كمراقبة للاحداث الجارية على السّاحة السورية، ترى الناشطة السياسية ريتا حاكمة "أن تنحي الرئيس السوري بشار الاسد هو الحلّ الاسلم للبلاد، خاصةً وان الثقة انعدمت بين هذا النظام والشعب بالرغم من الاصلاحات التي صرّح عنها والاستفتاء على تعديل الدستور الذي اتى بنسبة 89,4 بالمئة من الشعب بالموافقة، الا ان سوريا ما زالت تعيش تحت وابل من الصواريخ والجرائم التي ترتكب يوميا".

وتؤكد حاكمة ان "سقوط النظام سيؤدي الى اسقاط سلطة قمعيّة عمرها اكثر من 40 سنة، وقد حان وقت الرحيل، أما البديل أن لم يتجلّى بديمقراطية وحريّة كاملة، أعتقد أنه سيحارب الى النفس الاخير لمنع ذلك".

اما الصحفية سيندي ابي طايع فترى ان "سقوط النظام السوري بات مسألة وقت لا أكثر لا أقل. لأن عمليات الترقيع والاصلاح لم تعد تجدي نفعاً، والنظام فقد شرعيته داخليا وخارجيا".

"أن ينهار النظام.. ربما نعم بحسب مجرى الأمور في سوريا، ولكن ستكون رحلة صعبة للوصول إلى إنهيار النظام"، يقول الناشط في المجتمع المدني محمود غزيّل "خصوصاً بوجود دولة كبيرة تدعم النظام في أكبر المحافل الدولية. وعلى الرغم من أن سوريا ليست كليبيا أو تونس أو مصر أو غيرها من الدول إلا أن الثابت الوحيد هو المطالب الشعبية بالحرية والديمقراطية وما صدر عن أغلبية الشخصيات المعارضة للنظام يريحني أقله من ناحية العمل على بناء دولتين جارتين لا مشاكل بينهما.. ونترك للشعب السوري إختيار نظام حكم من بعد إسقاط النظام الأسدي".

ويضيف محمود: "إن الشعب السوري ليس "حمصياً" وهذا إلى جانب أن النظام الأسدي عرف كي يغذي الشعب السوري بأفكاره البعثية وأن يعلم الشعب كي يتكلم عن لسان الدولة البعثية في المجالات السياسية اللبنانية، لذلك فإن الشعب السوري يعرف تفاصيل الحياة السياسية اللبنانية ويعرف كي يختار الحزب السياسي اللبناني المناسب له ليتحالف معه وهذا الأمر ليس محلياً ولكن عالمياً وعلى مر التاريخ. والثورات الداخلية إن لم يقابلها تحالف ولو على نقاط محددة مع الخارج لا يمكن أن تنجح تلك الثورات كلياً".

ويستطرد غزيّل: "ان مصير الثورة اليوم يتوقف كما كان بالأمس، على الشعب السوري وعلى المنحى الذي يريد أن يؤخذ تلك الثورة، المطالبة بالحرية والإصلاح جيد جداً طالما لا تتكرر بعض الأخطاء التي مررنا بها نحن اللبنانيين والعرب إن كان بالمساعدات المسلحة أو بجيش "ردع" أو بهيمنات خارجية على المعارضات الداخلية، وبالتالي لا يمكن حتى اليوم أن تنتبئ بمصير الثورة لأن الأمور ما زالت على نار حامية ولكن ما نراه هذه الأيام أن النظام الأسدي بدأ يجن جنونه".

وعن مستقبل لبنان في حال سقوط النظام السوري تعتقد حاكمة "ان بناء دولتيتن ديمقراطيتين جارتين أمر مطلوب ولكن لا أراه في المدى القريب وعينا أن نسعى الى تحقيقه".

الا "أن الثنائي عون وحزب الله لهما وجهة نظر معروفة من النظام السوري ومن دعمهما المتواصل له ففي كل مناسبة وفي كل خطاباتهم يستحصل نظام الاسد حيّزا كبيرا من الدعم والاجابيّة بكل خطواته أصلاحيّة كانت أم اجراميّة مما يريح سوريا وخاصرتها محميّة الى حدّ ما", بحسب حاكمة "مما جعل ابقاء سيطرة هذا النظام في لبنان يتفاعل ويستمّر لاهداف قوميّة مشرقيّة وبعيدة عن الكيان اللبناني واستقراره أضحى ملتزما مع الجوار والمنطقة بأسرها".

اما الكاتب والصحفي توماس سليم فيعتبر ان " فثورة الارز اليوم باتت على المحك بين معمعة الثورات العربية التي أتاحت للإسلاميين الوصول الى تونس و مصر و قريبا الى ليبيا و بعدها الى سوريا ربما، حتى و ان لم يسقط بشار، فهيبته دمرت امامهم و بات خطرهم داهم اكثر و اكثر، اما عن سياسة النأي بالنفس، فربما تعتبر سياسة الجبان ام سياسة سوريا في لبنان، لكنها الافضل فيما خص لبنان، لان الوضع لا يحتمل سياسة النكايات من جهة النظام السوري الذي يتربص شرا بلبنان عند كل مفترق طرق، فذا فكرنا في المصلحة اللإقتصادية للبنان نجدها مع سوريا و برأيي المصلحة العليا فوق كل مصلحة و مصلحة الشعب اللبناني فوق مصالح الشعوب الاخرى بغض النظر عما اذا كانت ظالمة ام مظلومة، المهم ألا يشارك نظامنا بظلمها..يمكن رأيي شوي غريب لكن بعتبرو الانسب".

بالتوازي ترى ابي طايع انه "إذا أصبحت سورية حرّة، ديمقراطية، تحترم الجيرة، كما ورد في الرسالة المفتوحة التي وجّهها المجلس الوطني السوري الى اللبنانيين، فهذا يعني تلقائيا، لبنان مستقراً، وحدوداً مرسّمة. وهذا يعني بالتالي قيام دولتين ديمقراطيتين جارتين!.

بعد انسحاب النظام من لبنان وعودته من الشباك، اي مصير للثورة السورية؟. تقول ابي طايع: "للأسف لقد دخلت عوامل خارجية عديدة على الثورة السورية. منها يهدف لإجهاض الثورة، ومنها يهدف لتثمير الحراك الثوري في غير هدفه. آمل أن تبقى الإنتفاضة قائمة داخل الإنتفاضة لا خارجها! وأن تسلك الثورة مسار اليقظة كي تحقق هدفها بالإنتصار".

سلمان العنداري ... SA

الاثنين، 26 مارس 2012

هل انسحبت "سوريّا بشار الاسد" من لبنان؟


شبح سوريا ... في لبنان .... 


قبل سبع سنوات، وعلى وقع "هدير" الشعب اللبناني، خرج آخر جندي سوري من لبنان بعد سلسلة من التظاهرات الضخمة المترافقة مع ضغط اقليمي على دمشق، لتخرج القوات السورية بعد اكثر من 30 عاماً من الوصاية المستمرة على اللبنانيين بالتعاون مع النظام الامني وبتواطؤ مع طبقة سياسية "وفية للخط البعثي".

واليوم، وبالتزامن مع الثورة السورية التي دخلت عامها الثاني، كيف يرى الشباب المشهد البيروتي، وهل صحيح ان الشعب اللبناني بعد سبع سنوات على انتفاضة الاستقلال تمكّن من نيل حريّته وسيادته بالشكل الكامل، وهل تعاظم دور سوريا في الحياة السياسية اللبنانية مخابراتياً وسياسياً ونفسياً بعد الإنسحاب العسكري؟...

يقول الناشط في المجتمع المدني محمود غزيل: "رغم أن الجيش السوري لم يعد هنا، إلا انه ما زال بإمكاننا مشاهدة طيفه يجول داخل الساحات اللبنانية على مختلف الأصعدة وعلى الرغم من أننا رفعنا سقف الحرية، إلا أن الخوف من الكلمة الحرة ما زال مسيطراً على كل مجالات، إن كان من النظام السوري أو من الأحزاب التابعة له".

وبالنسبة للناشطة السياسية ريتا حاكمة "فإن انسحاب الجيش السوري من لبنان جاء بعد انتفاضة ثورة الارز وهذا الانسحاب بعدّته وعتاده زرع الامل ببناء وطن حرّ مستقلّ ذو كرامة وأباء، ولكن للأسف فإن ما نراه اليوم على الساحة اللبنانية بعد سبع سنوات, قد بدّد كل الطموحات. فالتّدخلات ما زالت قائمة في كل كبيرة وصغيرة وما نشهده من زيارات مفاجئة لدمشق من قبل بعض السياسيين عند كل استحقاق للتشاور وأخذ كلمة السّر أكبر دليل على أن اليد السوريّة ما زالت فاعلة، فمسألة ترسيم الحدود ما زالت عالقة والخطاب السياسي لقوى 8 آذار أصبح أقوى من الأمس في دعمه المستميت لنظام الأسد".

اما الكاتب والناشط توماس سليم، فيرى "ان رحيل الجيش السوري القسري والإجباري من لبنان لم ينعكس سلاما على البلاد، لان المهيمن يكون اقل هيمنة و سطوة متى كان متحكّما على الارض الواقع، و يصبح أكثر شهوة للسلطة و الهيمنة و الحكم متى اجبر على التنحي او الرحيل، وهذا ما حدث طيلة السنوات السبع التي تبعت خروجه بأدواته الظاهرة و بقاء أدواته المخابراتية العميلة وهي الأخطر. والتجربة ستتكرر مع كل الشعوب العربية التي فرحت برحيل بعض الزعماء. فالذي تغير كان الوضع الذي تحول من سيء الى أسوأ، و التاريخ في السنوات السبع الماضية كفيل بالرواية".

وبالنسبة للصحفية سيندي ابو طايع، فتتقاسم النظرة نفسها مع سليم، اذ ترى ان "مرحلة جديدة في لبنان بدأت بعد الانسحاب السوري، الاّ أنها ليست مختلفة عن سابقتها لا من حيث الشكل ولا المضمون، خاصة عندما نتحدّث عن الفلتان الأمني، والإغتيالات، وتمرير الصفقات السياسية وغير السياسية، والفساد، والسرقة التي كانت عناوين المرحلة السابقة. وكما قالت الشاعرة أحلام مستغانمي " قلوبهم معنا وقنابلهم علينا".

"إنخفض بشكل كبير تأثير المخابرات السورية ووجودها، الا أن الهاجس الأمني الخاص بالنظام الأمني السوري ما زال يعشعش في شوارع بيروت إلى حد أنه يتم التخوف في البعض الأحيان من التجمع، ولو حتى لشخصين أو ثلاثة في بعض الأماكن خوفاً من العناصر التابعة للنظام السوري". هذا ما يقوله غزيّل الذي يشعر بأن ظلال النظام السوري ما زالت تقبض على لبنان بشكل او بآخر.

وفي هذا الاطار تلفت حاكمة الى ان "فعل المخابرات السوريّة أصبح أكثر تكتما وحرصا وغرفة العمليات تدور من داخل السفارة في الحمرا. فلبنان مراقب وبشدّة من خلال هذه الاجهزة السريّة، ونستذكر خطف الأخوين جاسم في سيارات تابعة للسفارة السورية، والاخوين ياسين ومصطفى الصحن، وأمثلة كثيرة تجعل اللبناني يشكّ في حياديّة هذا النظام. فحتى في عز أزمته الحاضرة اليوم فلم ينأى بنفسه عن لبنان ولطالما أعتبره جزءاً لا يتجزأ من سوريا".

بالتوازي، يعتبر سليم ان "الجيش السوري الذي كان حاكما ههنا ما زال يتجلى بقوة "حزب الله" المتزايدة عسكريا ونفوذا عمليا على الارض، يوميا وفي كل مناسبة وطنية ووقفة و مشهد، ولا داعي لاستذكار احداث السابع من ايار واحداث اخرى شبيهة ومماثلة".

اما ابو طايع، فتعتبر ان "الوجود السوري مستمر من خلال عقر الحكومة الحالية وعجزها عن الإنتاج والتي تحولت من حكومة "كلنا للوطن" الى حكومة "كلنا ع الوطن". إضافة الى غياب قرار حاسم من الحكومة بحماية الواقع اللبناني من ارتدادات الأزمة السورية الحالية، واستسلامها للارادة السورية".

بالمحصّلة يمكن القول انه اذا كان "السوري" قد انسحب عسكرياً ومخابراتياً، الا انه ما زال لدمشق القدرة على التأثير على الملف اللبناني عبر حلفاء او عملاء لها في لبنان. من تشكيل الحكومات، مروراً بإدارة الإنقلابات، وصولاً الى تحريك جماعاتها في الشوارع وعلى المنابر لافتعال الازمات وبعث الرسائل في كل الاتجاهات.

سوريا الاسد لم تخرج يوما ًمن لبنان رغم خروج جيشها ومخابراتها في العام 2005، اذ انه وبعد توقف موجة الاغتيالات والقتل عام 2007، لعبت دمشق بأوراقها على الساحة اللبنانية، من احداث الجامعة العربية وتعطيل المجلس النيابي، مروراً بأحداث 7 ايار، واتفاق الدوحة، وحكومة الوحدة الوطنية، وصولاً الى اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري وتشكيل شبه حكومة برئاسة نجيب ميقاتي وادارة "حزب الله".

وبإنتظار جلاء الصورة، وانقشاع الرؤيا الضبابية الدامية في سوريا، ينتظر الشعب اللبناني كما الشعب السوري طيّ صفحة سوداء من القمع والقتل والسيطرة والبطش. فهل ينهار النظام، وينال الشعبان حريتهما الحقيقية؟...

الجزء الثاني يناقش مع المجموعة الشبابية نفسها مستقبل النظام السوري.

سلمان العنداري ... SA

الخميس، 15 مارس 2012

سنة على الثورة السورية... عندما يسقط الخوف يسقط الحاكم... والملحمة مستمرة


سنة على شلال الدمّ في سوريا ... 

لا شك ان مشهد خروج مئات الآلاف من المتظاهرين هاتفين بالتغيير والاصلاح والديمقراطية كان اشبه بتاسع المستحيلات وضرب من ضروب الجنون قبل سنة في سوريا.

اما اليوم، وبعد سنة من انطلاق الثورة الغاضبة، ومع سقوط كل حواجز الخوف في كل ارجاء العالم العربي، خرج اهل الشام وادلب وحمص وحلب ودرعا والرستن وباب الشغور عن صمتهم. واسقطوا كل الاقنعة بوجه جبروت النظام الحديدي الممسك بزمام الامور منذ عقود.

فتحوا بأياديهم بوابة سجن اوصد بالاغلال، ليساهموا بانتفاضتهم المجيدة وبدمائهم الذكية، وبتضحياتهم اليومية في كتابة تاريخ جديد مُدرج بالكرامة ومطرّز بمستقبل زاهر وبربيع عابق كرائحة الياسمين.

خمس عقود من حالة الطوارىء, بطالة ومعاناة اقتصادية, قمع وظلم, ومشاركة ممنوعة, وانتخابات معلّبة, واعتقالات بالجملة قرر الشعب السوري الخروج عن صمته والانتفاض على الاستبداد البعثي.

قتلى وجرحى ومذابح يومية يرتكبها النظام. توحّش واغتصاب وقصف وخطف للاطفال والنسوة والشباب. إجرام ينتمي الى القرون الماضية، وسط تخاذل دولي واتهامات وتسويات وصفقات وشراء للوقت، الا ان الشعب السوري قرر خوض المعركة حتى النهاية لأن صوته سينتصر عاجلاً ام آجلاً ومهما طال الانتظار وسُفكت الدماء، وعُقدت التسويات.

هناك ملحمة يقوم بها الشعب السوري اليوم دفاعاً عن اقدس القيم، الا وهي قيم الحرية والعدالة والكرامة وحق تقرير المصير. وهي ملحمة مُكلفة وباهظة الثمن، خاصةً على المستوى البشري والمادي والروحي، بوجود نظام فاقد لكل معايير الانسانية، والانتماء للمجتمع. نظام هجين، استطاع ان يسيطر على السلطة بالانقلابات، وبعقد احلاف شرّيرة مع اعداء الشعب السوري من اسرائيل الى ايران.

ولمن نسي، ففي "رقبة" حافظ الاسد وابنه بشار دم ثلاثة شعوب. الشعب السوري، وثانياً دم الشعب اللبناني، وثالثاً دم الشعب الفلسطيني، الا ان الاكيد ان نهاية هذا الاجرام ستكون على يد الشعب السوري بالتضامن والتكافل مع ارادة الشعوب العربية الحرّة.

في الذكرى الاولى، تستمر الثورة، ويستمر الانتظار، ومعهما الدمّ والقتل والقمع والتظاهرات والنضالات اليومية. في حين يستمر المشهد العربي والدولي على حاله. مواقف ضبابية متخاذلة، ضعيفة، خائفة ومهجوسة، بانتظار تسوية ما، او انعطافة تغيّر المعادلات وتقلب التوازنات.

وحده الشعب السوري يعرف طريقه ووجهته، وسط التعرجات السياسية الدولية والعربية، فلا ينأى بنفسه، ولا يتخاذل او يتقاعس عن واجبه بوجوب اسقاط الدمية الدامية الجالسة في قصر "المهاجرين". 

الشعب يعرف قبل غيره انه متى يسقط الخوف... يسقط الحاكم، ولا مجال للنقاش في هذا الموضوع، فالخوف كُسر، وجبال الجليد هُدّمت، ولا عودة الى الوراء مهما حدث.

قال حافظ الاسد يوماً : "لا يهم ان يحبّني الشعب، المهم ان يخافني ويخشاني"... ومع انهيار جدران الخوف، فإن مصير النظام السوري محتوم، والتراكمات والتضحيات التي يقدمها الشعب تساهم كل يوم في تهديد كيانه وزعزعة عرشه ووجوده.

لن يتمكن بشار الاسد من ابادة شعب بأكمله، ومن ايقاف تسونامي الثورة التي ستنهيه بالكامل والتي ستضع حدّاً لاجرامه المتمادي. وبالتالي فإن الرقص على حبال الازمة، والتلهّي بخطوات اصلاحية صورية مثير للسخرية لن تفيد النظام بشيء، لان ساعة سقوط آل الاسد اقتربت، ولمن لا يصدق هذا الكلام، فليراقب اداء الاسد المتخبّط والمتوتر الذي يشير الى اقتراب النهاية التي لا ريب فيها.

في سوريا حرب ابادة، اذ لم يعد بمقدور الفرد ان يستخدم تعبير "مجزرة". فبشار يقتل على قدر ما يمتلك من قدرة على القتل وسفك الدماء. تماماً كفرانكو، وهتلر وموسوليني، وغيرهم من الطغاة الذين تكبّروا وتجبّروا، فسقطوا في مزابل التاريخ...

سنة على الثورة السورية، فلنتعلم من الشعب السوري الكرامة والشهامة والاندفاع، والصبر والصمود. ولنتشارك معهم ونشاركهم نضالهم وثورتهم المجيدة بدل الاستمرار في سياسة النأي بالنفس والخوف والخجل... تحية لسوريا ولكل الاحرار...

سلمان العنداري ... SA

هل تحولت بيروت الى عاصمة خوف تواجه الثورة السورية؟



حكومة بيروت تقتل المعارضة السورية؟...
منذ ايام وصل محمد خليفة، المعارض السوري، وعضو المكتب السياسي في الهيئة العامة للثورة السورية الى بيروت آتياً من اوروبا ليسلّم رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي مذكّرة احتجاج باسم الهيئة العامة للثورة تتعلّق بالاعتراض على بعض الاجراءات التي تقوم بها الدولة اللبنانية واجهزتها بحق معارضين سوريين، وبحق بعض اللاجئين الذين هربوا من القتل والقمع على ايدي النظام البعثي.

اعتذر الرئيس ميقاتي عن استقبال خليفة تفادياً لإحراجات سياسية معروفة الاسباب، فاضطر الاخير الى تسليم المذكّرة لمكتب دولة الرئيس، على ان يعقد مؤتمراً صحفياً في نقابة الصحافة في بيروت يشرح فيها اسباب زيارته وتفاصيل المذكّرة.

الا ان المفاجأة كانت برفض النقابة طلب خليفة بعقد المؤتمر الصحفي بحجّة "التداعيات الامنية لهذا المؤتمر الذي يتناول قضية سورية داخلية، بالاضافة الى الوضع السياسي المضطرب في لبنان". فتمّ الغاء المؤتمر بعد "محاضرة" سياسية طويلة ومملّة عرضها نقيب الصحافة في محاولة للاعتذار والتبرير.

التقينا خليفة على عجل، قبيل ساعات من عودته الى السويد. فالكاتب والباحث السياسي ابدى أسفه الشديد "لما وصلت اليه حرية التعبير في بيروت، التي كانت في السابق منبراً للحرية والاحرار وللديمقراطية في عموم المنطقة، الا انها اليوم محاصرة بالقمع والدكتاتورية والخوف والسيطرة".

بيروت تغيّرت بحسب خليفة الذي تحدّث بأسى شديد، "فبيروت في الخمسينات لعبت دوراً مهما في الحداثة والديمقراطية ودعمت تيارات التغيير والتجديد في وقت كانت الانظمة العسكرية تحكم المنطقة بأكملها، اذ ان اي معارض سوري او عربي كان ليجد في لبنان منبراً له لكي يطلق صرخته او يبلغ رسالته للرأي العام العربي والعالمي".

اما بيروت اليوم فقد فقدت جزءاً من وظيفتها السياسية والنهضوية، وكأن هناك من يريد للبنان ان يخون رسالته المتمثّلة بكونه موقعاً للحريات والحداثة ولاصوات التجديد والنهضة والتنوير الفكري، الا ان هذا البلد كان عرضة للطغيان الاقليمي ومازال، فالنظام السوري احتل لبنان لاكثر من 30 سنة وقام باعمال كثيرة يبدو ان نتائجها ما زالت عميقة حتى هذه اللحظة. فبالرغم من خروج النظام الامني السوري من لبنان، الا ان نفوذه الامني والسياسي لم يخرج، ومازال قوياً وحاضراً، وما زال يمارس دوره السلبي والارهابي في كل مكان".

واشار خليفة الى ان "السلطات اللبنانية لا تعترف بعدد كبير من اللاجئين السوريين في لبنان، ولا توفر لهم حقوقهم والحد الادنى من مساعدتهم واغاثتهم، وتتعامل معهم وكأنهم اشخاص غير مرغوب فيهم، في حين يتم خطف البعض من المعارضين بطريقة ميليشياوية مافياوية غريبة".

واضاف: "لا شك ان الراي العام اللبناني يعرف الكثير من القصص التي وقعت في الاشهر القليلة الماضية من خطف وتنكيل واعتداءات، وبينها اسماء بارزة متل شبلي العيسمي الذي انضم الى قائمة فيها عشرات الألوف من المعتقلين والمخطوفين داخل سوريا وخارجها".

من ناحية اخرى رأى خليفة ان "المُسلح الهارب من سوريا ليس مجرماً او قاتلاً، انما مناضل مدني ضد النظام والقمع الذي يمارسه بشار الاسد، اذ انه اضطر الى حمل السلاح للدفاع عن نفسه وعن زوجته وابنته واولاده نتيجة الجرائم التي يرتكبها النظام بشكل منهجي وعلى نطاق واسع من القتل والاغتصاب والتعذيب المفرط".

وابدى أسفه لما تقوم به الاجهزة اللبنانية من القاء القبض على المسلحين الفارّين من سوريا وتسليمهم لاجهزة النظام، مشدداً على ان "المُسلّح لا يعني انه ارهابي يقتل الناس، فهو مناضل سياسي من اجل الحرية في سوريا، حمل السلاح نتيجة افراط الجيش السوري في قتل الناس واغتصاب اعراضهم وقمعهم".

ولفت خليفة الى ان "الثورة منذ عدة شهور بلغت مرحلة اللاعودة، واليوم نحن في نهاية العام الاول من عمر الثورة التي بدأت تتحول الى مؤسسة، والى تيار اجتماعي يشمل معظم فئات الشعب السوري في كل المحافظات ومن كل الطوائف والمذاهب والفئات الطبقية. فالفقير والغني، المرأة والرجل، الكبير والصغير، المثقّف والعامل، المسيحي والكردي والدرزي والعربي والسُنّي والشيعي والعلوي، كلّهم في خندق واحد من اجل اسقاط النظام ونيل الحريّة".

"الثورة تتحول يوماً بعد يوم الى تيار اجتماعي يبني مؤسسات، فالجيش السوري الحرّ يتحوّل الى مؤسسة موازية في مواجهة عصابات الاسد، والمجلس الوطني استحدث مجلساً عسكرياً استشارياً، ويعقد تحالفات وعلاقات في كل انحاء العالم، وحظي باعتراف دولي، وبالتالي فإن الثورة تتطوّر وصوتها سيبقى سيصل مهماً اشتد القمع والقتل والظلم".

وتابع بالقول: "الثورة السورية مستمرة وقوية ولا خوف عليها وستنتصر ولا خوف عليها". ويضيف: "هناك ميت لا يريد ان يُدفن مُمثلاً بهذا النظام البالي المتوحش. النظام انتهى سياسياً واجتماعياً وفقد شرعيته، وهو يقاوم عملية الدفن لكنه انتهى، في ما هناك جديد يحاول ان يفرض وجوده على انقاض هذا القديم ممثلاً بالثورة السورية".

هذا وشدد الكاتب والمعارض السوري على عمق العلاقة بين لبنان وسوريا، فيعتبر ان "العلاقات بين السوريين واللبنانيين مقدّسة وعميقة وفيها خصوصية تاريخية، وبالتالي اطالبهم بالحفاظ على هذه العلاقات، لان اي ضرر يلحق بأحد منهما سيلحق بالطرف الآخر، والنظام السوري خطر على الطرفين وليس فقط على الشعب السوري، لانه يحاول ان يزرع الفتنة في قلب لبنان ويهدد بإحراق لبنان، وهذا كان منطوق تصريح بشار الاسد منذ شهور عندما قال انه قادر على احراق المنطقة، وهو يهدد لبنان واطراف اخرى ممارساً نوعاً من التشبيح الدولي".

ورأى ان "العلاقات الاستراتيجية العميقة بين البلدين لا تنحصر بشخص بشار الاسد او بحزب، فهذه العلاقات عميقة ومتجذرة ولا يجوز ان تُرهن ان تُربط او ان تُحصر بشخص بشار الاسد اوغيره".

وبحماسة لافتة قال: "اننا نقود معركة واحدة، ونحن اطرف في قضية واحدة، وهي قضية الحداثة والديمقراطية والحريات والعدالة، وكل اخواننا في لبنان او في داخل سوريا يجب ان يدركوا ان هذه الثورة لمصلحة الجميع وسترفع يد الارهاب المسلط على لبنان من قبل هذ النظام المتوحش في سوريا".

واكد خليفة "ان انتصار الثورة، يعني انتصار للشعبين السوري واللبناني، وسيكون لبنان من اكثر المستفيدين في هذه الثورة، لاننا نعلم ماذا فعل النظام الاسدي في لبنان، وكيف حوّله حكم البعث الى مزرعة للسرقات والنهب، والى ثكنة عسكرية تخدم نظامه، وما هي عمليات الخطف التي ازدهرت في الثمانينات، والعمليات الارهابية، ومقتل الشهيد رفيق الحريري، وعشرات الصحفيين والمفكرين والقادة، الا من فعل المخابرات السورية وازلامها".

وختم بالقول: "قضية واحدة، وشهداء ربيع بيروت هم شهداء الثورة السورية ايضاً، من سمير قصير الى جبران توني وغيرهم من القادة الشرفاء الاحرار، ثورة الحرية ستنتصر بدماء شهدائها ونضالات شعبها ".



سلمان العنداري ... SA

الجمعة، 9 مارس 2012

المرأة ليست سلعة او اداة ... يا رجال العالم انتفضوا وطالبوا بحقوقها



للأسف، بسبب ضيق الوقت، لم يتسنّى لي الكتابة عن يوم المرأة العالمي لهذا العام. فالمناسبة المهمة تحوّلت في عالمنا العربي الى كرنفال اعلامي وسياسي بامتياز.

 اذ تحدثت وسائل الاعلام العربية والعالمية عن دور المرأة في عالمنا الذي يشهد ثورات تاريخية من المحيط الى الخليج.

وبصراحة، لم يرق لي هذا الكرنفال. فتصريحات رجال السياسة والقادة اللبنانيين والعرب تناقض ما يحدث على ارض الواقع. فالمرأة العربية اليوم تعيش كابوساً لا مثيل له.

 الامهات تُقتل على الحواجز الاسرائيلية في فلسطين، وتنتظر ساعات وساعات لتدخل الضفة الغربية تحت ضغط مريب من قبل قوات الاحتلال العنصريّة التي تُنكّل بالمواطن الفلسطيني، وتجرح كرامة المرأة المناضلة في كل دار.

المرأة في السعودية ليست بأفضل حال. فالسلطات السعودية تمنعها من قيادة السيارة، بالرغم من الاصلاحات المهمة التي اعلن عنها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز.

المرأة في لبنان "تُغرّد" في ضياع، كعاصفة في فنجان، في ما نرى اللوحات الاعلانية تمتلىء بأجساد عارية حوّلت الانثى الى سلعة رخيصة، تجميلية و استهلاكية.

المرأة في لبنان غائبة عن السمع، الا اذا شغلت "منصب" ارملة او ابنة او زوجة زعيم سياسي او قيادي او ارستقراطي او امير طائفة.

المرأة في السودان والصومال ما زالت تعاني الامريّن. تعيش في مجتمع قبلي يرفضها ويدفنها بلحمها ودمها، ويذمّها ويغتصب كرامتها.

المرأة في سوريا تُقتل كل يوم. الامهات تنتظر جثث اطفالها واولادها القتلى على يد النظام الفاشي الذي يقمع شعبه كل يوم في سبيل الحفاظ على الكراسي وعلى لغة العنف والدكتاتورية.

المرأة في مصر بالرغم من دورها الريادي في الثورة التي اطاحت بنظام المخلوع حسني مبارك، الا ان المجلس العسكري يضيّق الخناق عليها، ويجبرها على الخضوع لاختبار كشف العذرية، ويمنعها من ممارسة واجبها الوطني في استكمال الثورة المباركة.

المرأة غائبة في كل العالم العربي عن البرلمانات وعن الحياة السياسية، بغض النظر عن "انجازات" قلّة من السيدات "الارستقراطيات" الغارقات في حملاتهن ّالاعلانية عن انجازاتهنّ "الفاجرة" واعمالهنّ الخيرية "فقط" على عدسات الكاميرا...

اعتقد انه يتعين على الرجل العربي اليوم ان ينتفض قبل المرأة. وان يتقدّم التظاهرات والاعتصامات ليطالب قبل غيره بحقوق المرأة وان يعيدها الى الواجهة.

لا لتراجع مكانة المرأة في عالمنا، فالثورات العربية لا بد لها من ان تخلق واقعاً جديداً، وتؤسس لارضية جديدة تغيّر في الذهنيات وفي ثقافة النظرة الى المرأة.

ما المانع لو دخلت المرأة برلماناتنا وحكوماتنا، فتلعب دورها كما يجب في مجتمعاتنا الذكورية الجاهلية. فالمرأة قادرة بعيدا عن لغة المنزل وثقافة الفراش على احداث تغييراً كبيراً .

فلنعمل على مساعدة المرأة العربية الى الوصول لاعلى المستويات والمراكز، ولنتخلى عن عقد النقص التاريحية والنفسية، ولنفسح لها بالمجال لكي تعبر عن نفسها وتنطلق.

يوم المرأة العالمي، يجب ان يكون كلّ يوم، لا ان نحتفل به صوريّاً وسط تقهقر غير مسبوق... نعم ... المرأة قادرة على كل شيء... انها نصف المجتمع... فلنعطها حقّها بدل التلهّي بالمؤتمرات والتصريحات البائدة...
سلمان العنداري ... SA

الاثنين، 5 مارس 2012

المسيحيّون ... وزمن الصوم الصعب...


زمن الصوم ... ودرب الجلجلة الطويل

احتفل المسيحيون قبل اسبوعين باثنين الرماد الذي يرمز الى بداية زمن الصوم. توجّهوا الى الكنائس في كلّ مكان، وحضروا القداديس ورتّلوا معاً، حيث رُسمت على جباههم اشارة الصليب من الرماد تذكيراً بأنهم رماد الى رماد وتراب من تراب، وبأن الانسان من التراب والى التراب يعود.

وزمن الصوم المسيحي يشير الى التوبة، اذ يتوجب على المسيحيين التخلي عن الامور المادية والدنيوية. فالنبي دانيال في سفره في الكتاب المقدّس تحدّث عن الصوم باعتباره تعبيراً عن محبّة المؤمن للّه ورغبته في التقرّب منه والخضوع لسلطاته.

 وفي العهد الجديد كان للصوم مكانة مهمة في تأكيد علاقة المسيحي مع الله، وقد التزم به رسل المسيح والمؤمنون على مر تاريخ الكنسية منذ نشأتها وحتى يومنا بهذا التقليد تعبيراً عن ايمانهم الثابت بالسيد المسيح وقيامته.

فقبل عيد الفصح بـ46 يوماً، يبدأ المسيحيون صومهم المبارك، كتقليد كنسي وعمل ايماني يسبق ذكرى موت المسيح وقيامته. فمنهم من يقضي اسابيعاً من الصمت والصلاة والتعمّق في اكتشاف الجذور من خلال التأمل والتقشّف والصدق كعيش اختبار الاتحاد بالمسيح في موته وقيامته.

المسيحيون في المشرق العربي، بدأوا صيامهم، في وقت تمرّ فيه المنطقة بأكملها بأوضاع سياسية دقيقة وحسّاسة، على وقع الثورات والمتغيرات والقتل الذي يمارسه اكثر من نظام قرر مواجهة الشعب في محاولة لوقف الاحتجاجات المطالبة بالتغيير.

ووسط هذه الصورة، يخاف المسيحيون على مستقبلهم في هذه المنطقة، باعتبارهم اقليات مهجوسة تعيش في منطقة مسلمة بغالبيتها. فمن بيت لحم، مروراً بالاردن، ومن العراق وسوريا وصولاً الى لبنان ومصر، يسعى المسيحيون الى الصمود في ظلّ العواصف الاقليمية وضبابية المستقبل.

وهذا الخوف المصحوب بكثير من المبالغات في بعض الاحيان، يطلّ برأسه لدى فئة واسعة من المسيحيين في المنطقة. فتفجير كنسية سيدة النجاة والاعمال الارهابية التي قامت بها جماعات تكفيرية في العراق والتي ادت الى تهجير اكثر من 80% من المسحيين في بلاد ما بين النهرين، اضافةً الى ما حصل في القاهرة والاسكندرية قبل اشهر قليلة من مواجهات وسياسات كادت ان تُشعل نزاعاً طائفياً في مصر، تُعتبر بمثابة كابوس يلاحق هذه الجماعة الخائفة من المستقبل.

ويعتبر بعض المسيحيين ان سيطرة تيارات اسلامية على الحكم بعد سقوط الانظمة سيؤدي الى تهجيرهم واضطهادهم والبطش بهم، فيما يرى فريق اخر ان الامر غير صحيح وان مشاركتهم في هذه الثورة واجب واساسي لاعادة صياغة الخارطة السياسية للعالم العربي، وان اي نظام دكتاتوري لا يمكن ان يحميهم من القتل والتهجير او الاضطهاد.

وفي هذا الاطار، عقد في العاصمة اللبنانية بيروت قبل ايام مؤتمر بعنوان "ربيع العرب تحوّلات وانتظارات"، تحدّث فيه المطران بولس مطر، رئيس اساقفة بيروت للموارنة، اذ اعتبر ان "الربيع العربي الآتي هو بداية جديدة لن تعرف استقراراً سهلا"، داعياً الإسلاميّين الى التفكير "في نظام حكم يقرّ للمسيحيّين بالمكانة التي لهم في دنيا العرب"، مشدّداً على أنّ "المسيحيّين هم من نسيج هذه المنطقة، وهم فيها قبل الدعوة الإسلامية بستة قرون".

المسيحيون في الشرق الأوسط تعرّضوا في السنوات الماضية لكثير من الضغوطات ادت الى تصاعد مخاوفهم وهواجسهم، من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والعنف في العراق، وصولاً الى "التشدد الإسلامي" والأزمة الإقتصادية والانقسامات بين كنائس المنطقة، بالاضافة الى عدم الاستقرار السياسي والامني في لبنان.

ووفقا لإحصائيات حديثة، فإن المسيحيين كانوا يمثلون نحو 20% من سكان المنطقة قبل قرن، لكنهم الآن يمثلون 5% ولا تزال النسبة في انخفاض، ولم يعد عدد المسيحيين في الشرق الأوسط سوى 20 مليونا بينهم خمسة ملايين كاثوليكي من أصل اكثر من 356 مليون نسمة.

كما تشير دراسات نشرت العام الماضي ان نسبة المسيحيين انخفضت في تركيا من 20 % في أوائل القرن العشرين إلى 0.2% اليوم. كما يرى البعض أن نزوح المسيحيين من العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003 قد يؤدي إلى اختفائهم من العراق.

وبالحديث عن هذه المخاوف ناقش مجمّع "سينودس الاساقفة" الخاص بأساقفة الشرق الأوسط في مدينة الفاتيكان اواخر عام 2010، أسباب نزوح مسيحيي الشرق الأوسط ومدى تمتعهم بالحريات الدينية وسبل الوئام بين جيرانهم المسلمين. اذ حذروا من أن تناقص أعداد المسيحيين في الشرق الأوسط ونزوح الآلاف منهم تحت ضغط التوترات السياسية سوف يؤدي إلى اختفائهم.

بالمحصّلة، قد يكون زمن الصوم هذا مفصلي ورمزي وتاريخي لكل مسيحي في المنطقة، خاصة وان المستجدات المتسارعة من شأنها ان تقرر الصورة التي سترسو اليها الامور في العالم العربي. فهل يتخلّى المسيحيون عن مخاوفهم، وهل ستبقى هذه الهواجس قائمة، والى اي حد سيستمر هذا النزف، وتستمر معها الهجرة من المشرق العربي، وهل النظام العربي الجديد قادر على استيعاب المسيحيين واحتضانهم واحترام خصوصيتهم الثقافية والدينية، ام ان الامور ستدفع نحو مزيد من الاسئلة والمخاوف والتحديات، ليبقى درب الجلجلة مدجّج بالمصاعب والاحداث والآلام؟.

سلمان العنداري ... SA