الأربعاء، 29 فبراير 2012

لبنان يلعب موحّداً ... فمتى يتوحّد اللبنانيّون ؟



يقف لبنان اليوم امام استحقاق مصيري في تاريخه الرياضي. اذ يواجه المنتخب الاماراتي في كرة القدم على ملعب "ال نهيان" في نادي الوحدة في ابو ظبي، ضمن التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم الـ20 التي ستسضيفها البرازيل عام 2014.

اللبنانيون يأخذهم الحماس الى ابعد حدود. الأعلام والشعارات الوطنية ملأت الاحياء والازقة في كل المناطق. والرسائل القصيرة اجتاحت الهواتف المحمولة. وعلى موقع التويتر، تدفّقت آلاف التغريدات المُشجّعة للمنتخب الوطني. وكذلك الامر على موقع الفايسبوك حيث التعليقات والأغاني الحماسية التي تُطالب المنتخب الوطني بتحقيق الفوز الكاسح على نظيره الاماراتي.

الفرصة التاريخية امام منتخبنا الوطني قائمة لتحقيق الانجاز التاريخي. ففي حال التعادل مع الامارات او الفوز عليها، فان الحظوظ والفرص ستكون عالية لاجتياز المرحلة السادسة والاخيرة التي تسبق التأهّل الى نهائيات اضخم حدث رياضي على الاطلاق.

وبعيداً من انقساماتهم الداخلية، يلعب ابطال منتخب لبنان يداً بيد من اجل تحقيق الفوز وتأمين الانتصار ورفع اسم بلدهم عالياً في السماء. وكلمة حقّ تُقال، اذ يستحق كلّ لاعب من هؤلاء التصفيق الحاد والتقدير والاحترام. فلاعبو المنتخب اللبناني تفوّقوا على الطبقة السياسية التي تتقاتل وتتناحر منذ عقود وعقود بشراسة على المغانم والمكاسب والاموال الطائلة، طبعاً على حساب الشعب والمواطن المسكين وكرامته التي هُشّمت وتُركت لقدر ضائع بين السفارات واحزمة البؤس.

اللبنانيون غارقون في كراهية بعضهم البعض، وفي التقاتل الاعمى على الصفقات، في بلد يلهث في كومة من في الفقر والعوز واليأس والدمار، وفي دولة تحولت الى دويلة من شدّة الطائفية والمذهبية، ومن حدّة التآكل الذي اصاب كافة المؤسسات، ناهيك عن العقلية الزبائنية التي حوّلت المواطن الى سلعة تُباع وتُشرى على حلبة الصراعات الدامية.

لو يتوحّد اللبنانيون على كلّ القضايا الوطنية تماماً كما يفعلون اليوم. فكما صوّتوا لمغارة جعيتا، وكما فرحوا للانجاز العالمي الذي ناله الاديب امين معلوف، وكما احتفلوا ببيروت العام الماضي عندما اخيرت كواحدة من اجمل العواصم العالمية، فاللبناني مدعو اكثر من اي وقت مضى للتحلّي بروح المسؤولية الوطنية على كل الاصعدة والمستويات، ولمحاسبة من يسرق منه احلامه ويقتل فيه طموحاته ويزرع فيه الاحباط.

اضافةً الى ذلك فان اللبناني مدعو للتخلي عن عقليته البسيطة الطيبة، التي تسمح للقيادات السياسية باستغلاله بالشعارات الطائفية والمذهبية البغيضة، وبالتالي فما المانع من ان يتحلّى اللبناني بهذه الوطنية طوال الوقت؟، ولماذا لا نقاتل بشراسة كل يوم لمصلحة لبنان وشعبه، بدل تعميق الانقسام الهوة بين ابناء الوطن الواحد؟.

وفي رسالة لافتة ومعبّرة تبادلها الالاف على اجهزة "البلاكبيري" تقول: "لبنان كلّه يلعب اليوم، يتوحّد عمر مع علي وطوني مع وليد، ويهتف ابن طريق الجديدة الى ابن الجنوب، وابن بعلبك الى ابن الشمال، اليوم سننسى جميع مذهبنا ويصبح مذهبنا الوحيد هو المذهب اللبناني ولعيونك يا منتخب".

على كل حال، يحق للبناني ان يفرح بانتصار المنتخب الوطني، يحٌق لنا ان ننسى آلامنا واحزاننا ومشاكلنا اليومية للحظة واحدة، وان نشعر بفخر حقيقي باننا ابناء هذا البلد. يحقّ لنا ان لا ننظر الى الوراء، ان لا نعود الى واقعنا البائس الذي يغرقنا كل يوم بمزيد من المستحيلات والصعوبات. يحقّ لنا ان نكون على مستوى راق من المسؤولية، وعلى قدر كبير من حبّنا لوطننا ولمصالحنا العليا.

وعلى وقع الحماسة الشديدة، والروح الوطنية "الضاربة" التي اصابت "الشعب" والدولة التي وعدت اللاعبين بمكافآت لم تُصرف بعد، يقول كل الشعب اللبناني بصوت واحد: "قلوبنا معكم يا مجد العز يا ابطال الارز. هذا وقت الارز انها ساعة الوطن لانه عندما تطلب الارزة الدعاء فالكلّ معك يا لبنان".

سلمان العنداري ... SA




الثلاثاء، 28 فبراير 2012

هل ينتظر المجتمع الدولي ان يقتل ثلثا الشعب السوري ليتدخل؟


سوريا ... المجزرة مستمرة .. (الصورة لـ ا ف ب ) ..

لا شك ان تصريحات وزيرة الخارجية الاميركية الاخيرة تجاه الاحداث الدائرة في سوريا، عكست الكثير من الاجواء الضبابية حول مستقبل الثورة والنظام على حدّ سواء، على وقع المجازر اليومية المستمرة التي يرتكبها النظام السوري بقيادة بشّار الاسد.

كلينتون التي اعتبرت ان "كل مخاطر نشوب حرب اهلية في سوريا قائمة"، رأت ان "التدخل الاجنبي لن يمنع ذلك، حتى انه سيعجّل في ذلك على الارجح"، رغم تأكيدها على ان بلادها تحاول ما بوسعها لدعم المعارضة السورية.

وعلى ما يبدو، فإن هواجس الغرب من القاعدة، ومن التطرّف الاسلامي بدت جليّة في مواقف رئيسة الدبلوماسية الاميركية التي بدت وكأنها "مذعورة" من الهوية الحقيقية للمعارضة السورية. لينزل كلامها برداً وسلاماً على داعمي النظام السوري في المنطقة.

وعلى وقع ما قالته وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في تصريحاتها الاخيرة، يستغرب مصدر سياسي في قوى 14 آذار هذا التراجع في المواقف الدولية تجاه الثورة السورية وجرائم الأسد، ويسأل: "اليس من الافضل لهذه الدول ان تتحرّك وان تضع حدّاً للقتل الرخيص في سوريا، ان عبر التدخل العسكري او عبر اي وسيلة اخرى من شأنها وقف اراقة الدماء، بدل التلهّي بخطابات وتصريحات مبنية على اوهام وهواجس ومخاوف غير مبنية على أسس واضحة ومتينة؟".

ويذهب المصدر السياسي بعيداّ في كلامه، مطالباً بالحسم العسكري في سوريا، وبتسليح المعارضة، تماماً كما حصل في لبيبا، "فلولا ذلك التدخل لكان معمر القذافي لا يزال يسفك الدماء، ونحن نعلم ان الثوار في سوريا يقاتلون باللحم الحي ومن بعض الاسلحة الفردية التي حملها المنشقون من شبيحة الاسد وبالتالي فالجيش السوري لم يقف بأكثريته وقيادته الى جانب الشعب مثل ما حصل في مصر او تونس".

ويضيف: "هل ينتظر المجتمع الدولي ان يقتل ثلثا الشعب السوري ليتدخل، ام ان هناك من ينتظر حرب اهلية في سورية، ولماذا هذا التراجع فيما روسيا وايران تدعمان النظام علنا بالمال والسلاح والبوارج، بينما لا نجد ان غالبية دول العالم التي ايدت الشعب السوري في ثورته، لم تحرك ساكنا اتجاهه فهل تكفي المواقف فقط؟".

ويؤكد المصدر "ان حركة الشعوب تسير الى الامام وهذا مسار الثورات ومدينة حمص صمدت بوجه الدبابات واستبسلت كما قال وليد جنبلاط مثل ستالينغراد فلينتبه الروس الى هذه المسألة واتمنى على الشعب الروسي ان يضغط على حكومته لتقف الى جانب الشعب السوري وليس الى جانب النظام لان لروسيا تاريخ من المواقف المشرفة ومصلحتها مع الشعب وليس مع نظام آيل الى السقوط في وقت قريب"، متمنياً أيضاً على الشعب الصيني "الوقوف مع الشعب السوري وليس مع النظام والضغط على الحكومة الصينية لإتخاذ مواقف مشرفة".

ويؤكد المصدر ان "مصير النظام السوري هو السقوط مهما كانت مواقف الخارج"، مطالباً " بوقفة ضمير من المجتمع الدولي ومن الدول العربية ومن الاحرار في هذا العالم الى جانب الشعب السوري الذي يتعرض لابشع المجازر اليومية على يد بشار الاسد وزمرته وشبيحته ومرتزقته من سوريا ومن خارج سوريا".

وعن المخاوف من التطرف قال: "المجتمع المسيحي هو جزء من النسيج السوري في مختلف تلاوينه ومذاهبه وطوائفه، ولا خوف عليهم الى جانب اخوانهم من مختلف الطوائف من الذين انتفضوا ضد النظام وزمرته، وهم قادوا في تاريخهم الكثير من الثورات ضد الظلم والاستبداد، واكاد اجزم ان لا مصلحة لهم الى جانب النظام الذي يستخدم اسوا الاساليب للضغط على الاقليات وجعلهم اكياس رمل بوجه اخوانهم في الوطن السوري الذي نريده ان يتعافى في اسرع وقت بعيداً عن هذا النظام المتوحش الذي لا يختلف بإجرامه عن الكيان الصهيوني لأنهما وجهان لعملة واحدة وندائي الى مسيحيي سوريا بأن ينخرطوا اكثر مع الشعب السوري".

وعن الموقف السعودي من النظام السوري يرى المصدر ان "ما قالته الرياض جاء مشرّفاً وواضحا ووضع النقاط على الحروف ولا بد من حسم الوضع في سوريا وهذا هو الحل مع النظام الاسدي لأنه لا يجوز ان تتحكم بعض مصالح الدول بحياة مئات الآلاف من المواطنين الابرياء، وفي الواقعية السياسية ان ما حصل في مؤتمر اصدقاء سوريا في تونس لا يلبي طموحات الشعب السوري ولا ينسجم مع ظاهرة الربيع العربي التي بدأت شرارتها من تونس، والحل هو بتبني الموقف السعودي".

ويضيف: " لا بد من الضغط بإتجاه الدول الغربية لا سيما بإتجاه اميركا وفرنسا لتبني خيارات حاسمة وعدم مهادنة النظام السوري خاصة وان الولايات المتحدة غير مقتنعة حتى اللحظة بتغيير النظام انسجاما مع عدم قناعة اسرائيل بهذا الامر والتي تريد ضمانات واضحة بشأن الجولان، من هنا يجب تكثيف الجهود والضغوطات لانقاذ الشعب السوري عبر تسليح الثوّار والتدخل العسكري لتحقيق الاهداف وتغيير هذا النظام البعثي الحاقد".

ومن جهة اخرى، يبدي المصدر قلقه الكبير من امكانية تدحرج الوضع الامني في لبنان " لأن النظام السوري يحاول ان يلعب كل اوراقه، واعتقد ان له خلايا نائمة في لبنان وهي خلايا ارهابية غب الطلب يستخدمها النظام كما استخدمها في سوريا وكما استخدمها سابقا في لبنان مع شاكر العبسي وغيره من ودائع ذلك النظام، وهناك قلق ايضا من بعض اتباع سوريا في لبنان والاحزاب الملحقة بالنظام والتي فقدت دورها بعد خروج سوريا من لبنان فليس غريبا ان تستفيق نزعة الانتقام والاغتيالات والتصفيات من جديد، والعمل على تخريب الوضع الامني والدخول في الفوضى".

ويضيف: "ولكن هذا الامر لن يخرب الوضع الامني لأن الجيش والاجهزة الامنية تسهر على الامن ولن تسمح لاي طرف بالعودة في الموضوع الامني الى الوراء وهي تدرك تماما ان قبضتها الامنية يجب ان تطال كل المناطق اللبنانية وبالتالي فلا مصلحة لاي طرف من تخريب الوضع الامني وخصوصا حزب الله الذي يحتاج اليوم اكثر من اي وقت مضى الى ضمانات داخلية والى حوار جدي مع اللبنانيين كافة".

سلمان العنداري ... SA

الاثنين، 27 فبراير 2012

ابن كمال جنبلاط ... ومعركة "كسر العضم" بمواجهة النظام السوري


وليد جنبلاط يعلن الحرب على النظام السوري ... 


تستمر مواقف رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط بالتصاعد يوماً بعد يوم ضد النظام السوري الذي يرأسه بشار الاسد. فالبيك الذي خاصم وصالح النظام الذي قتل والده الشهيد كمال جنبلاط عام 1977 لاكثر من مرة، وصل الى مرحلة اللاعودة في انتقاد الوحشية التي يمارسها الاسد الابن ضد شعبه، من قمع وقتل وارتكاب لمجازر يومية تنتهك حقوق الانسان، وتفضح طريقة تعاطي "البعث السوري" مع اصوات الناس المطالبة بالتغيير والكرامة.

وفي هذا الاطار كان لي حديث منذ ايام الى النائب انطوان سعد، المعروف بقربه من رئيس التقدّمي، بالرغم من الانشقاق النيابي الذي خلّفه تأييد جنبلاط لحكومة ما يسمّى "بالقمصان السود" قبل اكثر من عام، عندما سقطت حكومة الرئيس سعد الحريري، نجل الشهيد رفيق الحريري الذي قُتل بعبوة ضخمة وسط بيروت عام 2005.

يقول سعد ان النائب وليد جنبلاط هو قبل كل شيء ابن الشهيد كمال جنبلاط الذي استشهد دفاعا عن القضية الفلسطينية وعن الحريات وعن تمسكه برفض الدخول في السجن العربي الكبير يوم حاول النظام السوري انذاك اخضاع كمال جنبلاط، ومواقفه اليوم هي امتداد لإرث والده ولمبادىء حزبه ولا يمكن أن يسمح في لحظة حساسة واستثنائية أن يسجل التاريخ وقفة غير منطقية وخارج سياقها النضالي على قامة وطنية كبرى بحجم وليد جنبلاط، يعرف ما معنى الثورات والحريات.

ليس غريبا أن نجد وليد جنبلاط على رأس التظاهرة التي حصلت قبل ايام في ساحة الشهيد سمير قصير، لأن هذا الموقع الطبيعي له وهذا هو تاريخه، في الوقوف الى جانب الشعوب المقهورة والمضطهدة لا سيما الشعب السوري الذي يدفع فاتورة عقود من الظلام والديكتاتوريات. يقول النائب سعد.

ومن المعروف ان النائب وليد جنبلاط كان دائما الى جانب الشعوب وحريتها وليس الى جانب الانظمة، وهذا ما لوحظ من خلال مواقفه الداعمة لكل الثورات العربية دون استثناء أو استنسابية، والتصعيد الكبير في مواقفه الأخيرة ضد النظام السوري وشبيحته ومرتزقته أتت بعد ان وصلت الامور الى مرحلة لم تعد تحتمل في ظل آلة القتل المتصاعدة من نظام الأسد والتي لا تميز بين طفل او شاب او نساء او شيوخ، بل تدك المدن والقرى بالمدفعية والدبابات وترتكب ابشع المجازر اليومية.

مواقف جنبلاط من النظام السوري غير مرتبطة بمواقفه من الحكومة، يشدد نائب البقاع الغربي على هذا الموقف، مشيراً الى ان "جنبلاط ليس بوارد فرط عقد الحكومة او الانسحاب منها، فهو كما يبدو حريص على العلاقة مع الرئيس نبيه بري بالدرجة الاولى وحريص على التواصل مع حزب الله، ولا أظن أنه حريص على علاقته بالنائب ميشال عون، ولكن ليس بالضرورة أن يكون جنبلاط منخرطاً في تحالف مع اطراف 8 آذار في الحكومة، فهو من موقعه المتمايز لا يريد أن يكون على علاقة مع حزب الله وبري على حساب تيار المستقبل، مثلما رفض بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري ان يكون مع تيار المستقبل وقوى 14 آذار ضد حزب الله وبري، لأنه يريد أن يبقي الباب مفتوحاً للحوار والتلاقي وان لا يقع لبنان في المحظور".

والنائب جنبلاط يعتقد أن بقاء الحكومة في هذه المرحلة الدقيقة افضل من عدم وجودها، طالما أن الامور لم تنضج بعد لقيام حكومة اخرى، رغم القناعة الراسخة بأن هذه الحكومة غير منتجة وغير مجدية وهي تنأى بنفسها عما يجري في المحيط العربي لأن الغلبة فيها لحزب الله، فهو باق في هذه الحكومة على الرغم من التناقضات الكبيرة في داخلها لا سيما في ظل عدم وجود اي انسجام مع وزراء العماد ميشال عون.

سعد النائب المعارض للنظام السوري، وعضو قوى الرابع عشر من اذار، يعتبر ان النائب وليد جنبلاط يلتقي مع قوى 14 آذار في كثير من المواقف والعناوين السياسية لا سيما في الموضوع السوري والأخطار التي تتهدد لبنان على المستوى الامني، وهو متقدم في هذا الموضوع لأنه مع خيار الشعوب، وبالتالي فنظرته الى الربيع العربي تحاكي نظرة قوى 14 آذار، وتتلاقى معه في النظرة الى الامتداد العربي، وهو حريص على المؤسسسات وعلى فكرة الدولة والشرعية والنظام الديمقراطي.

لا يظنن احد ان وليد جنبلاط بعيد عن نهج وثوابت 14 آذار الوطنية، يقول سعد "فهو كان احد اعمدة 14 آذار وركن اساسي من اركانها، فيما علاقته بالاكثرية الحالية هي علاقة اقتضتها اللحظة السياسية آنذاك وبالتالي فهو شريك في هذه الحكومة وعلى علاقة جيدة مع بعض اطرافها، ولكن ليس على حساب قوى 14 آذار".

سلمان العنداري ... SA

الخميس، 23 فبراير 2012

ريو دي جانيرو ... حيث الاثارة والرقص المجنون!!


 رقص، اثارة، فرح، موسيقى صاخبة، اجسام سمراء تتمايل وسط الاضواء... جمهور متلهّف لاداء لا مثيل له في الشوارع والاحياء... انه مهرجان الريو دي جانيرو السنوي للرقص.

عروض مدارس السامبا في المدينة الرائعة اشعلت حماس الملايين ومئات الالاف الذي شاهدوا على مدى ايام اروع الرقصات واكثرها اثارة على الاطلاق، على وقع الالعاب النارية وقرع مئات الطبول.

تلفزيونات العالم بأسره نقلت الحدث العالمي الشهير، واستطاع مئات ملايين المشاهدين من حول العالم مشاهدة اروع العروض على الهواء مباشرةً، او على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

ومهرجان الريو دي جانيرو يحتفل به البرازيليون كل عام، اذ يُعتبر واحداً من اكبر مهرجانات الرقص في العالم. ومن الصغر كنت أتابع بشغف التقارير الاخبارية التي تغطي هذا المهرجان، وبتّ منجذباً بالفعل الى هذا النوع من الفنّ المثير والجذّاب بأضوائه وقدرته على جمع الملايين حول العالم.

ودرجت العادة ان تقوم سبع من اصل 13 مدرسة سامبا من ريو بعروضها مع ملابسها الرائعة والآلات الايقاعية الصاخبة والعربات الضخمة والراقصات شبه العاريات المعروفات باسم "باسيستا" خلال فترة متقدّمة من الليل. اذ قدمت المدارس عروضها على "جسر السامبا" أي جادة سامبودرومو الممتدة على 700 متر والتي تتسع مدرجاتها في الهواء الطلق لحوالي 72500 ألف شخص فضلا عن مقصورات فخمة كتلك التي تابعت منها النجمة العالمية جينيفير لوبيز العروض.

 ودشنت جادة سامبودرومو التي صمّمها المهندس المعماري البرازيلي اوسكار نيميير البالغ الان 104 سنوات العام 1984، وخضعت في الفترة الاخيرة لعمليات تحديث وتوسيع ليضاف اليها 12500 مقعد ومسالك للمعوقين ومصاعد كهربائية، وقد تم تحسين الاضاءة والصوت فيها.  

واختارت المدارس الـ 13 في عروضها مواضيع متنوعة من تكريم لمنطقة الشمال الشرقي الفقيرة ولرسامين وكتاب وموسيقيين برازيليين. وتتنافس هذه المدارس على لقب "بطلة الكرنفال" في مسابقة يتابعها البرازيليون بالشغف نفسه الذي يخصصونه لمباريات كرة القدم الكبيرة.

وتضم كل مدرسة سامبا بين ثلاثة الاف وخمسة الاف راقص يأتون خصوصاً من مدن الصفيح الفقيرة. وقد أنفقت المدارس حتى خمسة ملايين دولار على تحضيرات العروض.

 وكان الكرنفال الشعبي قد اجتاح الشوارع فاستقطب عرض "كورداوي دا يولا بريتا" اكثر من مليوني محتفل في جادة ريو برانكو في قلب المدينة، فغنّوا ورقصوا على انغام السامبا في مدينة باتت اكثر امناً مع سيطرة القوى الامنية على االاوضاع الامنية، خاصة وان المدن البرازيلية تشتهر بفلتان الامن فيها من ناحية السرقات وارتفاع معدلات الجرائم وتعاطي المخدرات.

 وقد نشر نحو 12 ألف شرطي لضمان الامن في ريو دي جانيرو التي اختيرت لاستضافة دورة الألعاب الاولمبية في العام 2016.

وبعد ايام من الرقص المثير، فازت مدرسة السامبا "أونيدوس دا تيجوكا" بلقب "بطلة" كرنفال ريو دي جانيرو بفضل الاستعراض الذى كرّم المغني والمؤلف الموسيقي الشعبي لويس جونزاجا "ملك الباياو" وهو الإيقاع التقليدي في شمال شرق البرازيل الفقير.
وفي قرار كانت تنتظره بترقب شديد المدينة بأسرها، كافأت لجنة التحكيم للمرة الثالثة في تاريخها هذه المدرسة التي تحمل اللونين الأصفر والأزرق والتي تأسست العام 1931. ويُذكر ان 13 مدرسة سامبا تنافست على اللقب، من بينها ست تمحورت عروضها على شمال شرق البلاد.

كم جميل هذا التوع من الفنّ الذي يُوحّد الناس بمختلف طبقاتهم الاجتماعية والاقتصادية. فهل تتخيّلون معي عالم فرح يرقص ويضحك على وقع الازمات، فيحوّل الحقد ومشاعر البغض الى برد وسلام؟.

انه سحر السامبا المثير... فهيّا نرقص السامبا ...
سلمان العنداري ... SA





رسالة وجدانية ... الى عمّان

عمّان وانا ... قصّة طويلة ...

ألف حكاية وحكاية تختبىء في احياء عمّان وازقّتها وتلالها الدافئة... تراها تبحث عن امل، وتغرّد في صباح بارد على وقع ازمة السير في دوائرها وتعرّجاتها.

 سرّ ما يكتنف هذه المدينة، وشعور بالتعلّق الشديد بكل ذكرى وعبرة وقصّة يكاد لا يتركك. دفء يعبق في خفايا وزوايا شوارعها، وهمسات ونسمات برد ودفء تمتزج بأفكار لا تنام...

قد يصعب الكلام عن عمّان العريقة، الانيقة بأحيائها وشعبها وناسها، والمتألّقة بتراثها ورونقها وطابعها الخاص. فهذه المدينة المميزة، تحتفظ بتألّق مختلف كلّ الاختلاف عن اي مدينة عربية. فالتلال التي تحصّنها، والدفء الذي يحيط بها، يبعث على الامل والامان، ويُشعرك بأنك محتضن وسط عائلة صغيرة تشاركك كل اللحظات، الحميمة منها والقاسية، السعيدة منها والحزينة.

واذا كانت السيدة فيروز قد قالت عن بيروت بأنها اشبه بوجه بحّار حزين، فعمّان قبل المساء، وعند ساعات الغروب، تًشبه فتاةً هاربة من غربة الى اخرى، تتنقل من ذكرى الى اخرى، تحاصرها الاماكن في كلّ مكان، وتلاحقها غربة مُسرعة، وعيون لامعة ودامعة.

عمّان دخلت قلبي بسرعة البرق دون استئذان. صادقتها وفهمت مكنوناتها وهواجسها ومخاوفها، وحفظت تفاصيلها وتكاوين وجهها ووجهة نظرها، وتعلّقت بيومياتها السعيدة، الحزينة، والشاحبة. وذُهلت بغموضها بين الفينة والاخرى.

 عندما زرت هذه المدنية للمرة الاولى، كان الانطباع الاول مغاير للحقيقة بالرغم من قربه الى الواقع، اذ قلت لصديق لي ان عاصمتكم حزينة وهادئة وخافتة، الا ان التعمّق بوجه عمّان الرائعة دفعني لاكتشافها عن قرب...

باختصار، لقد أحببت عمّان ووقعت في حبّها من خلال اصدقائي الاعزّاء، ووجوههم الطيبة الجميلة، الراقية والمضيافة. فأهل هذا البلد عكسوا الصورة الحقيقية للاردن. اصدقاء لا بل رفاق درب واكثر، تشاركت واياهم المشاكل والصراعات التي نعانيها كشباب عربي، وهي المشاكل عينها التي يتخبّط بها لبنان، من فساد وإفساد، وصولاً الى صوت الواسطة التي لا يعلو فوقه شعار.

وبينما تندثر طموحاتنا وتتكسر على وقع وحشية الحياة بين بيروت وعمّان، الا ان ارادتنا ايضاً وحّدتنا، وها هي تدفعنا للمضي قدماً في احلامنا مهما كلّف الامر، ومهما كان الثمن باهظاً...

 وكما تبحث عمّان وبيروت عن هويات ضائعة، هكذا نحن. بين الازقّة والشوارع والتلال، وبين سيارات الاجرة وزحمة السير، والهموم الاقتصادية والاجتماعية، والضغوط السياسية، نبحث عن انفسنا في امكنة وكومة اوراق وذكريات.

هكذا تبادلنا الامكنة... كلّ منّا في مكان، غارق في ذكرى موحشة وفي ابتسامة حزينة... هكذا تعانقنا وبكينا وتبادلنا نظرات قاتلة تحت المطر، وتحت الشمس، وفي الزمهرير البارد... هكذا تحوّلت عمّان الى قطعة منّي، الى جزء لا يتجزّأ من هوية ابحث عنها منذ زمن، تلك المدينة التي اكتشفت انها الاقرب الى بيروت ...

عمّان واسعة الصدر، وطيبة القلب، ودافئة المشاعر، وصاحبة الاحساس الراقي، تماماً كأهلها وشبابها وشاباتها، تماماً كوجوه ناسها فيها التي تضحك للأمل.

تبادلنا الامكنة. انا وعمّان، فأصبحت ذكراها في كلّ مكان، واضحت بيروت صديقة شوارعها، بين الحمرا والراينبو زرعنا الذكريات، ورسمنا دمعة وابتسامة في كل شارع وكل زاوية وجبل، وعلى كل تلّة وحيّ... أحبّك عمّان... وأقولها لك اليوم، كما وانه لم يتسنّى لي الوقت الكافي لأقول لك شكراً على ضيافتك واستقبالك وحبّك ودفئك وقربك الى قلبي... شكراً عمّان، شكراً لكم...

سلمان العنداري ... SA

الاثنين، 20 فبراير 2012

الصورة عندما تتكلّم وتحارب التطرّف... بعدسة هدى حجازي...

هدى حجازي ... الصورة الثائرة ... 


عدستها تتكلم، تتراقص بخفّة كفراشة حائرة تريد ان تحطّ على يد زهرة... عدسة بلون الورد ورائحة الزنبق، بطعم البارود وصوت المدفع، عدسة تعرف نفسها وتبحث عن هويتها... انه التصوير الفوتوغرافي بعين ابنة طرابلس هدى حجازي...



الصورة بعدسة هدى حجازي تتحدّث بطلاقة، وتكشف خبايا مجتمع، وهوية مدينة ضائعة بتفاصيلها، غارقة بيوميات شعبها، ومتألقة بأسواقها المزدحمة بالناس... تُفتّش عن الحقيقة، وتلتقط لحظات لا تنسى من قلب عاصمة الشمال.

درست هدى الراديو والتلفزيون في جامعة "الجنان" في طرابلس، وكانت تهوى الكتابة لتعبّر عن نفسها وعن افكارها وتطلعاتها، لتنقل ما تراه من مشاكل وهموم الشارع الطرابلسي الشمالي، الا ان مشاركتها في احدى ورش العمل عن فن التصوير الفوتوغرافي، قلبت حياتها رأساّ على عقب، وغيّرت في طبيعة اهتماماتها للأمور، فعشقت "الكاميرا" و"تاهت" في كل مكان تلتقط الصور على طريقتها.

تقول هدى: "الصورة تعبّر عن شخصيتي، وطريقة تفكيري ونظرتي للأمور، حتى باتت هواية التصوير الفوتوغرافي اشبه بدفتر يوميات، أؤرّخ فيه ما لا يُحكى عن طرابلس والشمال، وما لا يُقال عن الناس ومعاناتها، خاصة وانه للصورة تأثير كبير يتعدى في كثير من الأحيان ما يكتبه كبار الكتّاب والمحللين السياسيين في كبريات الصحف والمنابر الاعلامية".

تحب ابنة طرابلس تصوير "البورتريه" ووجوه الناس المتعبة في طرابلس، خاصة وان اسواق هذه المدينة مليئة بالحزن والفرح، بالحب والاحباط، بمشاعر الفقراء وعطر الاغنياء، حتى ان اسواقها تتكلم الف قصة وقصة، وادراج البيوت العتيقة تحكي بصمت عن تاريخ وذكرى، واصوات القدماء في القلاع والاماكن الاثرية، تتراقص بخيالاتها على جدران منسيّة ارهقها التعب.

تبحث هدى في كل صورة عن قصّة، تهرول نحو شجرة قديمة، تلاحق فراشة هاربة في بستان، تسدل اشعة الشمس من نوافذ البيوت وتصوّرها... تلتقط اللحظة، وتؤرخها، فتنشرها على صفحتها الخاصة على الفايسبوك لتتشارك مع اصدقائها بالقصص التي جمعتها.

تنتقل هدى من مكان الى آخر برفقة "كاميرتها الحرّة". من صوفر حيث الفنادق القديمة والمناظر الطبيعية الخلّابة التي تطلّ على وادي لامارتين، مروراً بجزين وشلالاتها وسلامها، وصولاً الى الدامور وزحلة وبيروت، من دون ان ننسى طرابلس من باب التبانة وجبل محسن، مروراً بسوق الصاغة والنحّاسين وخان الصابون، وسوق الخياطين، والدرج الكبير، والقلعة القديمة... 

ومنذ اشهر قليلة اكتشفت جمعية "اكروس ليميت" الدولية موهبة هدى في التصوير عندما كانت تشارك في ورشة عمل في جزيرة مالطا، حيث طلبت منها الجمعية تصوير الحياة الليلية للجزيرة... قامت هدى بعمل رائع، وصوّرت انعكاسات مالطا بين المياه واليابسة والسماء، وسط روعة الاضواء وحنكة في رسم الشخصيات ونحت القصص، فحوّلت الجزيرة الى فتاة عاشقة تبحث عن ذاتها، وعن حبّها القديم، بين عجقة الاضواء ووحشة الليل. 

والاهم من كل هذا، فقد تمّ اعتماد صورها على "الروزنامة السنوية الرسمية" لجزيرة مالطا، التي تمّ توزيعها حول العالم. بعد اختيار افضل 12 صورة التقطتها الشابة اللبنانية للجزيرة.

تسعى هدى الى تطوير عملها والى صقل هوايتها في التصوير الفوتوغرافي، حيث تقوم بجلسات تصوير يومية للأماكن التاريخية في لبنان، وتصوّر "القصص من زاوية جديدة" تخدم قضايا الحوار والذاكرة الجماعية والوحدة الوطنية.


واذا كان البعض في "طرابلس المجنونة" يحارب بالسلاح، وبقذائف الانيرغا التي تطلق بين الفينة والأخرى بين باب التبانة وجبل محسن، فإن هدى تحمل كاميراتها، وتقرصن اللحظات، وتسعى الى ترسيخ الوحدة الوطنية والعيش المشترك بين ابناء هذه المدينة، لتقول للعالم اجمع، ان طرابلس مدينة للسلام والمحبّة، ولم تكن يوماً معقلاً للتعصّب والتطرف والحقد".

تشدد هدى على انها ستثبت للجميع ان "طرابلس مدينة التلاقي والحوار والسعادة والفرح والسلام والحوار بين اهلها، وليس كما يشاع ويقال عن انها غارقة في الخلافات المذهبية الحادة بين كل من السّنة و العلويين.

طرابلس جميلة، بريئة، مُحبة ومحبوبة، هادئة وصاخبة، فيها كل اشكال الحياة، بين تلة وأخرى، وبستان وبستان، هي منبر للحوار ومكان حقيقي للتلاقي بين كل افرقاء المجتمع... نعم! القلب على الشمال، وما عليكم سوى زيارة طرابلس عبر صور هدى الرائعة والساحرة.

وقبل مغادرة طرابلس، تؤكد هدى ان قضيتها الاساسية من التصوير تهدف الى تعزيز الحوار بين كل فئات المجتمع، اضافةً الى اظهار الصورة الجمالية في كل الحقائق والصور، ومحاربة العنف والتعصّب، مشيرةً الى انها تحضّر لتصوير سلسلة جديدة تحت عنوان "الوجه الآخر لباب التبانة وجبل محسن"...







سلمان العنداري ... SA

السبت، 18 فبراير 2012

هل استغلّت قوى 14 اذار ذكرى استشهاد الرئيس الحريري؟...

هل صحيح ان 14 اذار تستغل دماء الحريري؟ ...

تحدثت منذ يومين مع نائب من تكتل التغيير والاصلاح، وهو نائب "صديق" يكاد يقول كل شيء لدى سؤاله عن رأيه في قضية معينة. والنائب المذكور والمعروف بصراحته، ابدى استيائه الكبير من المواقف الاخيرة التي خرجت بها قوى الرابع عشر من اذار في احتفال البيال في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، اذ اعتبر انها "تؤكد تبعية هذه القوى للادارة الاميركية التي تملي عليها ارادتها، فأتى اللقاء بحضور السفيرة الاميركية فوق العادة التي جلست في المقاعد الامامية واستمعت بعمق لما قيل".
ان قوى 14 اذار بالنسبة للنائب "العوني" استغلت ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، فلم تأت على ذكره في الاحتفال، فأطلقت المواقف السياسية العالية النبرة، التي ركّزت على الهجوم علينا وعلى النظام السوري، تنفيذاً لاجندات اميركية وخارجية لا اكثر ولا اقل.
والاكثر من ذلك، فان قوى 14 اذار باعت شعار لبنان اولا،وباتت اليوم تقحم نفسها في قضايا اخرى خارجية، فقررت على ما يبدو التدخل بالشأن السوري عبر دعم الاحداث الحاصلة في سوريا وما يسمى بقوى المعارضة في الخارج، وبالتالي فان ما شهدناه قبل ايام في قاعة البيال امر مفضوح يشير الى عمق ازمة هذا الفريق والى تخبذطه وابتعاده عن الملفات التي تهم المواطن اللبناني.
واتّهم النائب نفسه، القوى نفسها بالاطاحة بسياسة النأي بالنفس التي تبنّتها الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي، فذهبوا باتجاه معاكس ومعروف، واعتمدوا وجهة سير بعيدة كل البعد عن المسار الوطني، لافتاً الى ان كل حركة تقوم بها 14 اذار ناتجة عن امر عمليات اميركي سعودي اوروبي.
لا شيء اسمه ثورة الارز، هكذا يحلل نائبنا حراك قوى الاستقلال، فهذه التسمية اطلقها السفيرالاميركي والصقها بتلك القوى التي تنفذ مشروع غربي معروف كما يقول، مع الاشارة الى ان 14 اذار كتاريخ يعني لنا الكثير، ويُعتبر محطة اساسية في التاريخ النضالي للتيار الوطني الحرّ على حدّ تعبيره.
ان قوى 14 اذار ورّطت لبنان كلامياً في الازمة السورية بعد الخطابات النارية التي اطلقت في البيال، وبعد حسم الموقف من الاحداث في سوريا واعلان الحرب السياسية على النظام، خاصة في ما اطلقه الدكتور سمير جعجع الذي تحول الى بروفسور ومنظّر يلقي الخطابات الشعبوية ويقود ثورة لبنانية سورية.
واكد لي "النائب الصريح" ان الحكومة الحالية اتخذت كل التدابير السياسية والامنية لمنع اي تداعيات قد تحصل على الساحة السياسية، ولمعالجة انتقال العدوى من سوريا الى لبنان، لافتاً الى ان كل القوى السياسية تسعى الى منع الفتنة والصراعات الاهلية والداخلية في ما بينها.
هذا ورفض بشدة مقولة ان سقوط نظام بشار الاسد سيؤدي الى سقوط العماد عون باعتباره الخاسر الاكبر من رحيل النظام السوري، معتبراً ان هذا الكلام سخيف وتافه ولا يستحق الرد عليه بأي شكل من الاشكال.
واضاف: نحن لم نتكل على السوري باي قضية سياسية، ولم نتحالف معه لاي هدف من الاهداف، يريدون توريطنا في هذا الكلام التافه في السياسة، وبالتالي نراهم يحمّلون العماد عون كل المسؤوليات، في وقت كانوا اول المنتفعين عندما كان السوري يحتل بيروت ولبنان باكمله، ولهذا فليسمحوا لنا.
لو تدرك 14 اذار انها تستغل الموت لافتعال مشاكل سياسية لاطلاق النار في كل الاتجاهات، وبالتالي على جمهور هذا الفريق ان يعي انه مخدوع بالشعارات التي تطرح، وبالخطابات التي خرجت بها قياداته لانها لم تكن الا منبراً او بوقاً اعلامياً للادارة الاميركية في المنطقة.
ووسط هذه الصورة العدائية تجاه قوى 14 اذار، رأى النائب نفسه ان ما يحصل اليوم بين "التيار الوطني الحر" وباقي الافرقاء على الساحة الداخلية عبارة عن صراع بين ذهنيتين، صراع بين ذهنية تريد التغيير والاصلاح واخرى تريد ان تفتح شركة وان تعتبر المواطنين زبائن لها لا اكثر ولا اقل، في وقت نريد فيه استرجاع هيبة الدولة لا اكثر ولا اقل، وان ننتج مواطن ثصالح في حكم صالح، وبالتالي فان الصراع كبير وطويل، ونحن مستمرون في حربنا ضد كل اشكال الفساد مهما كلف الامر.

سلمان العنداري ... SA

الخميس، 16 فبراير 2012

قراءة "8 آذارية" لإحتفال البيال: خطاب "14 آذار" بعيد عن لبنان اولاً ومتخم بالشعبوية


الحريري متحدّثاً في البيال - الصورة لجريدة النهار ... 

يعلّق مصدر سياسي في قوى "8 آذار" على الذكرى السابعة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما خرجت به قوى الرابع عشر من اذار من مواقف في قاعة البيال، ويعتبر ان "ما سمعناه في البيال ليس بجديد من قبل تلك القوى المصرّة على الاستمرار في الهجوم على المقاومة،وعلى النظام السوري، اذ اختارت لنفسها شعاراً جديدا تحت عنوان "سوريا اولا" بدل "لبنان اولاً"، واختارت طريق المواجهة مع النظام الذي دفع الاثمان في مواجهة قوى التعنت والتصلب والاحتلال في المنطقة".

يقول المصدر، "بصراحة لم يكن مهرجان يوم اول من امس موفّقاً على الاطلاق، اذ كان متخماً بالشعارات  غير الوطنية وبالعناوين التي تفرّق ولا تجمع بين كل المذاهب والطوائف".

 وعن طمانة الرئيس الحريري للطائفة الشيعية، يقول المصدر نفسه: " نتشكّر الرئيس الحريري على غيرته على الطائفة الشيعية، الا ان الموضوع لا يتعلق بالسلاح بل المقاومة، باعتبار ان اسرائيل تشكل الخطر الاكبر على لبنان، واننا نريد ان نحمي بلدنا وصيغة العيش المشترك والوحدة الوطنية فيه".

ويضيف: "الموضوع برمته لا يتعلق بالسلاح انما يتعلق بالمقاومة وحماية لبنان، لان حفظ استقرار هذا البلد يكون بكفّ اليد الاسرائيلية عن الاعتداء على اراضينا وثرواتنا وشعبنا من خلال المقاومة".

ويستطرد: " يدنا ممدودة للحوار في اي وقت، وفي اي فرصة او مناسبة، الا انه لا يمكن ابدا ان نتخلى عن ثوابتنا ومبادئنا باي شكل من الاشكال، وبالتالي ادعو قوى 14 اذار الى الحوار والتلاقي والبحث بكل القضايا الخلافية بدل تعميق الهوة بين كل الاطراف والافرقاء".

ووسط هذه الصورة يتمنى المصدر على الرئيس سعد الحريري ان "يقارب الحوار بطريقة ايجابية، وان يكف عن الشعارات الهجومية والشعبوية، وان يعود الى الداخل اللبناني بدل المبالغة في دعم الثورة السورية او ما يسملاى بالربيع السوري، لان مصلحة لبنان تقتضي عدم التدخل في شؤون اي دولة، وما تقوم به 14 اذار اليوم عهو العكس تماماً".

وتعليقاً على كلام رئيس حزب القوات اللبنانية الذي وجّه سهامه الى النظام السوري، يعتبر المصدر ان "كلام جعجع تعودنا عليه، وعلى استمراره في عدائه للنظام السوري وللقوى الممانعة في المنطقة، الا انه يعيش وهماً كبيراً بالشعارات التي اطلقها".

ويستنكر المصدر حضور المجلس الوطني السوري، والرسالة التي القاها النائب السابق فارس سعيد باسم المعارضة السورية، معتبراً ان "من يدذعي انه يمثل الشرعية الشعبية في سوريا سيقع في كثير من الافخاخ، وهو واهم وعلى خطأ تام، لان النظام لن يسقط ابدا وان احلامهم تلك ستتساقط عاجلاً ام اجلاً وكذلك وهمهم الفاشي".

ويرفض المصدر مقولة ان ربيع سوريا من ربيع لبنان، باعتبار ان "الربيع الحقيقي في سوريا وفي لبنان هو ربيع المقاومة والممانعة ومواجهة العدو الاسرائيلي، والتصثدي لكل الاعتداءات التي تقوم بها قوات الكيان الصهيوني، وهو ربيع المقاومة الوطنية الشريفة".

ويضيف: "الربيع الحقيقي يكمن في هذه الشعارات والقضايا السامية، لان ما يقوم به البعض اليوم في سوريا مخالف لكل قوانين الطبيعة ولمسار التاريخ، اذ انهم يغيّرون العناوين ويقلبون الطاولات بدعم من الخارج".

ويتابع بالقول: "انه خريف سوري بصراحة، وخريف يتيعه شتاء قارس في المنطقة باكملها وسط غياب قوى الممانعة والتغيير الحقيقية، الا انها غيمة سوداء ستمر على سوريا ولن تقوى اي قوة في العالم على تغيير هذا النظام الصامد مهما كلفت الاثمان".

وعن تاكيد الرئيس سعد الحريري على منع الفتنة السنية – الشيعية في البلاد مهما كلف الامر، يجيب المصدر في قوى الثامن من اذار "اننا مع الرئيس الحريري في طرحه، ونحن نشد على يده وعلى يد كل القيادات السياسية الساهعية الى الحوار ودرء مخاطر الفتنة في مهدها، خاصة وانا لتجارب السابقة اثبتت ان لا امكانية للعيش في هذا الوطن بخلافات وصراعات طائفية قد تؤدي الى خراب لبنان ونهايته".


سلمان العنداري ... SA

الأربعاء، 15 فبراير 2012

عندما تعود دمشق الى قلب بيروت.. 14 شباط 2012

قوى 14 اذار ... شكراً سوريا الحرّة ... 


لم تكن الذكرى السابعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري مجرد ذكرى عابرة. فالاحتفال الذي أقيم في مجمّع البيال، والذي حضره حشد سياسي واعلامي وشبابي لافت، تميّز بكلام من العيار الثقيل ضد النظام السوري، وشكّل مناسبة مهمة لدعم الثورة السورية ضد نظام بشار الاسد، في مواجهة ما يقوم به "حزب البعث" من اعمال قمع وقتل يومية ضد الناس والثوّار وقوى المعارضة من حمص وادلب ودرعا الى القامشلي ودير الشغور وباب عمرو وحلب.

احتفال "البيال" كان ثوريّاً بامتياز، واكد على وقوف الشعب اللبناني الى جانب القوى الحيّة في المنطقة بوجه ما تبقى من القوى الممانعة، ومن الانظمة البائدة المستمرة في تعنّتها وفي مسارها الانحداري في التعاطي مع شعوبها. فكانت الخطابات والكلمات التي ألقيت مكللة بروحية الربيع العربي، وموجّهة بالتحديد الى الشعب السوري الصامد بوجه آلة القتل التي يقودها نظام بشار الاسد.

وكما قال الرئيس امين الجميّل في الذكرى، فإن "14 آذار ليست الأحزابَ والتياراتِ السياسيةَ المجتمِعةَ هنا فقط، هي كلُّ اللبنانيين المؤمنين بسيادةِ لبنان واستقلالِه، بحريتِه وديمقراطيتِه، بمشروعِ الدولةِ القوية، بالمجتمعِ التعددي. هي كل المؤمنين بولاءِ شعبِه للوطن اللبناني فقط، بدورِ المرأة، بنضالِ الشباب. هي كل اللبنانيين المؤمنين بلبنانَ فوق كل الصراعات، بنهضةِ الشعوب العربية، بحركةِ السلام وحقوقِ الإنسان، في لبنان".

جملة امور اكدت عليها قوى الاستقلال في ذكرى اغتيال الرئيس الحريري. من التشديد على اهمية الدولة ومنطق المؤسسات على اعتبارها السبيل الوحيد للعيش باستقرار وامان وديمقراطية، مرورا بالتأكيد على مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، والحرص على طمأنة المسيحيين بأن الربيع العربي لن يجنح نحو اسلمة معيّنة، ولن يؤدي الى سيطرة فئة على اخرى، وصولاً الى رفض السلاح غير الشرعي على اعتباره يشكل خطراً على الوحدة الوطنية ومستقبل الوطن...

وبالفعل، فربيع بيروت وذكرى ثورتها هذا العام بدت وكأنها تُحاكي الى حد كبير ما يحدث اليوم في العالم العربي، وفي سوريا على وجه الخصوص، وكما قال الدكتور سمير جعجع "فإنّ الدماء التي تسيل اليوم تحاكي دماء رفيق الحريري، وباسل فليحان، وجورج حاوي، وسمير قصير، وجبران تويني، وبيار الجميل، ووليد عيدو، وأنطوان غانم ووسام عيد، وسائر شهداء ثورة الأرز، سعياً وراء الحرية والديمقراطية والكرامة، وكسراً لنير العبودية والتسلط والديكتاتورية".

فإنتفاضة الاستقلال التي تلت استشهاد الرئيس الحريري عام 2005 بدأت تُثمر في العام 2011، فشكّل استشهاد الرئيس رفيق الحريري وانطلاق ثورة الارز حدثاً تأسيسياً للربيع العربي، فأضحى ربيع بيروت الذي تحدث عنه الشهيد سمير قصير قبل سنوات، الاشارة الاولى للربيع العربي الذي هزّ العروش والانظمة واسقطها كأوراق الشجر الأصفر.

ومن البيال، توضّحت معالم الصورة اكثر، وتكرّست وحدة القضية بين شعبين جارين وشقيقين، واجها لعقود وعقود آلة بطش ووصاية واحتلال، عاثت بالارض خراباً وفساداً... الصمت الذي انكسر قبل سبع سنوات ادى الى زعزعة النظام السوري. فربيع لبنان وخروج الجيش السوري عام 2005 شكّل اول صفعة من نوعها للنظام الاسدي، لينفجر غضب الشعب في 15 آذار 2011 من قلب سوريا.

ان طرد الوصاية السورية من لبنان هزّ النظام في سوريا الذي كان يصرّ على انه يستطيع ان يأخذ شرعيته مما يسمى الاوراق الاقليمية، في حين ان المطلوب ان يأخذ شرعيته من الشعب نفسه الذي اعلن بعد ست سنوات على انتفاضة الاستقلال اللبناني انه يرفض منح الشرعية لهذا النظام. وها هي الثورة السورية قائمة وتسير باتجاه التغيير الديمقراطي رغم كل التضحيات.

واكد اللقاء الجامع ان لبنان جزء لا يتجزّأ من الربيع العربي، وربيع لبنان من ربيع سوريا والعكس، على اعتبار ان انتصار ربيع سوريا سيكون فرصة تاريخية للبنان لاعادة صياغة علاقة جديدة مبنية على الاحترام والتفاهم والتعاون الحقيقي، لا على الحقد والكراهية والتبعية والاستزلام، وبالتالي فإن قيام دولة الديمقراطية في سوريا وترسّيخ دولة الاستقلال في لبنان وقيام دولة الاستقلال الوطني في فلسطين سيشكّل الخاتمة المنطقية للربيع العربي. وسيفتح الباب امام تعزيز نظام عربي جديد مرتكز على الكرامة والحرية والأمل.

ان 14 آذار بعد احتفال البيال امام معطيات استراتيجية لمصلحتها. والمطلوب منها ان تكوّن رؤيا للمرحلة الجديدة التي بدأت ولكنها لم تأخذ مداها بعد، وبالتالي فالبلاد امام فرصة حقيقية للانطلاق من جديد نحو فجر عربي يتوق الى الحرية والامل والكرامة.

"بعد 14 شباط 2005، إنتصر دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء، على ثلاثين عاماً من التسلط والهيمنة والاستبداد، ودخل لبنان منعطفاً سياسياً جديداً، على وقع حدثين متلازمين: إنسحاب القوات العسكرية والامنية للنظام السوري من لبنان، والاعلان عن بدء تحقيق دولي وقيام المحكمة الدولية للتحقيق في جرائم الاغتيال السياسي". الكلام للرئيس سعد الحريري الذي اكد ان "انتصار الشعب السوري، في معركة الديموقراطية والكرامة الوطنية، يرسم خطاً مستقيماً ومتوازناً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويرتقي بهذه العلاقات، فعلاً وممارسةً، الى مستوى العلاقات المميزة الحقيقية بين بلدين شقيقين وجارين، يتعاونان في إطار التوأمة الديموقراطية، وليس بفعل استقواء القوي على الضعيف او الكبير على الصغير".

بالمحصلة، فإن قوى 14 آذار دخلت الربيع العربي من الباب الواسع، بعد التأكيد على الدعم المطلق للثورة السورية، في ظلّ حكومة تنأى بنفسها، وتخجل من الإعتراف بالمجزرة السورية، على وقع الاحداث وفظاعتها، وبحق الشعوب في تقرير مصيرها بوجه الجلاّد.

ان قوى 14 آذار مطالبة بإسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وبطرح الامور بشكل اكثر جرأة من السابق، من قضايا السلاح والفساد والترهّل السياسي الحكومي، وصولاً الى مناصرة القضية السورية ودعم اللاجئين، والمضي قدما في شعارات الاستقلال والسيادة والحرية. 

اما الموعد الشعبي فسيكون حتماً بعد شهر، في 14 آذار 2012، حيث سيجدد الشعب اللبناني مرة أُخرى وفاءه 
لمبادئه ولقضيته السامية التي لا ولن تموت. لأنه لولا شباط ما في آذار ولولا آذار ما في ربيع...

سلمان العنداري ... SA